منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    التنوع الثقافي

    avatar
    nouiss
    عضو جديد
    عضو جديد


    عارضة الطاقة :
    التنوع الثقافي Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التنوع الثقافي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 29
    نقاط : 79
    تاريخ التسجيل : 15/02/2011

    التنوع الثقافي Empty التنوع الثقافي

    مُساهمة من طرف nouiss الثلاثاء مارس 01 2011, 23:20

    إن التعدد الملاحظ على مستوى الثقافات الإنسانية، يعني أن
    الحضارة الإنسانية منقسمة ومتنوعة ومختلفة، وهذا لا يلغي وجود بعد
    ثقافي كوني يقوم على أساس التواصل والتعايش وإزالة الهوة بين
    الأفراد والجماعات والشعو ب. إذن هل يمكن الحديث عن ثقافة
    كونية أم تعدد الث قافات واختلافها؟ كيف نفسر تعايش الثقافات رغم
    صراعها؟
    يشير مفهوم التنوع الثقافي إلى اتسام الثقافة البشرية بسمة
    التنوع والاختلاف، فالحضارة الإنسانية منقسمة في فعاليات متنوعة
    تتمثل في تعدد المعتقدات وقواعد السلوك واللغة والدين والقانون
    والفنون والتقنية والعا دات والتقاليد والأعراف والنظم الاقتصادية
    والسياسية. فكل مجتمع إذن يسعى جاهدا نحو الحفاظ على هويته وما
    يميزه ويعطيه خصوصيته واستقلاله عن باقي الثقافات الأخرى، ومن
    الواضح أن هذا المصطلح نشأ في سياق ثقافي معين اتسم بتنامي
    تعرض الكثير من الثقافات البشرية للترا جع والاضمحلال والإقصاء
    و أحيانا الزوال، في الوقت الذي بدأت فيه ثقافات معينة تنتشر
    بسرعة على حساب الثقافات المتراجعة و بدا أن بعضها بدأت تفرض
    هيمنتها على سائر ثقافات العالم على نحو يهدف إلى سيادة الثقافة
    والواحدة ومنحها طابع الكونية.
    إن التشبت بالهوية والخصوصية والمحلية، لا يعني الانغلاق
    والتقوقع، فمعظم اتمعات تعمل على الانفتاح على الثقافات
    الأخرى في إطار التعايش والتثاقف والإيمان بالحوار والحق في
    الاختلاف، إا تدمج داخلها مجموع المعارف والتقنيات والأفكار
    والتقاليد وهذا لا يتحقق إلا عن طريق تواصل ه ذه اتمعات
    وتعايشها مع بعضها البعض على أساس لا ينكر حق الشعوب
    والأقليات والأشخاص في التمتع بثقافتهم أو استعمال لغتهم أو
    التدين بدينهم والحفاظ على تراثه م... من هنا تنتفض ثقافة اتمعات
    للدفاع عن نفسها وعن حقها في الوجود، لأن الهوية الثقافية تحفز كل
    شعب، وكل مجموعة بشرية، على استمداد التغذية الروحية من
    التراكمات المعرفية التي تؤسسها .
    من هنا كان شرط التعايش والاحترام أساس البيان الذي
    أصدرته اليونسكو سنة 1982 ، والرامي إلى أهمية الدفاع عن الهوية
    الثقافية لكل شعب، واحترام الأقليات الثقافية وكل ثقافات العا لم.
    وإذا ما ربطنا موضوعنا بالمغرب كمثال، فإننا نجده يتشكل من
    تنوع ثقافي واضح، هذا التنوع يذوب داخل روح اجتماعية واحدة
    أساسها التعايش والترابط المشترك والائتلاف، وينفي الإقصاء
    والتهميش، مما اكسب المغرب غنى ثقافيا متنوعا سواء أكان لغويا أو
    قبليا أو دينيا.
    إن السعي نحو القوة والسيطرة والهيمنة لن يفضي إلا إلى الصراع
    مع الشعوب الراغبة في الحفاظ على وجودها وصيانة هويتها وبالتالي
    تكريس الحروب والصراعات فيما بينها، وهذا لن يتجاوز إلا عبر
    الإقرار بحق الشعوب والأقليات في التمتع بكل فعاليات ثقافتهم سواء
    أكان دينيا أو لغويا أو عرقيا أو غيره... وكذا الانتقال من التعصب
    إلى التسامح، ونبذ ما يستبدل الحوار بين الشعوب بالتراع، والتعاون
    بالشقاق، والاعتماد المتبادل بالانغلاق على النف س. وإشاعة السلام
    القائم على العدل في الكوكب الأرضي الذي تحول إلى قرية كونية
    بفضل ثورة الاتصالات المذهل ة. والاحترام الكامل للهويات
    الحضارية، وعدم التمييز بين الثقافات، والقضاء إلى الأبد على مفاهيم
    التميز العرقي وعولمة الثقافة الواحدة وكونيتها.
    حاصل القول، إن التنوع الثقافي يقوم على المساواة الكاملة بين
    الشعوب، واحترام الاختلاف بينها، والنظر إلى هذا الاختلاف بوصفه
    مصدر غنى لا يحول دون التفاعل وتبادل الخبرات، ومن ثم الحفاظ
    على العلاقة الحوارية بين المحلي والعالمي، الخاص والعام، وذلك في
    المدى الذي تغتني به العلاقة بين كل الأطراف، م ن دون تمييز أو
    تراتب، بل من منظور نفهم غايته من خلال مبدأ صا غه الهندي
    "المهاتما غاندي" عندما قال: "إنني على استعداد لأن أفتح نوافذ بيتي
    لتدخله الرياح من كل اتجاه وكل جانب، ولكن من دون أن تقوض
    هذه الرياح الجذور التي يقوم عليها بيتي والأسس التي ينهض عليه "
    avatar
    nouiss
    عضو جديد
    عضو جديد


    عارضة الطاقة :
    التنوع الثقافي Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التنوع الثقافي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 29
    نقاط : 79
    تاريخ التسجيل : 15/02/2011

