دع الصين نائمة
عبدالعزيز الجار الله
عبارة نابليون: «دع الصين نائمة لأنها عندما تستيقظ فسيندم العالم» قد لا تكون مطابقة للواقع زمن نابليون في القرن التاسع عشر عندما قالها لكنها الآن أكثر مطابقة من أي زمن مضى..
الآن استيقظت الصين والعالم يعيش حرب رياضيات وفيزياء، حرب المهندسين وعلماء العلوم الطبيعية. ما نعيشه هو حرب الاقتصاد والأرقام والاكتشافات ومراكز الرياضيات، ومختبرات الفيزياء ومعامل الكيمياء.
المجتمع العربي ما زال في زمن القصيدة والتفكيكية واللسانيات وبيت القصيد وديوان العرب.. المجتمع العربي ما زال غارقًا في تفاصيل لتاريخ ليس لكونه عبرًا ودروسًا بل لأنه الأمس. العرب ما زالوا مشغولين بالخط الفاصل ما بين الزمن الأموي والعباسي، ومتى ظهر المغول، وهل السلاجقة دويلة أو دولة، ومتى انتهت الخلافة العباسية في بغداد، والفاطميون هل مدوا نفوذهم على البحر الأحمر، والقرامطة هل سيطروا على اليمن؟
هذا هو حالنا العربي، فنحن مشغولون بالتفاصيل بالقصيدة المدورة والتاريخ الذي يعيد نفسه.. والصين التي كنا نترافق معها تاريخيًا منذ أن وصلنا شواطئها ومدنها في القرن الثاني الهجري ونشرنا إسلامنا على أنهارها وحقول الرز و(ترع) طين البورسلان والخزف الصيني المعتق منذ أن كنا نترافق ونتواصل بدءًا من بحر العرب والمحيط الهندي وحتى أقاصي ما نسميه بلاد ما وراء النهرين وبلاد الجبال منذ ذلك الزمن والصين تتباعد عنا تكنولوجيًا وتقنيًا، تتباعد بالاقتصاد والعلوم والاختراع والتعليم، تتباعد بكل شيء عنا ونحن العرب ما زلنا في أحلامنا نرسم خريطة عرب الشمال وجغرافيا ناس الجنوب...
الصين على أبواب أمريكا وأمريكا تسترق السمع والنظر وترقب الصين لتنام بعين وتصحو عين تراقب الصين المتحفزة.. الصين على أبواب أمريكا بانتظار ما يسميه الأمريكان الخمسين سنة القادمة ويطلق عليه أهل الصين المحاولة الثامنة التي سبقها سبع محاولات لأن لديهم اعتقادًا أن الذي يفشل سبع مرات سينجح في المحاولة الثامنة.
ومقولة نابليون التي حذر منها قد تحققت، فالصين استيقظت وعلى العالم أن يندم عسكريًا واقتصاديًا وتقنيًا، أما نحن عرب البحر المتوسط والأحمر والخلجان الدافئة فعلينا أن ننتظر التنين الذي تقول إحدى مقولاته إن الصينيين يأكلون كل ما يقف على أربع إلا طاولة الطعام. سينتظر العرب مثلما انتظروا قبل ذلك بريطانيا وأمريكا إلا إذا تحركوا ودخلوا في قواعد اللعبة الدولية التي تقوم على التقنيات والعلوم والمعرفة.