منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


2 مشترك

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:30

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Bism

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    د / أحمد إيشر خان

    تمهيد:
    إن الحديث عن تاريخ الحركة الفكرية في مغرب العصر الحديث هو خروج من الإطار التاريخي المعتاد والمتعارف عليه في مجال البحث باقتحام مجال جديد، أو على الأقل لم يلق العناية المستحقة التي تبرز أهميته في مسار الأمة المغربية وتاريخها.
    إن الانتقال من تاريخ السياسة إلى تاريخ الفكر، هو انتقال بالضرورة إلى تاريخ الأفكار التي تحدد معالم السياسة وتتحكم فيها عبر نسق وضمن منظومة مرجعية للسياسي [حاكم، قائد، قاضي، عالم مشارك، شيخ تصوف...] الذي يصدر الأحكام أو يطبقها اعتمادا على مرجعيته الفكرية.
    فلا يتحرك الفقيه ليصدر أحكاما سياسية إلا من خلال ما قرأه ودرسه وحفظه من أحكام فقهية، ولا يصدر الحاكم أحكامه إلا من خلال ما تلقاه من علوم سياسية، ومن خلال قراءاته لكتب الأحكام السلطانية والآداب السياسية، ولم يكن المتصوف وشيخ الطريقة ومريدو الزاوية يتحركون إلا اعتمادا على ما تلقوه من آداب الشيخ والمريد وكتب القوم والرقائق والمواعظ والرسائل الإخوانية، ومتداولات الفقراء.
    إن دراسة الحركة الفكرية هي دراسة للجانب القوي والخفي المحرك للدولة والمجتمع والنخبة، ندرك ذلك بسهولة عند تصفحنا لكتب الفتاوى والأحكام والاستشارات المتبادلة بين السلاطين والعلماء.
    ولن نكون بعيدين عن الصواب ولا مبالغين إذا قررنا بأن السياسي لا يتحرك إلا من خلال الفكري، ودليلنا على ذلك ما شهده المجتمع المغربي من تحركات وثورات وردود أفعال ـ كانت عنيفة أو مسالمة ـ بسبب فتوى أو رأي أو أحكام أو خطب، والنماذج التاريخية عندنا حاضرة بقوة، فلم يكن نجاح تأسيس الدولة المرابطية إلا بواسطة الفقه المالكي ، والدولة الموحدية إلا بواسطة الفكر المهدوي، والإمارة الدلائية إلا بواسطة الفكر الصوفي…الخ، كما شهد المغرب ثورات متعددة بسبب فتاوي فقهية لفقهاء أو بسبب أحكام لشيوخ التصوف، أو مراسلات للدجالين والمتنبئين ومدعي المهدوية ـ ابن أبي محلي وبوحمارة نموذجين ـ فطالما رد الفقيه أحكام الحكام وأبطل أحكامهم التنفيذية [مكوس، ضرائب، وسق..]. وقد كان الصراع واضحا في تاريخ المغرب الحديث بين فقهاء المالكية وفكر المتصوفة، ففي الوقت الذي ساند فيه الفقهاء – بفتواهم- استمرار الملك في الدولة الوطاسية بدعوى عدم شرعية نزع البيعة من الأعناق بدون موجب شرعي، نجد شيوخ التصوف قد تجاوزوهم بعلمهم – الذي هو علم أذواق لا علم أوراق- ليساندوا أمير جديد تتوفر فيه شروط الصلاح والجهاد. بمعنى أن الصراع كان بين الفقه والسلوك، لذلك سنلاحظ انتشار فكر الزاوية بدل فكر المدرسة والمسجد.
    1ـ مفهوم الحركة الفكرية:
    قد تتعدد مفاهيم الحركة الفكرية، لكن يمكن إجمالها في أنها العمل المرتبطة بالعقل، أو كل الإنتاج الذي استعمل فيها الفكر والتدبر والنظر بشرط أن تكون هذه الأفكار متداولة بين العلماء ومتنقلة في الوسط الاجتماعي، حيث تشكل الهم المشترك وحديث المرحلة، وقد تكون هذه الأفكار متنوعة أو من جنس واحد مثل الحركة المرتبطة بالعلوم والسياسة أو بعلم التاريخ، لكن المقصود هنا هو الحركة الفكرية بكل أشكالها بشرط التداول والتدوين، ويمكن أن ندخل فيها أيضا الحركة الفكرية الشعبية من خلال الاهتمام بالأدب الشعبي، وهو ما فعله الكونت هانري دوكاستري عندما درس رباعية سيدي عبد الرحمان المجذوب، والعلامة محمد الفاسي في كتابه معلمة الملحون، والدكتور عباس الجراري في كتابه القصيدة.
    أما العصر الحديث فنقصد به المغرب في عهد الدولتين السعدية والعلوية إلى عهد السلطان مولاي الحسن، باعتبار أن هذه الفترة شهدت تطورا ملموسا على مستوى النشاط الفكري والتراكم المعرفي ، بالإضافة إلى توفر المصادر والمراجع والوثائق المساعدة على الدراسة والمقارنة والتحليل بسبب طول المرحلة وقربها الزمني، وقد ساعدها في ذلك انحصار الثقافة العربية الإسلامية بسبب هيمنة الأتراك في الشرق الإسلامي، حيث أصبح المغرب قبلة للعلماء والمفكرين الذين وجدوا التشجيع لدى سلاطين الدولة المغربية.
    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:31



