منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام 710
    عارضة الطاقة :
    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Empty الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يونيو 03 2011, 10:07

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    أطروحة صلاح عباس حسن السوداني

    دكتوراه فلسفة في التاريخ الإسلامي2002م

    كلية التربية ( ابن رشد ) جامعة بغداد

    إشراف الأستــــاذة نبيلة عبد المنعم داود




    بسم الله الرحمن الرحيم

    كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
    صدق الله العظيم
    (آل عمران الآية 110 )
    ---------------
    بسم الله الرحمن الرحيم
    يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير

    صدق الله العظيم ( الحجرات الاية 49 )


    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة

    الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافيء مزيده ، والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم انبيائه ورسله محمد الامين صلى الله عليه وآله وسلم .

    يستثير البحث في التاريخ الاجتماعي للعرب في عصر ما قبل الإسلام اليوم، ودراسة المنابع الأولى لحضارتهم اهتمام الكثير من أبناء الأمة العربية ، ممن يتطلعون الى التعمق في معرفة ماضي أمتهم العربية ، ومنبت قوميتهم، والتزود من أحداث الماضي ووقائعه ، بعبرات ، ومواعظ ، من تجارب أجدادهم بدروس قد تعينهم في الوقت الحاضر على أدراك تراثهم القديم الحافل بالأمجاد . ولاشك ان تاريخ العرب قبل الإسلام من الموضوعات الهامة بنسبة لتاريخ العرب العام ، وتاريخهم الإسلامي بوجه خاص ، لانه الأساس لهذا التاريخ وركيزته التي يقوم عليها ، اذ لايمكن تفسير كثير من الظواهر الاجتماعية ، والاقتصادية في العصر الإسلامي الا اذا بحثنا عن اصولها القديمة في عصر ما قبل الإسلام .

    وللاسف تفتقر مكتباتنا الى هذا النوع من الدراسات فلم يصدر عن تاريخ العرب قبل الإسلام من المصنفات العربية الحديثة سوى عدد قليل من البحوث تعد على اصابع اليد ، ويكاد يكون ابرزها جميعاً ثمانية اجزاء ضخمة قدمها الاستاذ المرحوم الدكتور جواد علي ، وعدت المرجع العلمي الاول بتاريخ العرب قبل الإسلام ، فضلاً عن بحوث اخرى قليلة منها كتابي احمد ابراهيم (الشريف مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول) ، (وكتاب تاريخ العرب قبل الاسلام ) للسيد عبدالعزيز سالم ، (وكتاب تاريخ العرب القديم) للدكتور محمد مهران بيومي ، (ومحاضرات في تاريخ العرب قبل الاسلام ) للدكتور صالح احمد العلي ، فضلاً عن دراسات اخرى لكنها قليلة كما ذكرنا سابقاً ، واذا استثنينا المفصل في تاريخ العرب للدكتور جواد علي فان اهم مايميز هذه المراجع تناولها لتاريخ العرب السياسي تحديداً دون الاخذ بالحسبان الجوانب الاخرى المشرقة من تاريخ هذه الامة العريقة ، ومازال البحث في تاريخ العرب قبل الاسلام ميداناً بكراً يتسع المجال فيه لكثير من الدراسات .

    ان العناية بتاريخ العرب قبل الاسلام على الرغم من صعوبته لكنه يشكل ضرورة علمية وقومية ، فالعرب امة ذات عمق حضاري يمتد الى سالف الدهر ، فتاريخهم ينبغي الاعتناء به ، فهم اهل المآثر واصل الفضائل والمفاخر، بمزاياهم تزينت صفحات الزمن ، وبحميد سجاياهم تبسم وجه الدهر العبوس .

    واردنا هنا التعرض لمسألة مهمة فقد صورت لنا كتب التاريخ ان الحقبة التي سبقت الاسلام تكاد تكون مظلمة ان جاز لنا التعبير سادتها الفوضى والصراعات والحروب والانقسامات الداخلية والثارات ، وظلت هذه الصورة قاتمة عن تاريخ العرب قبل الاسلام ، ايدهم في ذلك المستشرقون ، وقد حاولت هذه الدراسة تسليط الضوء على جانب يعكس التطور الحضاري الذي وصل اليه العربي ، فهل من المعقول ان الله عز وجل قد اختار هذه الامة العظيمة لتكون نبراساً مشعاً لحمل نور الاسلام لكل ارجاء المعمورة مالم تحمل الاساس الحضاري ولديها بوادر النهوض حتى خاطبهم القرآن على ان العرب لم تكن امة مدنية مستنيرة فحسب ، بل تمثلها امة معزولة عن غيرها من الامم .

    من هنا جاءت اهمية هذه الدراسة لاظهار جانب مهم من جوانب حياة العرب ، بل هواهم جوانبها لما يمثله من الرقي والتقدم الذي وصل اليه العرب وبأدق تفاصيل حياته اليومية وعلى كافة الاصعدة سواءاً السياسية منها او الاقتصادية او الثقافية او الدينية ولعل ادق تعبير على ماذهبنا اليه قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ) ([1])وهذا القول لايدعو الى الشك الى ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اراد القول ان ماجاء به من قيم ليس منقطعاً عن القيم التي كانت محور الفعالية الاجتماعية الايجابية قبل الاسلام.ان هذه الحقبة على الرغم مما سادها من حروب داخلية ، فقد نمت فيها قيم تعارف عليها المجتمع العربي ، وقد زكّى بعضها الاسلام واقرها،وعلى الرغم من ان تاريخ امتنا في هذه الحقبة اكتنفه بعض الغموض وهذا يعود لاسباب كثيرة يأتي في اولها عدم تدوينهم تاريخهم بسبب عدم انتشار الكتابة بشكل واسع يسمح بالتدوين ، فضلاً عن ان بلادهم كانت وقفاً عليهم فلم يستطع طامع او دخيل ان يدخل بلادهم فاتحاً ، فقد كانت الصحراء درعاً واقياً لهم ، ان اعتزاز العرب بتراثهم وبأنسابهم جعلهم يتناقلون تاريخهم في هذه الحقبة مشافهة يحفظه جيل عن جيل .ولعل الشعر العربي كان من اكثر الادلة على ماذكرنا ، فكان العرب اما شعراء او ناقلين للشعر ، حتى اوصلوه الى عصر التدوين اذ تمكن المؤرخون من تلمس الحياة العربية من جميع جوانبها .

    لقد كان الاسلام نقطة تحول حاسمة في الحياة العربية ، ولكن ذلك لاينفي القول بان كل ماقدمته الامة تحت ظلال رايته الشريفة غريب عن طبعها جديد على مسيرتها ، انه صدى طموحها ، والمعبر عن هويتها الحضارية التي لم تجد وسيلة شاخصة للتعبير عنها خلال الحقب التي سبقت بزوغ نور الاسلام الا من خلال منافذ حددتها البيئة الطبيعية ومافرضته تلك البيئة من نمط النظام الاجتماعي القبلي .

    من هنا جاءت اهمية الموضوع واختياره ، ولقد واجهت الباحث صعوبات جمة ، منها ندرة المعلومات وشحتها فهي موزعة اشتاتاً متفرقة في بطون الكتب وهذا ما تطلب من الباحث جهود مضنية ، زد على ذلك نظرة المؤرخين الى بلاد العرب كولايات وليس كمدن ، فكانوا ينظرون الى هذه المدن الثلاث على انها بلاد الحجاز ، فضلاً عن وجود هاجس اليأس بعدم وجود المادة الكافية للكتابة في هذا الموضوع ، لكن هذه الصعوبات تذللت بجهود اساتذتي الافاضل وتوجيهاتهم السديدة ، وهذا مااعطى الباحث دافعاً معنوياً لتذليل كل الصعاب ، فالدراسة في الحياة الاجتماعية من المسائل ـ اذا حرص الباحث ان يلم باشتاتها ـ اتسعت ، ـ واذا اراد ان يحيط بتفصيلاتها ـ اعيته ، فهي تلقي على الباحث عبئاً كبيراً في كشفها وتحليل دورها وتقديره وارتباطاتها ورصد تطوراتها .

    والواقع ان التغيرات الاجتماعية يصعب ضبطها وتدقيق مجرى حدوثها ، لانها بطيئة يعيشها الناس ، وقلما ينتبهون اليها او يدونون تفاصيلها وكثيراً ما يضطر المرء الى تصيدها من الجمل العابرة او يستنبطها من دراسة النصوص التي قد تبدو في ظاهرها بعيدة عن الحياة الاجتماعية من هنا فان المسؤولية كبيرة في اعناقنا في ان نجلو ماغمض من تاريخ حضارة امتنا في الحقبة التي سبقت الاسلام ، وهذا لن ينقص من قيمة الاسلام وابراز حضارة الامة التي حملته الى العالم .

    ان موضوع بحثنا موغل في اعماق التاريخ وتمتد حقبة دراستنا لقرنين من الزمن تقريباً قبل ظهور الاسلام ، وقد واجهت الباحث جملة عقبات في جمع مادة البحث من تلك المصادر القليلة والمحدودة جداً ، فباستثناء الاشارات القرآنية ومايحلق بها من معلومات مثبتة في اثناء كتب التفسير ، وتكرر المصادر المعلومات نفسها ، اذ ان بعض المادة التي تخص دراستنا نجدها في مقدمة كتب التاريخ التي تتحدث عن عهد النبوة والاحداث الخاصة بالدعوة الاسلامية .

    وقد توزعت هذه الدراسة الى اربعة فصول :

    شمل الفصل الاول جغرافية الحجاز وماتشكله من اهمية في طباع الانسان فتناولت هذا الفصل بثلاثة مباحث تناول كل مبحث جغرافية المدينة ومناخها ومنازل السكان وتوزيعها . وتعرفنا على طبيعة المدن الثلاث ومواقعها وسكانها ، ثم ادركنا عربية هذه المدن وعراقتها منذ نشأتها ، وكان هذا الفصل يمثل النفوذ الى صلب موضوعنا .

    اما الفصل الثاني فتناولنا فيه القبيلة واثرها في حياة العرب الاجتماعية ، فقد قسم الفصل الى ثلاث مباحث ، فكان المبحث الاول القبيلة ونظامها ، والمتمثل بشيخ القبيلة وطريقة اختياره ومجلس القبيلة والعصبية القبلية واهتمامهم بالانساب . اما المبحث الثاني فقد شمل مظاهر العصبية القبلية ، وقسم الى الثأر والدية والمفاخرات ، اما المبحث الثالث فكان التشكيل الاجتماعي للقبيلة والمتمثل بالصرحاء والموالي والعبيد ، واخيراً شمل هذا المبحث شرائح المجتمع من طبقة الاغنياء وطبقة العامة وطبقة الفقراء .

