[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حروب الردة
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتسع نطاق الردة ونجم النفاق في كل مكان إلا ما كان من المدينة ومكة والطائف والبحرين، ثم إن المناطق التي تقع إلى الشمال من المدينة، قد خاف أهلها بإرسال جيش أسامة، وقالوا : لو لم يكن للمسلمين قوة لما أرسلوا مثل هذا الجيش، فلنترك الأمر إلى قتالهم مع الروم، فإن انتصر الروم فقد كفونا القتال، وإن انتصر أسامة فقد ثبت الإِسلام، وهذا ما جعل الردة والنفاق تنكفأ في تلك البقاع.
وكان المرتدون فريقين، أولهما قد سار وراء المتنبئين الكاذبين أمثال مسيلمة وطليحة والأسود، وآمنوا بما يقول الكذّابون، وثانيهما بقي على إيمانه بالله وشهادته بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإقام الصلاة، إلا أنه قد رفض تأدية الزكاة وعدّها ضريبة يدفعها مكرهاً، وقد أرسل هذا الفريق الثاني وفداً إلى المدينة لمفاوضة خليفة رسول الله، وقد نزل على وجهاء الناس في المدينة، عدا العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه، وقد وافق عدد من كبار المسلمين على قبول ما جاءت به رسل الفريق الثاني، وناقشوا في ذلك الأمر، أبا بكر، ومنهم عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، وغيرهم، إلا أن أبا بكر رضي الله عنه قد رفض منهم ذلك، وقال قولته المشهورة "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه".
وقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما : كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال : لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله. فقال أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً(1) لقاتلتهم على منعهم. وهكذا رأى أبو بكر رضي الله عنه أن الإِسلام كل لا يتجزأ وليس هنالك من فرق بين فريضة وأخرى، والزكاة وإن كانت من النظام الاقتصادي، إلا أنها ركن من أركان الإِسلام، وعبادة بحد ذاتها، ولا يمكن تطبيق جزء من الإِسلام وإهمال آخر. ورأى الصحابة أن الأخذ باللين أفضل إذ زلزلت الأرض بالردة والنفاق.
وقال عمر رضي الله عنه : يا خليفة رسول الله ! تألف الناس وارفق بهم، فأجابه أبو بكر : رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك ؟ أجبار في الجاهلية وخوار في الإِسلام ؟ إنه قد انقطع الوحي، وتمَ الدين، أوَ ينقص وأنا حي؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحقها، ومن حقها الصلاة وإيتاء الزكاة، والله لو خذلني الناس كلهم لجاهدتهم بنفسي.
وردّ أبو بكر وفد المنافقين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة، مسفهاً رأيهم، مستمسكاً بالحق في إجبارهم على الخضوع الصحيح للدين فعاد رجال الوفد إلى قبائلهم وأخبروهم بقلة عدد المسلمين - وكان جيش أسامة قد انطلق - وأطمعوهم بغزو المدينة.
__________
________[/center]حروب الردة
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتسع نطاق الردة ونجم النفاق في كل مكان إلا ما كان من المدينة ومكة والطائف والبحرين، ثم إن المناطق التي تقع إلى الشمال من المدينة، قد خاف أهلها بإرسال جيش أسامة، وقالوا : لو لم يكن للمسلمين قوة لما أرسلوا مثل هذا الجيش، فلنترك الأمر إلى قتالهم مع الروم، فإن انتصر الروم فقد كفونا القتال، وإن انتصر أسامة فقد ثبت الإِسلام، وهذا ما جعل الردة والنفاق تنكفأ في تلك البقاع.
وكان المرتدون فريقين، أولهما قد سار وراء المتنبئين الكاذبين أمثال مسيلمة وطليحة والأسود، وآمنوا بما يقول الكذّابون، وثانيهما بقي على إيمانه بالله وشهادته بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإقام الصلاة، إلا أنه قد رفض تأدية الزكاة وعدّها ضريبة يدفعها مكرهاً، وقد أرسل هذا الفريق الثاني وفداً إلى المدينة لمفاوضة خليفة رسول الله، وقد نزل على وجهاء الناس في المدينة، عدا العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه، وقد وافق عدد من كبار المسلمين على قبول ما جاءت به رسل الفريق الثاني، وناقشوا في ذلك الأمر، أبا بكر، ومنهم عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، وغيرهم، إلا أن أبا بكر رضي الله عنه قد رفض منهم ذلك، وقال قولته المشهورة "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه".
وقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما : كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال : لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله. فقال أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً(1) لقاتلتهم على منعهم. وهكذا رأى أبو بكر رضي الله عنه أن الإِسلام كل لا يتجزأ وليس هنالك من فرق بين فريضة وأخرى، والزكاة وإن كانت من النظام الاقتصادي، إلا أنها ركن من أركان الإِسلام، وعبادة بحد ذاتها، ولا يمكن تطبيق جزء من الإِسلام وإهمال آخر. ورأى الصحابة أن الأخذ باللين أفضل إذ زلزلت الأرض بالردة والنفاق.
وقال عمر رضي الله عنه : يا خليفة رسول الله ! تألف الناس وارفق بهم، فأجابه أبو بكر : رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك ؟ أجبار في الجاهلية وخوار في الإِسلام ؟ إنه قد انقطع الوحي، وتمَ الدين، أوَ ينقص وأنا حي؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحقها، ومن حقها الصلاة وإيتاء الزكاة، والله لو خذلني الناس كلهم لجاهدتهم بنفسي.
وردّ أبو بكر وفد المنافقين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة، مسفهاً رأيهم، مستمسكاً بالحق في إجبارهم على الخضوع الصحيح للدين فعاد رجال الوفد إلى قبائلهم وأخبروهم بقلة عدد المسلمين - وكان جيش أسامة قد انطلق - وأطمعوهم بغزو المدينة.
__________
(1) العناق : السخلة، الأنثى الصغيرة من الماعز.