    التنوع الثقافي Empty الإنسان كائن ثقافي

    مُساهمة من طرف nouiss الثلاثاء مارس 01 2011, 23:26

    تمهي د: إن التحديد الذي اوليناه لمفهوم الثقافة تحديد متعلق
    بالإنسان دون سواه من الكائنات الاخرى، غير ان هذا التحديد
    يحيلنا على مجموعة من التساؤلات من قبي ل:
    ما هي الاسب اب التي تدفعنا إلى تعريف الإنسان ككائن ثقافي؟
    ما هي مظاهر الثقافة وتجلياا عند الإنسان ؟
    للإجابة على كل هذه الاسئلة، نعثر على ليفي ستراوس لا
    يقدم الإنسان باعتباره صا نعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل
    ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل
    اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وذا فاللغة هذ الاداة
    الاساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره
    كائن ثقافي.
    وقد عملت الدراسات والأبحاث العلمية على إثبات أن اللغة
    موقوفة على الإنسان وحده دون غيره، وهذا يبرز من خلال الدراسات
    التي أجراها كارل فون فريش على خلية النحل ، إذ حاول بنفنست
    من خلالها المقارنة بين الإنسان والحيوان الخروج بمجموعة من الخواص
    وهي تميز اللغة الإ نسانية من حيث الطبيعة والمقاصد عن التواصل
    الحيواني، فاللغة البشرية يتحكم فيها جهاز صوتي وعلى العكس نعثر
    على أن الرسالة عند النحل تعتمد كليا على الحركة من خلال الرقص ة.
    فهذا التواصل الذي يحدث بين النحل ليس صوتي بل حركي مما يحتم
    ضرورة توفر الظروف المناسبة لإد راك محتوى الرسالة والمتمثل في توفر
    الرؤية التي لا يمكن أن تتم في الظلام، أما اللغة الإنسانية فهي لا تعرف
    هذا التضيي ق. وإذا ما انتبهنا إلى لغة الإنسان فهي تتحدد بوصفها لغة
    حوارية تعتمد على تبادل الرسائل اللغوية و الخوض في مواضيع
    متعددة، وعل العكس من هذا فال تواصل عند النحل يتعلق بالمحتوى
    الواحد وهو الغداء مع غياب الحوار بل هناك الاستجابة الفورية تجاه
    معطيات الرسالة التي تبدو غير قابلة للتحليل والتفكيك وإعادة
    التركيب، غير أن اللغة الإنسانية نجده تتفرد بمعطى التمفصل والتقطيع
    وإعادة التركيب.
    إذن هناك فوارق واضحة بين اللغة الإنسانية والتواصل الحيواني
    الذي لا يرقى إلى مستوى اللغة عند الإنسان وبالتالي فكل لغة تواصل
    وليس كل تواصل لغة.
    ويتجه أندري مارتينيه هو الآخر ومعه كلود ليفي ستراوس لتأكيد
    تفرد الإنسان بخاصية اللغة القابلة للتمفصل، غير أ ن هذا التمفصل
    الذي تتميز به جميع الألسن بدون استثناء يمكن تحديده من خلال
    ضربين:
    التفصل الأول ومؤداه أنه بالمقدور تحليل اللغة وردها إلى وحدات
    دلالية صغرى لا تقبل أن تقطع وتجزأ إلى وحدات أصغر منها حاملة
    للدلالة والمعنى وهي تسمى بالمونيمات.
    التمفص ل الثاني مفاده أن اللغة الإنسانية قابلة لأن تحل إلى وحدات
    صوتية صغرى ليست حاملة للدلالة والمعنى ولا تقبل بدورها أن تحل
    إلى وحدات صوتية أصغر منها خالية من الدلالة والمنى وتكنى
    بالفونيمات.
    وبالاعتماد على هذه الوحدات الصوتية يمكن إنشاء عدد لا متناه
    من ا لتراكيب والخطابات عن طريق تجديد التركيب والتأليف وهو ما
    يحدد قيمة التمفصلين في ما لهما من اقتصاد لغوي للتعبير عن وقائع
    تجريبية غير متناهية.
    إذن اللغة هي المظهر الثقافي الأكثر اكتمالا في مظاهر نظام الثقافة
    حسب ستراوس.
    إلا ان مالينوفسكي يقترح اقتراحا آخر، مبرزا أن الإنسان كائن
    ثقافي لكونه يعيش في إطار مؤسسات تلبي حاجاته ورغباته وتتحكم
    فيها، فداخل المؤسسات يحقق الإنسان حاجاته المتنوعة على نحو منظم
    وهادف ، لأن هذه المؤسسات تقوم على قوانين وقواعد هي التي تحكم
    العلاقات الإنسانية داخلها، ودف إلى تنظيم سلو كات الأفراد
    والجماعة، وهي تأخذ طابعا إلزاميا وإكراهيا، فكل مؤسسة مهما كان
    حجمها يحكمها ميثاق على منواله تعمل وتشتغل، ومن ضمن هذه
    المؤسسات نذكر مثلا على سبيل المثال : الأسرة، المدرسة، النادي،
    الجامعة، البنك، البرلمان ...
    avatar
    nouiss
    عضو جديد
    عضو جديد


    عارضة الطاقة :
    التنوع الثقافي Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التنوع الثقافي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 29
    نقاط : 79
    تاريخ التسجيل : 15/02/2011

