[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الاجراءات المتبعة في دعوى التعويض الادارية
الحوار المتمدن - العدد: 911 - 2004 / 7 / 31
الإنسان من طبعه اجتماعي ولا يمكنه العيش إلا داخل المجتمع. وباعتباره عضو في هذا المجتمع، فإن للإنسان مصالح مختلفة وعلاقات اجتماعية متعددة لا يمكن تركها عرضة لقانون الغاب الذي يخلق حالة توتر وصراع دائمين يهددان الجماعة ككل.
ومن هذا المنطلق فرضت الحياة الاجتماعية أعراف وتقاليد وبعدها قواعد وقوانين على الجميع احترامها لصون حريات الأفراد ومصالحهم وللحفاظ على التوازن وتكريس الأمن وبث روح النظام والطمأنينة داخل المجتمع.
وإذا كان الناس يولدون سواسية ومتساوين في الحقوق، وقرروا العيش داخل مجتمع منظم، فإن ظروف الحياة الاجتماعية تخلق اختلالات بل وفوارق من شأنها أن تهدد حقوق البعض منهم وتلحق بهم أضرارا مختلفة.
ومن ثم نشأت نظرية المسؤولية والتعويض عن الضرر الحاصل.
فالمسؤولية تقوم في جميع الحالات التي يكون فيها الشخص ملزم بتعويض الضرر الذي أصاب شخصا آخر وحينما يكون الأول هو المتسبب في هذا الضرر.
والمتسبب في الضرر يمكن أن يكون شخصا ذاتيا أو شخصا معنويا.
وعلى رأس الأشخاص المعنويين المتواجدين بالمجتمع تأتي الدولة.
وإذا كان الدور التقليدي للإدارة بالأمس يقتصر داخليا على الحفاظ على النظام العام، فإن توسع اختصاصات الإدارة في جميع المجالات الحيوية داخل المجتمع جعل من الجهاز الإداري جهازا ضخما يتدخل في جميع القطاعات، ولا يمكن بالتالي استثناؤه من الرقابة القضائية لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المشروعية.
فالدولة بصفة عامة بإداراتها وجيشها وشرطتها ومؤسساتها العمومية وجماعاتها المحلية ومستشفياتها ومؤسساتها التعليمية ومخيماتها وما إلى ذلك من المرافق يتم تسييرها من طرف أفراد معرضون للخطأ ومعرضون من ثم لإلحاق أضرارا بالآخرين، حيث تقوم المسؤولية الإدارية للدولة التي تفرض على الإدارة تعويض المصابين بالأضرار التي تسببت لهم فيها.
والمنازعة الإدارية لم تعرف في مجال التعويض طريقها إلى القضاء في فرنسا إلا انطلاقا من قرار بلانكو الصادر بتاريخ 8 فبراير 1873 ، وفي المغرب بمقتضى الفصل79 من قانون الالتزامات والعقود المؤرخ في12 غشت 1913 الذي أجاز مساءلة السلطة العمومية عن الأضرار التي تلحقها بالآخرين حيث ورد في هذا الفصل ما يلي :
" الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها".
كما أجاز الفصل 80 من نفس القانون مقاضاة الدولة لتتحمل التعويض عن الضرر الحاصل نتيجة الخطأ الشخصي للموظف إذا كان هذا الأخير معسرا حيث ورد بهذا الفصل ما يلي :
" مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم.
ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها.
ثم جاء بعد ذلك الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود والذي أضيف بظهير 4 مايو 1942 كما وقع تعديله بشأن التعويض عن الحوادث المدرسية والحوادث التي تصيب طلبة الكليات ومؤسسات التعليم العالي والتقني وتلاميذ المؤسسات العمومية للتعليم الفني، وكذا الأطفال المقيدين في سجلات مخيمات الاصطياف، حيث أجاز هذا الفصل للمتضرر أو لاقاربه أو لخلفائه رفع دعوى المسؤولية ضد الدولة مباشرة أمام المحكمة الابتدائية الموجود في دائرتها المكان الذي وقع فيه الضرر وحصر التقادم في ثلاث سنوات تبتدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.
كما صدرت بعد ذلك قوانين أخرى كمرسوم10 يوليوز 1962 المتعلق بالنقل الجوي والذي تطرق للأضرار التي تنتج عن هذا النقل.
وكانت دعاوى التعويض في مواجهة الإدارة من اختصاص المحاكم الابتدائية إلى غاية 3 نونبر 1993 حيث نشر بالجريدة الرسمية عدد 4227 ، ص 2168 الظهير رقم 225-91-1 المؤرخ في 10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية حيث ورد بالفصل الثامن منه على أن " المحاكم الإدارية تختص ابتدائيا (...) في طلبات التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ما عادا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام(...).
