منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها 710
    عارضة الطاقة :
    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Left_bar_bleue90 / 10090 / 100نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Empty نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 22:44

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها

    يذكر الكاتب ايميل توما في كتابة جذور القضية الفلسطينية الفصل الثالث انه لم يكن من قبيل المصادفة أن تنشأ الصهيونية في أوروبا وأن يكون توقيت ظهور منظمتها في نهاية القرن التاسع عشر، وان تصوغ أيديولوجيتها على الوجه الذي صاغته فيه. فالأوضاع الاقتصادية والسياسية هي التي خلقت التربة لظهور اللاسامية، والصهيونية التي زعم أصحابها أنها الرد الوحيد على اللاسامية.

    إن الاستيطان الكولونيالي الذي بدأ في القرن الثامن عشر استمر في القرن التاسع عشر وخاصة في أقطار أفريقيا، إلا أن الأمر الحاسم الذي ميز الربع الأخير من ذلك القرن كان انتقال الرأسمالية في أوروبا إلى أعلى مراحلها: مرحلة الإمبريالية.

    وهذا كان يعني تحول رأسمالية التنافس الحر إلى الاحتكار واندماج المال المصرفي بالصناعة وتصدير رؤوس الأموال وإقامة احتكارات عالمية وتقسيم المستعمرات تماماً.

    هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فالانتقال من الرأسمالية إلى الإمبريالية شدد الصراعات الاجتماعية والقومية. وجعل الصراع بين الطبقة العاملة والرأسمالية الصراع الجوهري الذي يترك طابعه على كل ميادين الحياة ونواحي التطور.

    ولم ير القرن التاسع عشر شيوع أيديولوجية الاشتراكية العلمية ومولد الحركة الشيوعية العالمية(1) فحسب. بل شهد أول محاولة في التاريخ تقوم بها الطبقة العاملة (الفرنسية) لخلع نير الرأسمالية وإقامة المجتمع العادل الذي يقضي على استغلال الإنسان للإنسان.

    لقد هزت هذه المحاولة التي يعرفها التاريخ بكومونة باريس عام 1871 الرأسمالية وخاصة في أوروبا وأيقظتها على خطورة الطبقة العاملة التي اتسعت صفوفها بفضل التطور الصناعي المتواصل وتحسن تنظيمها بفضل خبراتها المتراكمة، وتعمقت نضاليتها الثورية نتيجة ظروفها القاسية.

    ولجأت الرأسمالية إلى مختلف الأساليب لوقف المد الثوري.
    فمن الناحية الواحدة استخدمت القمع والعنف في وقف مد النضال الطبقي الثوري، ومن الناحية الأخرى لجأت إلى الاستيطان الكولونيالي في سبيل تخفيف عنف هذا الصراع.

    هكذا وصف الإمبريالية سيسل رودس(2) دور الكولونيالية الاستيطانية في هذا الصراع في عام 1895:
    "كنت أمس في الايست اند (حي العمال في لندن) وحضرت اجتماعاً من اجتماعات العمال العاطلين وقد سمعت هناك خطابات فظيعة كانت من أولها إلى آخرها صرخات الخبز! الخبز! وأثناء عودتي إلى البيت كنت أفكر بما رأيت، وتبينت أوضح من السابق أهمية الاستعمار.. إن الفكرة التي أصبو إليها هي حل المسألة الاجتماعية، أعني: ليكما ننقذ أربعين مليوناً من سكان المملكة المتحدة من حرب أهلية مهلكة ينبغي علينا نحن الساسة طلاب المستعمرات أن نستولي على أراض جديدة لنرسل إليها فائض السكان ولنقتني ميادين جديدة لتصريف البضائع التي تنتجها المصانع والمناجم. فالإمبراطورية، وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً، هي مسألة البطون. فإذا كنتم لا تريدون الحروب الأهلية ينبغي عليكم أن تصبحوا استعماريين".(3)

    ولم تكتف الرأسمالية بهذين الأسلوبين بل استخدمت اللاسامية أيضاً حين دعتها إلى ذلك ضرورة تحويل الصراع الاجتماعي عن مساربه الصحيحة.

    وابتدع الرجعيون اللاسامية- وهي من الأيدلوجية العنصرية السيئة الصيت- في هذه المرحلة بالذات، مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الإمبريالية واحتدام الصراعات الاجتماعية في أوروبا لأنهم اعتقدوا أنها سهلة الترويج.

