[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحياة الأسرية في المغرب الأقصى خلال العصر المريني. 668-669 هـ/ 6912-1465م
ما من شك في أن عمق التحولات الجذرية والتوترات العنيفة والحادة التي أصابت النظام الأسري في واقعنا الراهن، وتبلور الوعي بأهمية هذه المؤسسة كواحدة من أبرز النظم الأساسية المؤثرة، في باقي المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، يجعل من موضوع الأسرة إحدى أبرز المواضيع التي أثارت اهتمام الباحثين الأكاديميين من كافة الحقول المعرفية، وذلك من خلال تسليط الأضواء على مختلف قضاياها، وملامسة تطوراتها، وما أصابها من تبدلات، واستكشاف العوامل المتحكمة في صياغتها وتركيبتها.
والحقيقة أن سعينا للبحث في موضوع الأسرة في المغرب الأقصى خلال العصر المريني لم يكن فقط من أجل تركيب حلقة من حلقات تاريخ المغرب المعتمة والمفقودة، بل إيمانا منا أيضا بأن الدراسة التاريخية لمؤسسة الأسرة، وملاحقة قضاياها في المراحل السابقة، واستكناه بناها وتغيراتها، ومتابعة مختلف العلاقات التي نسجت في إطارها، والبحث في علاقاتها مع باقي المؤسسات، سيسهم لا محالة في إماطة اللثام عن العديد من القضايا التي أهملها البحث التاريخي، وتحقيق عملية الفهم الموضوعية للكثير من المشكلات التي مازالت تتجدد أهميتها، ويتعاظم وزنها في مجتمعنا المعاصر.
إن البحث في مختلف قضايا الأسرة، في إطار العلاقة الجدلية التي تجمع بين هذه الخلية والأفراد المكونين لها، وبين معطيات الواقع الذي أفرزها، وأثر في صياغة شكلها وبنيتها، لا يطمح فقط إلى إثبات عسف تلك الرؤى الاختزالية التي تنظر إلى الأسرة باعتبارها وحدة منغلقة، ومنعزلة عن الظروف التاريخية العامة، بل يرمي إلى الإقرار بجدوى النظر إليها من زاوية شمولية، تتوخى الإلمام بكافة العناصر الفاعلة في تركيبتها، وتمتد عبر مساحات متنوعة، لترصد مختلف الظواهر والعلاقات، وكذا التمثلات التي شكلت الأسرة موطنا لتراكمها، وميدانا فسيحا لانتشارها.
إن تناول مختلف هذه القضايا، وإحكام الإمساك بخيوطها بعيدا عن مزالق التأويلات الفجة، فرض علينا الحفر عن المادة العلمية، في مصادر متعددة مختلفة القيمة والطبيعة، والاطلاع على العديد من الدراسات المعاصرة من مختلف التخصصات العلمية، سواء تلك التي لامست أطروحة هذا الموضوع، أو تلك التي طرقت زمن هذه الأطروحة بأسئلة تاريخية مغايرة. ومن خلال ذلك، توصلنا إلى مجموعة من الخلاصات نجملها فيما يلي:
لعل أبرز الاستنتاجات التي انتهى إليها البحث، أن مؤسسة الأسرة خلال الحقبة المرينية، لم تكن بمعزل عن كافة الأوضاع والمستجدات، التي عرفها المجتمع المغربي خلال ذلك العصر، فكانت بمثابة المرآة الأمينة، والصورة المصغرة لما طفح به ذلك المجتمع من ظواهر، ولما خضع له من مؤثرات. فقد كانت الأسرة تمثل نسقا فرعيا داخل نسق أكبر يمثله المجتمع، لهذا اتشحت بقسماته الأساسية، واستجابت لظروفه العامة، ولما كان يطرأ عليه من تغيرات.