    2 ـ جذور الحركة الفكرية في المغرب الحديث:
    يمكن أن نرجع جذور الحركة الفكرية في المغرب الحديث إلى عصر الدولة المرينية نظرا لما شهده المغرب في هذه الفترة في المجال العلمي من بناء المدارس وتأسيس المكتبات، وتشجيع العلماء ببناء المراكز الخاصة بالطلبة وتوقيف الأوقاف لفائدة الكراسي العلمية، وإجراء الجرايات لصالح العلماء والمدرسين والمؤلفين والخطاطين، وقد انخرطت الدولة المرينية بشكل فعلي في الحركة العلمية بالمغرب حيث شارك سلاطينها في المجالس العلمية، ومازالت في كتب التاريخ نصوص تتحدث عن أبي الربيع سليمان وأبي الحسن المريني وأبي عنان اللذين رفعوا من شأن العلم وطلابه في مختلف العلوم وخصوصا في الفقه المالكي.
    ويمكن أن نرجع بجذور الحركة الفكرية إلى ما قبل هذا التاريخ ، حيث نتلمس مظاهرها في العصرين المرابطي والموحدي، فلم يكن عبد الله بن ياسين سوى فقيه من فقهاء المالكية، ولم يكن المهدي بن تومرت سوى شهابا واريا من العلم على حد تعبير بن خلدون.
    لكن في العصر الحديث يمكن أن نتحدث عن مخاض لحركة فكرية جديدة أضافت إلى الاهتمام الذي كان سائدا لدى المغاربة في الدين والأدب، الاهتمام بعلوم جديدة دخلت إلى المغرب مع العناصر المهاجرة إليه بفضل الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي مع مطلع قيام الدولة السعدية، فيمكن الحديث عن علوم ادخلها أهل الأندلس إلى المغرب ومنها علم القراءات والطب والصيدلة والترجمة والموسيقى، وعلم المناظرة بين الأديان، والعديد من المصطلحات التي كان يستعملها الأندلسيون:« كالساروت، الكشينة، الفالطا، الصيمانا، البنديرة…» وغير ذلك مما دخل مع الموجات الأندلسية التي وصلت للمغرب طيلة قرون خصوصا بعد طرد الموريسكيين عام 1018هـ/1609م.
    أما من ناحية شرق المغرب وبسبب سيطرة الأتراك على العالم الإسلامي وبقية دول شمال إفريقيا (تونس والجزائر) فقد هاجر عدد من علمائها وسكانها إلى المغرب ، وأدخلوا معهم مجموعة من العلوم خصوصا علم المنطق والبيان والبلاغة وعلم الكلام، وتحتفظ لنا كتب الطبقات بذكر مجموعة من العلماء الذين هاجروا من وهران وتلمسان وتونس وبلاد الشام، وهم يحملون ألقاب مواطنهم الأصلية مثل: التلمساني، المقري، الراشدي، الوهراني، الونشريشي، التونسي، المقدسي، الحلبي…الخ. وبسبب مساهمة الأتراك في الجيش المغربي فقد أثروا في اللغة المغربية وبخاصة العسكرية والإدارية فنجد كلمات مثل: طبجي، طابور، باشا، باشادور، صبايحي، الشاوش، درويش، قهواجي، سنجق…، كما أدخلوا الكثير من اللباس مثل الطربوش.
    وبسبب التلاقح التاريخي بين المغرب والسودان الغربي والارتباط التاريخي فقد أثر السودان الغربي في الحضارة المغربية والحركة الفكرية بالمغرب الحديث، وذلك بسبب اتساع خريطة المغرب وتوسعه جنوبا إلى حدود نهر النيجر ،وخصوصا الكثير من الممارسات وطقوس التصوف ،كعلم التراجم والطبقات والنحو، وقد دخل مجموعة من علماء السودان واستقروا بالمغرب أمثال أحمد بابا التنبكتي الذي درس بمراكش حوالي 10 سنوات خصوصا الفقه والتراجم، وقد تمكن بواسطة الخزانة المغربية من تأليف مجموعة من الكتب ،ومنها كتاب نيل الإبتهاج وكتاب كفاية المحتاج ، وفي المجال العام نقف على الكثير من المظاهر والعادات والتقاليد ذات الأصل السوداني في الجيش والطبخ والموسيقى ومنها فرق گناوة بموسيقاها وكلماتها من أصول غانية.
    وقد ساهم العنصر الأوربي في الحركة الفكرية بمغرب العصر الحديث ،حيث دخل مجموعة منهم في الخدمة العسكرية وهم الذين يطلقون عليهم اسم العلوج، ثم عن طريق الأسر، وساهموا في البناء والمعمار وفي الهندسة وصناعة الأسلحة، والتدريس وخصوصا في الطب حيث كان مجموعة منهم أطباء لسلاطين المغرب ، كما تم إدخال مجموعة من الكتب العلمية مقابل نقل مجموعة من المخطوطات إلى أوربا، ويمكن أن نتحدث عن مجموعة من العلوم التي وفدت من وسط العالم الإسلامي ، خصوصا علم التفسير والشعر، وذلك بالرجوع إلى كتب التراجم والطبقات لقراءة سير علماء مشارقه ساهموا في الحركة الفكرية بالمغرب الحديث.
    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:32



