منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية 710
    عارضة الطاقة :
    المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية Left_bar_bleue90 / 10090 / 100المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية Empty المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 07 2011, 09:25

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    المحيط الجغرافي والطبيعي: تطور دراسة النظم البيئية

    لو أن هناك فرصة لإعادة النظر في تسميات بعض فروع العلم لكانت الجغرافيا على رأس هذه العلوم التي هي في حاجة ماسة إلى ذلك.. فلفظ الجغرافيا Geography لفظ إغريقي هو في الأصل geographica، مؤلف من شقين: أولها Geo ويعني الأرض، وثانيهما Graphica ويعني الوصف أو الصورة. وعلى هذا الأساس فالجغرافية هي "وصف الأرض أو صورتها" بصورة كلية. ومثل هذا المدلول قد يكون مقبولا عند التأريخ للإرهاصات الأولى لبزوغ العلم الذي كان تكوّن، ثم انبعثت منه عدة فروع صارت الآن علومًا مستقلة، فعندما نقرأ في كتب بعض الرحالة والجغرافيين العرب -مثل المقدسي وابن حوقل وابن جبير وغيرهم- عبارة تفيد بأنه زار مصر ووجد بها "نهرًا عظيم الفيضان، وهضابا عالية الارتفاع، وبقاعا سحيقة الانخفاض" ونحو ذلك.. كل هذا يمكن أن نتقبله من رجال ذلك الزمان، ولكن طبيعة ما يقوم به المشتغل بعلم الجغرافيا حاليًا، ومنذ فترة غير قصيرة جعلته ينتقل من مرحلة الوصف البحتة السابقة إلى مرحلة البحث عن السبب فيما تقع عليه عيناه، وترصده يده، وتسجله خرائطه؛ بمعنى آخر جعلته ينتقل من مرحلة الوصفية Descriptive Stage إلى مرحلة السببية Causal Stage، ومع هذه النقلة النوعية كان لا بد أن ينتقل علم الجغرافية برجالاته وأدواته إلى هذه المرحلة التي جعلته بالفعل يستحق أن ينسحب عليه لفظة "علم – Science"، فضلا عن انفتاحه على العلوم الاجتماعية التي تنشغل الآن بقضايا تحولات المساحة والمكان في ظل العولمة، وانتشار تقنيات الاتصال التي استلزمت إعادة التفكير في المكان، وعلاقته بالزمن وآثار اختصار المسافة على الأبنية والهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
    لقد ظل الطابع الوصفي مفروضًا على الجغرافية حتى بدأت ثورة السببية تجتاح فروع العلم فنال الجغرافيا منها نصيب وكان ذلك على يد كل من الألمانيين ألكسندر همبولت Humbolt ومعاصره كارل ريتير K. Ritter، وقد أصبح هذا الأخير أول أستاذ للجغرافية كعلم مستقل في العالم، وكان ذلك بجامعة برلين، حيث اتجه أول الأمر نحو الجغرافيا ليضع منها أساسًا لدراسة التاريخ، إلا أن الجغرافيا استهوته واحتوته، فما لبث أن انصرف إليها تمامًا، فنشر كتابه الأول "دراسة الأرض Erdkunde" الذي جعل منه أعظم جغرافي في عصره.
    وكانت الجغرافيا تدرس مع علوم الفيزياء والجيولوجيا تارة، أو كموضوع في دراسة التاريخ والفلسفة تارة أخرى، أو بالطبع في كليات الحربية والعسكرية، خاصة فرع الطبوغرافية أي رسم الخرائط والمساحة، فعلم الجغرافيا كان وثيق الصلة بمخططات التوسع الاستعماري، ولطالما استخدمت الجغرافيا كأداة لتحقيق أغراض سياسية، ومنذ بدأت حركة الكشف الجغرافي في نهاية القرن الخامس عشر (1493) كانت الجغرافيا مسخرة لخدمة هذا الغرض حتى أصبحت وظيفة الجغرافيين عملية رسم الخرائط للأجزاء المعلومة (المعمورة) من العالم، ثم بعد ذلك إضافة المستعمرات الجديدة كأجزاء من معمور اليابس.