    ويحدد كثيرون من المؤرخين وقت ظهور اللاسامية في سنوات السبعين من القرن التاسع عشر ويؤكدون أن الساسة لجأوا إليها خدمة لأغراضهم.

    وهذا ما يؤكده ماكس ديمونت في مؤلفه "اليهود والله والتاريخ" حين كتب: ان اللاسامية وهي أيديولوجية معاصرة تختلف تمام الاختلاف عن معاداة اليهود، في القرون الوسطى. نشأت في أواخر القرن التاسع عشر (ص 311 و 313). وشاعت بين الفئات المتوسطة التي كانت قلقة بحكم عدم استقرار أوضاعها الاجتماعية (ص 315) وأضاف ان ساسة اليمين استخدموها في محاربة ساسة اليسار. ثم كتب: وفسر الساسة عدم استقرار هذه الفئات لا بأسبابه الاجتماعية والاقتصادية، بل بسبب شرور اليهود. فإذا كانت هذه الفئات تخاف اخطار الرأسمالية عليها، لوحوا لها باليهودي الرأسمالي المستغل، أما إذا كانت تخاف الشيوعية فكانوا يلوحون لها بالشيوعي اليهودي المتآمر.(ص 318)

    وهكذا فظهور الأيديولوجية العنصرية رافق الإمبريالية التي كانت تبرر احتلالها وسيطرتها على الأقطار المختلفة في آسيا وأفريقيا بذريعة "تمدين" شعوبها.

    وذريعة "التمدين" التي اتخذت شعاراً لها "عبء الرجل الأبيض" استنفرت بطبيعة الأمور فكرة رقي شعوب الدولة الإمبريالية عرقاً على الشعوب المتخلفة ونقواتها العنصرية بالنسبة لتلك التي أدنى منها تطوراً أو "أغمق" منها لوناً.

    وتؤكد حقائق التطور أن الأيديولوجية العنصرية كانت أسبق من اللاسامية التي تفرعت عنها، وأن اللاسامية انتشرت أول ما انتشرت في ألمانيا الإمبريالية في وقت الصراع الاجتماعي.

    ويتفق كافة المؤرخين على ان مستشار ألمانيا بسمارك الذي قام بدور كبير في انعتاق اليهود ودمجهم في الحياة الألمانية، لجأ بنفسه إلى اللاسامية في معركته السياسية حين قاد معركة حزب المحافظين مع الأحرار الذين اعتبرهم تقدميين.

    وكتب هوارد مورلي ساخر في مؤلفه "مسيرة التاريخ اليهودي المعاصر" يؤكد ارتباط اللاسامية بالصراع الاجتماعي على النحو التالي:
    "وكانت سنوات السبعين في القرن التاسع عشر بالحقيقة سنوات أزمة الطبقة الوسطى الدنيا. كانت سنوات هبوط اقتصادي فقد خلالها أصحاب الحوانيت والمعلمون، بشكل خطير مكانتهم بوصفهم أصحاب الياقات البيضاء". وأضاف: "وخلال هذه الفترة بالضبط ظهر المدعو أدولف ستوكر وأدرك كره هذه الفئة الاشتراكية الماركسية والبروليتاريا فأسس "حزب العمال المسيحي الاجتماعي" واستخدم اللاسامية في دعايته لكسب الأنصار". (ص 224-225)

    ويتأكد ارتباط اللاسامية بالأوضاع الاجتماعية الاقتصادية في أنها لم تظهر إلا في أوقات احتدام الصراعات الاجتماعية وتبددت حين لم تعد هناك ضرورة لها. ولذلك لم يكن من قبيل المصادفة أن اللاسامية التي شاعت في ألمانيا في سنوات السبعين والثمانين في القرن التاسع عشر اختفت تقريباً من الحياة السياسية عند نهاية القرن المذكور ومطلعه لتعود إليها في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، في وقت احتدم فيه الصراع الاجتماعي احتداماً هائلاً واتسعت صفوف الحركة الشيوعية وتعاظم دورها في الحياة الاقتصادية والسياسية.

    وليس يهمنا طبعاً من اللاسامية هنا غير مقولتها الأساسية، فهي انطلاقاً من مصدر أيديولوجيتها العنصرية تعتبر اليهود أمة منفصلة لا يمكن لأفرادها أن يندمجوا بالشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها.