    3ـ مراكز الحركة الفكرية بالمغرب:
    شملت الحركة الفكرية خلال العصر الحديث مناطق شاسعة من التراب المغربي، ولو أنها تفاوتت من منطقة لأخرى، إذ استحوذت المراكز التقليدية على حصة من هذه الحركة خاصة فاس من خلال القرويين ومسجد الأندلس، ومراكش، بجامعة ابن يوسف ومسجد الحرة وجامع أبي العباس السبتي، والمحمدية (تارودانت) بالمسجد الأعظم.
    تلت هذه المراكز التقليدية المدن المتوسطة مثل: تطوان، وجدة، تازة، مكناس. بالإضافة إلى مدينة سلا في العصر العلوي.
    ونجد أيضا المراكز الصغرى مثل: إيليغ، سجلماسة، غصاوة ، وزان، فجيج، القنادسة، … وغيرها وهي أكثر من 50 مركزا، وكانت هناك أيضا مراكز بالجنوب خاصة بين وادي سوس ووادي درعة (مهد الدولة العلوية) وهما أشهر مركزين بالجنوب، إضافة إلى تمنارت، إيفرن، ماسة،، لكتاوة، والزاوية الناصرية. وفي أقصى الجنوب المغربي توات، تيغزة، كورارة، لكتاوة…
    ونعثر أيضا على المراكز بالأطلس المتوسط كالزاوية الدلائية والصومعية والعياشية وزاوية تنغملت …
    ومن ملاحظات المهمة التي يجب التركيز عليها:
    أ ـ أن أكثر المراكز العلمية توجد بالشمال خاصة بين فاس وتطوان مثل فشتالة، زرهون، غصاوة، جبل العلم ، شفشاون،…، ويمكن ربط ذلك باستقرار الجالية الأندلسية بالمنطقة.
    ب ـ أن الزاوية خلال العهدين السعدي والعلوي قامت بدور كبير في تنشيط الحركة الفكرية بالمغرب.
    ج ـ أن المراكز القروية هي التي ستضطلع بحماية ورعاية الحركة الفكرية بالمغرب الحديث، من خلال مؤسسات الزوايا، ولعل ذلك مرتبط بتحويل الزوايا من مراكز سياسية إلى مراكز علمية من طرف السعديين.
    وقد حاولت مجموعة من الزوايا العودة إلى الحركة السياسية خلال ضعف الدولة ، ونذكر منها الدلائية والشرقاوية والوزانية والدرقاوية.
    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:32




