منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  710
    عارضة الطاقة :
    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Left_bar_bleue90 / 10090 / 100ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Empty ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )

    مُساهمة من طرف Admin السبت أبريل 09 2011, 10:35

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )

    العرب السنة في العراق.. المخاوف والتحديات
    بقلم ياسر الزعاترة

    من الواضح أن الأسئلة المطروحة عن العرب السنة في العراق (حاضرهم، دورهم، مقاومتهم، مستقبلهم) لم تعد حكرا على أهل السنة في العالم العربي والإسلامي، وقبل ذلك داخل العراق، بل هي كذلك في أوساط المحتلين الأميركيين والبريطانيين أنفسهم، ومعهم الدوائر الأخرى في المعادلة العراقية.

    في البداية، لا بد من الإشارة إلى عدد من المقولات التي أحاطت بمسألة العرب السنة ورسمت مسارات التعامل مع قضيتهم منذ مجيء الاحتلال إلى أرض العراق، ولعل أهمها ما يتصل بعلاقتهم بالنظام السابق.

    فقد ساد خلال الشهور التالية لغياب نظام الرئيس العراقي صدام حسين خطاب لم يكن جديدا خارج العراق، لكنه بات أكثر شيوعا حتى غدا أقرب إلى المسلمة منه إلى الموضوعة القابلة للنقاش حيث روج كثيرون مقولة إن نظام صدام حسين كان طائفيا سنيا وإن العرب السنة قد تمتعوا بخيراته خلافا للشيعة والأكراد الذين ذاقوا ويلاته على نحو مميز.

    واقع الحال هو أن نظام صدام لم يكن طائفيا ولا سنيا، بل إن جذور حزب البعث كانت شيعية كما تقول مراحله الأولى، لكن الموقف انقلب إثر الحرب العراقية الإيرانية حيث حامت الشكوك حول موقف الشيعة منها، فبدأت عملية إقصائهم وتهميشهم. والخلاصة أن نظام صدام كان فئويا يمنح الموالي ويطارد المعارض حتى لو كان أخا شقيقا، ومسيرة الرجل مع أقاربه تؤكد ذلك على نحو واضح.

    لا ينفي ذلك بالطبع أن العرب السنة استفادوا من عطايا النظام، ولكنها فائدة محدودة إذا ما قيست بتضحياتهم المفروضة في حرب العراق والكويت وسنوات الحصار، وإن شمل ذلك الجميع. والحال أنها امتيازات جاءت عقب قناعتهم بعدم وجود إمكانية لتحدي النظام. أما من تحداه منهم فقد تحول إلى عظام في المقابر الجماعية التي لم ولن يتوفر من يفرق فيها بين عظام سني وشيعي وكردي.

    الإشكالية الأخرى في مسألة العرب السنة تتصل بنسبتهم في المجتمع العراقي، ففي الخطاب الشيعي لا يصل عدد العرب السنة بحال من الأحوال حدود الـ20% من السكان، وهو الأمر الشائع في أوساط الاحتلال والأكراد أيضا.

    ومن المؤكد أن أحدا لا يملك إحصاءات دقيقة عن نسبة أي فئة من مجموع السكان، لكن معطيات كثيرة -منها إحصاءات بطاقات التموين وسوى ذلك من المؤشرات كما هو حال إحصاء 1997 الذي لم يكن طائفيا- أعطت بعض الدلالات من خلال مناطق السكن.

    كل ذلك يشير إلى أن نسبة العرب السنة قد تصل حدود الـ40% من السكان، وحتى لو لم يكونوا كذلك فإنهم ليسوا بالتأكيد 20% فقط. على أن من المرجح أنهم سيكونون أقلية قياسا للشيعة في حال أخذ الأكراد مناطقهم واستقلوا على أساس ما فدرالي أو غير ذلك، لا سيما وأن عراقيين شيعة ممن طردهم صدام إلى إيران أو فروا إلى الخارج قد عادوا، وهؤلاء لم يكونوا جزءا من إحصاء 1997 ولم يدخلوا في حسبة البطاقات التموينية.