كما يبيح الفصل المذكور المنازعة في مبلغ التعويض المقترح من قبل نازع الملكية الذي يباشر الدعوى أمام المحكمة الإدارية، ومسطرة نزع الملكية مسطرة خاصة تتطلب دراسة مستقلة.
غير أن المنزوعة ملكيته بإمكانه اللجوء إلى قضاء التعويض إذا انتزع عقاره دون احترام المسطرة المنصوص عليها بالفصلين 17 و 18 من قانون نزع الملكية المؤرخ في 6 مايو 1982 مثلا ( قرار المجلس الأعلى عدد 427 المؤرخ في 25/5/1998 ، مجلة المحاكم المغربية، العدد 84 ص 148 ) والمطالبة بالتعويض عن الضرر.
والضرر بصفة عامة يمكنه أن ينتج عن عمل قانوني أو مادي ـ إيجابي أو سلبي ـ ارتكبه شخص من أشخاص القانون العام.
وإذا كان الهدف من إلغاء القرارات الإدارية بسبب تجاوز السلطة هو إعدام القرار الإداري، فإن الهدف من دعوى التعويض سواء كانت قائمة على أساس الخطأ ـ الشخصي أو المرفقي ـ أو على أساس المخاطر هو جبر الضرر بتعويض المصاب من النشاط الضار للإدارة.
والتعويض يجب أن يجبر الضرر الحاصل بكامله انطلاقا من الخسارة التي مني بها المتضرر والمصروفات الضرورية التي صرفها أو سيصرفها لإصلاح ما أصابه من ضرر، وكذا الكسب الذي فاته.
ولكي يحصل المتضرر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا على التعويض لجبر الضرر الذي لحقه، يتعين عليه اللجوء إذا كان الاختصاص للمحاكم الإدارية إلى ما يعرف بدعوى التعويض التي تدخل ضمن القضاء الشامل.
ودعوى التعويض هاته تتطلب إجراءات متعددة هي موضوع هذه الدراسة التي أقترحها عليكم عملية أكثر منها نظرية، وأقسمها إلى ثلاثة أقسام يمكن ترتيبها كالتالي : الإجراءات التحضيرية لدعوى التعويض والمسطرة المتبعة في هذه الأخيرة ثم بعد ذلك إجراءات التبليغ وطرق التنفيذ.
الاجراءات المتبعة في دعوى التعويض الادارية
الحوار المتمدن - العدد: 911 - 2004 / 7 / 31
الإنسان من طبعه اجتماعي ولا يمكنه العيش إلا داخل المجتمع. وباعتباره عضو في هذا المجتمع، فإن للإنسان مصالح مختلفة وعلاقات اجتماعية متعددة لا يمكن تركها عرضة لقانون الغاب الذي يخلق حالة توتر وصراع دائمين يهددان الجماعة ككل.
ومن هذا المنطلق فرضت الحياة الاجتماعية أعراف وتقاليد وبعدها قواعد وقوانين على الجميع احترامها لصون حريات الأفراد ومصالحهم وللحفاظ على التوازن وتكريس الأمن وبث روح النظام والطمأنينة داخل المجتمع.
وإذا كان الناس يولدون سواسية ومتساوين في الحقوق، وقرروا العيش داخل مجتمع منظم، فإن ظروف الحياة الاجتماعية تخلق اختلالات بل وفوارق من شأنها أن تهدد حقوق البعض منهم وتلحق بهم أضرارا مختلفة.
ومن ثم نشأت نظرية المسؤولية والتعويض عن الضرر الحاصل.
فالمسؤولية تقوم في جميع الحالات التي يكون فيها الشخص ملزم بتعويض الضرر الذي أصاب شخصا آخر وحينما يكون الأول هو المتسبب في هذا الضرر.
والمتسبب في الضرر يمكن أن يكون شخصا ذاتيا أو شخصا معنويا.
وعلى رأس الأشخاص المعنويين المتواجدين بالمجتمع تأتي الدولة.
وإذا كان الدور التقليدي للإدارة بالأمس يقتصر داخليا على الحفاظ على النظام العام، فإن توسع اختصاصات الإدارة في جميع المجالات الحيوية داخل المجتمع جعل من الجهاز الإداري جهازا ضخما يتدخل في جميع القطاعات، ولا يمكن بالتالي استثناؤه من الرقابة القضائية لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المشروعية.
فالدولة بصفة عامة بإداراتها وجيشها وشرطتها ومؤسساتها العمومية وجماعاتها المحلية ومستشفياتها ومؤسساتها التعليمية ومخيماتها وما إلى ذلك من المرافق يتم تسييرها من طرف أفراد معرضون للخطأ ومعرضون من ثم لإلحاق أضرارا بالآخرين، حيث تقوم المسؤولية الإدارية للدولة التي تفرض على الإدارة تعويض المصابين بالأضرار التي تسببت لهم فيها.