    ولقد ظل اسم الجمعية الملكية الجغرافية البريطانية مرتبطًا بالكشف الجغرافي حتى صار الجغرافي مستكشفًا أو مساحًا، ومرة ثانية يسخر علم الجغرافيا لخدمة الأغراض التوسعية الاستعمارية، فرغم ما كان يشيع من روح علمية في رسم المصورات الجغرافية (الخرائط) التي قام بها علماء لا يستهدفون سوى المعرفة مثل مركيتور Mercator، فإن التسابق في رسم الخرائط والإعلان عن مناطق جديدة كان يعني ملكيتها واستعمارها، وهكذا ارتبط تقدم الجغرافيا بأغراض إستراتيجية.
    ومع بداية حركة التوسع الهتلري التي أفرزت فيما أفرزت فرعًا جديدًا من فروع الجغرافيا هو الجيوبلوتيكا Geopolitics الذي كان يوظف الجغرافيا في إعداد الخرائط وتوفير قواعد البيانات عن الموارد الأرضية والبشرية بالجهات المستهدف التوسع فيها، وهذا يختلف تمامًا عن فرع الجغرافيا السياسية Political Geography -اختلافًا في الهدف والمضمون.
    ويمكن القول: إن القرن التاسع عشر هو قرن التحولات في مفاهيم علم الجغرافيا سواء ما اختص العلم ذاته من قبل رجاله ومنظريه، أو ما أصاب العلوم وضروب المعرفة البشرية جميعها فنال علم الجغرافيا نصيبه من هذا كله.
    ومن غير شك نال الجغرافيا الكثير من التطورات وربما التغيرات في ظل حركة التغير في الفكر الفلسفي على مدى زمن المعرفة البشرية. وفي هذا الصدد يرى العالم الجغرافي المصري د. محمد زهرة أن الاتجاهات التأثيرية والانطباعية كانت ذات أثر مهم في نشأة المدرسة الحتمية عند راتزل Ratzel والإمكانية عند فيدال دي لابلاش، أي أن الفكر الفلسفي كان له تأثير هام في تطور مرحلتين من أهم مراحل التطور الفكر الجغرافي خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر حتى نهاية الربع الأول من القرن العشرين.
    وعلى هذا فليس مستغربا أن نجد مناهج الفكر الجغرافي الحديث تعتمد على الاتجاه التجريبي أو الوضعي أو حتى الوجودي، بل وتتبنى أفكارًا وأيدلوجيات مقابل تصورات جغرافية مثل نظرية ماركس عن ربط المجتمع النهري بالاستكانة والخضوع، أو الربط بين موقع دولة والدور السياسي الذي يمكن أن تلعبه، حتى قال الفيلسوف الفرنسي كوزان: "أعطوني خريطة بلد ما وأنا أتعهد بأن أدلكم مقدمًا على إنسان هذا البلد كيف سيكون وأي دور سيلعبه في التاريخ"، وهو خير تعبير عن الفكر الحتمي الذي تبناه الكثير من الفلاسفة والعلماء متأثرين بفكر تشارلز داروين Darwin 1858 وزميله ألفريد ولاس A. Wallas عن التطور العضوي والبقاء للأصلح، حيث اعتنق هذه الفكرة من الوجهة الجغرافية الألماني راتزل 1882 Ratzel، ومن بعده ديفيز Davis وسامبل Sambel وأخيراً هنتنجتون Huntington بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي فكرة تتجاهل القدرات التقنية والعلمية التي سهلت لدول صغيرة محدودة الموارد -مثل اليابان- أن تؤثر باقتصادها في توازنات السياسة الدولية حتى أثيرت مؤخرًا فكرة ضمها لمجلس الأمن.
    والحتمية البيئية من الناحية الجغرافية تعني ضرورة تكيف الإنسان مع محيطه الطبيعي حتى يكتب له البقاء.
    ويمكن القول إن للحتمية البيئية من الوجهة الجغرافية أصولا أقدم تعود للحضارة الإغريقية، حيث وصف أبيقراط 420 ق.م سكان الجبال بأنهم ذوو قامات طويلة فارعة، وشجاعة وبأس، على عكس سكان الأراضي السهلية الذين يتسمون بالخنوع والضعف.
    وقد تأثر العرب بالتراث الإغريقي، فنجد بعض الجغرافيين العرب يربط بين المناخ وخصائص السكان من الناحية البدنية والطباع والسلوك، وهو ما يمكن أخذه بحذر، لكن كثيرًا من ذلك الربط تغير مع تحولات الاقتصاد وتطورات العلم الحديث.