    جاءت لعبة توزيع "المغانم" لتعتمد المقولة السائدة عن نسبتهم أي 20% كما تبدى في تركيبة مجلس الحكم، حيث حصلوا على خمس مقاعد من أصل خمسة وعشرين مقعدا، لكن الأهم من ذلك هو أن تمثيلهم كان هامشيا ولا يعبر عنهم بحال من الأحوال.

    وباستثناء ممثل الحزب الإسلامي محسن عبد الحميد لم يكن هناك رموز ذات وزن، فسمير شاكر ونصير الجادرجي شيوعيان سابقان، وعدنان الباجه جي ليبرالي لا حضور له في الساحة الشعبية، وكذلك حال غازي الياور الذي يمثل أحد أفخاذ قبيلة شمر ولا يحظى برضا شيوخ العشيرة. وهنا شعر العرب السنة أنهم لم يهمشوا على صعيد النسبة فقط بل على صعيد طبيعة التمثيل وقوته وحيويته وتعبيره عنهم وعن هواجسهم وهويتهم قياساً بالآخرين شيعة وأكراد.

    موقفهم من المقاومة

    من المؤكد أن اندلاع المقاومة فيما بات يعرف بالمثلث السني كان سابقا على إنشاء مجلس الحكم في الثالث عشر من يونيو/ حزيران، بل إن المراقبين رأوا أن إنشائه جاء نتيجة للمقاومة وضغوطها.

    لكن التوزيعة المذكورة ومعها إجراءات حل الجيش والوزارات وبداية وضوح عملية التهميش دفعت العرب السنة إلى الانحياز سريعا لخيار المقاومة ومده بأدوات الاستمرار والصمود، وجاءت سياسات القمع والتنكيل التي مارسها الاحتلال بحقهم لتزيد في انحيازهم للمقاومة.

    ويوما بعد يوم كان خيار المقاومة في أوساط العرب السنة يتجذر، وقد جاء غياب صدام حسين ليزيح عنهم عبئا كان يلاحقهم، فالارتباط السابق به كان تاريخا يطاردهم، وكذلك حال الارتباط به من خلال أعمال المقاومة، وقد تأكد ذلك إثر تزايد أعمال المقاومة بعد اعتقاله وليس تراجعها كما توقع الكثيرون.

    في ضوء انحياز العرب السنة للمقاومة بدأت مقترحات التعامل معهم تخرج إلى العلن، وقد برز على هذا الصعيد توجهان، الأول قاده تيار الخارجية الأميركية وفصل فيه ريتشارد أرميتاج مساعد كولن باول، ودعمه ممثل بريطانيا في سلطة التحالف، ويقوم على دمج العرب السنة في السلطة لإبعادهم عن المقاومة.

    أما التوجه الثاني فجاء من خلال مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" بقلم "ليزلي غيلب" نشره في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 وكان بعنوان "حل الثلاث دول". والمذكور هو الرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية، وقد رأى مراقبون في المقال بداية تحول في مواقف صقور الإدارة الأميركية باتجاه تبني ذلك المسار في التعامل مع معضلة العرب السنة.

    مسار الخارجية الأميركية يبدو واضحا في فكرته إلى حد كبير، أما المسار الآخر فيقوم على تقسيم العراق إلى ثلاث دول: دولتين قويتين شيعية في الجنوب وكردية في الشمال، ودولة ثالثة ضعيفة للعرب السنة في الوسط، حيث وصفهم صاحب المقال بأولاد العم الفقراء الذين سيحشرون في الوسط ما يسهل التعامل معهم أو بالأحرى معاقبتهم.

    حتى الآن يبدو أن المسار الأول هو المعتمد، إذ تجري عملية شراء واسعة لرموز من السنة أكثرهم كانوا على صلة بالنظام السابق ومن عناصر الجيش والاستخبارات، إضافة إلى موظفين كبار، بل وأئمة مساجد أيضا.

