علامات الساعة الصغرى
خطبة مكتوبة لفضيلة الشيخ محمد حسان(علامات الساعة الصغرئ)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله.. أدَّى الأمانةَ، وبَلَّغَ الرسالةَ، ونَصَحَ الأمةَ، وكشف الله به الغمة ، جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته وصلى اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين...
أما بعـد:-
فحيَّا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وذكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور.
طبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا.
حياكم الله جميعاً وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنى وإياكم في الدنيا دائما وأبداً على طاعته وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ودار كرامته.
إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شىء قدير..
أما بعـد:-
فإن أصدق الحديث كتاب الله ،وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أحبتى في اللـه :
فى رحاب الدار الآخرة
سلسلة علمية هامة تجمع بين المنهجية والرقائق، وبين التأصيل العلمي والأسلوب الوعظي، تبدأ بالموت وتنتهي بالجنة أسأل اللـه أن يجعلني وإياكم من أهلها.
وهذا هو لقاءنا الثالث من لقاءات هذه السلسلة المباركة، وكنا قد أنهينا الحديث في اللقاء الأول وتوقفنا مع الجنازة وهى في طريقها إلى القبر تتكلم، ثم توقفنا في اللقاء الماضي مع الجنازة وقد أغلق عليها القبر، ليعيش صاحبها في نعيم مقيم، أو في عذاب أليم إلى قيام الساعة، وكان من الحكمة والمنطق قبل أن أتكلم عن مراحل الساعة أن أتحدث عن علامات الساعة الصغرى والكبرى، ولذا فإن حديثنا اليوم مع حضراتكم عن العلامات الصغرى بين يدى الساعة.
وكعادتنا سوف ينتظم حديثنا اليوم مع حضراتكم في العلامات الصغرى في العناصر التالية :
أولاً: الساعة آتية لاريب فيها
ثانياً: العلامات الصغرى التي وقعت وانقضت
ثالثاً: العلامات الصغرى التي وقعت ولم تنقضِ
رابعاً: العلامات الصغرى التي لم تقع بعد
فأعرني قلبك وسمعك أيها الحبيب، واللـه أسأل أن يجعلني وإياكم جميعا ممن: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللـه وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ [الزمر:18].
أولاً: الساعة آتية لا ريب فيها:
أحبتي في اللـه:
إن الحديث عن اليوم الآخر ليس من باب الترف العلمي ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة التي لا تتعامل إلاَّ مع العقول فحسب، بل إن الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان باللـه جل وعلا لا يصح إيمان العبد إلا به أصلا وابتداءً، كما في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب وفيه أن جبريل عليه السلام سأل الحبيب المصطفى ما الإيمان؟ فقال الحبيب : ((الإيمان أن تؤمن باللـه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره)) .
لا يمكن أن يستقر الإيمان باليوم الآخر في قلب عبد من العباد إلا إذا وقف على حقيقة هذا اليوم وعرف أحواله وكروبه وأهواله.
ومن ناحية ثالثة إذا استقرت حقيقة الإيمان باليوم الآخر في قلب عبد صادق، دفعه هذا العلم بهذا اليوم إلى الاستقامة على منهج اللـه وعلى طريق الحبيب رسول اللـه ، لأنه سيعلم يقينا أنه غدا سيقف بين يدى اللـه جل وعلا ليكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ليقول له الملك: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الَيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:14].
فالهدف من هذه السلسلة تذكير المسلمين للاستيقاظ من غفلتهم ورقدتهم الطويلة، وإيقاظ المسلمين بالتوبة والإنابة إلى اللـه جل و علا قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.
أيها المسلمون قال اللـه جل وعلا: ذَلِكَ بِأَنَّ اللـه هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللـه يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:6-7].
وإذا كان البشر يرون الساعة بعيدة فإن خالق البشر يرى الساعة قريبة قال جل وعلا: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا [ المعارج: 6- 10].
وقال سبحانه: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ [القمر:1].
وقال جل وعلا: أَتَى أَمْرُ اللـه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل:1].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللـه وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللـه إِنَّ اللـه خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].
أما عن وقت قيام الساعة فإن هذا من خصائص علم اللـه جل وعلا لا يعلم وقت قيام الساعة ملك مقرب أو نبي مرسل.
قال سبحانه في سورة الأعراف: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرض لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللـه وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:187].
وقال سبحانه في سورة الأحزاب: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللـه وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [ الأحزاب: 63 ].
وقال سبحانه في سورة النازعات: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [النازعات:42-46].
فلا يعلم وقت قيام الساعة إلا اللـه.
إن جبريل عليه السلام هو أعلى الملائكة ومحمد هو أعلى الخلق منزلة ومع ذلك جاء جبريل إلى النبي فقال له: متى الساعة؟
فقال المصطفى : ما المسئول عنها بأعلم من السائل!! وهو جبريل والمسئول هو البشير النذير، لا يعلمان وقت قيام الساعة... أفيتجرأ عاقل بعد ذلك ليقول بأنه على علم بوقت قيام الساعة. في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي قال: ((مفاتح الغيب خمس لايعلمهن إلا اللـه وتلى النبي قول اللـه تعالى: إِنَّ اللـه عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللـه عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].
وإذا كان اللـه عز وجل قد أخفى وقت قيام الساعة، فقد أخبر سبحانه وتعالى ببعض العلامات والأمارات التي تكون بين يدي الساعة، لينتبه الخلق بالإنابة والتوبة إلى اللـه جل وعلا، وقد سمى القرآن هذه العلامات والأمارات بالأشراط فقال سبحانه: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18].