    وعلى وجه العموم فإن سيطرة النظرية الحتمية على التفكير حالت دون تفسير الظاهرة الجغرافية التفسير الوافي الدقيق، فانتهت إلى أحكام سريعة فيها من البساطة والتكرار الكثير، ورغم ما أحاط بنظرية الحتم البيئي من تفنيد ونقد خلال العصر الحديث فإن هذا لا يعني انحسار هذا الفكر تمامًا أو عدم وجود منظرين لها، فلو كان الأمر كذلك لما ظهر لنا فرع جديد من فروع الجغرافيا الاجتماعية يعرف بجغرافية الجريمة Geography of Crime الذي يحاول الربط بين نوعيات ومستويات الجرائم والظروف البيئية لمرتكبيها على أساس اختلاف الظروف الجغرافية، إذن فلم يزل هناك قطاع من علماء الجغرافيا يدور في فلك الفكر الحتمي، الذي قد يؤدي لأحكام عنصرية على جنس أو شعب، حتى ولو لم يعترف الجغرافيون بذلك.
    ويمكن اعتبار عام 1922 بداية الانتفاضة والثورة على الحتم البيئي، وذلك على يد الفرنسي بول فيدال دي لابلاش، خلال كتابه "مبادئ الجغرافيا البشرية"، ثم جاء كارل ساور Sawar في 1925، بالولايات المتحدة مؤسسًا لمدرسة جديدة مناهضة للحتم البيئي أطلق عليها مدرسة اللاندسكيب (هيئة الأرض) Landscape التي تهدف إلى أن الأرض وما بها من موارد ملك الإنسان، أي أن قيمتها تتحدد وفق حاجته لها واستغلاله إياها، بما يعني الحرية الكاملة للإنسان، ومناقضة مبدأ الحتم السابق.
    وجملة القول في هذا الصدد إن الجغرافيا تأثرت بالحتم البيئي، ثم تحررت منه كما تأثرت وتحررت كذلك غيرها كثير من العلوم.
    وقد اتفق الفيلسوف الألماني كانت Kant والجغرافيان هنتر Henter وهارتسهورن Hartshorn على أن هناك ثلاث طرق لدراسة الحقيقة، وتُعَدّ الجغرافيا أهم هذه الطرق على الإطلاق، أي أن بُعد المكان يكتسب أهمية معرفية ووجودية.
    وفي واقع الأمر فإن صياغة تعريف للجغرافيا يحدد وضعها بين العلوم التجريبية والإنسانية ليس بالأمر اليسير، فمثلاً حين أراد روجر منتشل R. Mintsuli في أواخر الستينيات أن يحصر التعريفات التي صيغت بها الجغرافيا وجد ما يربو على اثني عشر تعريفًا (كان ذلك منذ نحو نصف قرن)، وهو ما يدل على عدم وجود حدود واضحة صارمة لمجال العلم وعدم وضوح -أو قل عدم الاتفاق على- غايات العلم وهدفه ومن ثم مكانته بين بقية العلوم. فإن كان بيرد Bird (1993) يرى أن الجغرافيا لا تنتمي للعلوم الطبيعية أو للفنون وإنما هو تخصص يجمع بينهما، فإن الفرنسي بياجه Piaget يرى أن الجغرافيا كعلم يجب أن يتوارى ليفتح المجال لعلم جديد هو علم "المجال الجغرافي" L’espace بكل مكوناته المكانية والاجتماعية والنفسية.
    إلا أن الأمر في النهاية يمكن إجماله في أن الجغرافيا تخصص مميز يدرس قضايا تقع اليوم في المنطقة البينية أو منطقة التداخل بين حقول الدراسة الاجتماعية والطبيعية Interdisciplinary فإن كان البعض لا يروقه أن يستخدم الجغرافي أدوات أصحاب التخصصات الأخرى فإن ذلك قد يعني -لقاء هذا- أن يحتكر الجغرافي استخدام الخريطة على تخصصه ليُحَرِّم على كل فروع العلم (الطبيعية والإنسانية) توظيف هذه الأداة الهامة، وفي نفس الوقت لا يتعجب البعض حينئذ أن تصبح "نظم المعلومات الجغرافية" Geographical Information Systems حكراً على الجغرافيين فتحرم بقية التخصصات من وسيلة وتقنية علمية دقيقة ذات نتائج دقيقة تحسب للجغرافيين، ويفيد منها غيرهم من أصحاب العديد من التخصصات الأخرى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20 2024, 15:14