    ولا يعرف بالطبع إذا ما كان الفشل في هذا المسار سيدفع نحو تبني الآخر أم لا. والحال أن موقف الشيعة ربما كان رافضا لذلك على اعتبار أنهم يريدون كل العراق ما عدا منطقة الأكراد وليس الجنوب فقط، فضلا عن موقف تركيا من دولة الأكراد، إلى غير ذلك من التعقيدات التي قد تجعل تطبيقه صعبا.

    في كل الأحوال فإن مساعي الأميركان لوقف المقاومة في المثلث السني بهذه الطريقة أو تلك لن تكون مجدية. صحيح أن الإجراءات المذكورة بالبيع والشراء وتجنيد العملاء على الطريقة الإسرائيلية ستصيب المقاومة في بعض عناصر قوتها وقد تشكل عبئا ما عليها، لكن ذلك لن يكون كافيا لوقفها، لا سيما وهي تكتسب كل يوم مزيدا من الأنصار في ذات الوقت الذي قد يتراجع فيه حجم العداء لها بعد اتضاح بعدها عن النظام السابق ومخاوف عودته بعد اعتقال صدام حسين، ونعني بالعداء ذلك الذي ساد في أوساط الشيعة والأكراد الذين كانوا يرونها محاولة لإعادة النظام السابق.

    طوال شهور كان العرب السنة يقاومون ويشعرون بالقوة والاعتزاز بمقاومتهم، لكنهم في المقابل كانوا يعانون سواء من إجراءات الاحتلال التعسفية أو من عدم وجود إسناد سياسي خارجي لهم أو من عنف الآخرين في الساحة العراقية.

    وقد عبر أحد رموز هيئة علماء المسلمين عن بعض المخاوف في لقاء له مع مبعوثين إيرانيين جاؤوا ضمن مساع للجم عناصر الاشتباك بين المسلمين، حيث ذهب إلى أن اغتيال البعثيين السنة دون سواهم لا يمكن أن يكون مقبولا بحال من الأحوال، كما أن مصادرة المساجد مشكلة أخرى، فضلا عن فتاوى هدر دم أي شيعي يتبنى المذهب السني.

    لقد عانى العرب السنة من موجة اغتيالات مسكوت عنها في وسائل الإعلام تجري يوميا، وبالطبع تحت لافتة العضوية في حزب كان في السلطة لخمس وثلاثين عاما، كما كان دمويا قمعيا يلجأ الناس إليه من أجل العيش لا قناعة بطروحاته.

    لا شك في أن دور الشرطة وحديث المليشيات الشيعية والكردية قد أصاب السنة بالذعر، لكن التراجع عنه كان صائبا. وفي كل الأحوال يمكن القول إن المقاومة كلفت العرب السنة الكثير من التضحيات، لكنها منحتهم في المقابل الكثير من مشاعر القوة بعد موجة خوف كبيرة لاسيما بعد سقوط النظام، ليس لارتباطهم به، وإنما لقناعة الآخرين بذلك.

    وجاء تشكيل مجلس شورى أهل السنة والجماعة مؤخرا كخطوة مهمة لإيجاد مرجعية للسنة في العراق، لاسيما في ضوء هيمنة "المراجع" على الوضع في الجانب الشيعي، ونظرا لعدم وجود قوة سياسية تمثل السنة، وذلك بعد أن انخرط الحزب الوحيد صاحب القاعدة الشعبية في مجلس الحكم، وهو الحزب الإسلامي.

    لا شك في أن تجاوز علماء السنة (إخوان مسلمون، سلفيون، صوفيون، مستقلون) لخلافاتهم والخروج بالمجلس الجديد يشكل نقلة مهمة على صعيد مواجهة الموقف على الأرض، بيد أن ذلك سيبقى في حاجة إلى تفعيل.