    ولذلك كانت اللاسامية نقيض حركة انعتاق اليهود التي اقترنت بالثورات البرجوازية، في أوروبا على وجه التحديد، وخطت خطوات بعيدة المدى في دمج الطوائف اليهودية بالقوميات التي تعيش في أقطارها.
    واقترن ظهور اللاسامية بتطور عيني في الفكرة القومية في أوروبا.
    لقد كانت الحركات القومية في أوروبا حركات تقدمية دينامية هدفت إلى تصفية تجزئة الإقطاعية وانعزالية ولايات الشعب الواحد.

    وفي الفترة التي نحن بصددها، على الرغم من بقاء جيوب الكفاح القومي في الإمبراطوريات المتعددة القوميات في أوروبا، كانت الفكرة القومية قد فقدت طابعها التقدمي وأصبحت أداة في أيدي الإمبرياليين يستخدمونها لتوسيع إمبراطورياتهم تحت شعار "الكبرياء القومي" و "تمدين الشعوب".

    وظهر هذا التغيير في طابع الحركات القومية في الحرب الفرنسية- البروسية التي خاضتها بروسيا من أجل خلق الأوضاع لإتمام وحدة المانية. ولكن هذه الحرب الإيجابية في بدايتها تجاوزت طابعها التقدمي حين تخطت الجيوش البروسية حدود ألمانيا وغزت الأراضي الفرنسية.

    وهكذا، إذا استثنينا بعض الشعوب التي كانت ترزح تحت قيود الكبت القومي نستطيع أن نقول إن القومية أصبحت في أوروبا أداة بيد القوى الرجعية.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها 710
    عارضة الطاقة :
    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Left_bar_bleue90 / 10090 / 100نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Empty الأيديولوجية الصهيونية

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 22:46


    الأيديولوجية الصهيونية:

    تبلورت الفكرة الصهيونية السياسية المعاصرة التي ظهرت في القرن التاسع عشر في كتاب ثيودور هرتسل "الدولة اليهودية" الذي ظهر عام 1896.

    صحيح أن منظمات "أحباء صهيون" نشأت أساساً في روسيا القيصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ودعت إلى الهجرة إلى فلسطين، إلا أنها لم تترك أثراً عميقاً في حياة جماهير الطوائف اليهودية وكان من الممكن أن يعد الذين لبوا هذه الدعوة بالعشرات، فجماهير هذه الطوائف في روسيا القيصرية كانت قد انصبت في موجة الحركة الثورية الناهضة.

    كذلك عالج القضية اليهودية من منطلقات مماثلة لمنطلقات هرتسل اليهودي الروسي مواطن أودويسا ليو بنسكر ووضع استنتاجاته في كتابه "التحرر الذاتي"، إلا أن دعوته لإقامة دولة يهودية- لا في فلسطين بالضرورة إذا استبعدها. واعياً،- لم تجد إطاراً تنظيمياً، وكان يجهلها هرتسل وأولئك الذين أقاموا المنظمة الصهيونية فيما بعد.

    ولهذا اقترنت الحركة الصهيونية بهرتسل لأنه قرن أيديولوجيته بالمنظمة الصهيونية التي نشأت بعد المؤتمر الصهيوني العالمي الذي عقد في بال من أعمال سويسرا في عام 1897.

    ما هي أسس الأيديولوجية الصهيونية؟
    إن منطلق أصحاب هذه الأيديولوجية الأول، كما صاغه هرتسل وخلفاؤه من بعده "ان الشعوب التي يعيش اليهود بين ظهرانيها هي، إما ضمناً أو صراحة، لا سامية وأن اليهود هم شعب واحد... جعلهم أعدائهم هكذا بدون موافقتهم كما يحدث مراراً وتكراراً في التاريخ". (هرتسل: "الدولة اليهودية" إصدار المجلس الصهيوني الأمريكي عام 1946 ص 92).