    4- الدلائيون من العلم والتصوف إلى الإمارة والملك:
    ظهرت الزاوية الدلائية على مسرح الأحداث خلال العهد السعدي، وكان تأسيسها عام 974هـ/1668م، بجبال آيت إسحاق (مابين خنيفرة وقصبة تادلا) وتعرف أيضا بالزاوية البكرية نسبة إلى شيخها الأول أبو بكر الدلائي المجاطي المتوفى عام 1021هـ/1612م، واستمرت هذه الزاوية حوالي 100 سنة ، وجاء تأسيسها في إطار الحركة الجزولية لتأسيس الزوايا بالمناطق البعيدة من المراكز الحضرية المعروفة، وهكذا فقد قام أحد المتصوفة وهو أبو بكر الدلائي بتأسيس زاوية بجبال الأطلس المتوسط، فحاول هذا المؤسس تغيير ملامح الزاوية التقليدية وتطويرها وذلك بإضافة مرافق أخرى، كالمكتبة التي قيل إنها فاقت مكتبات الأندلس، حيث احتوت على أزيد من 10.000 كتاب، كما شيد جناح خاص بطلبة العلم وصل إلى 1400 مسكن، وسعى إلى استقطاب العلماء من مختلف بقاع العالم الإسلامي، ووفر لهم كل سبل الاستقرار لتصبح الزاوية الدلائية مركزا رائدا بالمغرب الحديث خاصة من الناحية العلمية، بل تجاوزت في بعض الأحيان حاضرة فاس سواء من حيث مكتباتها أو أسوارها وقصورها ومساجدها وأسواقها ودور نساختها.
    وهكذا فقد اهتم أهل الزاوية بتنويع تدريس العلوم التي تراوحت بين النقلية والعقلية ، وركزوا على هذه الأخيرة خاصة الرياضيات، المنطق، الفلك، الهندسة، التاريخ، الطب، البيان إضافة إلى الأدب وعلوم الدين، واستدرجوا علماء المشرق والأندلس للتدريس بالزاوية ، ونذكر منهم على سبيل المثال: أبو علي الحسن الدرعي صاحب كتاب شرح صغرى السنوسي في التوحيد وشرح لامية المجراد في قواعد الجمل في الحساب، والقاضي محمد ابن سودة الفاسي، والعالم محمد بن سعيد المرغيثي السوسي صاحب كتاب المقنع في التوقيت، والمؤرخ الشهير أحمد ابن القاضي صاحي كتاب المنتقى المقصور، وقد تخرج من هذه الزاوية جهابذة علماء العصر العلوي الأول نذكر منهم العالم الشهير أبو علي الحسن اليوسي والفقية عبد الواحد بن عاشر والعلامة المسناوي الدلائي.
    لقد تحولت الزاوية البكرية من زاوية لنشر الطريقة الجزولية الشاذلية إلى الاشتغال بالشؤون السياسية، نتيجة الأحوال التي شهدها المغرب بعد الوفاة المفاجئة لأحمد المنصور الذهبي عام 1012هـ. وقد تحول مجموع من شيوخ الزوايا إلى أمراء أو حكام مناطق شاسعة أو متدخلين في شؤون الدولة المفككة أوصالها، ونذكر منهم ابن عبد المنعم الحاحي شيخ جبل كيك، ومدعي المهدوية الفقير ابن أبي محلي والشيخ أبو حسون السملالي شيخ زاوية إليغ، وعلى غرارهم عمل حفيد مؤسس الزاوية الدلائية وهو محمد الحاج الدلائي الذي نقل مجال عمل الزاوية من المجال العلمي إلى المجال السياسي فخاض حروبا ضد بقايا الدولة السعدية بمراكش وضد الإمارة السملالية بسوس وضد الدولة العلوية الناشئة، وتزعم حركة الجهاد ضد الأسبان بالمهدية، لكن طموحات هذه الزاوية انتهت أمام المولى الرشيد في معركة بطن الرمان عام 1079هـ، لكن نهايتها الفعلية كانت مع المولى إسماعيل. لقد جسد محمد الحاج الدلائي دور المثقف الذي حاول تجسيد الفكري فيما هو سياسي، وساعده في ذلك مكانة الزاوية في نفوس المنتسبين إليها والمتعلقين بها.
    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:33