    والحال أن المجلس جاء استمرارا لحيوية هيئة علماء المسلمين التي ملأت الفراغ في أوساط السنة، لاسيما بوجود رموز أقوياء لهم حضورهم الشعبي من أمثال الشيخ حارث الضاري والشيخ عبد السلام الكبيسي وآخرين.

    وجاء اعتقال الشيخ الصميدعي من التيار السلفي ليؤكد أن خطوة تشكيل المجلس ستترك آثارا على نمط تعامل الاحتلال مع العلماء، لاسيما وقد سبقه إلى السجن عدد من رموز علماء التيار الإخواني والصوفي.

    الموقف العربي والإسلامي

    لا شك في أن العرب السنة يشعرون باليتم رغم شعورهم بأنهم أقوياء بالمقاومة، ذلك أن دعمهم حتى الآن لم يأت من القوى الشعبية، لاسيما الإسلامية، ولا من الأنظمة الخائفة من الولايات المتحدة.

    ما من شك في أن عدم توفر رموز سياسية لهم قد صعب العملية، لكن ذلك يجب أن لا ينسحب على المواقف السياسية للقوى العربية والإسلامية والأنظمة. والحال أن الرموز المذكورة لن تتوفر بسهولة، لاسيما إذا تبنت موقفا داعما للمقاومة بسبب مخاطر اعتقالها سريعا، لكن التعامل مع هيئة علماء المسلمين ومجلس الشورى الجديد يشكل حلا معقولا، خاصة وأن موقفهم من المقاومة إيجابي ومدافع، حتى لو لم يتبنوها علنا.

    العرب السنة في العراق هم أحرص الناس على الوحدة والانتماء إلى الأمة العربية، ولا بد من دعمهم، من دون أن يعني ذلك موقفا مضادا للآخرين، لكن للشيعة سند إيراني، والأكراد متحالفون مع الولايات المتحدة.

    والحال أن معظم الشيعة ليسو انفصاليين، ولا شك في أن تفاهما معهم ومع إيران قد يؤدي إلى جمع كلمة المسلمين في العراق على نحو طيب. ولا حاجة للقول هنا إن أحدا لا يتحدث عن مواقف طائفية محسومة، فداخل كل مجموعة هناك مواقف من اليمين إلى اليسار، لكن دعم الخارج العربي والإسلامي للقوى العروبية الإسلامية، إلى جانب دعم فكرة الحوار والتفاهم بين الجميع قد تحفظ على العراق وحدته وعلى العراقيين مصالحهم، لاسيما وهم مجمعون على رحيل الاحتلال عن بلادهم بصرف النظر عن نهجهم الحالي في التعامل معه.

    المصدر : الجزيرة نت ، نقلاً عن شبكة الأحرار
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  710
    عارضة الطاقة :
    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Left_bar_bleue90 / 10090 / 100ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    ملف العراق الجريح ( قراءات سياسية مميزة )  Empty العراق‏..‏ يعيش حرب أخري اسمها الدمار البيئي

    مُساهمة من طرف Admin السبت أبريل 09 2011, 10:36

    العراق‏..‏ يعيش حرب أخري اسمها الدمار البيئي

    حرص برنامج الأمم المتحدة للبيئة‏(‏اليونيب‏),‏ ومقره نيروبي ـ كينيا ـ علي اصدار دراسة خاصة بالوضع البيئي في العراق‏,‏ وهي تعكس الوضع الانساني المتردي للشعب العراقي الذي امتهن بوضع انساني صعب للغاية منذ أكثر من عقدين من الزمان‏.‏
    الدراسة في حقيقة الوضع هي أشبه بمراجعة سريعة للقضايا البيئية الرئيسية وتشخيص للتحديات البيئية الرئيسية والمخاطر التي تحاصر الانسان وتهدد صحته‏.‏