    وهكذا ينطلق الصهيونيون من المقولة الغيبية التي تتجاهل العوامل الاقتصادية- الاجتماعية التي خلقت اللاسامية ويؤكدون أن اللاسامية أبدية قائمة بين كل الشعوب قاطبة، وهي لطابعها العدائي أنشأت الشعب اليهودي ووحدته، بدون إرادته أو موافقته.
    وهذا يعني أن الصهيونية قبلت مقولة اللاسامية وأصبحت وجهها الآخر.
    وفي هذا الصدد كتب بن هلبرن صاحب كتاب "فكرة الدولة اليهودية": "نمت اللاسامية السياسية اذن بوصفها حركة مضادة للثورة معادية للوضع القائم لا بالنسبة لوضع اليهود فحسب، بل بالنسبة إلى البناء الديمقراطية والمواقف الليبرالية التي اتخذتها المجتمعات المعاصرة عامة". (ص 10)

    وأضاف أن جمهرة اليهود رفضت مقولة اللاسامية واعتبرت نفسها جزءاً من القوميات التي اقترنت حياتها بحياة طوائفها اليهودية: "فقد أنكر اليهود الساعون نحو الانعتاق أن يكونوا قومية منفصلة" (ص 12). وعلى هذا الضوء يظهر أن الصهيونية فرضت الأيديولوجية اللاسامية حول "القومية اليهودية المنفصلة" على الطوائف اليهودية، على الرغم من مقاومتها ذلك.

    وفي الواقع وجدت الصهيونية صعوبة كبيرة في الانتشار بين الطوائف اليهودية في أوروبا الغربية حيث ظهرت المنظمة الصهيونية في البداية. ومن الدلائل على ذلك أن الطائفة اليهودية في ميونخ من أعمال ألمانيا رفضت بشدة عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينتها، مما دفع القيمين عليه لعقده في بال السويسرية.

    وقررت التقارب بين اللاسامية والصهيونية، أيديولوجياً، على الرغم من التناقض الظاهر بينهما، قرره إلى حد كبير موقف المنظمة الصهيونية من اللاسامية، فالقيادة الصهيونية لم تجد في اللاسامية عدواً خطيراً بل عاملاً مساعداً على تحقيق برامجها، انطلاقاً من مقولة هرتسل أن أعداء اليهود هم الذين جعلوهم شعباً واحداً.

    بل ان هرتسل ذهب إلى أبعد من ذلك، وفي وصفه انتقاله من معسكر أنصار الانعتاق والاندماج إلى أنصار الانعزالية الطائفية كتب أنه اكتشف "أن اللاسامية وهي قوة غير واعية وشديدة المراس بين الجماهير لن تضر اليهود" وأضاف أنه يعتبرها "حركة مفيدة لتطوير الخلق اليهودي". (يومياته- مختصرة إصدار المكتبة الكونية ص 10).

    وهكذا، فعلى الرغم من التناقض بين اللاسامية التي تصف اليهود بكل المثالب التي اكتشفتها العقليات المتعصبة، والصهيونية التي تضفي على اليهود كافة نعوت الكمال الإنساني، فقد كان التقارب ملازماً لهما على صعيد العمل، إذ كانت الصهيونية ترى في اللاسامية محركها التاريخي وتحتاج إلى نشاطها لتحقيق أهدافها.

    واتخذ هذا التقارب لا شكل سكوت على اللاسامية فحسب بل إطار تعاون وثيق بين اللاساميين والصهيونيين. وهذا ما أظهرته حقائق التعاون بين القادة الصهيونيين مع النازيين قبل الحرب العالمية الثانية.

    وقبل وقت غير بعيد نشرت بعض مجلات هذه البلاد فضحية المنظمة الصهيونية في العراق التي ألقت القنابل على الكنس وتجمعات اليهود بقصد اجتثاث جماهير الطائفة اليهودية مت تربتها الطبيعية، التي نمت فيها عبر قرون، وتهجيرها إلى إسرائيل.

    واعتماداً على المقولتين: أبدية اللاسامية "وفضل" عملية الانعتاق والاندماج، أولاً، ووجود الشعب اليهودي بفضل أعدائه، ثانياً، استنتجت الصهيونية أن المشكلة اليهودية لا حل لها بغير تجميع "شتات" اليهود في مركز واحد يقيمون فيه دولتهم وتنتهي مشكلتهم التي "امتدت حوالي ألفي سنة" منذ أن "شتتهم الرومان"!!(4)