    التنوع الثقافي Empty مفهوم الوعي 1 باكلوريا

    مُساهمة من طرف nouiss الأحد مارس 06 2011, 23:13


    مفهوم الوعي 1 باكلوريا


    تختلف مدلولات الوعي من مجال إلى آخر، ومن فيلسوف إلى آخر، فمنهم من يقرنه باليقظة في مقابل الغيبوبة أو النوم. ومنهم من يقرنه بالشعور فيشير إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية. ويمكن أن نجمل الدلالة العامة للوعي فيما يلي: إنه ممارسة نشاط معين ( فكري، تخيلي، يدوي...الخ)، وإدراك تلك الممارسة. و يمكن تصنيف الوعي إلى أربعة أصناف وهي:
    الوعي العفوي التلقائي: إنه ذلك النوع من الوعي الذي يكون أساس قيامنا بنشاط معين، دون أن يتطلب منا مجهودا ذهنيا كبيرا، بحيث لا يمنعنا من مزاولة أي نشاط آخر.
    الوعي التأملي: إنه وعي يتطلب حضورا ذهنيا قويا مرتكزا في ذلك على قدرات عقلية كلية كالذكاء أو الإدراك أو الذاكرة.
    الوعي الحدسي: وهو الوعي المباشر و الفجائي الذي يجعلنا ندرك الأشياء أو العلاقات، أو المعرفة، دون أن نكون قادرين على الإدلاء بدليل أو استدلال.
    الوعي المعياري الأخلاقي: وهو الذي يسمح لنا بإصدار أحكام قيمة على الأشياء والسلوكيات بحيث نرفضهما أو نقبلهما بناءا على قناعات أخلاقية، وغالبا ما يرتبط هذا الوعي بمدى شعورنا بالمسؤولية اتجاه أنفسنا و اتجاه الآخرين.

    و على هذا الأساس فالوعي هو إدراكنا للواقع و الأشياء، إذ بدونه يستحيل معرفة أي شيء. لذلك يمكن وصف الوعي بأنه « الحدس الحاصل للفكر بخصوص حالاته و أفعاله». فهو بمثابة "النور" الذي يكشف للذات عن بواطنها. أما اللاوعي فهو يدل إلى حد ما على مقابل الوعي. و هنا يمكن الحديث عن اللاشعور باعتبار السلوك اللاواعي أو الذي يصبح "واقعة نفسية".
    انطلاقا من هذا التصنيف الدلالي لمفهوم الوعي نطرح التساؤلات التالية:
    ما هو الوعي؟ ما شكله؟ هل هو وعي بسيط و مباشر؟ أم غير ذلك؟ ما مضمونه الأول؟ ماذا أدرك في فعل الوعي على وجه الدقة و التحديد؟ ثم ما علاقة الوعي باللاوعي؟ و هل يكفي أن نكون على وعي لمعرفة أنفسنا؟ هل الوعي هو أساس حياتنا الواقعية؟ أو الوهم هو الأصل؟.
    مشكلة الوعي
    موقف راسل:
    حلل برتراند راسل عن الوعي وربطه بالمدركات الحسية أو الخبرات الحسية حيث أكد على ضرورة عدم فصله (أي الوعي) عن مثيرات العالم الخارجي فهو عبارة عن ردود أفعال اتجاه وسطه. هذا يعني أن الوعي طاقة تميز الإنسان عن الجمادات. و من ثم فإن راسل أكد على تلازم الوعي مع حالة اليقظة، و ليس مع حالة النوم أي أنه غير مستمر في الزمن. وأكد كذلك على ضرورة الانتباه إلى عامل اللغة لأنها، في نظره، جهاز و نظام غير منسق. وهنا نجده يميز بين نوعين من اللغة : لغة مرشدة تمكن من فهم طبيعة العالم الذي نتحدث عنه، ولغة مظللة وخداعة للتفكير. ومن ثمة فإن كثيرا من الفلاسفة الذين اعتمدوا عليها ظلوا وأظلوا. إن الوعي بالذات عند راسل يعني أمرين هما : دخول هذا الإنسان في علاقة مع العالم الخارجي، واكتشافه لذاته ولأفكاره و لعواطفه. أي أن هناك امتحانا للإنسان بإدراك وجوده الذاتي. وهنا يكمن مفهوم الوعي عند راسل و يتجلى. فعندما ندرك معطيات العالم الخارجي فإننا نكون، حسب راسل، فقط في مجال ردود الفعل اتجاه العالم، ونشترك في هذه الخاصية مع الجمادات. هذا يدل على أن الوعي لا يتحدد عند مستوى إدراك العالم الخارجي بل هو فقط رد فعل على النحو الذي تِؤذيه الحجارة و الجمادات عموما.

    يرى راسل أنه يستحيل إدراك المادة إدراكا مباشرا، و أن لها وجودا واقعيا ملموسا. و يؤكد راسل على المعرفة القائمة على التجربة وعلى الحواس وعلى إدراك الكليات إدراكا فوريا ومباشرا. وهو في الوقت نفسه يؤكد على التمييز بين الذات الواعية و الموضوع. وعلى سبيل المثال لا الحصر إننا لا ندرك مدينة الرباط و مراكش إدراكا جزئيا ، بل إننا ندركهما في إطار العلاقة الخارجية القائمة بينهما، و هذه العلاقة ليست من طبيعة نفسية صادرة عن الذات العارفة، ولكنها مستقلة عنها، تنشأ بطبيعتها في معزل عن فعل المعرفة في حد ذاتها.
    مما سبق يتبين لنا أن الجزء الأساسي من مفهوم الوعي مرتبط بمدى إدراكنا للوجود الذاتي. و تحصل هذه العملية بواسطة الاستبطان، مما يدل على أن الاستبطان منهج يسمح و يمكن من ولوج العالم الداخلي في الإنسان وفهم علاقة الذات الواعية بمحيطها الخارجي، أي أنه في هذه الحالة لا يتعلق الأمر بشيء من بين أشياء العالم و الجمادات بل بذات لها طبيعتها الخاصة بها. و من ثمة فالشرط الأساسي لقيام الوعي و كل معرفة حسب راسل هو إدراك الوجود الذاتي للإنسان عن طريق الاستبطان، لأن الوعي ميزة خاصة بالإنسان، وليست فقط مجرد رد فعل اتجاه العالم الخارجي أو أنه فقط إدراك حسي له .