    وثمة تحديات سبعة تمثل بؤر التحدي الحقيقي ولعل من أهمها مصادر المياه‏,‏ لقد تدهور الوضع المائي في العراق نتيجة مضاعفة عدد السدود علي نهري دجلة والفرات والأنهار الأخري المغذية لها وعلي الأخص عند منابع الأنهار مما ساهم في حدوث الكارثة البيئية الكبري بالنسبة للمياه‏,‏ والتي أدت الي تجفيف مايعادل‏18‏ ألف كيلو متر من الأهوار التي تعتبر موئلا مناسبا وخصبا لأنواع من النباتات والحيونات والأسماك النادرة التي تنفرد بها الأهوار ولاتتوفر في أماكن أخري‏,‏ لأن طبيعة الأهوار تعد مقرا دافئا للطيور المهاجرة فضلا عن كونها موطنا للآلاف من عرب الأهوار الذين يحملون تاريخا ممتدا عبر آلاف السنين والذي ارتبط تراثهم بتاريخ العراق العريق‏,‏ والأهم من كل هذا أن هذه الأهوار كانت تغذي الخليج العربي عبر الأنهار والقنوات بالمواد المغذية للأسماك المهاجرة مكونة نظاما بيئيا فريدا بالغ التعقيد ونسج كلاهما‏(‏ التراث البيئي‏,‏ والتراث الانساني‏)‏ ملحمة جميلة فقدناها‏!‏ وقد أهملت قنوات الري والصرف بسبب الحروب مما أدي الي غياب تاريخ بني حضارة انسانية علي ضفافها‏,‏ اضف الي ذلك تدهور محطات المعالجة للصرف الصحي وتراكم النفايات والقمامة‏,‏ مما أدي الي اصابة الممرات المائية بالانسداد بل وتلوث مياه الأنهار وأصبحت بؤرا للأوبئة تفتك بالأطفال‏,‏ ونتيجة انشغال الدولة بالحروب انعدمت شبكات توزيع المياه العذبة‏,‏ وأصيبت بالترهل وعجزت عن مد المياه لمناطق السكان الجدد وبالقطع أدي هذا الوضع المتردي الي مشاكل في قطاع الزراعة‏,‏ ساهم في استخدام أساليب جائرة غير قابلة للاستدامة مما نتج عنه هدر وتملح نتيجة الري بالغمر‏.‏

    مدافن عشوائية للقمامة
    ومن الطبيعي أن تتداعي الأنظـمة وراء الأخري‏,‏ لأنها منظومة الحياة‏,‏ وكان أول هذه الأنظمة جمع النفايات وادارتها‏,‏ فالرجال مشغولون بالحرب‏,‏ وتحولت مساحات شاسعة حول المدن الي مدافن عشوائية للقمامة والنفايات الكيماوية الخطرة الناتجة عن العمليات الصناعية والزراعية‏,‏ ومخلفات بعض المستشفيات‏,‏ ومواد مشعة خاصة بالتحاليل الطبية‏,‏ أضف الي ذلك أن ملوثات النفط واهمال المتابعة قد أديا الي تلوث التربة والمياه السطحية والجوفية بالنفط‏,‏ وكل مشتقاته وعلي الأخص في المناطق المحيطة بمناطق الانتاج والآبار والحفر والاستخراج والتصنيع والنقل والتصدير‏!‏ ولعل من أخطر ماتعرضت له الأرض العراقية هو فقدان المخزون الجيني لأنواع التنوع البيولوجي‏,‏ وموت المحميات الطبيعية فقد تمثل التدهور في مساحات شاسعة حيث اختفت غابات النخيل من الجنوب‏,‏ وتحولت الي نباتات يغطيها الملح وبدأت الأراضي تتصحر‏,‏ وحتي معدلات مواسم سقوط الأمطار انحسرت وهذا معناه في عرف رجال البيئة والتنوع البيولوجي اختفاء أنواع فريدة من النباتات والحيوانات التي كانت تتخذ هذه المناطق موئلا لها‏.‏