    اما الفصل الثالث فتطرقت فيه عن الحياة الاسرية ، وقد قسم على ثلاثة مباحث ايضاً شمل المبحث الاول الاسرة ، واهمية الابن ومكانة المرأة ، اما المبحث الثاني فشمل الزواج وانواع الزواج ، اما المبحث الثالث فقد شمل الخطبة والمهر والصداق والطلاق .

    وكان عنوان الفصل الرابع مظاهر الحياة الاجتماعية عند العرب ، وشمل كل الجوانب الاجتماعية في حياة العرب قبل الاسلام والمتمثلة بالاطعمة والاشربة والالبسة والحلي والغناء والموسيقى والافراح والاحزان والمثل والقيم الخلقية عند العرب : من ضيافة ، وشجاعة ، وعفة ، وحرية ، واباء ، ووفاء ، ومساكن العرب ، واثاثاها ، والحياة اليومية ، والنظافة ، واخيراً ختمت هذا الفصل بعقائد العرب الدينية وتأثيرها الاجتماعي . اما بالنسبة للمصادر المستخدمة في دراستنا فيمكن تصنيفها على النحو الآتي :

    لاشك ان القرآن الكريم يعد ادق مايعتمد عليه في صحة المعلومات الوارده، فهو اصدق مرآة لواقع ذلك العصر ومن هنا فقد جاءت اهمية كتب التفسير بعد القرآن الكريم من حيث الاهمية :

    1. كتب التفسير والحديث : يأتي في مقدمتها تفسير الطبري وتفسير الشوكاني ، فضلاً عن تفاسير اخرى مختلفة ، وقد امدتنا هذه التفاسير بالايضاحات حول تفسير السور والآيات القرآنية متضمنة مادة تاريخية مهمة ، ولاسيما في ما يتعلق بنظام الاسرة والامور الشرعية كالزواج والطلاق وغيرها .

    2. كتب السير والمغازي : وكان في مقدمتها كتاب السيرة النبوية لابي محمد بن عبدالملك بن هشام ( ت218هـ ) ، الذي يعد من المصادر الاساسية لهذه الدراسة اذ افدنا منه فيما يخص العلاقات الاجتماعية والسياسية بين مدن الحجاز الثلاث ، ومصدر اهميته تأتي كون المعلومات الوفيرة الموجودة فيه مرتبة ترتيباً زمنياً منسقاً وقد شمل على فصول البحث الاربعة ، فضلاً عن كتاب البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي(ت 774 هـ) ، وكذلك كتاب المغازي للواقدي (ت207هـ) ، وقد افدنا منه بمعلومات كثيرة في مواقع مختلفة من الرسالة .

    3. كتب الانساب والتراجم : ويأتي في مقدمتها كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ( ت230هـ ) ويعد من المصادر الاساسية لهذه الدراسات ، فهو يسلط الاضواء على ابرز الشخصيات في الحجاز عامة ومكة خاصة ، ويتميز بدقة المعلومات ، وكتاب نسب قريش للزبيري (236هـ ) فيما يتعلق بانساب قريش وتقصي بعض العلاقات الاجتماعية بين المدن الثلاث ، وقد انتفعنا بكتاب جمهرة انساب العرب لابن حزم ( ت456هـ ) وكذلك كتاب القلقشندي ( ت821هـ) ، نهاية الارب في معرفة انساب العرب وافدنا منهما في معرفة الكثير من انساب القبائل العربية وتفرعاتها وقد افدنا منه لاسيما في الفصل الاول .

    4. كتب التواريخ المحلية ( تاريخ المدن ) : ويأتي في مقدمتها كتاب اخبار مكة للازرقي (244هـ ) الذي يعد من المصادر المهمة لهذه الدراسة لاسيما مايخص مدينة مكة وكذلك افدنا من كتاب وفاء الوفا في احوال المصطفى للسمهودي (ت911هـ ) يعد كذلك من المصادر المهمة عن تاريخ يثرب ومنازل السكان فيها وتوزيع القبائل .

    5. مصادر الجغرافية والبلدان : وقد شكلت هذه الكتب مصادر اساسية لدراسة جغرافية الحجاز ومدنه ، وقد افدنا من عدة مصادر جغرافية كان في مقدمتها معجم البلدان لياقوت الحموي (ت626هـ ) في اغلب فصول الرسالة وقد امدنا بمعلومات كثيرة عن مدن عربية وقرى تقع بين المدن الثلاث ، فضلاً عن كتب جغرافية اخرى كان لها حضوراً متفاوت الاهمية في فصول الرسالة الاربعة ، كالاعلاق النفيسة لابن رستة (290هـ ) ، والمسالك والممالك لابن خرداذبة (ت300هـ ) ، وقد افدنا من هذه المصادر في الفصل الاول تحديداً .

    6. كتب المعاجم اللغوية والمصادر الادبية : شكلت كتب المعاجم اللغوية فائدة قصوى ، فقد امدتنا بالكثير من المعلومات التاريخية من خلال الكثير من المفردات وتعريفها ، وكان في صدارتها ، لسان العرب لابن منظور (ت711هـ ) والمخصص لابن سيدة ( ت458هـ ) ، وتاج العروس للزبيدي (ت 1205هـ ) ، فضلاً عن الدواوين والمجاميع الشعرية ويأتي في مقدمتها شروح الدواوين لشعراء المعلقات السبع ، زد على ذلك شروحات الحماسة للتبريزي والمرزوقي وكتاب المفضليات للضبي ، ومن المصادر الادبية التي كان لها اهمية كبيرة في جميع فصول الاطروحة تكاد تكون متساوية الاهمية ، كتب ابن قتيبة الدينوري (ت 276هـ) عيون الاخبار ، والمعارف، والشعر والشعراء ، وادب الكاتب ، فقد افدنا منها في بناء العلاقات الاجتماعية القائمة من مأكل وملبس ومفردات الحياة اليومية ، ومن المصادر الادبية الاخرى كتابي البيان والتبين والحيوان للجاحظ (ت255هـ) ، والذي يتسم بثقافته الموسوعية ، والتاريخية ، والادبية مما جعله يتنبه الى كثير من الامور والاحداث بالنقد والتحليل التي تخص المعايير النفسية والاجتماعية وترتبط باحداث ومناسبات معينة ، وكذلك كتاب العقد الفريد لابن عبد ربة الاندلسي (ت328هـ ) ، فقد تطرق لكثير من الجوانب الاجتماعية والتربوية لمجتمع عرب قبل الاسلام ، فضلاً عن كتب ادبية اخرى ككتاب ابو علي القالي الامالي ( ت 356هـ ) ، وذيل الامالي وكتاب العمدة لابن رشيق ( ت 456هـ ) وكتب اخرى اقل اهمية فيما يخص موضوع الدراسة ، وشكل كتاب الامثال للميداني اهمية قصوى لفهم الكثير من جوانب حياة العرب الاجتماعية ، فهو نوع من انواع الحكم السائرة بين الناس يحفظها الناس بسهولة ، وقد افدنا منه في اغلب فصول الاطروحة ، فكان له حضوراً واضحاً فهو بحق الموروث الحضاري الثر للامة لاتقل منزلته عن الشعر .

    7. كتب الحوليات : فقد افدنا من كتاب المسعودي مروج الذهب والتنبيه والاشراف ، في بعض العلاقات الاجتماعية والدينية .

    8. الكتب الموسوعية : فقد افدنا من كتاب الاغاني للاصفهاني (360هـ ) ويعد من المصادر المهمة لهذه الدراسة لكثرة المادة التي جمعت منه ، فقد استفدنا منه في موضوع العلاقات الاجتماعية مما يعكس صور الحياة الاجتماعية في كل مجالاتها .

    9. الكتب المتخصصة : يأتي في مقدمتها كتاب الاصنام لابن الكلبي (ت204هـ) يعد من المصادر المهمة للثقافة الموسوعية ، فضلاً عن اهميته لاعتماد المؤرخين عليه فيما بعد ، على الرغم من قلة المادة التي يشكلها الا انه يحتوي على بعض التفصيلات المتعلقة بحياة العرب الدينية ومعتقداهم .

    10. المراجع الحديثة : قد جاءت الدراسات الحديثة مكملة لما اوردته المصادر فكان لها دور اساس في ابداء وجهات النظر تساعد على فهم طبيعة الموضوع ، ويعد كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ، المرجع الاساس للباحثين ، كونه يعد شاملاً لكل جوانب حياة العرب ، ويأتي بعده من حيث الاهمية كتابي احمد ابراهيم الشريف مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، وكتاب محمد بيومي مهران تاريخ العرب القديم وكتاب الدكتور صالح العلي دولة المدينة في عهد الرسول ( ص ) ومحاضرات في تاريخ العرب قبل الاسلام ، والسيد عبدالعزيز سالم تاريخ العرب قبل الاسلام وعلى الرغم من اهتمام هذه المراجع بالجوانب السياسية للعرب قبل الاسلام لكنها عالجت في مواضع قليلة بعض الجوانب الاجتماعية والدينية ، فضلاً عن المراجع الادبية الحديثة ، فقد شكل كتاب بلوغ الارب للالوسي باجزاءه الثلاث اهمية قصوى افادت الباحث في كثير من فصول الاطروحة ، فضلاً عن كتاب احمد الحوفي الحياة العربية في الشعر الجاهلي والمرأة في الشعر الجاهلي ،زد على ذلك كتب علم الاجتماع ، فقد شكل معجم علم الاجتماع الذي ترجمه الدكتور احسان محمد الحسن ، فائدة وفيرة فمن خلال وجهات نظر علم الاجتماع تمكنا من تكوين صورة واضحة عن حياة العرب الداخلية ( الاسرية ) ، تلك هي مفردات هذه الدراسة التي اهتدى الباحث الى وضعها من اجل الوقوف على الطبيعة الاجتماعية للعرب قبل الاسلام ، فضلاً عن ذلك المقالات المنشورة في المجلات المختلفة والرسائل الجامعية ، ارجو ان اكون قد وفقت في ابراز جانب مهم من الجوانب الحضارية لامتنا العربية الاسلامية ، نسأله تعالى ان يوفقنا الى سبيل الرشاد ومنه تستمد العون والتوفيق واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانام وعلى آله وصحبه الاجلة الكرام ورحمة منه وبركات .

