من طرف Admin الأربعاء يونيو 29 2011, 20:08
تقديم
تشكل دينامية الجماعات إطار للبحث في جماعة القسم ودراسة التفاعلات بيـن أفرادهـا والظواهر التي تنشأ جراء هذه التفاعلات .
وتتجلى أهمية دينامية الجماعات في مجال التعليم في توجيه الاهتمام الى القسم الدراسي باعتباره جماعة وإبراز أهمية الحياة الجماعية داخله و آثارها على التعلم و على التنشئة الاجتماعية ومن جهة أخرى تساعد دينامية الجماعات المربي على استثمار قوة الجماعة وطاقتها وديناميتها من حيث هي وسائل للتكوين و التعلم الذاتيين كما تساهم في التعامل مع جماعة القسم لا باعتبارها مجالا للمنافسة و الصراع بل مجالا للتعاون و التعاضد.
فما هو مفهوم الدينامية و الجماعة و أنواعها ؟ وما هو مفهوم جماعة الفصل؟ وما هي العلاقة التي تربط دينامية الجماعات وجماعة الفصل؟ وكيف يتم تطبيق دينامية الجماعات في المجال التربوي؟
I. دينامية الجماعات:
1- تعريف دينامية الجماعات :
أحد فروع علم النفس الاجتماعي الذي يدرس التفاعلات الاجتماعية داخل الجماعات سواء تمت هذه التفاعلات بين الفرد و الجماعة أو بين جماعة و أخرى، كما يهتم بدراسة ما ينجم من هذه التفاعلات من ظواهر نفسية اجتماعية مميزة لحياة الجماعات ومرتبطة بها.
وقد تمت مداولة عبارة دينامية بكيفية عامة وفضفاضة بداية أواسط الثلاثينات، وتنسب اغلب الدراسات التي استخدمها لأول مرة، إلى كورت لوين سنة 1944 ليشير بها إلى حقل علمي يهتم بدراسة الظواهر الناتجة عن تفاعل أفراد يوجدون في وضعية جماعة كما عرفها بأنها مجموع القوى النفسية و الاجتماعية المتعددة و المتحركة و الفاعلة التي تحكم تطور الجماعة.
ويعرف أبو النيل دينامية الجماعات بكونها بحثا نظريا و عمليا في الجماعة من حيث وظائفها و كيفية تكوينها و تغيير بنائها بمجهود أعضائها الذين يبذلونه في سبيل حل مشكلاتهم و إشباع حاجاتهم، أما ميزونوف فيعرف دينامية الجماعات كما يلي: "إن هذا التعبير مأخوذ في معناه الواسع يهتم بمجموعة المركبات و التطورات التي تتدخل في حياة الجماعات وخاصة جماعات "وجها لوجه "أ" في الجماعات التي يكون أعضاؤها جميعهم موجودين سيكولوجيا بالنسبة لبعضهم البعض ويعدون أنفسهم على علاقة متبادلة وتفاعل تقديري" .
وتتكون دينامية الجماعة من كلمتين هما : الدينامية و الجماعة.
• تعريف الدينامية:
تشير كلمة دينامية في الأصل الاشتقاقي إلى معنى القوى عند اليونان، وتعرف الدينامية بالحركية أو الحراك. وتعني القوى المتولدة عند تظافر جهود وقوى أفراد الجماعات، إن هذه القوى ليست قوة الفرد وحدها أو قوة الجماعة وحدها وهي القوة الناشئة عن التفاعلات داخل إطار جماعي.
وينتهي مفهوم الدينامية إلى ميادين مختلفة (الفيزياء ,علم النفس , العلوم الاقتصادية ) وبذلك فإن تعريف الدينامية يتعدد ويخضع لمتطلبات مفاهيمية خاصة بكل ميدان من هذه الميادين، غير انه نسجل وجود قاسم مشترك يتمثل في كل ما هو متعلق بالقوة و الحركة، و إذا اقتصرنا على العلوم الإنسانية يتحدد باعتباره مجموعة قوانين سلوك جماعة محددة توضع على أساس ارتباط متبادل بين أعضاء هذه الجماعة.
وفي السوسيولوجيا يتحدد باعتباره ذلك الفرع من علم الاجتماع الذي يدرس التغيرات أو المراحل المتتابعة لتطور الوقائع الاجتماعية.
أما في التحليل النفسي فان مفهوم الدينامية يتعلق بالمظهر الذي ينظر من خلاله إلى الظواهر النفسية الناتجة عن تكوين القوى الغريزية المرتبطة بصراعات الفرد.
• تعريف الجماعة:
يختلف علماء النفس الاجتماعي في تعريف الجماعة وذلك باختلاف الأسس و المنطلقات التي يستندون إليها في تحديد الحد الأدنى لعدد أفرادها.
وفيما يلي بعض التعاريف :
جاء في تعريف بورديو للجماعة "إنها تتحدد بمجموع العلاقات المؤقتة أو المستمرة العاطفية و المشروعة بين أعضائها أو بمجموع العلاقات التي تدعى تفاعلات باعتبارها علاقات عميقة و حقيقية" .
ومن هذا المنظور ليست الجماعة مجرد تجمع بشري يكونه عدد الأفراد الذين قد تجمعهم رابطة أو روابط مصاحبة مادية فقط، بل هي مجموعة من الأفراد الذين تربط بينهم روابط ذات أساس عاطفي تقوم عليها علاقات نفسية بينهم و تشد بعضهم إلى بعض ضامنة تماسكهم و ترابطهم .
كما انه هناك تعاريف مختلفة باختلاف المنطلقات الفكرية و المرجعية للباحثين، فميزونوف مثلا يرى أن مصطلح جماعة أكثر المفاهيم استعمالا في القاموس اليومي وهو يدل على الجماعات البشرية أيا كان نوعها.
أما حامد عبد السلام زهران فإنه يعرف الجماعة بكونها وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من الأفراد بينهم تفاعل اجتماعي متبادل وتتميز الجماعة الإنسانية بوجود اللغة كأداة رئيسية للاتصال، وتتحدد في الجماعة أدوار الأفراد الاجتماعية ومكانتهم وسلوكهم وفق مجموعة من المعايير و القيم الخاصة بها، وذلك من اجل تحقيق هدف مشترك.
أما موسوعة علم النفس الفرنسية تقول أن الجماعة فردان أو مجموعة من الأفراد يتفاعلون فيما بينهم ويتابعون هدفا مشتركا بشكل يتحقق فيه تواجدهم إشباعا لحاجياتهم الفردية، حيث أن " أتزيو و مارتن " يقولان بأن تشكيل الجماعة يبدأ من فردان على الأقل ويشيران إلى أن الفرد العادي لا يوجد في الواقع معزولا عن الآخرين من الناحية السيكولوجية، و الجديد الذي جاء به هذان الباحثان هو قولهما بأن مفعول الجماعة لا يظهر بجلاء إلا عندما يتعدى عدد أفرادها ثلاثة.
إذا من خلال التعاريف السابقة يمكن أن نستخلص تعريفا شاملا للجماعة وهو: " أن الجماعة هي وحدة اجتماعية تتكون من شخصين فأكثر يتم بينهم تفاعل اجتماعي وتاثير انفعالي ونشاط متبادل على أساسه تتحدد الأدوار والمكانة الاجتماعية للأفراد وفق معايير وقيم الجماعة وذلك من اجل إشباع حاجاتهم ورغباتهم سعيا لتحقيق أهدافهم