    ماذا فعلت حرب الخليج الأولي؟
    الأمر المؤكد أن العراق عاش اقتصاد الحرب منذ اندلاع حرب الخليج الأولي‏(80‏ ـ‏1988)‏ فبالاضافة الي مقتل أكثر من مليونو نسمة بين الجانبين العراقي والايراني‏,‏ وتدمير الاقتصاد الوطني واغراق العراق في الديون‏,‏ ودمار بيئي وكوارث انسانية‏,‏ وتدمير للبيئة الأساسية للدولتين‏,‏ فقد نجم عن العمليات العسكرية ازالة غابات النخيل الموروث النادر للعراق ولاسيما في المناطق المحيطة بشط العرب‏,‏ بينما أدي القصف المتبادل بين الجيشين المتحاربين الي تدمير المنشآت النفطية والصناعية الهامة بما في ذلك مناطق تصنيع النفط والحقول البحرية في الخليج‏,‏ ومصافي البترول في المدن الساحلية والموانيء وغرق العشرات من السفن والناقلات في المواني والممرات المائية‏.‏
    والأمر المؤلم ان هذه الحرب تبارت فيها العقول لتشهد أوسع نطاق لاستخدام الأسلحة الكيميائية وغازات الأعصاب مثل‏(‏ غاز الخردل‏,‏ الساريد‏,‏ اليوبان‏)‏ وهي غازات أودت بحياة الآلاف من العسكريين والمدنيين أيضا هذا عدا التشوهات والاعاقة‏..‏ أضف الي هذا أن ظروف الحرب فرضت وضعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا في العراق أدي الي هيمنة أنظمة الاستخبارات تحت غطاء الأمن القومي للوطن‏,‏ نتج عنه اعتقال وتشريد الآلاف من العراقيين العاملين في النشاط الانتاجي والتخطيط‏.‏

    وماذا فعلت حرب الخليج الثانية؟
    هذه الحرب منذ بدايتها حققت دمارا واسع النطاق في الكويت وتمثل في تدهور التربة نتيجة لحركة الآليات والمجنزرات وزرع الألغام والتحصينات والدشم‏,‏ العشوائية وتدمير المنشآت الصناعية والمدنية والحيوية وانتهت بحرق مئات من آبار النفط‏(700‏ بئر‏)‏ وتسرب ملايين الأطنان من النفط الخام بالبيئة البحرية‏.‏ ولعل الذخائر المحتوية علي اليورانيوم المنضب‏(200‏ كيلو‏)‏ واستخدام حوالي‏1,6‏ مليون لغم‏,‏ وتخلف‏50‏ ألفا من الذخائر الأخري التي لم تتفجر‏.‏ وقد اعترفت المؤسسات الدولية بأن هجوم القوات المتحالفة علي العراق أدي الي قصف‏3‏ منشآت نووية‏,‏ وستة مواقع للأسلحة الكيمائية‏,‏ وستة مواقع أخري للأسلحة البيولوجية‏,‏ هذا عدا‏30‏ منصة ثابتة لصواريخ سكود ومائة منصة متحركة أضف الي هذا تدمير خمسة مصانع للبترول وأكثر من نصف محطات توليد الطاقة بالاضافة الي مصانع الأسلحة والكلور والفوسفات والأدوية‏,‏ ومحطات معالجة المياه والصرف الصحي‏,‏ كل هذا ساعد علي مضاعفة تلوث الهواء والمياه والتربة‏(‏المياه الجوفية‏),‏ بالمواد الكيميائية في ظل الظروف المناخية والطبيعية والجغرافية الصعبة‏.‏