    الباحث

    ([1]) البيهقي ، احمد بن الحسين ( 458هـ ) ، سنن البيهقي الكبرى ، تح : محمد عبدالقادر عطا ، دار الباز ، ( مكة المكرمة ، 1994 ) . ، 10 / 191 .
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام 710
    عارضة الطاقة :
    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Empty رد: الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يونيو 03 2011, 10:09


    الفصل الأول
    جغرافية الحجاز وأثرها في الحياة الاجتماعية



    تمهيد

    ان دراسة تاريخ الأمة العربية التي يعيش أبناؤها في الوقت الحاضر على امتداد الوطن العربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي ضرورية للتعرف الى جهود الإنسان وهو يتفاعل مع بيئته الجغرافية من اجل صنع حاضره وضمان مستقبله عبر المنجزات الحضارية .

    ونظراً لأهمية البيئة الجغرافية على مجمل النشاط الإنساني ، سلباً وايجاباً ، ولان الدراسة تعنى بذلك النشاط ، ارتأينا إلقاء نظره فاحصة على الملامح الطبيعية والأحوال الجغرافية لبلاد الحجاز ، وبيان اثر ذلك على حياة سكانها .

    تعد الجزيرة العربية مهد العرب ومثواهم القديم ، وهي مهد الإسلام الذي يدين به سدس سكان العالم ([1]) في الوقت الحاضر .

    في حين يتفق الجغرافيون العرب ([2]) على ان الحجاز قطعة من جزيرة العرب بل هو أحد أقاليم الجزيرة العربية ، فان اللغويون قد اختلفوا في سبب تسمية بلاد الحجاز بهذا الاسم ، فقالوا : ان الحجاز هو البلد المعروف سُمي بذلك من الحَجزْ الفاصل بين الشيئين ، لانه فصل بين الغور والشام والبادية .

    وقيل لانه حجز بين نجد والسراة ، وقيل : لانه حجز بين تهامة ونجد ، وقيل سمي بذلك لانه حجز بين نجد والغور ، وقال الأصمعي : لان بلاد الحجاز احتجزت بالحرار الخمس ([3]) منها: حرة بني سليم وحرة وأقم ([4]).

    ان الحجاز سميت حجازاً لان الحرار حجزت بينه وبين عالية نجد الى ثنايا ذات عرق ، قال : ومااحتزمت به الحرار الخمس حرة شوران وعامة منازل بني سليم الى المدينة فما احتاز في ذلك الشق كله حجازاً … " ([5]).

    والحجاز عند الجغرافيين جبل السراة وهو اعظم جبال العرب واذكرها ، اقبل من قعرة ([6]) اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام ([7]) .

    يلاحظ ان هنالك من العلماء من زعم ان المدينة ( يثرب ) من نجد لقربها منها ، وان مكة من تهامة اليمن لقربها منها ، ويبدو ان السبب في هذا الخلاف هو ان حدود كل من نجد وتهامة ليست موضع اتفاق بين الجغرافيين العرب ، لذا ذهب بعضهم إلى ان تهامه هي الناحية الجنوبية من الحجاز ([8]).

    غير ان اغلب الجغرافيين العرب يرون ان مكة والمدينة هما من مدن الحجاز ([9]).

    وتضم شبه جزيرة العرب تنوعاً جغرافياً ، ويعد اقليم الحجاز أهم أقاليم الجزيرة العربية ، فالطبيعة فيها ليست واحدة او متماثلة في جميع أرجائها ، فهناك الجبال والبوادي وهنالك الوديان الحاوية بعض المياه المتأتية من الأمطار بالدرجة الأولى ، ومن هنا نرى ان شبه جزيرة العرب صحراء شاسعة في الوسط عديمة الأنهار شحيحة المياه ، الأمر الذي يشجع على الاستقرار .

    وجاءت أهمية الحجاز لوقوع مكة ويثرب ([10]) والطائف . ولابد من الإشارة إلى ان غالبية الجغرافيين لم يجعل الطائف ضمن أقاليم الحجاز ([11]).

    وتضاربت أراء الجغرافيين بهذا الخصوص فمنهم من زعم ان مكة من تهامة وان المدينة من نجد ([12])وذهب آخرون بالقول ([13]) " سمي حجازاً لانه حجز بين تهامة ونجد فمكة تهامية والمدينة حجازية والطائف حجازية " .

    وبحكم موقعه الطبيعي فقد حجز بين المنطقتين النجدية والتهامية فهو حجاز حاجز بين الشرق والغرب ، ويعد حاجزاً بين الشمال والجنوب ([14]).

    وبذلك يعد سهل تهامة الداخل فيه حجازاً ، أي من اقليم الحجاز بدليل ان يثرب والطائف حجازيتان، ومكة تهامية ، وهن جميعهن من أمهات مدن الحجاز .

    وطبيعة اقليم الحجاز متباينة فهي تشمل منطقة سهلية ساحلية ( سهل تهامة ) ومنطقة جبلية هي جزء من جبال السروات ومنطقة نجدية ( هضبة ) الحسمى وأرضها كثيرة الحرار ([15])وتجري الأودية فيها .

    وتسمى هضبة الحسمى هضبة الحجاز وهي كثيرة المياه وأرضيها خصبة ومن جبالها جبل ارم الذي يرتبط بقوم أرم المذكورين في القرآن الكريم بقوله تعالى " الم تر كيف فعل ربك بعاد أرم ذات العماد " ([16]).

    وحولها في الوادي آثار كثيرة منها معبد ، وعدد كبير من الخرائب التي اشتملت على أحجار مكتوبة بالخط المسند وآثار المباني وألواح حجرية استعملت لذبح القرابين وكمناضد لنقود الصيارفة ، مما يدل على حضارة زاهية قامت في المنطقة ([17]).

    ومن اشهر جبال السروات في شمال منطقة الحجاز دباغ يبلغ ارتفاع قمته حوالي 2200م وجبل دفتر وشيبان ، وكذلك جبال يثرب ، ثم ينخفض ارتفاع الجبال عند مكة حتى يصل الى حوالي 200 م وعند الطائف يزداد الارتفاع حتى يصل الى 600م ، وتعد الطائف المنطقة المتوسطة الارتفاع في السروات ([18]).

    وفي الحجاز عدد من القرى والمدن ذات العمق التاريخي ، ولكننا سنذكر المدن الرئيسة فقط ، والتي كانت سبباً في شهرة الحجاز لأهميتها البارزة وهي مكة ويثرب والطائف .

    ويتمتع الحجاز بأهمية تاريخية امتدت تلك الأهمية الى عهود سحيقة ، فكان للحجاز كغيره من مناطق الجزيرة العربية أهمية خاصة ومركزاً ستراتيجياً بين مراكز اعرق الحضارات القديمة في العراق ومصر والشام واليمن ، فقد عده الحكيم هرمس: الإقليم الثاني من أقاليم العالم القديم ، وذكره بطليموس في تقسيمه ([19]).

    وينقسم الحجاز على ثلاث مناطق هي المنطقة الشمالية والمنطقة الوسطى والمنطقة الجنوبية وتمتد المنطقة الشمالية من العقبة إلى يثرب ، وتشمل مدن الحجاز الشمالية وتليها المنطقة الوسطى التي تمتد الى الطائف ، وهذه المنطقة لها أهمية خاصة ، لانها تشمل اهم مدن الحجاز ومنها يثرب ، وميناؤها الجار ثم ينبع ، ومكة وميناؤها الشعيبة ثم جدة ، ثم المنطقة الجنوبية الممتدة من جنوب الطائف الى الليث وتشمل جبال الحجاز الاكثر ارتفاعاً ([20]).

    ولقد ورد الحجاز في كثير من أشعار الشعراء قبل الإسلام ، فقال عنترة بن شداد :

    فبالله يا ريح الحجاز تنفسي على كبدٍ حَرىَ تذوبُ من الوَجدِ ([21])

    وقول لبيد بن ربيعه :

    مُرِّية حَلّتْ يفِيدَ وَجاَورَتْ أهلً الحجازِ فأين مِنْك مَراَمهُا ([22])


    ([1]) الدباغ، مصطفى مراد، جغرافية جزيرة العرب ، ط1 ، دار الطليعة، ( بيروت، 1963 )، ط1 ، ص35 .


    ([2]) ابن الفقيه الهمداني ، ابو بكر احمد بن محمد (290هـ ) ، مختصر كتاب البلدان ، مطبعة بريل ، ( ليدن ، 1883) ، ص 27 ؛ ابن رستة ، ابو علي احمد بن عمر ( 290هـ ) ، الاعلاق النفيسة ، مطبعة بريل ، ( ليدن ، 1891) ، ص311؛ بن خرداذبة ، ابو القاسم عبيد الله بن عبدالله (ت300هـ ) ، المسالك والممالك ، مطبعة بريل ، ( ليدن ، 1889 ) ،ص28؛ الهمداني ، الحسن بن احمد بن يعقوب (ت334هـ ) ، صفة جزيرة العرب ، تح : محمد بن علي الاكوع ، مطابع دار الشؤون الثقافية العامة ، ( بغداد ، 1989) ، ص85 ؛ الاصطخري ، ابو اسحاق ابراهيم بن محمد (ت346هـ ) ، المسالك والممالك ، مطبعة بريل ، (ليدن ،1870) ، ص14 ؛المقدسي ، شمس الدين ابو عبدالله بن احمد المعروف بالبشاري (ت375هـ)،احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، بريل ،( ليدن ، 1906 )، ص69 ؛ البكري ، ابو عبدالله بن عبدالعزيز الأندلسي (ت487هـ )، معجم مااستعجم ، تح : مصطفى السقا ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر،( القاهرة، 1954)، ص10 .


    ([3]) الحرة : ارض ذات أحجار سود نخرة كأنها أحرقت بالنار . والجمع الحرات ، والحرار في بلاد العرب كثيرة ، أكثرها حوالي المدينة الى الشام ، والحرار هي : حرة شوران ، وحرة ليلى ، وحرة واقم، وحرة النار ، وحرة بني سليم . ينظر : ياقوت الحموي ، الشيخ الامام شهاب الدين ابي عبدالله البغدادي ( ت626هـ ) معجم البلدان ، دار صادر ،( بيروت ، 1977 ) ، 2/219ـ245 ، 246ـ250 ) . ينظر : السمهودي ، نور الدين علي بن احمد (ت911هـ ) ، وفاء الوفا باخبار دار المصطفى ، تح : محمد محي الدين عبدالحميد ، دار احياء التراث العربي ، ط1، ( بيروت ، 1955 ) ، 4/1182 .