والمنازعة الإدارية لم تعرف في مجال التعويض طريقها إلى القضاء في فرنسا إلا انطلاقا من قرار بلانكو الصادر بتاريخ 8 فبراير 1873 ، وفي المغرب بمقتضى الفصل79 من قانون الالتزامات والعقود المؤرخ في12 غشت 1913 الذي أجاز مساءلة السلطة العمومية عن الأضرار التي تلحقها بالآخرين حيث ورد في هذا الفصل ما يلي :
" الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها".
كما أجاز الفصل 80 من نفس القانون مقاضاة الدولة لتتحمل التعويض عن الضرر الحاصل نتيجة الخطأ الشخصي للموظف إذا كان هذا الأخير معسرا حيث ورد بهذا الفصل ما يلي :
" مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم.
ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها.
ثم جاء بعد ذلك الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود والذي أضيف بظهير 4 مايو 1942 كما وقع تعديله بشأن التعويض عن الحوادث المدرسية والحوادث التي تصيب طلبة الكليات ومؤسسات التعليم العالي والتقني وتلاميذ المؤسسات العمومية للتعليم الفني، وكذا الأطفال المقيدين في سجلات مخيمات الاصطياف، حيث أجاز هذا الفصل للمتضرر أو لاقاربه أو لخلفائه رفع دعوى المسؤولية ضد الدولة مباشرة أمام المحكمة الابتدائية الموجود في دائرتها المكان الذي وقع فيه الضرر وحصر التقادم في ثلاث سنوات تبتدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.
كما صدرت بعد ذلك قوانين أخرى كمرسوم10 يوليوز 1962 المتعلق بالنقل الجوي والذي تطرق للأضرار التي تنتج عن هذا النقل.
وكانت دعاوى التعويض في مواجهة الإدارة من اختصاص المحاكم الابتدائية إلى غاية 3 نونبر 1993 حيث نشر بالجريدة الرسمية عدد 4227 ، ص 2168 الظهير رقم 225-91-1 المؤرخ في 10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية حيث ورد بالفصل الثامن منه على أن " المحاكم الإدارية تختص ابتدائيا (...) في طلبات التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ما عادا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام(...).
كما يبيح الفصل المذكور المنازعة في مبلغ التعويض المقترح من قبل نازع الملكية الذي يباشر الدعوى أمام المحكمة الإدارية، ومسطرة نزع الملكية مسطرة خاصة تتطلب دراسة مستقلة.
غير أن المنزوعة ملكيته بإمكانه اللجوء إلى قضاء التعويض إذا انتزع عقاره دون احترام المسطرة المنصوص عليها بالفصلين 17 و 18 من قانون نزع الملكية المؤرخ في 6 مايو 1982 مثلا ( قرار المجلس الأعلى عدد 427 المؤرخ في 25/5/1998 ، مجلة المحاكم المغربية، العدد 84 ص 148 ) والمطالبة بالتعويض عن الضرر.
والضرر بصفة عامة يمكنه أن ينتج عن عمل قانوني أو مادي ـ إيجابي أو سلبي ـ ارتكبه شخص من أشخاص القانون العام.
وإذا كان الهدف من إلغاء القرارات الإدارية بسبب تجاوز السلطة هو إعدام القرار الإداري، فإن الهدف من دعوى التعويض سواء كانت قائمة على أساس الخطأ ـ الشخصي أو المرفقي ـ أو على أساس المخاطر هو جبر الضرر بتعويض المصاب من النشاط الضار للإدارة.
والتعويض يجب أن يجبر الضرر الحاصل بكامله انطلاقا من الخسارة التي مني بها المتضرر والمصروفات الضرورية التي صرفها أو سيصرفها لإصلاح ما أصابه من ضرر، وكذا الكسب الذي فاته.
ولكي يحصل المتضرر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا على التعويض لجبر الضرر الذي لحقه، يتعين عليه اللجوء إذا كان الاختصاص للمحاكم الإدارية إلى ما يعرف بدعوى التعويض التي تدخل ضمن القضاء الشامل.
ودعوى التعويض هاته تتطلب إجراءات متعددة هي موضوع هذه الدراسة التي أقترحها عليكم عملية أكثر منها نظرية، وأقسمها إلى ثلاثة أقسام يمكن ترتيبها كالتالي : الإجراءات التحضيرية لدعوى التعويض والمسطرة المتبعة في هذه الأخيرة ثم بعد ذلك إجراءات التبليغ وطرق التنفيذ.