    موقف برجسون
    إذا كان راسل يجمع بين لفظ الوعي وحالة اليقظة متجاهلا حالة النوم، فإن برجسون يتجاوز هذا الطرح ليؤكد على صيرورة الوعي في الزمن، ليشير به إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية. فالوعي أو الفكر عند برجسون ذو طبيعة مجردة أي أنه غير ملموس ويرفض أن يقترن بأي طابع نسبي أو ذاتي، حيث أنه دائم الحضور في حياة كل إنسان، لا يقبل القسمة إلى لحظات شعورية مرتبة بشيء ما، أو موقف معين، بحيث تتدفق و تنساب عبر الزمن حتى يصعب التمييز بين لحظاته. إنه إدراك الذات وللأشياء في ديمومتها و استمراريتها. أما تعريف الوعي بشكل واضح ونهائي فإنه يطرح صعوبة كبرى أدت ببرجسون إلى ربط الوعي بالذاكرة التي تحفظ ماضي الإنسان في الحاضر. إن الوعي أيضا قدرة على تجاوز الحاضر عقليا وتمثل صورة المستقبل.فالإنسان الذي لا ذاكرة لديه لاوعي له، لذلك فشرط وجود الوعي هو وجود الذاكرة و استقراره بها، ليصبح انفتاحا على الحاضر و الماضي و المستقبل. فعندما نفكر في أي لحظة معينة فإننا نجد هذا الفكر يهتم بالحاضر و بما هو كائن، لكن من أجل تجاوز ما سوف يكون في المستقبل و هذا يعني أنه لا يوجد وعي عند برجسون دون مراعاة حياة المستقبل. فالمستقبل هو الذي يجعل الفكر يتقدم باستمرار دون انقطاع في الزمن و يجره إليه. لفهم طرح برجسون بصدد تعريف مفهوم الوعي نستحضر أنه ينتمي إلى فلسفة الحياة والصيرورة و الحركة، و نؤكد على مجالين هامين في فلسفته عموما : مجال المادة المتميزة الصلبة، و مجال الحياة والوعي المتواصل، وهذا يقع في نطاق الحدس فعن طريقه يمكن إثبات الحقيقة متجسدة في الصيرورة و ليست مجرد الحياة والوعي.
    موقف ابن رشد
    أما إبن رشد فقد تناول مفهوم الوعي في علاقته بالعالم الخارجي وطرح السؤال: هل الحس شرط لقيام الوعي بموضوعات العالم؟ يرى ابن رشد على نحو معلمه أرسطو أن الإدراك الحسي شرط أولي و أساسي لقيام كل معرفة ووعي بموضوعات العالم الخارجي، على خلاف راسل الذي يعتمد منهج الاستبطان بدل منهج الاستقراء في إدراك العالم الداخلي. و لكن هل الإدراك الحسي بالمعنى الذي تقدم به ابن رشد هو الشرط الكافي و الأولى لقيام كل معرفة و كل وعي بموضوعات العالم الخارجي؟.

    موقف ميرلوبونتيي
    للإجابة على هذا التساؤل، ينطلق موريس ميرلوبونتيي من فينومينولوجيا الإدراك الحسي ليصل إلى فينومينولوجيا الوعي و الخبرة، لأجل الكشف عن الطابع المفتوح للخبرة البشرية بصفة عامة. و يقصد بالإدراك الحسي تلك العودة إلى الأشياء و الرجوع إلى المعرفة الأولية عن كل علم من أجل الوصف وليس من أجل التركيب. و يتساءل : هل تعني العالم الخارجي؟ ويقول إن العالم ليس بمثابة الموضوع الذي يمثل أمام الذات الواعية، إن هذه الذات ليست لها القدرة على تملكه. و لكنه الوسط الطبيعي أو المجال الأولي الذي تتحقق فيه إدراكاتنا الحسية لعالم و جل أفكارنا. إن الوعي الإنساني حسب ميرلوبونتي يدخل في علاقة مشاركة مع العالم الخارجي، فيه تتحقق الإدراكات الحسية التي يمكن اعتبارها شرط أساسي لقيام الوعي بهذا العالم.الــــوعـي واللاوعـي

    موقف مدرسة التحليل النفسي:إن اللاشعور، أو اللاوعي، حسب مدرسة التحليل النفسي، هو أهم منطقة سيكولوجية نستطيع بموجبها أن نفهم سلوكاتنا سواء منها السوية أو الشاذة . ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول بأن الشخصية في تصور فرويد بمثابة " جبل الجليد " :أي أن ما هو خفي أضخم بكثير مما يظهر . فكيف يتشكل اللاشعور ؟يعتقد فرويد أن بناء شخصيتنا يتكون من ثلاثة مكونات ، العلاقة فيما بينها هي الكفيلة بتفسير حياتنا النفسية . وهذه المكونات هي:

    الهو : وهو نسق سيكولوجي يتألف من المكونات الغريزية والدوافع والانفعالات الموروثة . ويتمركز الهو حول مبدأ اللذة أو ما يصطلح فرويد على تسميته بنزعة الليبيدو. لأن همه الأساسي هو الحصول على اللذة ودفع الألم، حيث لا يعرف معنى التأجيل. ومن خصائص الهو أنه بعيد عن المنطق والعقل لكونه يتصف بالتهور والاندفاع، ولا يتمثل السيرورات المنطقية والأخلاقية … إلخ.

    الأنا: وهو الجزء من الهو الذي تلاءم مع الواقع . و هو النظام السيكولوجي الذي يتصف - على عكس الهو - بالتعقل والرزانة والحكمة. ومن ثمة، فإنه يتمركز حول مبدأ الواقع ، وهمه الأساسي هو تلبية رغبات الهو بشكل يتلاءم مع الواقع ولا يثير غضب الأنا الأعلى .