    ([4]) واقم : اطم من اطام المدينة ( يثرب ) كانه سمي بذلك لحصانته ومعناه انه يرد عن اهله . ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 5/354.


    ([5]) الازهري ، ابو منصور محمد بن احمد (ت370هـ ) ، تهذيب اللغة ، تح : عبدالكريم العرباوي ومحمد على ابن النجار ، مطابع سجل العرب ، ( مصر ، 1978 ) ، 4/122 ؛ ابن منظور ، ابو الفضل جمال الدين بن مكرم (ت711هـ ) ، لسان العرب ، دار صادر ، ( بيروت ، 1968 ) ، 5/331 ( مادة حجز ) .


    ([6]) قعر كل شيء : اقصاه . ينظر : ابن منظور ، لسان العرب ، 5/108 ( مادة قعر ) .


    ([7]) الهمداني ، صفة جزيرة العرب ، ص85 .


    ([8]) البكر، منذر،بحث في جغرافية شبه جزيرة العرب ، مجلة آداب البصرة، عدد 9، لسنة 1974 ، ص50 .


    ([9]) الاصطخري ، المسالك والممالك ، ص21 .


    ([10]) الاصطخري ، المسالك والممالك ، ص21 ؛ حتي ، فيليب وآخرون ، تاريخ العرب ( مطول ) ، دار غندور للطباعة والنشر ، ( لبنان ، بلا. ت ) ، 1/ 150؛ جواد علي ، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ، ط2 ، دار العلم للملايين ، ( بيروت ، 1956 )، 4/5 ؛ احمد ابراهيم الشريف ، دور الحجاز في الحياة السياسية العامة في القرنين الاول والثاني للهجرة ، دار الفكر العربي ، ( القاهرة ، 1968 ) ، ص13.


    ([11]) ارتأينا ادخال الطائف في موضوع دراستنا لاسباب ، الاول : بعض الاشارات من الجغرافيين . ينظر : الاصفهاني ، الحسن بن عبدالله ( ت310 هـ ) ، بلاد العرب ، تح : حمد الجاسر وصالح احمد العلي ، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر ، ط1 ، المملكة العربية السعودية (الرياض ، 1968 )،ص14 . ينظر : المقدسي ، حسن التقاسيم ، ص69 . والثاني : لاهمية الطائف بالنسبة للحجاز والصلات القوية بين تلك المدن الثلاث . واخيراً : لاهميتها لموضوع الدراسة .


    ([12]) ينظر : الاصطخري ، المسالك والممالك ، ص21 ؛ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، مج2/138 ؛ ابن الفقيه ، مختصر كتاب البلدان ، ص27 .


    ([13]) الاصفهاني، بلاد العرب ، ص14 ؛ شيخ الربوة ، شمس الدين ابي عبدالله محمد الدمشقي( ت767هـ ) ، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، دار احياء التراث العربي ، ط2 ، (بيروت، لبنان، 1998 ) ، ص284 . يورد(لمكة مخاليف نجدية ومخاليف تهامية . والمخلاف : الكورة او الناحية والبلاد فمن النجدية الطائف ) .


    ([14]) المسعودي ، ابو الحسن بن علي ، (ت346هـ ) مروج الذهب ومعادن الجوهر ، دققها وضبطها : يوسف اسعد داغر ، دار الاندلس ، ط6، ( بيروت ، 1984 ) ، 2/35ـ43 ؛ ابن بكار ، الزبير (ت 256هـ ) ، جمهرة انساب قريش واخبارها ، شرح وتعليق : محمود محمد شاكر ، مطبعة المدني ، ( القاهرة ، 1381هـ ) ، ص52ـ53 .


    ([15])الهمداني ، صفة جزيرة العرب ، ص245 ؛ كحالة ، عمر رضا ، جغرافية شبه جزيرة العرب ، مطبعة الكتبي ، ( دمشق ، بلا.ت ) ، ص112، 113 ؛ وهبة ، حافظ ، جزيرة العرب في القرن العشرين ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة، ط2 ، ( مصر ، 1935 ) ، ص14 .


    ([16]) سورة الفجر89 ، الآيتان 6، 7 .


    ([17]) جواد علي ، المفصل ، 1/ 169 .


    ([18]) القزويني ، الامام زكريا بن محمد بن محمود (ت682هـ) ، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ، دار احياء التراث العربي ، (بيروت ، 1986 ) ، ص 115 ؛ احمد ابراهيم الشريف ، مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، دار الفكر العربي ، ( مصر ، 1965 ) ، ص13 .


    ([19]) الهمداني ، صفة جزيرة العرب ، ص44ـ 47 .


    ([20])ابن خميس ، عبدالله بن محمد ، المجاز بين اليمامة والحجاز ، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر ، المملكة العربية السعودية ، ( الرياض ، 1970 ) ، ص329 .


    ([21]) ديوان عنترة بن شداد ، تقديم كرم البستاني ، دار صادر ، ( بيروت ، بلا. ت ) ، ص133 .


    ([22]) شرح ديوان لبيد بن ربيعة العامري ، دار صادر ، ( بيروت، بلا. ت ) ، ص167 . ينظر : الهمداني ، صفة جزيرة العرب ، ص86ـ88 .
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام 710
    عارضة الطاقة :
    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Empty رد: الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يونيو 03 2011, 10:10


    المبحث الأول

    مكة

    وهي من مدن شبه جزيرة العرب السحيقة في القدم ، ومن العسير معرفة الزمن الذي نشأت فيه على وجه التحديد ، فتاريخها القديم يكتنفه الغموض ويطغي عليه الطابع القصصي ، وان الروايات عن تاريخ مكة جاءت متأخرة تعود الى العصور الإسلامية ، وقد اعتمد المؤرخون في رواياتهم على ما ورد في التوراة والقرآن الكريم فيما يتعلق ببناء الكعبة التي هي اساس نشوء مكة ([1]) .

    ومكة ذات سمة جغرافية تختلف عن بقية اقاليم الارض كافة ، وقد خصها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بصفات كثيرة من حيث جغرافيتها واسمها ، فضلاً عن خصوصيتها الدينية قبل الاسلام ، اذ تحيطها الجبال من اغلب جهاتها و " مكة قد خطت حول الكعبة في شعب واد لها ثلاثة نظائر ، عمان بالشام واصطخر بفارس ، وقرية الحمراء في خراسان " ([2]).

    ويبلغ طول الوادي من الشمال الى الجنوب حوالي ميلين ، وعرضه حوالي ميل ، ووادي مكة المبارك يقع بين الجبال ذات الصخور البركانية ويسمى بطن مكة ([3]).

    ويصفها ابن جبير([4]) " هي بلدة قد وضعها الله عز وجل بين جبال محدقة بها وهي بطن وادٍ مقدس كبير مستطيلة ، تسع من الخلائق مالا يحصيه الا الله عز وجل ".

    ان هذه الميزة الجغرافية جعلتها " منطقة وعرة تسلكها الخيول والابل وغيرهما من خلال ممرات واضحة المعالم تقتصر اولهما : من جهة المعلاة ، والثانية : من جهة المسفلة ، على ان لشعابها طريقاً سالكاً للراجلة و للخيول والاحمال " ([5]).

    ويحيط بمكة الجبال من جميع الجهات،ولاهمية الجبال المحيطة بمكة ، فقد شكل جبل ابي قبيس وقعيقعان اهم جبال مكة ، وبناؤها من حجارة سود وبيض ملموس وعلوها اجر كثير الاجنحة من خشب الساج وهي طبقات لطيفة مبيّضه ([6]) ، ولم تكن هذه الجبال مفرطة بالشموخ ، والاخشبان* ، ومن جبالها جبل ابي قبيس الذي يقع في جهة الجنوب من مكة ، وجبل قعيقعان ويقع في جهة الغرب ، وفي الشمال منها الجبل الاحمر ، ومن جهة ابي قبيس اجياد الاكبر واجياد الاصغر،وهما شعبان الخندمة ** ، والمناسك كلها منى وعرفة والمزدلفة بشرقي مكة المشرفة ([7]).

    واحاط بالمسجد الحرام جدار قصير غير مسقف ، وكان الناس يجلسون حول المسجد بالغداة والعشي يتبعون الافياء ، فاذا قلص الظل انفضت تلك المجالس([8]).

    ومن جبال مكة ، فضلاً عن ابي قبيس الجبل الاعظم الذي يشرف على المسجد الحرام وجبل قعيقعان ، جبل فاضح ، وجبل المحصب ، وجبل ثور ، والحجون ، وسقر ، وحراء ، وثبير ، والمطابغ ، والفلق ([9]).

    ومن خلال هذا السور الجبلي الذي احاط بمكة فقد تحددت رقعتها ومداخلها وصار لها منافذ ، فضلاً عن ان هذه الجبال شكلت اهمية كبيرة في حياة اهل مكة سواء الدينية ام الاجتماعية ، ام السياسية ، ام العمرانية ، فمنها بُني اصل مكة البيت المحرم ، واليها لجأ كبار قريش لدعوة الهتهم عند حلول المحن والمصائب ، والى الجبال لجأ الزاهدون والنساك في عبادة الاوثان للتأمل والتعبد ، زد على ذلك فان بعض الجبال ارتطبت بالمشاعر الدينية المقدسة ، مثل جبل الرحمة في عرفات ([10])، كما في قوله تعالى " ان الصفا والمروة من شعائر الله " ([11]).

    ولم يعرف المكيون الزراعة بسبب طبيعة ارضهم ، وقد ذكر القرآن الكريم على لسان النبي ابراهيم عليه السلام ، ان مكة كانت وادياً غير ذي زرع فسأل ربه قائلاً "ربنا اني اسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون" ([12]).

    لقد منعت تلك الظروف المكيين من مزاولة الزراعة ، فامتهنوا التجارة ، حتى اصبحت التجارة والضرائب التي كانت تجبى على القوافل المارة بمكة اهم مورد المكيين ومعاشهم ([13]).