    الحرب علي العراق
    وقد استكملت فصول المسرحية التراجيدية وجاء الفصل الثالث منها والذي استغرق عرضه ثلاثة أسابيع‏,‏ حيث جاء مسرح العمليات هذه المرة علي الأراضي العراقية نفسها وداخل المدن الكبيرة‏,‏ التي كانت هدفا مكثفا لعمليات قصف علي المواقع العسكرية داخل المدن والمناطق السكانية الكثيفة وهر أمر لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية لاسيما أنه صاحبها اشعال حرائق نفطية وخنادق نفطية حول بغداد‏,‏ والمدن الكبري‏,‏ وتم اشعال حوالي‏13‏ بئرا نفطية في حقول الرميلة وشملت ذخائر محتوية علي اليورانيوم المنضب‏,‏ سواء من الطيران أو الدبابات والقصف استهدف المنشآت العسكرية والمناطق الصناعية وظهرت حرائق النفط في بغداد والموصل والبصرة وحولها الأمر الذي عرض الانسان لخطر داهم من مخلفات ومكونات البترول بالاضافة الي مواد كيمائية أخري يصعب تحديدها بالمسح العلمي العادي‏.‏

    مسرح العمليات ونوع التدمير
    واذا كانت الحرب علي العراق تميزت بحشد كل أنواع وفنون الحرب في التحصين والدفاع والانزال فان مسرح العمليات في النهاية هو الذي حدد نوع التدهور البيئي‏,‏ كذلك انواع الأسلحة فهي شيء مهم لمواجهة كيف يتم ازالة التلوث كما أن مدة اشعال الحرب لها دور فمثلا اطالة مدة الحرب يجعل انبعاثات غاز الكبريت وأكاسيده تزيد نسبتها في الجو بحيث تصل لأكثر من‏9%‏ لأن هناك أجزاء من آبار البترول لاتشتعل‏,‏ كما أن هناك بحيرات نفطية تجمعت من آبار لم تشتعل في حرب المقاومة‏,‏ ومن حسن الطالع أن الحرب لم تستمر طويلا بسقوط بغداد والا تم تدمير عاصمة الرشيد بآثارها القيمة وتذهب بعيدا عن البترول وآثاره المدمرة‏,‏ ونطل علي الأرض وهرس المجنزرات والمعدات الثقيلة ومفرمة ايكولوجي الصحراء الهش‏,‏ بينما الانفجارات الثقيلة تؤدي الي تفجيرات غيرت من الطبقات الجيولوجية‏,‏ وجعلت المياه الجوفية تهرب الي أعماق سحيقة في الأرض‏,‏ وبعيدا عن التفجيرات فان ارتفاع درجة الحرارة في منطقة الخليج يؤدي الي زيادة نسبة التحلل‏,‏ ويعجل من سرعته مع العلم بأن نسبة التحلل في صحراء الخليج تستغرق واحدا علي عشرة من الزمن الذي يتم استغراقه في المناطق الباردة في أوروبا مثلا مع العلم بأن خيار الحرب في القرن‏21,‏ رهيب لأن الأسلحة تطورت وأصبحت الأكثر دمارا للانسان والبيئة‏,‏ وقد يمتد الدمار لسنوات طويلة في البر والبحر‏,‏ وهو الأمر الذي أدي إلي مضاعفة نفقات التسليح لتجاوز الـ‏400‏ بليون دولار في السنة‏,‏ وهو رقم تجاوز نفقات الصحة والتعليم لعشر سنوات في دول نامية كثيرة ولكن ينبغي أن نعلم أنها تجارة السلاح واستثماراتها في الغرب‏,‏ والتي تشجع القلاقل علي الحدود وتثير النعرات العرقية‏,‏ وتغذي التطرف الديني وتصلي نار الحروب‏.‏
    وفي دراسة أخري عن أثر عجلة الحرب علي حركة مياه الخليج‏,‏ لأنها حركة بطيئة ومتواصلة وعكس عقارب الساعة وهنا يتوقف عليها أسلوب نقل الملوثات التي سوف تؤثر علي نسبة‏40%‏ من المساحة الكلية للخليج‏.‏






    كتب : وجدي رياض
    مركز الدراسات - الأهرام



      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10 2024, 05:32