ومن خلال تتبع الدراسة لمختلف ممهدات الزواج ومراحله، وأهم القضايا التي طرحها، تبين أنه كان نظاما اجتماعيا كاملا، تجلت فيه ذهنية الجماعة، وتمثلت من خلاله طبائعها وخصائصها. وتكشف أنه خضع في انعقاده لتقاليد وأعراف متنوعة ومتباينة، كانت بمثابة تعبيرات رمزية، عكست ظروف الحياة السائدة في ذلك الزمن من تاريخ المغرب. ورغم أن معظم هذه التقاليد والعادات تعود في مجملها إلى ماض سحيق، فقد اتضح أنها لم تكن في منأى من التغيير والتعديل والتجدد، بفعل ما حدث من اختلاط، وأحيانا تجانس بين الأمازيغ، والعرب، والأندلسيين.
ومن خلال تحليلها لبنية الأسرة، وملاحقة العوامل المؤثرة في صياغة تركيبتها، خلصت الدراسة إلى أن الأسرة المؤلفة من الزوج والزوجة وأولادهما، وأحفادهما، كانت بحكم تشكيلها البنيوي، ووظيفتها الاجتماعية، الخلية الأولى داخل المجتمع. وتبين أن من أهم الدعائم التي قامت عليها الأسرة في ذلك العهد، حجمها الكبير نسبيا، وهذا ما تجلى في ما للإنجاب من قيمة عالية، وما للإكثار من الأولاد والنسل من مكانة متميزة.
من جانب آخر، وقف البحث عند الأثر العميق للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي ميزت العصر المريني في صياغة بنية الأسرة. وكشف عما أفرزته تلك الظروف من تشكيلات أسرية يتوافق بنائها الداخلي مع الشروط المادية، وظروف الحياة في المجالين البدوي والحضري. وفي الاتجاه ذاته، أكدت الدراسة أن بنية الأسرة لم تكن محصنة من عوامل التفكك والانحلال، ولعل هذا ما لامسته في عرض نماذج من الأسر تزعزع كيانها وتصدع تماسكها، بفعل ما هز المجتمع المغربي خلال الفترة المرينية من أزمات اقتصادية واجتماعية.
الحياة الأسرية في المغرب الأقصى خلال العصر المريني. 668-669 هـ/ 6912-1465م
ما من شك في أن عمق التحولات الجذرية والتوترات العنيفة والحادة التي أصابت النظام الأسري في واقعنا الراهن، وتبلور الوعي بأهمية هذه المؤسسة كواحدة من أبرز النظم الأساسية المؤثرة، في باقي المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، يجعل من موضوع الأسرة إحدى أبرز المواضيع التي أثارت اهتمام الباحثين الأكاديميين من كافة الحقول المعرفية، وذلك من خلال تسليط الأضواء على مختلف قضاياها، وملامسة تطوراتها، وما أصابها من تبدلات، واستكشاف العوامل المتحكمة في صياغتها وتركيبتها.
والحقيقة أن سعينا للبحث في موضوع الأسرة في المغرب الأقصى خلال العصر المريني لم يكن فقط من أجل تركيب حلقة من حلقات تاريخ المغرب المعتمة والمفقودة، بل إيمانا منا أيضا بأن الدراسة التاريخية لمؤسسة الأسرة، وملاحقة قضاياها في المراحل السابقة، واستكناه بناها وتغيراتها، ومتابعة مختلف العلاقات التي نسجت في إطارها، والبحث في علاقاتها مع باقي المؤسسات، سيسهم لا محالة في إماطة اللثام عن العديد من القضايا التي أهملها البحث التاريخي، وتحقيق عملية الفهم الموضوعية للكثير من المشكلات التي مازالت تتجدد أهميتها، ويتعاظم وزنها في مجتمعنا المعاصر.