    وعانى اهل مكة من شحة مياهها وقلتها ، مما دعا بعض الاخباريين الى تفسير اسم مكة بانها مشتقة من ( مك ) لقلة مائها ([14]). وعندما تولى قصي بن كلاب رئاسة قريش حفر بمكة بئراً يقال لها العجول ، كان العرب يردونها عندما يقدمون الى مكة ([15]).

    ولمكة مرفأ على ساحل البحر الاحمر هو الشعيبة (جدة) يبعد عنها مسافة مرحلتين ([16]).

    المناخ

    تقع مكة في منطقة جافة اذ ان مناخها حار في فصل الصيف ([17])وتشتد الحرارة وسرعة الرياح في اثناء النهار فتكاد تخمد الانفاس " يكون بالحرم حر عظيم وريح تقتل " ([18]).

    لذا اصبحت تلك المنطقة جدباء وشحيحة المياه ، وترتفع درجات الحرارة في مكة ارتفاعاً شديداً بتأثير المرتفعات الصخرية المحيطة بها ([19]).

    وقد ورد في القرآن الكريم ما يستدل به على شدة الحرارة بقوله تعالى " والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال اكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم ، كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون " ([20]).

    مما جعل اهل مكة يعتمدون على مياه الابار ، وكان من اشهر ابار مكة بئر زمزم ، والتي اعاد حفرها عبدالمطلب بن هاشم ، فضلاً عن ابار اخرى ، ولكن بئر زمزم عفت على بقية ابار مكة كلها ([21]) وذلك لمكانها من البيت والمسجد وفضلها على ماسواها لانها بئر اسماعيل عليه السلام .وعلى الرغم من وجود هذه الابار الا ان مياهها كانت مالحة ، وهذه الصفة تزول في فصل هطول الامطار ، اذ يخفف ماء المطر غلظتها ([22]).

    ان هذا المناخ القاسي والحرارة العالية حدى بسكان مكة الى اللجوء الى الظلال والى اكناف الجبال التي تحيط بمكة للاحتماء بها من الحر كما اسلفنا، ومثلما كان للجبال تأثيرات ايجابية كان لها تأثيرات سلبية على سكان مكة ، خصوصاً عند هطول الامطار ، فمن المعروف ان مكة تحيط بها الجبال الصخرية الشاهقة ، فقلما ينفذ الماء اليها فيذكر الازرقي([23]) " فاذا هطلت الامطار بشدة انحدرت المياه من الجبال والوديان بسرعة فتكونت فيها سيولاً لاتنساب في ازقتها وشوارعها من ناحية الابطح واجياد " ، واستغلت رمال مكة الشديدة الحرارة من قبل المشركون كوسيلة لتعذيب المسلمين في بداية الدعوة الاسلامية فكانوا "يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش برمضاء مكة اذا اشتد الحر " ([24]).

    ومن اثار ارتفاع درجات الحرارة هو تأثيرها على العين وتكثر من الذباب وهذا مايفسر الى ماذهب اليه ابن رسته من كثرة العميان في مكة ([25]) ، وقد يكون ابن رستة قد مبالغاً بعض الشيء في تأثير ارتفاع درجات الحرارة الى الذهاب بالنظر ، فلو كان ماذهب اليه ابن رستة صحيحاً لكان سكان خط الاستواء جميعهم من العميان ؟.

    اما الامطار فكانت تسقط في فصلي الخريف والشتاء وتشح الامطار احياناً فتصيب اهل مكة سنة جدب ، وقد تستمر لحقب طويلة ، وهذا ما دعا بعض الاخبارين الى تفسير اسم مكة بانها مشتق من قلة مائها ، واحياناً تكون الامطار غزيرة حتى انها تكون سيولاً قوية فتنحدر من الجبال الى الوديان والشعاب لقوتها وهذا مايهدد العمران والحياة غالباً ، وتنقل هذه السيول معها الاوبئة في بعض الاحيان ([26]) .

    وقد تناول القرآن الكريم هذه الحالة بقوله تعالى " وآية لهم الارض الميتة احييناها واخرجنا منها حباً فمنه يأكلون ، وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وماعملته ايديهم افلا يشكرون " ([27]).

    واقدم السيول المخربة سيل حدث في زمن الجرهمين فدخل البيت فانهدم ، فاعادته جرهم ، وسيل اخر في عهد خزاعة فتدفقت مياهه داخل المسجد الحرام واحاطت بالكعبة ويعرف هذا السيل بسيل قارة ([28]).

    كانت هذه السيول جارفة اذ شكلت تهديداً لعمران مكة ومصدر خطر على الناس ، فيذكر ابن هشام ان مرضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حليمة * السعدية قالت لامه" لو تركت بُني عندي حتى يغلظ فأني اخشى عليه وباء مكة " ([29]).

    لقد كان لهذا الجفاف والمناخ الحار اثره السلبي الكبير على الحياة الاجتماعية والسياسية في شبه الجزيرة العربية واعاق نشوء المجتمعات الكبرى بها .



    ([1]) الازرقي ، ابو الوليد محمد بن عبدالله ( ت 244هـ ) ، اخبارمكة وما جاء فيها من الاثار ، تح : رشدي الصالح ملحس ، دار الاندلس ، مطابع ماتيو كرومو ، ( اسبانيا ، بلا . ت ) ، 1/36 ؛ مبروك ، نافع محمد ، تاريخ العرب عصر ماقبل الاسلام ، ط2 ، مطبعة السعادة ، ( القاهرة ،1952 ) ،ص122 .


    ([2])المقدسي ، احسن التقاسيم ، ص71 .


    ([3]) الازرقي ، اخبار مكة ، 1/ 36 .


    ([4]) ابن جبير ، ابو الحسن محمد احمد ، تذكرة الاخبار عن اتفاقات الاسفار المعروف بـ ( رحلة ابن جبير ) ، دار التحرير ، ( بيروت ، بلا. ت ) ، ص90 .


    ([5]) النهروالي ، الشيخ قطب الدين ، اخبار مكة المشرفة ، مطبعة خياط ، ( بيروت ، 1964 ) ، ص13 .


    ([6]) المقدسي ، احسن التقاسيم ، ص71 .


    * الاخشبان : وهما قعيقعان وطولهما من الاعلى الى المسفل نحو ميل وعرضهما من اسفل اجياد الى قعيقعان نحو ثلثي ميل . والاخشبان ابي قبيس والاحمر . ينظر : شيخ الربوة ، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، ص283؛ الزمخشري ، محمود بن عمر ( 528هـ )، الامكنة والمياه والبقاع ، تح : ابراهيم السامرائي ، مطبعة السعدون ، ( بغداد ، 1968 )، ص78 .


    ** الخندمة : جبل منه بنيان الكعبة . ينظر : الزمخشري ، الامكنة والمياه والبقاع ، ص81 .


    ([7]) الطنجي ، ابو عبدالله بن ابراهيم الطنجي ( المعروف بابن بطوطة ) ، تحفة النظار في غرائب الامصار المعروف بـ ( رحلة ابن بطوطة ) ، شرح : طلال حرب ، دار احياء الكتب العلمية ، ( بيروت ، 1987 ) ، ص154 .


    ([8]) الازرقي ، اخبار مكة ، 2/69 ؛ المقدسي ، احسن التقاسيم ، ص71 .


    ([9]) اليعقوبي ، احمد بن ابي يعقوب بن واضح ( 284هـ ) ، البلدان ، مطبعة بريل ، ( ليدن ، 1891) ، ص314 . ينظر : القزويني ، الامام زكريا بن محمد بن محمود ( 682هـ ) ، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ، دار احياء التراث العربي ، ( بيروت ، 1986 ) ، 110 ، 112 ، 117 .


    ([10]) ينظر : الازرقي ، اخبار مكة ، 1/36 ؛ الفاسي ، محمد بن احمد بن علي المكي ( 832هـ ) ، شفاء الغرام باخبار البلد الحرام ، دار احياء الكتب العربية ، ( القاهرة ، 1956 ) ، 1/ 280 .


    ([11]) سورة البقرة 2 ، الآية 158 .


    ([12])سورة ابراهيم 14 ، الآية 37 .


    ([13]) سالم ، السيد عبدالعزيز ، دراسات في تاريخ العرب ( تاريخ العرب قبل الاسلام ) ، مؤسسة شباب الجامعة ، ( مصر ، بلا.ت ) ،1/301 .


    ([14]) في اسماء مكة ينظر : سورة الفتح 48، الآية 24 ـ آل عمران 3، الآية 96 ـ الشورى42 ، الآية 7ـ سورة إبراهيم14 ،الآية 37. وينظر ايضاً : ابن هشام ، ابو محمد عبدالملك (218هـ) ، السيرة النبوية ، تح : مصطفى السقا وآخرون ، دار الفكر ، ( بيروت ، 1986 )،1/114 ومابعدها ؛ ؛ الازرقي ، اخبار مكة ،1/283ومابعدها ، الفاسي ، شفاء الغرام في تاريخ البلد الحرام ،1/47ـ48 ؛ الخضراوي ، احمد بن محمد ، العقد الثمين في فضائل البلد الامين ، تح : كاظم الشيخ جواد الساعدي ، مطبعة القضاء،(النجف ، 1958 ) ، ص29 ومابعدها.


    ([15]) البلاذري ، احمد بن يحيى ( ت279 هـ ) ، انساب الاشراف ، تح : محمد حميدالله ، دار المعارف ، ( مصر ،1959 ) ،1/51 . ينظر : الازرقي ، اخبار مكة ، 1/112ـ113 .


    ([16]) ياقوت الحموي ، معجم البلدان ،3/351 .


    ([17]) ابن الفقيه ، مختصر كتاب البلدان ، ص18 ؛ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ،5/188 .


    ([18]) المقدسي ، احسن التقاسيم ، ص95 .


    ([19]) وهبة ،حافظ ، جزيرة العرب في القرن العشرين ، ص15 .


    ([20]) سورة النحل 16 ، الآية 81 .


    ([21]) من ابار مكة كرادم وبئر رم وبئر خم والعجول وبذر وسجلة والطوي ، وهذه الابار كانت موجودة قبل حفر زمزم . اما الابار التي حفرت بعد زمزم بئر حويطب وبئر خالصة وبئر زهير . الازرقي ، اخبار مكة ، 2/218ـ224 . ينظر: القزويني ، عجائب المخلوقات . حيث يورد مجموعة من الابار ،ص132ـ135 .