    5 ـ نماذج من علماء أثروا في الحركة الفكرية:
    من الأدلة التي تدل على وجود حركة فكرية هو وجود رجال نشطوا هذه الحركة بالمغرب الحديث، وردا على مقولة أن العصر الحديث كان عصر ركود فكري نقول إن المغرب خلال هذه المرحلة صار قبلة العديد من الأوربيين الذين اختاروا وجهته للأخذ عن علمائه والاقتناء من مدخراته في مجال العلوم ونذكر على سبيل المثال في العصر السعدي:
    ـ الطبيب الجراح جيوم بيرار Geome berareالذي قضى بالمغرب حوالي 10 سنوات أتقن خلالها اللغة العربية، وأخذ عن أطباء مغاربة كالطبيب الوزير الغساني، والطبيب عبد الغني الزموري. إضافة إلى مجموعة من الأطباء الذي جاءوا لتعلم الطب واقتناء الكتب.
    ـ الأستاذ اللغوي الهولندي طوما أربنيوس Toma Arbanioss الذي اتصل بالمغاربة ، وأخذ عنهم اللغة العربية ، وألف كتاب المقدمة الأجرومية الذي ترجم إلى اللغات الأوربية، حيث ظل يدرس بأوربا زهاء قرنين من الزمن بل أسس مطبعة عربية بهولندا أصبحت تعرف بدار بريل.
    وللاستدلال أكثر على أن الحركة الفكرية كانت تسود في العصر الحديث يكفي أن نعود لكتب التراجم، إذ عرف هذا العصر العديد من العلماء الذين تفتقت قريحتهم العلمية عن العديد من المؤلفات، إن استحضار نماذج من سير علماء أثروا في الحركة الفكرية بالمغرب الحديث يجعلنا أما زخم من الأسماء التي يحق أن نسميهم علماء مؤثرون، وهم الذين ساهموا في تطوير الحياة الفكرية بالمغرب طيلة العصر الحديث، بشقيه السعدي والعلوي ونذكر في هذا الباب:
    ـ عبد الواحد الأصيلي: هو من أكبر علماء العصر الحديث، فقد كان عالما رياضيا، اهتم بعلم الفلك، واشتهر بكتابة الرسائل المشفرة، وكان أمين مال المنصور وسفير ديبلوماسي، وقد كلف من طرف المنصور بالسفارة لدى الملك إليزابيت الأولى ، حيث ذهب إلى بريطانيا عام 1008هـ/ 1600م وظل بها 6 أشهر ليساهم في رسم خرائط لمحاصرة إسبانيا وطردها من الهند، وكان له إلمام باللغات، كما كلفه المنصور بمراقبة السوق الإنجليزية واستخلاص الديون المغربية المستحقة لدى الشركات، وكلفه أيضا بالاتصال بالعلماء الإنجليز لمعرفة أين وصلوا في العلوم التطبيقية، وقد اتصل بالعالم إدوارد ويريغت Idward Wirgaitحيث استفاد منه في علوم البحر والفلك، بل الأكثر من ذلك اشترى منه آلة الأسطرلاب والساعة والمزولة، وآلة قياس ارتفاع الأجرام السماوية، وآلة تحديد اتجاه القوافل في الصحراء ،وطلب من العالم الإنجليزي أن يصنع كل الآلات من النحاس والفضة لصالح المغرب، بشرط أن ألا يضع عليها أرقاما إلى أن تكتب بالعربية. وهذا فيه نوع من الاستيراد التكنولوجي بتعبيرنا الحالي.