    الأنا الأعلى : وهو النظام النفسي الذي يمثل جميع القيم الأخلاقية والعادات الاجتماعية.ويتشكل الأنا الأعلى بفعل الأوامر والنواهي ( التربية ) ؛ ومنه نستوحي ما ينبغي وما لا ينبغي القيام به . وهو ما يماثل في حياتنا النفسية مفهوم المثالية الأخلاقية، وما يقابل في الاصطلاح الأخلاقي العادي مفهوم الضمير
    إن الأنا إذن يوجد في بؤرة الصراع بين ضغط الهو، ورغباتالواقع، ومتطلبات الأنا الأعلى . ومن هذا المنطلق نفهم لماذا تقرن الفرويدية الشخصية السوية بقوة الأنا.. فالرغبات التي لن يستطيع الأنا تلبيتها فإنه يعمل على كبحها ثم كبتها في اللاشعور. هكذا يتشكل اللاشعور ويتضخم. ولكي يتشكل الأنا بصورة جيدة لابد من إحاطة الطفل بتربية واعية وتفهم واضح لمراحل النمو الجنسي لديه المرحلة الفمية ، المرحلة الشرجية، المرحلة القضيبية، مرحلة الكمون، المرحلة التناسلية )، والعمل على كبت العقدة الأوديبية بطريقة سليمة. هكذا نستطيع القول بأن الأنا يوجد كذلك تحت ضغط مكبوتات اللاشعور لأنها تظل يقظة، وتتحين الفرص التي تضعف فيها رقابة الأنا لتخرج إلى السطح. والمرض النفسي (اضطرابات الشخصية) عبارة عن تدفق مكبوتات اللاشعور، وتصريف مفضوح لرغبات الهو... وحتى لاتصل الشخصية إلى هذه المرحلة
    الحرجة، فإنها تلجأ (للتخفيف من حدة التوتر النفسي) إلى ميكانيزمات دفاعية (مثل الكبت، والتبرير، والتقمص، والإسقاط، والنكوص، والإعلاء...الخ) . كما أن التحليل النفسي يعتبر في حد ذاته منهجا علاجيا، وإعادة تربية
    ويعتمد التحليل النفسي، منأجل سبر أغوار اللاشعور، على عدة طرق، أهمها : التنويم المغناطيسي، والتداعي الحر،
    وتحليل وتأويل تجليات اللاشعور (الأحلام، فلتات اللسان، زلات الأقلام، النسيان
    >إن نظرية فرويد في اللاّوعي تميز بين فِعْلِيَّةِ السّلوك، وحقيقة السّلوك. ففعليّة السّلوك تعني الأفعال والأعمال الّتي يقوم بها الفرد، بما هي أفعال وأعمال خامّ وظاهرة. أمّا المُرَادُ بحقيقة السّلوك، فهو المدلول أو المعنى الحقيقيّ له، أي العلّة المتخفّية وغير الظّاهرة فيه. فأنا، مثلا، قد أقوم بعمل ما، كأن أسرق كتابا من على رفّ المكتبة : وهذا الفعل فعلي، من دون شكّ، وسلوكي، إلاّ أنّ حقيقته وما قد يُفَسِّرُ مثل ذلك العمل الذي قمت به ليست فحسب تلك الظّاهرة بل شيء آخر، أحقّ وأكثر فعليّة، وهو "الهُوَ". فأنا هو الّذي، بلا شكّ قد سرق الكتاب لكن فعل السّرقة ذاك، إنّما هو في حقيقته صورة متفرّعة من فعل معاقبة الذّات. فنظريّة فرويد ترى بأنّ " الذّات ليست وعيا فقط "، وإنّما هي " وعي وهُوَ "، أي أنها وعيان اثنان (وعي أول ووعي آخر) ؛ الوعي الأوّل يكون غير واع بالوعي الآخر، مع انّه هو الأصل فيه !!؟
    موقف هوسرل
    تقوم نظرية الوعي عند هوسرل على الابتعاد عن التجريبية والروح السيكولوجية التي تفسر الأحداث التاريخية، وتتوقف عند العمليات العقلية، لتكشف مركبات الوعي ذاته، والظواهر نفسها. يرى هوسرل أن المعنى يسبق اللغة وهي نشاط ثانوي يسمي المعاني التي بحوزتنا. وهكذا كانت نظرة هوسرل للوعي ماهوية تعتبر أن العالم ليس سوى شيء يمكن إذابته وتحويله إلى صورة ذهنية. تخيل هوسرل موقعاً متسيداً للذات المبهمة، التي تطبع صورتها على العالم. ورجح كفة الذات على حضور العالم. و قد وصفت هذه النظرية، من طرف خصوم هوسرل، بكونها شكلا من أشكال الوعي البورجوازي.
    إن الهيئات النفسية التي يضعها فرويد: الأنا الأعلى، والأنا والهو تجد نفسها داخلة في علاقة تجعل التشبيه المكاني المتضمن فيها يختفي. فالأنا الأعلى يصبح هو الرمزي ، مجال النظام والقانون، ومكان الخطاب الأبوي (وبذلك ينخرط التحليل النفسي في الانتروبولوجيا: إذ أن الرمزي هو نظام الثقافة بالمعنى الاتنولوجي)؛ والأنا يصبح هو المتخيل ، مكان الوهم، والحقيقة، والتغير، والملاحق التجميلية للذات التي هي ملاحق متحركة وهشة. والهو ليس له مكان إلا مجازا فهو المكان الذي ليس له مكان وهو العلة الغائبة للبنية، ويطلق عليه لاكان اسم الواقع وإنتاجه يقع على مستوى موضوعات الرغبة. وموضوعات الرغبة، بالنسبة لفرويد، موضوعات متعددة، لكنها تابعة لعلاقة أساسية تحكم كل علاقة مع أي موضوع يدعوها لاكان العلاقة بالموضوع
    ويذهب لاكان بعيدا في إضفاء صبغة نسقية على الموضوع: فهو يطلق اسم "الموضوع أ الصغيرة" على الموضوع النوعي العام لكل موضوعات الرغبة: الجزئي والمنفصل، والمهمل؛ وهذا الموضوع هو الأثر والعلاقة الدالة على الغربة في قلب الذات، وهو علامة على قطيعة لا رجعية فيها