    ([22]) الازرقي ، اخبار مكة ،1/113 .


    ([23])اخبار مكة ، 2/166 ، هامش(2) ؛ الفاسي ، شفاء الغرام ، 2/ 260 .


    ([24])الزبيري ، ابي عبدالله المصعب بن عبدالله (ت236هـ ) ، كتاب نسب قريش ، شرح وتصحيح : ليفي بروفنسال ، دار المعارف ، ط2، ( مصر ، بلا.ت ) ، ص208 ؛ ابن هشام، السيرة النبوية ، 1/317 .


    ([25]) ابن رستة ، الاعلاق النفيسة ، ص224 . ينظر : المقدسي ، احسن التقاسيم ،ص95 .


    ([26]) البلاذري ، فتوح البلدان ، نشره ووضع ملاحقه : د. صلاح الدين المنجد ، دار طباعة مكتبة النهضة العربية ، ( القاهرة ، 1956 ) ، ص66 ؛ الازرقي ، اخبار مكة ، 2/166 .


    ([27]) سورة يس36 ، الآية 33ـ35.وينظر: سورة المؤمنون 23 ، الآيتان 18ـ19 ؛ سورة عبس 80 ، الآيات 24ـ32 .


    ([28]) الازرقي ، اخبار مكة ،2/166ـ167 . ويضيف ان مكة تحيط بجبال صخرية شاهقة قلما ينفذ الماء اليها ، فاذا اهطلت الامطار بشدة انحدرت المياه من الجبال الى الوديان بسرعة فكونت سيولاً تنساب في ازقتها وشوارعها من ناحية الابطح واجياد . كذلك ينظر : الفاسي ، شفاء الغرام ، 2/260 .


    * حليمة ابنة ابي ذؤيب امرأة من بني سعد بن بكر وابو ذؤيب عبدالله بن الحارث بن نصر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن قيس بن عيلان .


    ([29]) ابن هشام ، السيرة النبوية ،1/164 .

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام 710
    عارضة الطاقة :
    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Empty رد: الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يونيو 03 2011, 10:12


    سكان مكة ومنازلها

    سكنت مكة قبائل عدة . يذكر لنا المؤرخون بعض اسمائها بلا ذكر معلومات دقيقة عنها سوى بعض الاساطير والقصص الشعبي ([1]) .

    وان الروايات عن سكان مكة في العصور القديمة جاءت مضطربة في بعض الاحيان فالمؤرخون لم يذكروا التسلسل التاريخي لتلك القبائل .

    ان عدداً من رواة التاريخ يقولون ان العمالقة هم اول من استوطن مكة ، وهم من العرب البائدة ([2]) . فنسبوهم الى " عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح " ([3]).

    وانتشر هؤلاء العماليق في البلاد وسكنوا الحجاز وعتو عتواً كبيراً فلم يزل بهم البغي والاسراف على انفسهم والالحاد بالظلم واظهار المعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى حبس الله عنهم المطر وسلط عليهم الذر فخرجو من الحرم ، وبخروجهم كان هلالكهم منه تعالى ([4]).

    ثم سكنتها قبيلة جرهم الثانية ([5])وتتفق الروايات على ان هذه القبيلة قد اقامت بمكة مع اسماعيل عليه السلام ، وهو يتولى امر البيت الحرام ، لقد حلت جرهم محل العماليق في ظروف غامضة ([6]) وهم من قحطان وقد صهر اليهم اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام ، وحكمت جرهم في مكة الى ان خرجت خزاعة جرهماً وحكمت خزاعة في مكة ، وارتحل بعض جرهم بعيداً . وخرجت بقية منها الى ضواحي مكة ، وبقي الاسماعليون مع خزاعة في مكة على الحياد التام . واقام بعض بني كنانة حول وادي مكة ايضاً ([7]). ثم غلبت جرهم على البيت ، فكانوا ولاته وحجابه واولي الامر بمكة في الوقت الذي تنازعهم ذرية اسماعيل عليه السلام ، هذا الامر لخولتهم وقرابتهم واعظاماً للحرمة .

    واستمرت ولاية جرهم للبيت حسب روايات الاخبارين ثلثمائة سنة ([8]) . واستخفوا بامر البيت ، وبغوا بمكة ،واستحلوا حرمتها ، واكلوا مال الكعبة الذي يهدى اليها ، وظلموا من دخلها ، وارتكبوا فيها المعاصي ثم لم يتناهوا عن ذلك ([9])، بعد ذلك استقر الامر في مكة لقبيلة جرهم الثانية القحطانية ، وكانت منهم جندلة بنت عامر بن الحارث بن مضاض الجرهمي وهي ام فهر بن مالك بن النضر الذي تنتسب اليه قريش ([10])، ولما كانت مكة لاتقر لظالم ([11]) ولايستحل حرمتها ملك الا هلك حبس الله عنهم المطر وسلط عليها الرعاف والذر ([12]) .

    وتذكر الروايات ان ثعلبة العنقاء * بن عمرو طلب من جرهم الاقامة الى جانبهم بمكة فابت جرهم ان تتركه طوعاً فاقتتل الطرفان حتى انهزمت جرهم ولاذت بالحرم ، ثم اقامت قبيلة الازد بمكة وما حولها فاصابتهم الحمى وعانوا من شدة العيش فشخصوا عنها وانخزعت خزاعة بمكة ([13]) .

    استمرت جرهم تلي امر مكة حتى بلغ من خزاعة عمرو بن لحي بن حارثة بن عمرو الذي استعان ببني اسماعيل وقاتل جرهماً ونفاهم من مكة وتولى حجابة البيت بعدهم ([14])كان ذلك في مطلع القرن الثالث ([15]) وبذلك خرجت جرهم عن مكة وخرج معهم ابناء اسماعيل عليه السلام وتفرقوا حول الكعبة وفي تهامة ([16]).

    اخذت مكة بالتطور على يد زعيمها من خزاعة عمرو بن لحي ، فعمل على تنشيط مجمل حياتها بعد ان كانت جرهم تعتدي على القوافل والتجار والحجاج ، فاصبح عمرو بن لحي اشهر من حكم مكة من خزاعة ، حتى بلغ منزلة رفيعة وبلغ من الشرف في العرب مالم يبلغ عربي قبله ، فكان قوله فيهم ديناً متبعاً ، فهو اول من غير الحنيفية دين ابراهيم عليه السلام ونصب الاصنام حول الكعبة ([17]).

    واستمرت ولاية البيت بيد عمرو بن لحي واولاده من بعده حوالي ثلثمائة سنة حتى كان اخرهم حليل بن حبشيه بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي الذي زوج ابنته حبّى من قصي بن كلاب ([18]) يقول الشاعر

    ياعمرو لاتظلم بمكة انها بلد حـــرام

    سايل بعاد اين هم وكذاك تحترم الانام

    وبني العماليق الذين لهم بها كان السوام

    وظلت خزاعة قائمة على ولاية البيت الى ان ظهر قصي بن كلاب وانتزع ولاية البيت من خزاعة في منتصف القرن الخامس الميلادي ([19]).

    من خلال ماتقدم يتضح ان هذا الترتيب للقبائل التي سكنت مكة ووليت امر البيت ، قد يكون مرتبكاً بعض الشيء ، فقد اغفل هذا الترتيب عن ذكر بعض القبائل التي وليت امر مكة ، ومن هذه القبائل طسم وجديس ، ونلمس من خلال الروايات التاريخية التي لدينا عدة احتمالات اولاً: ان طسم وجديس قبائل لم يكن لها دور بارز في تاريخ مكة لذلك اغفلها المؤرخون اما الاحتمال الثاني : فيبدو ان هناك قبيلتين تحملان اسم جرهم كانت الاولى في زمن اسماعيل عليه السلام وبعد جرهم الاولى ، سكنت قبائل اخرى لم تصل الينا اية معلومات عنها، والاحتمال الاخير هو يمكن ان تكون هذه القبائل قد بادت وانقرضت كما ورد عند الازرقي قائلاً : "ان مضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض كان يحذر قومه من المصير الذي اصاب طسم وجديس " ([20]) .



    ([1]) ماجد ، عبدالمنعم، التاريخ السياسي للدولة العربية ، مكتبة الانجلو المصرية ، ط2، ( 1971 ) ، ص77 .


    ([2]) القلقشندي ، ابي العباس احمد ( ت821هـ ) ، نهاية الارب في معرفة انساب العرب ، تح : ابراهيم الابياري ، الشركة العربية للطباعة ، ( القاهرة ، 1959 ) ، ص ص150،211.


    ([3]) ابن هشام،السيرة النبوية،1/7.ينظر:القلقشندي، نهاية الارب،ص151؛ ابن رستة،الاعلاق النفيسة،ص37 .


    ([4]) الازرقي، اخبار مكة،1/90 ويذكر(كانوا يكرون بظل ويبيعون الماء) . ينظر:القلقشندي، ابي العباس احمد(ت821هـ)، صبح الاعشى في صناعة الانشا، بقلم الشيخ: محمد عبدالرسول،المطبعة الاميرية، ( مصر ، 1963 ) ، 4/261 ؛ السمهودي ، وفاء الوفا ، 1/159 ؛ ابن الفقيه ، مختصر كتاب البلدان ، ص27 .


    ([5]) جرهم قبيلة من العرب البائدة، كانوا على عهد عاد فبادوا.القلقشندي،نهاية الارب،ص211؛ اليعقوبي ، احمد بن ابي يعقوب بن واضح الكاتب (ت 284 هـ )، تاريخ اليعقوبي، دار صادر،(بيروت ، بلا.ت ) ، 1/222.


    ([6]) السباعي ، احمد ، تاريخ مكة ، مطابع دار قريش ، ط3 ، ( مكة المكرمة ، 1385هـ ) ، ص16 .


    ([7]) ابن هشام ، السيرة النبوية ، 1/111ـ113 ؛ الازرقي ، اخبار مكة ،1/81ـ82 .

    وكان اول من ولى جرهم البيت مضاض الذي يقول :

    وكنا ولاة البيت من بعد نابت نطوف بذاك البيت والخير ظاهر

    ينظر : الطبري ، محمد بن جرير (ت 310هـ )، تاريخ الرسل والملوك ، تح: محمد ابو الفضل ابراهيم ، دار المعارف ، ( مصر ، 1960 ) ، 2/284 .