    ـ الطبيب عبد الغني الزموري: اشتهر كثيرا بتجريب الأعشاب (علم طب الأعشاب) أو ما يسمى بالصيدلة المغربية. لقد كان عالم كبيرا بكيفية تركيب الأعشاب، وألف في ذلك كتب في خواص النباتات وكيفية تركيبها ومنها كتاب خواص النباتات شرح فيه الأدوية ومعناها في لغات عديدة ومنها اليونانية والسريانية والفارسية والعجمية وغيرها، ومن كتبه أيضا نذكر “القانون المفيد في علاج الحصى بقول سديد” وقد توفي هذا الطبيب حوالي عام 1030هـ/ 1621م.
    ـ محمد بن سليمان الروداني: عاش في العصر العلوي اشتهر بجولاته في المشرق ومشاركته في جميع العلوم، لكن أهم شيء قام به هو اختراعه لآلة في علم التوقيت سماها: الآلة الجامعة النافعة في علم التوقيت والهيأة، كما ألف رسالة في شرحها، وعلم الهيأة هو علم أشكال النجوم ومعرفة الأجرام السماوية وأشكالها وأوضاعها ومقاديرها وأبعادها، وألف أيضا في الرد على مجموعة من الرياضيين معتمدا على براهينه ومعادلاته ودراسته الشخصية، وقد ذكر مجموعة من الباحثين أن هذا الرجل كان قريبا من معرفة نظرية الجاذبية التي اكتشفها الفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن بعد موت الروداني بمدة قصيرة عام 1687م. توفي العلامة الفقيه الروداني سنة 1094هـ/1683م.
    وقد قام خلال هذه المرحلة العلماء بترجمة مجموعة من الكتب الأجنبية إلى العربية خاصة من الإسبانية والبرتغالية، نظرا لتقدم الجزيرة الإيبيرية في علوم البحار، وهكذا فقد ترجموا كتب المدفعية. ومن أشهر الكتب “العز والمنافع للمجاهدين بالمدافع” الذي ترجمه إلى الإسبانية إبراهيم غانم الأندلسي ونقله إلى العربية بعد اتفاق مع المؤلف أحمد ابن قاسم الحجري الشهير بأفوقاي، ويتطرق هذا الكتاب إلى كيفية صنع المدافع وأنواعها وآلاتها، وكيفية جر المدافع واستعمالها، ولطرق الحرب، وهو كتاب معزز ب 70 صورة للمدفعية. كما ترجم هؤلاء العلماء العديد من الكتب في الفلاحة، الطقس، أحوال السنة وكتب في الهندسة والطب والرياضيات وعلوم البحر. كما ألف مجموعة منهم كتبا في علوم سك النقود بالمغرب، ومنهم العالم محمد بن يعقوب القيسي، خاصة وأن دار السكة بمراكش كان بها ألف واربعمائة مطرقة تضرب الدنانير الذهبية الخالصة كل يوم على حد تعبير الإفراني في نزهة الحادي. ونختم هذا النقطة بالإشارة إل ذكر مجموعة من علماء المدرسة التاريخية:
    ـ الفشتالي: أبو فارس عبد العزيز صاحب “مناهل الصفا” وهو الذي قال في حقه أحمد المنصور الذهبي: «نفتخر به على ملوك الأرض ونباهي به لسان الدين بن الخطيب».
    ـ ابن القاضي: صاحب المؤلفات التاريخية الشهيرة ومنها المنتقى المقصور وهو في تاريخ الدولة السعدية وكتاب التراجم درة الحجال .
    - الوفراني محمد الصغير، وهو مؤلف نزهة الحادي في تاريخ الدولة السعدية وبداية الدولة العلوية وصفوة من انتشر في رجال التصوف.
    mojaz
    mojaz
    عضو متميز
    عضو متميز