    الإيديولوجيا والوهم
    ظهر لفظ الإيديولوجيا لأول مرة بفرنسا بوصفها علما للأفكار، و يرجع الفضل في نحث المصطلح إلى دستوت دي تراسي إذ ارتبط به إبان الثورة الفرنسية لسنة 1789 ، حيث أعطى لهذا المفهوم مدلولين اثنين و هما:
    مدلول فلسفي اعتبر فيه الإيديولوجيا علما أو شبه علم يقوم على الملاحظة والتجربة كنقيض لتفسير اللاهوت للعالم الذي يعتبره دو تراسي تفسيرا أوليا و طفوليا بينما الإيديولوجيا كما يتصورها تمثل التفكير الراشد و الناضج لارتكازها على الملاحظة والتجربة.
    مدلول إبستمولوجي: باعتبارها « العلم الذي يدرس الأفكار بالمعنى الواسع لكلمة أفكار، أي مجموع وقائع الوعي من حيث صفاتها أو قوانينها وعلاقاتها بالعلامات التي تمثلها لاسيما أصلها»، هكذا يبدو أن دو تراسي حاول أن يعطي للإيديولوجيا بعدا علميا باعتبارها نسقا من الأفكار والتصورات البعيدة عن التمثلات اللاهوتية والميتافيزيقية للعالم، فأصبحت الإيديولوجيا بهذا المعنى ضد الأفكار والأطروحات المحافظة، خاصة وأنها ارتبطت بالثورة الفرنسية وما أحدثته من تغير في بناء المجتمع الفرنسي، و انعكاسات هذه الثورة على صعيد الأمم الأوروبية.
    تأسيسا على الدلالات السابقة، و ضدا على مفاهيمها نحث نابليون مدلولا جديدا للإيديولوجيا حيث اعتبرها أفكار المشاغبين الذين كانوا ضد حكمه ومن ثمة أخذت معنى انتقاصيا لدلالتها مع دو تراسي إذ أصبح نابليون ينعت خصومه بالإيديولوجيين وذلك في إطار الصراع السياسي مع معارضيه. وفي هذا الصراع و السجال ظهر ما سمي "سجال المصطلحات" أو "الإيديوفوبيا" أي الخوف الشديد من الأفكار، فالأفكار تعبر عن المصالح و المطامح أما لالاند فيعرف الإيديولوجيا بأنها «العلم الذي يتخذ موضعا له دراسة الأفكار، أي العلم الذي يبحث في صفات الأفكار و قوانينها و خاصة أصولها».
    تحديدات بول ريكور لمفهوم الإيديولوجيا
    يرى بول ريكور أن الإيديولوجيا ترتبط بثلاث استعمالات. يهم الاستعمال الأول معنى الاختلال والتشويه للواقع، و هو المعنى الذي يشيع بين عامة الناس و الذي كان مصدره الماركسية حيث تسند للإيديولوجيا معنى يجعل من الممارسة أساسا لها و أن الإيديولوجيا مصدر التشويه.أما الاستعمال الثاني فربطه بول ريكور بالشكل الذي تظهر فيه الإيديولوجيا كظاهرة تشويهية و تزييفية بل يجعلها بول ريكور في هذه الحالة تبريرية أي أنها تحاول أن تتكلم بلسان الحاكم المسيطر و تشيد الشمولية و حين يبرز العنف داخلها تتحول الايديولوجيا إلى أداة قهر أكثر من المظاهر العنيفة التي تخلفها طاحونة الصراع الطبقي. أما الاستعمال الثالث فيربطه بول ريكور بما أسماه بالإدماج أي أن الجماعة تعمل على استدعاء ذكرياتها الأساسية باعتبارها أحداث أولية مؤسسة للهوية المحددة لهذه الجماعة، فهذا الاستعمال يساهم في تكوين عنصر جديد داخل بنية الذاكرة الجماعية.إن بول ريكور يهدف من وراء تقسيماته هذه للإيديولوجية إلى تأكيد نقطة محورية لا تنفصل عن عملية الإيديولوجيا نفسها وهي حضور الوهم لتبرير وصفي لاسترداد الذكريات لتحقيق الإدماج.
    الإيديولوجيا عند الماركسيين
    إن الإنسان عند الماركسيين كائن اجتماعي في جوهره، و بدون المجتمع لا يستطيع الإنسان العيش، إذ لا يمكنه أن ينتج الشروط الضرورية للحياة اللازمة لبقائه إلا في إطار المجتمع،و لكن أدوات ذلك الإنتاج تعود لكي تحدد أول ما تحدد العلاقات الإنسانية. ويرى ماركس استحالة فصل وعي الناس عن وجودهم الاجتماعي و يعطي للحياة الاجتماعية أهمية أساسية تحديد الوعي بل يجعلها هي التي تحدد الوعي.
    إن الايديولوجيا، في نظر ماركس و رفيقه انجلز،«ليست سوى التعبير الفكري عن العلاقات السائدة في المجتمع تلك العلاقات التي تجعل من طبقة ما الطبقة السائدة على الطبقات الأخرى». بهذا المعنى فالايديولوجيا مجموع الأفكار الذي تسود المجتمع الطبقي و الذي ترسم بفعل الشروط المادية والروحية القائمة على صورة ناقصة و مشوهة للعلاقات السائدةفيه.
    يقول انجلز: «الإيديولوجيا هي نشاط فكري ذلك الذي يدعى مفكر واعي في حين أنه إنما يصدر عن وعي زائف مغلوط ذلك لأن القوى الحقيقية المحركة له تبقى مجهولة لديه، وإلا لما كان نشاطه الفكري ذاك إيديولوجيا». إذن هي البناء الفكري النظري القائم على وعي مزيف لكونه يجهل مكوناته الموضوعية.
    وقد وسع كل من ماركس و أنجلز فيما بعد مفهوم الإيديولوجيا فجعلاه البنية الفوقية برمتها لعصر من العصور التاريخية أي مجموع النتاج الفكري، من أدب و فن وفلسفة و دين و أخلاق و تشريع بحيث يسود مجتمعا من المجتمعات في عصر من العصور التاريخية.
    أما لنين فيميز بين الإيديولوجيا البرجوازية والبرجوازية الاشتراكية، الأولى هي النسق الفكري الذي تقيمه البرجوازية لتخدع به نفسها وتخدع غيرها من الطبقات المضطهدة، والثانية هي المذهب الذي يقود كفاح الطبقة العاملة و تنير لها الطريق و الذي يأتي من الممارسة النظرية ، من المثقفون الثوريون الذين ربطوا مصيرهم بنضال و كفاح الطبقة العاملة.
    بينما يميز مانهايم بين الإيديولوجيا الجزئية أو الخاصة، و الإيديولوجيا الكلية أو العامة فالأولى تعني مجموع الأفكار التي يعتنقها الشخص و التي يرى من خلالها حضوره مجرد غطاء شعوري لتحقيق الموقف الذي يصدر عنه، و الذي لا يعبر بصراحة لأنها تعارض مصالحه، فهي بهذا المعنى تبريرية تعمل على صرف النظر عن فحواها. أما الثانية فهي مجموع التصورات التي تعتنقها جماعة ما تبريرا لموقفها داخل المجتمع.
    تصور نيتشه للأيديولوجيا
    يبرز نيتشه الطابع الأكثر سطحية و سوءا للوعي، بمعنى أن الوعي لدى الإنسان رغم تطوره في المستويات فإنه لا يدرك معنى وعيه لأفعاله وأفكاره ومشاعره، بل حتى حركاته فهو دائما يفعل نتيجة لإرادة قاهرة جاءت في صفة أمر (يجب عليك)، و هو هنا يؤكد مقولة العدمية التي تسيطر على الإنسان، فهو لا يعرف معنى الفكر الذي أصبح وعيا فالوعي عند نيتشه لا يعدو أن يكون أكثر من أجزاء الفكر السطحية و أكثرها سوءا.إن بالإمكان، حسب نيتشه، أن يعيش الإنسان حياته في استقلال عن الوعي تماما. لما كانت الحياة البشرية معرضة للهلاك بوصفها حياة يؤطرها الصراع من أجل البقاء اضطر الإنسان أن يعبر عن نفسه


    عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين مارس 07 2011, 10:36 عدل 5 مرات (السبب : تعديل اللون)
    avatar
    nouiss
    عضو جديد
    عضو جديد


    عارضة الطاقة :
    التنوع الثقافي Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التنوع الثقافي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 29
    نقاط : 79
    تاريخ التسجيل : 15/02/2011

    التنوع الثقافي Empty نشأة الفلسفة

    مُساهمة من طرف nouiss الأحد مارس 06 2011, 23:33



    مدخل:

    لقد ظهرت الفلسفة لأول مرة في بلاد اليونان القديمة، حوالي القرن 6 قبل الميلاد مع الفلاسفة الذين ينعتون بالفلاسفة الطبيعيين، أمثال : طاليس – أنكسمنس – أنكسمندر…
    و قد سموا بذلك الاسم لأن تفكيرهم انصب حول البحث في الطبيعة وأصل الكون. و قد ظهرت كلمة <فيلوسوفوس> « philosophos » لأول مرة مع فيتاغورس الذي يعتبر أول من سمى نفسه فيلسوفا، أي محبا للحكمة و باحثا عن المعرفة. وقد ظهر مصطلح فيلوسوفوس كمقابل لمصطلح <سوفوس> « sophos » ؛ ففيلوسوفوس « philosophos » هو الفيلسوف الذي يحب الحكمة و يبحث عن الحقيقة أما سوفوس فهو الحكيم الذي يدعي امتلاك المعرفة.
    هكذا فالفلسفة في أصلها الاشتقاقي في اللغة اليونانية تعني محبة الحكمة والبحث عن الحقيقة بشكل مستمر دون ادعاء امتلاكها.
    و قد ظهرت الفلسفة في الحضارة اليونانية كتفكير عقلاني مقابل التفكير الأسطوري الخيالي الذي كان عند اليونانيين قبل ظهور الفلسفة.
    1- فما الذي يميز التفكير الفلسفي عن التفكير الأسطوري؟
    2- و كيف كانت البداية الأولى لفعل التفلسف؟
    3- و ما هي العوامل التي ساعدت على ظهور الفلسفة في الحضارة اليونانية؟


    I – الفلسفة و الأسطورة:


    * نص لجون بيير فرنان jean pierre Vernant :

    مؤلف النص:
    هو جون بيير فرنان Vernant مؤرخ فرنسي معاصر ، اهتم بالفكر الفلسفي اليوناني و بأصوله. من أهم مؤلفاته <أصول الفلسفة الإغريقية> و <الأسطورة و الفكر عند الإغريق>.

    * الإجابة عن أسئلة الفهم:


    1- يشير النص إلى مجموعة من التقابلات بين الفلسفة و الأسطورة، ويمكن توضيح ذلك من خلال الجدول التالي:


    الفلسفة الأسطورة
    - اللوغس logos
    - ثقافة مكتوبة (ظهر الحروف الأبجدية)
    - الدقة في التعبير
    - استخدام المفاهيم
    - لغة مجردة
    - فكر برهاني و استدلالي
    - الأفكار العقلية المجردة و الخالصة. فكر نقدي - الميثوس mythos
    - ثقافة شفوية
    - السرد الخيالي
    - المحاجة البلاغية
    (الأساليب لغوية كالمجاز و التشبيه)
    - الآلهة و الأبطال الخياليون و الخرافيون.
    - فكر بلاغي و خيالي.

    2- لقد ظهرت الفلسفة عند اليونان كنتيجة لتوفر مجموعة من الشروط أو العوامل من أهمها : العامل السياسي الذي تمثل أساسا في انتقال الحكم من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي، الذي تميز بحرية التعبير و طرح كل القضايا للنقاش العلني.
    3- يستعمل اللوغوس logos (البرهان القائم على الحجة) و تدل هذه العبارة على أن الفلسفة خطاب يستند إلى الحجة العقلية.

    استنتاج:

    لقد كان ظهور الفلسفة في بلاد اليونان إعلانا عن إحداث قطيعة في التفكير لدى الإغريق، حيث تم الإنتقال من الخطاب الشفوي الأسطوري إلى الخطاب الفلسفي المكتوب الذي يعتمد على الإستدلال العقلي و إنتاج الأفكار و المفاهيم العقلية المجردة. و قد كان للعامل السياسي دور كبير في بزوغ هذا الفكر الجديد حيث ظهرت الفلسفة في مناخ ديمقراطي عرفته المدينة الدولة، حيث سادت حرية التعبير و أصبحت كل القضايا مطروحة للنقاش الحر و العلني.


