المغرب : من تصدير الهجرة إلى أرض لاستقبال المهاجرين
لمغرب لم يعد فقط أرضا مصدرة للهجرة ولا معبرا للمهاجرين السريين والقانونيين. المغرب أصبح أرضا مستقبلة للهجرة والأرقام تتزايد يوما بعد آخر بهذا الخصوص. التنمية الداخلية، السياحة، وموقعه المتميز جغرافيا، لكن سياسيا أيضا بين إفريقيا وأوروبا تجعل منه وجهة نشيطة ومحببة للأفارقة والعرب، والفرنسيين والإسبان والأتراك والصينيين أيضا. السياسة الإفريقية القوية في المغرب التي يراد بها ربما التعويض عن غياب الدولة المغربية من المحافل الرسمية الإفريقية منذ الانسحاب التاريخي من نيروبي في العام 1984 تعد رافدا مهما للهجرة إلى المغربالأرقام الرسمية تؤكد أن المغاربة مهاجرون بامتياز. حوالي عشر المغاربة يقيمون خارج بلدانهم وفي كل قارات العالم. غير أن الملاحظ، ومنذ العام 2000 هو تحول المغرب من بلاد مصدرة للهجرة إلى أرض تستوعب المهاجرين، حسب خبراء المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا، وعلى رأسهم طوماس لاكروا خبير الهجرة الدولي. وهو تطور يشبه إلى حد كبير الوضعية التي عاشتها دول الجنوب الأوروبي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. صحيح أيضا أنه كان دائما معبرا في علاقات الرحلة شمال / جنوب، إذ أن وضعه الجغرافي بين عالمين، أولهما غني وديمقراطي ومتفتح ومتطور صناعيا واقتصاديا واجتماعيا، وثانيهما فقير ومتخلف على كل الأصعدة، يجعل منه قبلة متجددة لسكان العالم الثاني من الراغبين في ولوج العالم الأول. يضيف المسؤول الدولي.
هناك تدفق أكبر للأوروبيين نحو المغرب بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، الراغبين في إعادة خلق حياة جديدة في آفاق أخرى ووفق مقومات اقتصادية أكثر رحمة. لا يسثتني أيضا الدور المحوري للسياحة كأداة جلب رئيسية لهؤلاء الأوروبيين زمن السفريات المريحة نحو مدن المغرب العريقة والتاريخية، وهو ما رسخ لديهم فكرة أخرى عن المغرب بعد استفحال الأزمة. الأفكار الأخرى، التي شجعت على الاستقرار الجزئي أو النهائي في المغرب، تأتي من المعطى السياحي أيضا. في الصويرة، أكادير، مراكش وغيرها من المدن الجميلة والسياحية، وجد هؤلاء الأوروبيين ضالتهم في الجمع بين الجميل والمفيد، كما يقول المثل الفرنسي، حيث نلاحظ ارتفاعا كبيرا في عدد الرياضات والفنادق الصغيرة والمتاحف الفنية والمطاعم وكافة أشكال الاستثمارت الصغرى والمتوسطة المرتبطة بالسياحة وفن العيش.
الشينوا والاتراك : من العمل إلى الإقامة
التطور الاقتصادي وتشجيع الاسثمارات بخلق مناخ إيجابي حولها، حول المغرب في العشرية الأخيرة على الخصوص إلى أرض مستوعبة لنسيج اقتصادي كبير من المؤسسات الاقتصادية الصناعية والإنتاجية الأوربية قطعا بحكم القرب الجغرافي، لكن أيضا القادمة من بقاع أخرى من العالم. العالم القروي في المغرب مثلا، عرف تدفقا كبيرا لأشخاص من جنسيات عربية شرق أوسطية كالعراقيين والسوريين أو أكراد من تركيا وغيرها، بعدما اكتشفوا أنه «كاين مايدار» في مجال حفر الآبار والزراعة السقوية. شركات أخرى من الصين والبرتغال وتركيا، ساهمت في تشييد الطرقات السيارة في المغرب بين مختلف المدن المغربية خصوصا في المحاور الجديدة، جنوب وشرق المغرب. حسب الإحصائيات الرسمية لسفارة الصين في المغرب، يوجد بيننا اليوم حوالي 15 ألف صيني مقيمين بصورة دائمة أو مؤقتة، أو يقضون السنة في التنقل بين الصين والمغرب
ينضاف إلى هذا، إلغاء التأشيرة على المواطنين الأتراك الراغبين في دخول المغرب بحكم الاتفاق المبرم بين حكومة البلدين منذ 2006. نسبة كبيرة من المقيمين الأتراك في المغرب جاؤوا في البداية فقط للعمل في المغرب،، قبل أن تستدرجهم التشجيعات الحكومية في الاستثمار، وحسن ضيافة المغاربة واليد العاملة الرخيصة والمتوفرة في الاستقرار نهائيا في المغرب. يوجد الآن حوالي 2500 تركي مقيمين رسميا في المغرب، بالإضافة إلى أعداد أخرى كبيرة من المقيمين جزئيا أو دائمي التنقل بين البلدين على مدار السنة. القرب الثقافي والديني من المغاربة والمغرب، يدفع أيضا بعدد من الشركات العالمية إلى اعتماد مسيرين أتراك لاسثماراتها في المغرب.
الكوريين والأكراد والعراقيين والسوريين يتجمعون أكثر في المناطق القروية، وإن كان الجالية الكورية لا تتجمع بصورة كبيرة إلا من خلال عدة أفراد في إقليم مديونة والنواصر وبرشيد وسطات، بالنظر لوجود استثمارات صناعية كورية أو آسيوية في المنطقة تختص في إنتاج كابلات الكهرباء وإعادة تأهيل المحولات الكهربائية. بالمقابل، يسهل العثور على الأكراد والسوريين والعراقيين، الذين ينشطون في مجال حفر الآبار، ثم الأردنيين بأعداد أقل. غير أنه في غياب إحصائيات رسمية يصعب تحديد نسب هذه الهجرة.
المغرب الإفريقي