    ([8])المسعودي ، مروج الذهب ،2/22 ؛ الفاسي ، شفاء الغرام ، 1/132 .


    ([9]) ابن هشام ، السيرة النبوية ،1/113 ؛ الازرقي ، اخبار مكة ،1/88ـ90 ؛ الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، 2/284 .


    ([10]) ابن الكلبي الكلبي ، هشام بن محمد بن السائب (ت204هـ )، جمهرة النسب ، تح : ناجي حسن ، مكتبة النهضة العربية ، ( بيروت ، 1986) ، ص22 .


    ([11]) سميت مكة لانها كانت تمك من ظلم فيها والحد أي تهلكه.ابن منظور، لسان العرب،10/491،مادة (مك).


    ([12]) ابن منبه ، وهب (ت110هـ ) ، التيجان في ملوك حمير ، تح : مركز الدراسات والابحاث اليمنية ، صنعاء ، ( اليمن ، بلا. ت ) ، ص292 . ويورد عمرو بن انيف الغساني قائلاً :

    لما هبطنا بطن مر تخزعت خزاعة منا في بطون كراكر

    حمت كل واد من تهامة واحتمت بيضً القنا والمرهفات البواتر

    بطن مر : بالحجاز بالقرب من عسفان وبينهما اربعة وثلاثون ميلاً وهي قرية عظيمة كثيرة الاهل حسنة المنازل كثيرة النخل والزرع فيها ، وبطن مر متسع وفيه قرى كثيرة وعيون ومنه تجلب الفواكه الى مكة = = ينظر : الحميري ، محمد عبدالمنعم الصنهاجي ( ت727هـ ) ، الروض المعطار في خبر الاقطار ، تح : احسان عباس ، مطبعة هيد لبرغ ، ( بيروت ، 1984 ) ، ص93 ؛ القلقشندي ، صبح الاعشى ، 4/260 .

    تخزعت : تخلفت ـ الحلول : النزال ـ الكراكر : الجماعات . القلقشندي ، صبح الاعشى ، 4/260.

    ديوان حسان بن ثابت الانصاري ، دار صادر ، ( بيروت ، بلا. ت ) ، ص119 .


    * العنقاء : بعد انهيار سد مأرب هاجرت قبيلة الازد من اليمن وتزعمها في هجرتها عمرو بن مزيقياء بن عامر وبعد هلاكه تولى القيادة ابنه ثعلبة العنقاء بن عمرو حتى انتهى بها الى مكة ، وكان من اولاده ثعلبة العنقاء وابو حارثة وعوف وعلبة ومالك ووداعة وعمرو وقيس وعبيد ، وامهم مارية ذات القرطين .

    ينظر : وهب بن منبه ، التيجان ، الصفحات ، 273،274،283،290 .


    ([13]) وهب بن منبه ، التيجان ، ص279 ومابعدها ؛ الازرقي ، اخبار مكة ،1/83 ومابعدها .


    ([14]) ابن الكلبي، هشام بن محمد بن السائب (ت204هـ )، كتاب الاصنام ، تح : احمد زكي باشا ، المطبعة الاميرية ، ( القاهرة ، 1941 ) ، ص8 .


    ([15]) ضيف ، شوقي ، الشعر والغناء في المدينة ومكة لعصر بني امية ، دار المعارف ، ( مصر ، 1979 ) ، ص147 ؛ سيديو ، خلاصة تاريخ العرب ، ترجمة : علي باشا مبارك ، مطبعة محمد افندي ، ( مصر ، 1309هـ ) ، ص 34 .


    ([16]) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، 2/285 .


    ([17]) ابن الكلبي ، كتاب الاصنام / ص8 ؛ الازرقي ، اخبار مكة ، 1/100 .


    ([18]) ابن هشام ، السيرة النبوية ، 1/117 ؛ الازرقي ، اخبار مكة ، 1/100ـ101 .


    ([19]) سيديو ، تاريخ العرب العام ، ترجمة : عادل زعيتر ، ط2 ، ( مصر ، 1969 ) ، ص44 ، الشريف ، احمد ، مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، ص194 .


    ([20])اخبار مكة ، 1/90ـ91. وينظر : المسعودي ، مروج الذهب ، 2/25 ؛ ابن هشام، السيرة النبوية ،1/7 .


    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام 710
    عارضة الطاقة :
    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام Empty رد: الحياة الاجتماعية في الحجاز قبل الاسلام

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يونيو 03 2011, 10:13


    قبيلة قريش

    مع اننا لانملك نصاً عن حقبة ماقبل الاسلام يذكر لنا اسم قريش( اهل مكة ) وكذلك لم تذكرها كتب اليونان او الرومان ، ولكن هذا لاينفي وجود قريش قبل ان يجمعها قصي ، فقد ورد ذكرها في النصوص الجنوبية القديمة ، ففي عهد الملك الحضرمي (العز بن العز يلط ) الذي حكم في القرن الاول قبل الميلاد ، وقيل حكم في القرن الثالث الميلادي ، وهذا هو الارجح عندما نعتمد على ما ورد في هذا النص الذي يفيد ان الملك العز استقبل ضيوفاً اراميين ، ومن تدمر ومن الهند ، وذكر ان عشر نساء قريشيات كن في معية الملك عند زيارة ( حصن انود ) وان كاتباً يدعى ( حبسل قرشم ) وكلمة قرشم او قريشم هي قريش ، مما يوحي بان الكاتب كان من قبيلة قريش ([1]) والتي هي محور دراستنا ، لذا سنتناولها بشيء من التفصيل ، كذلك فانها تعد التاريخ الحقيقي لمكة ، وان تاريخ بني اسماعيل عليه السلام منذ وليت جرهم امر البيت حتى عهد قصي بن كلاب ينتابه الغموض ولا يعرف المؤرخون كيفية ملء هذا الفراغ ، فلم ينتزع لهم شمس فوق افق التاريخ الحقيقي الا في عهد قصي بن كلاب في منتصف القرن الخامس الميلادي ([2]).

    ومن الملاحظ كذلك ان الحقبة التي سبقت هذه الحقبة أي القرن الثالث الميلادي ينتابها شيء من الغموض لا تعدو اكثر من اسلوب قصص ، فمن المعروف ان مكة المهد الاول الذي ترعرع فيه بنو اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام ، ومكان نشأتهم ، فلما تكاثروا ضاقت عليهم مكة ، ووقعت بينهم الحروب والعداوات ، واخرج بعضهم بعضاً ، فانتشروا في البلاد الا من اقام حول مكة من ولد نزار تبركاً بالبيت الحرام ([3]).

    فكانت منازل مضر بن نزار بن معد بن عدنان في حيز الحرم الى السروات ([4])ومادونها من الغور([5]) . ثم تنافس اولاد مضر فيما بعد على المنازل مما ادى الى انتشار اولاد مدركة بن الياس بن مضر في تهامه وما والاها من البلاد فصارت منازلها بناحية عرفات ([6]) وعرفه ([7]) وبطن نعمان ([8])، ورحبل ([9]) وكبكب ([10]).

    اما ولد النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة فقد اقاموا حول مكة وماوالاها ([11]).

    وقريش من ابناء اسماعيل ( عليه السلام ) وهي من القبائل العدنانية ، والاشهر ان تسمية قريش اطلقت على ابناء فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ([12]).

    وكانت قريش متفرقة في بني كنانة تسكن شعاب مكة وجبالها ([13]).

    وعندما نذكر ان التاريخ الحقيقي لمكة يبدأ من قصي بن كلاب ، فاننا نعني ان المدة التي سبقت عهد قصي بن كلاب كانت حقبة غامضة ولم يصل الينا الكثير من اخبارها وماوصل الينا قليل ، ونقلت عن رواة اسلاميين ، ومن ثم فانها قد تكون غير دقيقة هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى منذ ان تولى قصي الزعامة اخذت مكة في طور التحضر والاستقرار في شؤون الحكم والاقتصاد حتى اصبحت زعيمة الجزيرة العربية في نهاية القرن السادس ، ولانعني بهذه العبارة ان مكة كانت قبل هذه الحقبة في طور البداوة ولكن الذي نعنيه ان تطوراً تدريجياً وواضحاً قد اصاب مكة وحسب مقتضيات الاستقرار فيها . ولعل اهم مايميز ذلك العصر فضلاً عما ذكرناه انه العصر الذي تبدأ به السيادة القرشية على مكة بقيادة قصي بن كلاب ، بعد ان ازاح الخزاعيين عن مكة ، اسكن قومه الحرم في بطحاء مكة . وكانوا قبل ايام قصي يعظمونها ويحرمون بناء البيوت فيها مع بيت الله ، وكان السكن في جبال مكة واوديتها في العهود التي سبقت عهد قريش ([14]) وبعد ان دخلت قريش مكة وجمع قصي قبائلها تحت لوائه بعد التفرق والتشتت في ضواحي مكة لم تبرحها قط ([15]) بعد ان كانت قريش خارج مكة في الشعاب ورؤوس الجبال وكانوا يدخلون مكة نهاراً حتى اذا امسى القوم خرجوا الى الحل لانهم استحرموا اصابة الجناية وغيرها في مكة ، وكذلك الدخول اليها على الجناية اعظاماً لها وللكعبة وصيانة لهما ([16]).ان قصياً انزل قريشاً البطاح داخل مكة وانزل قريش الظواهر مكانهم ([17])، فرتب قصي قريشاً على منازلها في النسب فقريش البطاح ، وهم الذي نزلوا الابطح بين اخشبي مكة ([18]) وهم منحدرون من كعب بن لؤي في عدة بطون ([19]): ـ

    اولاً : بنو قصي بني كلاب وهم بنو عبد مناف ، وبنو عبدالعزى ، وبنو عبدالدار ، وبنو عبد بن قصي .

    وبعد اسكن قصي بن كلاب اهل مكة في بطاح وظواهر ، فقد اسكن قريشاً حول الكعبة وقَسم الوادي بينهم ، فنالت قبيلته الشرف الاسمى بان عّظمها العرب وبدأ قصي بنفسه اعداد الوادي لبناء البيوت وسكناها فاقتطع الاشجار الشوكية ، بعد ان هاب الناس قطع شجر الحرم وشوكه ([20]) وكان لحياة قصي في ارض الشام قد اعطاه فرصة الاطلاع على المدن الشمالية مما اعانه على تخطيط مكة ، وقد اعتمد خطة رباعية في تقسيم الوادي اذ " اقتطع مكة ارباعاً " ([21]).