إن البحث في مختلف قضايا الأسرة، في إطار العلاقة الجدلية التي تجمع بين هذه الخلية والأفراد المكونين لها، وبين معطيات الواقع الذي أفرزها، وأثر في صياغة شكلها وبنيتها، لا يطمح فقط إلى إثبات عسف تلك الرؤى الاختزالية التي تنظر إلى الأسرة باعتبارها وحدة منغلقة، ومنعزلة عن الظروف التاريخية العامة، بل يرمي إلى الإقرار بجدوى النظر إليها من زاوية شمولية، تتوخى الإلمام بكافة العناصر الفاعلة في تركيبتها، وتمتد عبر مساحات متنوعة، لترصد مختلف الظواهر والعلاقات، وكذا التمثلات التي شكلت الأسرة موطنا لتراكمها، وميدانا فسيحا لانتشارها.
إن تناول مختلف هذه القضايا، وإحكام الإمساك بخيوطها بعيدا عن مزالق التأويلات الفجة، فرض علينا الحفر عن المادة العلمية، في مصادر متعددة مختلفة القيمة والطبيعة، والاطلاع على العديد من الدراسات المعاصرة من مختلف التخصصات العلمية، سواء تلك التي لامست أطروحة هذا الموضوع، أو تلك التي طرقت زمن هذه الأطروحة بأسئلة تاريخية مغايرة. ومن خلال ذلك، توصلنا إلى مجموعة من الخلاصات نجملها فيما يلي:
لعل أبرز الاستنتاجات التي انتهى إليها البحث، أن مؤسسة الأسرة خلال الحقبة المرينية، لم تكن بمعزل عن كافة الأوضاع والمستجدات، التي عرفها المجتمع المغربي خلال ذلك العصر، فكانت بمثابة المرآة الأمينة، والصورة المصغرة لما طفح به ذلك المجتمع من ظواهر، ولما خضع له من مؤثرات. فقد كانت الأسرة تمثل نسقا فرعيا داخل نسق أكبر يمثله المجتمع، لهذا اتشحت بقسماته الأساسية، واستجابت لظروفه العامة، ولما كان يطرأ عليه من تغيرات.
ومن خلال تتبع الدراسة لمختلف ممهدات الزواج ومراحله، وأهم القضايا التي طرحها، تبين أنه كان نظاما اجتماعيا كاملا، تجلت فيه ذهنية الجماعة، وتمثلت من خلاله طبائعها وخصائصها. وتكشف أنه خضع في انعقاده لتقاليد وأعراف متنوعة ومتباينة، كانت بمثابة تعبيرات رمزية، عكست ظروف الحياة السائدة في ذلك الزمن من تاريخ المغرب. ورغم أن معظم هذه التقاليد والعادات تعود في مجملها إلى ماض سحيق، فقد اتضح أنها لم تكن في منأى من التغيير والتعديل والتجدد، بفعل ما حدث من اختلاط، وأحيانا تجانس بين الأمازيغ، والعرب، والأندلسيين.
ومن خلال تحليلها لبنية الأسرة، وملاحقة العوامل المؤثرة في صياغة تركيبتها، خلصت الدراسة إلى أن الأسرة المؤلفة من الزوج والزوجة وأولادهما، وأحفادهما، كانت بحكم تشكيلها البنيوي، ووظيفتها الاجتماعية، الخلية الأولى داخل المجتمع. وتبين أن من أهم الدعائم التي قامت عليها الأسرة في ذلك العهد، حجمها الكبير نسبيا، وهذا ما تجلى في ما للإنجاب من قيمة عالية، وما للإكثار من الأولاد والنسل من مكانة متميزة.
من جانب آخر، وقف البحث عند الأثر العميق للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي ميزت العصر المريني في صياغة بنية الأسرة. وكشف عما أفرزته تلك الظروف من تشكيلات أسرية يتوافق بنائها الداخلي مع الشروط المادية، وظروف الحياة في المجالين البدوي والحضري. وفي الاتجاه ذاته، أكدت الدراسة أن بنية الأسرة لم تكن محصنة من عوامل التفكك والانحلال، ولعل هذا ما لامسته في عرض نماذج من الأسر تزعزع كيانها وتصدع تماسكها، بفعل ما هز المجتمع المغربي خلال الفترة المرينية من أزمات اقتصادية واجتماعية.