    * الإجابة عن أسئلة الإطار المفاهيم:

    1- شرح فلسفي للمصطلحات التالية :

    • ميثوس mythos = كلمة يونانية تعني الأسطورة.
    • اللوغس logos = كلمة يونانية تعني الخطاب، المبدأ و العقل.
    • خطاب : هو جملة من المنطوفات أو الملفوظات المتسلسلة و المترابطة ترابطا عضويا، و التي تحيل على موضوع محدد، و ترتبط بحقل ثقافي معين.
    • برهان: هو استنتاج يقيني ، أي انتقال من مقدمات يقينية بذاتها إلى نتائج يقينية وفقا لقواعد المنطق و مبادئه.

    2- لقد ارتبطت الفلسفة بالكتابة ذلك أن اللغة الفلسفية هي عبارة عن نصوص مكتوبة، فالعلاقة بينهما هي علاقة تكامل؛ إذ أن خصائص النص المكتوب من دقة و إيجاز هي نفسها خصائص اللغة الفلسفية. كما أنها علاقة تضمن؛ إذ كل واحد منهما يشتمل على الآخر و يحتويه.

    3- ميثوس و لوغوس ← علاقة تضاد.
    - شفوي و مكتوب ← علاقة تعارض.
    - الأسطورة و السرد ← علاقة تضمن.
    - اللوغوس و الكرهات ← علاقة تضمن.
    - الإغراء و الجدية ← علاقة تنافر.

    استنتاج :

    لقد ظهرت الفلسفة كتفكير جديد في مواجهة الفكر الأسطوري. فإذا كان التفكير الأسطوري تفكيرا شفويا يعتمد على الإغراء و السرد الحكائي الخيالي، فإن التفكير الفلسفي على العكس من ذلك هو خطاب مكتوب يعتمد على الدقة في التعبير و استخدام الأساليب الحجاجية البرهانية .هكذا فالعلاقة بينهما هي علاقة تضاد و تعارض و تنافر.


    ІІ- بداية فعل التفلسف:


    • نص لفريدريك نيتشه : (ص 15 ):

    * مؤلف النص :
    هو الفيلسوف الألماني فريدريك F. Nietzsche (1900 – 1844 ) يعتبر من رواد الفكر الفلسفي المعاصر من أهم مؤلفاته (العلم المرح – أفول الأصنام – هكذا تكلم زرادشت).

    - الشرح الإجمالي للنص:

    يتناول نيتشه في هذا النص تأمل عبارة طاليس (الماء أصل كل الأشياء)، و يعتبرها فكرة غريبة و مع ذلك يجب التوقف عندها و أخذها مأخذ الجد، و ذلك لثلاثة أسباب رئيسية : الأول : أنها تتناول أصل الأشياء، و الثاني أنها تبتعد عن السرد الخيالي الأسطوري،و الثالث : أنها تتضمن فكرة الكل واحد. و يرى نيتشه أنه بحسب السبب الأول لازال طاليس معدودا على الكتاب الخرافيين، و بحسب السبب الثاني فإن طاليس ينتمي إلى طائفة علماء الطبيعة، أما حسب السبب الثالث فيصبح طاليس أول فيلسوف يوناني .
    و قد بين نيتشه أن التجارب العلمية و لو البسيطة التي كان بإمكان طاليس القيام بها، لم تكن تسمح بالوصول إلى هذه النتيجة المتمثلة في القول بأن الكل واحد. إنها إذا صادرة عن حدس فلسفي، و هي التي جعلت طاليس بحق أول فيلسوف يوناني.


    1- الإجابة عن أسئلة الفهم:


    1- الفكرة الغريبة التي يتحدث عنها النص هي : الماء أصل كل الأشياء. و هناك ثلاثة أسباب جعلت صاحب النص يفسر هذه الفكرة:
    • السبب الأول : أنها تتناول أصل الأشياء.
    • السبب الثاني : أنها تبتعد عن السرد الخيالي.
    • السبب الثالث : أنها تتضمن فكرة الكل واحد.

    2- لقد اعتبر نيتشه طاليس أول فيلسوف لأنه أرجع الكل إلى الواحد عن طريق نوع من الحدس الفلسفي، ولأن التفسيرات العلمية الاختبارية لم يكن بإمكانها إثبات ذلك.

    3- تدل عبارة الكل واحد على رغبة الفيلسوف في إرجاع الكثرة الموجودة في الكون إلى عنصر طبيعي واحد هو الماء – الهواء – النار – التربة…


    2- الإجابة عن أسئلة الإطار المفاهيمي :
    • الأصل ← مصدر تكون الأشياء
    • الماء ← عنصر فيزيائي طبيعي.
    • المسلمة ← الفرضية التي ينبني عليها الاستدلال.
    • التحولات الفيزيائية ← الصفات التي يتخذها عنصر طبيعي في انتقاله من حالة إلى أخرى.
    • المبدأ ← الأسباب الذي تقوم عليه فكرة ما.

    2- العلاقة بين الماء كعنصر طبيعي و الماء كمبدأ هي علاقة انتقال من الحسي إلى المجرد.

    خلاصة عامة للمحور الأول:

    لقد كانت البدايات الأولى للتفكير الفلسفي عند اليونان في القرن 6 ق م، مع من كان يطلق عليهم اسم الحكماء الطبيعيين أمثال طاليس و هيرقليطس. و قد ساهمت عدة عوامل في ظهور الفلسفة : منها استفادتهم من ثقافات و علوم الحضارات الشرقية القديمة كالفرعونية و البابلية. كما ارتبط ظهور الفلسفة بظهور نظام الدولة المدينة كنظام سياسي ديمقراطي عرف جدلا و حوارا و حرية في التعبير، و استخدام الأساليب الحجاجية البرهانية، أما الأسطورة فهي تفكير شفوي يعتمد على الإغراء و السرد الحكائي.
    و قد تجلت بداية الفلسفة في البحث عن مبدأ و أصل الكون. و يعني المبدأ إرجاع ظواهر الكون إلى عنصر منظم و مفسر هو الواحد.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08 2024, 01:23