    هكذا بنى قصي داره ( دار الندوة ) واختط لقريش دورها فكانت خطة الدور ثنائية فقد كانت بين كل دارين طريق تفصل بينهما ليكون مسلكاً ينفذ منه الى المطاف ([22]).

    ونظراً لوجود اخشبي مكة ( قعيقعان وابي قبيس ) فقد تحددت منازلهم شكلاً هلالياً يميل الى الاستطالة ، فسكن بنو قصي في بطن وادي مكة وكل بطون قريش البطاح ومن ضاق به الوادي من غيرهم فقد سكن شعاب الجبال ([23]).

    اذ كانت لهذه الشعاب اهمية كبيرة في بداية الدعوة الاسلامية كما ذكرنا انفاً، اذ كانت مسرحاً لاحداث تاريخية ، وقد حفظت لنا كتب السيرة اسماء هذه الشعاب مثل شعب ابي طالب وشعب بني عامر ([24]).

    اما قريش الظواهر فقد تم تقسيم سكنهم على اساس ان يختص كل فريق بجزء من الكعبة الذي يقابل منازلهم فالركن اليماني لبني مخزوم ، وكان ظهر الكعبة لبني جمح وبني سهم وشق الحجر وهو الحطيم لبني عبدالدار ولبني اسد بن عبدالعزى وبني عدي بن كعب ([25]).

    مما تقدم يتضح ان منازل قصي وبنو عبدالدار في كوثى ([26])وسكن بنو عبد مناف في المعلاة ونزل بنو مخزوم وبنو تيم في اجيادين ( اجياد الصغير والكبير) ، ونزل بنو جمح في المسفلة ولبني سهم الثنية ، يليهم بنو عدي اسفل الثنية ([27]).

    ثانياً : سائر بني كعب بن لؤي ، وهم بنو زهرة ، وتيم ومخزوم ، وجمح وسهم (ابنا عمرو بن هصيص بن كعب ) وبنو عدي بن كعب ، وبنو عدي بن كعب ، وبنو حسل بن عامر بن لؤي ([28]). وقد دخل مع قريش البطاح غيرهم مثل بنو هلال بن ضبة رهط ابي عبيدة عامر بن الجراح ورهط سهل وسهيل ابني البيضاء ([29]) . وقد لزمت قريش البطاح الحرم ، ومكانها في الابطح لاتبرحه حتى سميت قريش الضب ([30]) والابطحيون ([31]).

    اما قريش الظواهر : وهم الذين نزلوا بظاهر مكة على المرتفعات وفيما حولها على اقل من مرحلة ومن نزل ابعد من ذلك سموا قريش الضواحي ([32])، وتشمل قريش الظواهر على : بني محارب بن فهر ، وبني الحارث بن فهر،وبني الادرم بن غالب بن فهر ، وبني معيص بن عامر بن لؤي ([33]) ،بقي ان نذكر ان هناك قريش العائذة وقريش العاربة وغيرهم ([34]) وسائر قريش الذين ليسو من الاباطح ولا من الظواهر هم : سامة بن لؤي وبنو عوف بن لؤي، ويقال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، الابطحي لانه من عبد مناف وكان يقال لعبدالمطلب سيد الاباطح ([35]) وفي قريش رهط يقال لهم الاجربان وهم بنو بغيض بن عامر بن لؤي ، وبنو محارب بن فهر وكان هذان الرهطان متحالفين وكانا يدعيان الاجربين لبأسهما وقهرهما من ناؤهما فهما الاجربان من اهل تهامة ([36]).




    ([1]) محمد بيومي مهران ، تاريخ العرب القديم ، دار المعرفة الجامعية ، ( القاهرة ، 1997) ، ص409ـ410 ؛ جواد علي ، المفصل ، 2/ 143ـ145، 4/23 .


    ([2]) محمد بيومي مهران ، تاريخ العرب القديم ، ص399 .


    ([3]) ابن الكلبي ، الاصنام ،ص 6؛ البلاذري ، انساب الاشراف ،1/8 .


    ([4]) السروات : هي اعظم جبال بلاد العرب وهي مابين جرش والطائف . ينظر : البكري ، معجم مااستعجم ،3/730 ؛ الحميري ، الروض المعطار ، ص314 .


    ([5]) الغور : تهامة . البكري ، معجم مااستعجم ، 3/1008 ؛ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 4/ 217 .


    ([6]) عرفات : حدها من الجبل المشرف على بطن عرفه الى جبال عرفه . ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 4/104 .


    ([7]) عرفه : وادي بحذاء بين مكة والطائف . ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 5/ 293 .


    ([8]) بطن نعمان : وادي بين مكة والطائف . ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 5/ 293 .


    ([9]) رحبل : منزل بين مكة والبصرة . ينظر : البكري ، معجم مااستعجم ،2/645.


    ([10]) كبكب :الجبل الاحمر الذي تجعله خلف ظهرك اذا وقفت بعرفات . البكري ، معجم مااستعجم ،3/1112 .


    ([11]) البكري ، معجم مااستعجم ،1/89 .


    ([12]) الكلبي ، جمهرة النسب ، ص18ـ22 ؛ الزبيري ، نسب قريش ، ص12 .


    ([13]) الازرقي ، اخبار مكة ، 1/104 ؛ البلاذري ، انساب الاشراف ، 1/49 .


    ([14]) العمري ، ابن فضل الله (ت749هـ ) ، مسالك الابصار في ممالك الامصار ، تح : احمد زكي باشا ، دار الكتب المصرية ، ( القاهرة ، 1924 ) ، 1/13 .


    ([15]) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، 1/237 .


    ([16])اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، 1/239؛ البكري ، معجم مااستعجم ،1/89؛ الفاسي ، شفاء الغرام ، 2/72 .


    ([17]) البلاذري ، انساب الاشراف ،1/51. وذكر ايضاً ( لما قسم قصي مكة انزل جميع قريش مكة ثم ان بني كعب في لؤي لما كثروا ، اخرجوا بطوناً من قريش الى ظواهر مكة ) .


    ([18]) ابن سعد ، محمد بن منيع ( ت 230 هـ ) ، الطبقات الكبرى ، تقديم : احسان عباس ، دار صادر ، ( بيروت ، بلا. ت ) ، 1/7 ؛ ابن منظور ، لسان العرب ، 2/413 مادة ( بطح ) ويورد :

    فلو شهدتني من قريش عصابة قريش البطاح لا قريش الظواهر

    ينظر : جواد علي ، المفصل ، 4/ 27 .


    ([19]) الفاسي ، شفاء الغرام ، 2/62 ؛ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 1/444 .


    ([20]) ابن سعد ، الطبقات ، 1/71 ؛ الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، 2/ 258 .


    ([21]) البلاذري ، انساب الاشراف ، 1/50 ؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك ، 2/258 ؛ ابن كثير ،ابو الفداء الدمشقي ( ت774هـ ) ، البداية والنهاية ، تح : احمد ابو ملحم واخرون ، دار الكتب العلمية ، ط4 ، (بيروت ، 1988 ) ، 2/194


    ([22]) العصامي ، عبدالملك بن حسين بن عبدالملك (ت1111هـ ) ، سمط النجوم العوالي في انباء الاوائل والتوالي ، المطبعة السلفية ، ( القاهرة ، 1380هـ )، 1/ 162 ؛ النهروالي ، اخبار مكة المشرفة ، 3/46 .


    ([23])البلاذري ، انساب الاشراف ،1/39ـ40؛ البكري ، معجم مااستعجم ،1/257ـ258 .


    ([24]) الازرقي ، اخبار مكة ،2/221ـ233 ـ235 .


    ([25]) ابن كثير ، البداية والنهاية ، 2/194؛ الازرقي ، اخبار مكة ،2/290 .


    ([26]) البكري ، معجم مااستعجم ، 1/ 270 ؛ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، 4/ 487 .


    ([27]) الفاسي ، شفاء الغرام ، 3/ 16 .


    ([28]) ابن حبيب ، محمد بن حبيب البغدادي (ت245هـ ) ، المنمق ، اعتنى بتصحيحه والتعليق عليه : خورشيد احمد فاروق ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، ط1، حيدر اباد ، الدكن ، ( الهند ، 1964) ، ص18 ؛ المسعودي ، مروج الذهب ، 2/32 .


    ([29]) البلاذري ، انساب الاشراف ،1/39 ؛ المسعودي ، مروج الذهب ،2/269 ؛ القلقشندي ، نهاية الارب ، 398؛ العصامي ، سمط النجوم ،1/162.


    ([30])البلاذري ، انساب الاشراف ،1/39 ؛ الشريف ، مكة والمدينة ، ص122.


    ([31]) ابن حبيب ، محمد بن حبيب (ت 245هـ ) ، المحبر ، اعتنى بتصليحه : الدكتورة اليزا ليختن شتير ، دار الافاق الجديدة ، ( بيروت ، بلا . ت ) ص167ـ168 ؛ البكري ، معجم مااستعجم ،1/89.


    ([32]) ابن منظور ، لسان العرب ،2/413 ( بطح ) ؛ الحميري ، محمد عبدالمنعم (ت710هـ ) ،الروض المعطار في خبر الاقطار ، ص7 .


    ([33])ابن حزم ، ابي محمد علي بن احمد (ت 456هـ ) ، جمهرة انساب العرب ، تح : عبدالسلام هارون ، دار المعارف ، ( مصر ، 1962) ، 1/ 15 ؛ القلقشندي ، صبح الاعشى ، 1/ 351 .


    ([34]) ابن حبيب، المحبر ،ص168؛ القلقشندي ، نهاية الارب ، 142،398 ؛ العصامي ، سمط النجوم ،1/163.


    ([35]) خرجت فروع من قريش ، فهم ليسو من الابطح ولامن الظواهر ومنهم خزيمة بن لؤي وارتحل الى ابني الحارث بن همام بن مرة بن شيبان ، وسموا عائذة قريش نسبة الى امهم عائذة بنت الحمس بن قحافة بن خثعم وقد ولدت مالكاً وتيماً ، وعرفوا ايضاً باسم بنو عائذة . ينظر : ابن حبيب ، المحبر ،ص168ـ 169 .


    ([36]) فان تصلح فانك عائذي وصلح العائذي الى قباذ

    القلقشندي ، نهاية الارب 334؛ العصامي ، سمط النجوم ،1/164 .




      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13 2024, 03:38