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue50 / 10050 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 235
    نقاط : 437
    تاريخ التسجيل : 06/04/2011

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف mojaz الخميس يوليو 28 2011, 17:34




    6 ـ نصوص مختارة مؤثرة في الحياة الفكرية بالمغرب الحديث:
    من الأشياء التي ينبغي أن نتحدث عنها هنا هي نصوص فكرية مؤثرة تؤكد ما قلناه في المحور السابق، ونتساءل هل هناك فعلا نصوص تدل على هذه الحركة الفكرية؟
    يحتار الباحث أمام الزخم الكبير من النصوص ذات البعد والأثر في الحركة الفكرية بالمغرب الحديث على جميع المستويات خصوصا النصوص الفكرية المعتمدة على الجدل وعلى البراهين العقلية والتي اهتمت بالسياسة والمجتمع، وقد كتب الكثير من العلماء في هذا المجال ونذكر على سبيل المثال: كتب في مجال تسيير شؤون الدولة سياسيا واقتصاديا ومنها كتابات الفقيه أبوعلي الحسن بن مسعود اليوسي حيث ألف في المجتمع والآفات التي أصابته، وعلماء آخرون كأحمد بن أبي محلي والفقيه عبد الكريم القسطنطيني.
    ونعطي المثال بنص يتعلق بآفة اجتماعيه وهي آفة التدخين التي أصابت شرائح المجتمع المغربي خلال العصر السعدي خصوصا بعد فتح بلاد السودان حيث أدخل السودانيين إلى المغرب عادة استنشاق طابا وشرب الدخان، وكان ذلك عام 1005هـ/ 1006م، والظاهر أنها دخلت مع السودانيين الذين رافقوا الفيلة التي جاءوا بها إلى المنصور بمراكش، وقد لاحظ المؤرخون سرعة انتشار التدخين وأصبحت له سوق رائجة مما تسبب في تدفق السفن التجارية الإنجليزية والهولندية التي تحمل الكميات الهائلة من التبغ لتقابله بالذهب المتدفق على المغرب من السودان ، وأيضا بالزرع والخيول والسكر ، مما سبب خسارة كبيرة للدولة المغربية في العصر السعدي، فانبرى مجموعة من العلماء للتصدي لهذه الآفة الدخيلة على المجتمع المغربي ، وقد وجدوا معارضة شنيعة من طرف التجار والغوغاء وبعض العلماء المدمنين على التدخين ، وفي طليعتهم الفقيه ابن أبي محلي ومن تلك النصوص نقتطف نص للفقيه علي ابن أحمد الشامي:« ما قولكم ـ رضي الله عنكم ـ في هذه العشبة الخبيثة الشهيرة على الألسنة بطابا؟ لا طابت معيشة مشتهيها، ولا ربحت تجارة بائعها ومشتريها، اختلقها الشيطان، واتخذها من جملة الأشراك والأشطان وخدع بها من استثناه من قوله تعالى: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾، ولم تزل تلفظها البلدان، وترفضها الأعاجم والسودان، إلى أن ألقت بهذا المغرب عصاها».
    وقد ألفت في هذا الموضوع كتب كثيرة فيها جدال حول الدخان منها “معدد السنان في نحور إخوان الدخان” للفقيه عبد الكريم القسطنطيني، وانخرط في هذه النازلة علماء من المشرق ومنهم علي الأجهوري بكتاب سماه «غاية التبيان لحل شرب ما لا يغيب العقل من الدخان» واستمر الجدال إلى أن انتصر أصحاب رأي حرمة الدخان.
    نجد أيضا ذكر للدخان في كتب التصوف ومنها كتاب الإبريز حيث قال مؤلفه ابن مبارك السجلماسي:«لا منفعة فيه نعم يحدث بسبب شربه ضرر في الذات، ويصير الدخان بعد ذلك نافعا له، فهو بمنزلة من قطع ورقع، وإذا لم يشربه صاحبه أصلا لم يحمل فيه قطع حتما يحتاج إلى ترقيعه، فيظن أصحابه أن فيه نفعا وليس فيه إلا هذا»، على أن من أبرز من تحدث عن آفة الدخان في المجتمع هو أبو سالم العياشي في رحلته ماء الموائد.
    المصدر : موقع دكتور أحمد إيشر خان


    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 12ca3a1977e8a633556cd0579736dbd3
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث 710
    عارضة الطاقة :
    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث Empty رد: الحركة الفكرية بالمغرب في العصر الحديث

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 28 2011, 21:39


    مساهمة قيمة جدا
    حول موضوع مهم، أغفلته جل الكتابات
    التاريخية.
    فشكرا جزيلا على هذه المساهمة الجميلة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28 2024, 05:31