    ولم يترك الصهيونيون أيديولوجيتهم بهذه البساطة بل تعمقوا في بحث ملامحها وألبسوها حللاً "علمية".
    ومن هذا القبيل ما كتبه ليو بنسكر في كتابه "التحرر الذاتي". فقد اعتمد في بنائه الأيديولوجي على أن اليهود هم قوم شبح لا وطن لهم، وبما أن الإنسانية تكره الأشباح لذلك تنزل بهم الشعوب الاضطهاد التعذيب، والحل إذن يكمن في تحويلهم من قوم شبح إلى قوم طبيعي، وهذا يتم إذا ما أقاموا وطناً لهم في مكان ما، فعندئذ يتوقف اضطهادهم حتى لو بقيت بعض طوائفهم في أقطار مختلفة فهم عندئذ يكونون جالية كسائر الجاليات التي تعيش بين قوميات أخرى.

    ولم يكن تعيين الوطن أمراً مفروغاً منه منذ البداية، فليو بنسكر استبعد فلسطين عند بحثه أمر اختيار الوطن، واعياً، على اعتبار أن ذكرياتهم المرتبطة بها قد تكون عاملاً معرقلاً. كما أن المنظمة الصهيونية، مع أنها في مؤتمرها الأول دعت إلى إقامة الوطن القومي في فلسطين، إلا أنها عادت في عام 1903 ووافقت على اقتراح ممثل الإمبريالية البريطانية تشمبرلين إقامة الوطن القومي في أوغندا.

    أما الاتفاق نهائياً على اختيار فلسطين فيعود إلى عاملين: نشوء ظروف تساوقت فيها مصلحة الإمبريالية البريطانية والصهيونية أولاً واكتشاف الصهيونيين أن من الأسهل استنفار جماهير الطوائف اليهودية لبناء وطن قومي في فلسطين بسبب اقترانها بالدين اليهودي وذكريات تاريخية قديمة.

    كذلك ارتأت الأيديولوجية الصهيونية أن الأمة اليهودية لا أمة عالمية فحسب، بل أمة من نوع فريد تتجاوز التقسيمات الطبقية وينتفي فيها الصراع الاجتماعي.

    ولهذا كانت دعوة هرتسل معادية للاشتراكية التي وضعها التاريخ على بساط البحث في تلك الفترة التاريخية في أوروبا.

    وكان واضحاً أن الصهيونية التي كان من الممكن أن تجد قاسماً مشتركاً مع اللاسامية، لم تجد قاسماً مشتركاً مع الاشتراكية العلمية، وكان اصطدامها بها تصادماً مباشراً على طول الجبهة.

    ففي حين كانت الحركة الاشتراكية الثورية آنذاك تدعو إلى وحدة النضال الطبقي بين العمال عامة بغض النظر عن انتمائهم القومي أو الطائفي وترى في القضاء على حكم الطغيان الرأسمالي حلاً للمشاكل القومية والطائفية ومن بينها المشكلة اليهودية، وتنادي باندماج اليهود مع سائر القوميات، ظهرت الصهيونية عنصراً مخرباً في الطبقة العاملة تدعو إلى انسحاب العمال اليهود من النضال الطبقي والسير وراء سراب الصهيونية وتعميق العزلة الطائفية والقومية في مرحلة النهوض الطبقي الثوري.

    وفي حين أن القيادة الصهيونية لم تبذل أي جهد لجذب اليهود الرأسماليين النشيطين من الأحزاب البرجوازية (ليبرالية كانت أم محافظة)، بذلت جهوداً ضخمة، لجذب اليهود من الحركات الثورية.

    وفرضت تطورات الحياة السياسية- الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة حيث تدفقت الهجرة اليهودية في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين تغييرات في الأيديولوجية الصهيونية التي لم تجد جذوراً لها بين جماهير عمال الطوائف اليهودية.

    ولهذا ظهر تياران لا يتعارضان بالضرورة: تيار الصهيونية التقليدي الذي يرتئي الدولة اليهودية، في وطنها المقبل دولة برجوازية، مثل سائر الدول البرجوازية في أوروبا... وتيار الصهيونية "الاشتراكية" الذي يقبل بمقولات الصهيونية كلها، إلا أنه يدعو إلى أن تكون الدولة دولة "اشتراكية"

    أن هذين التيارين لم يتعارضا وبقيا في إطار الأيديولوجية الصهيونية البرجوازية، المتناقضة تناقضاً لا مهاودة فيه مع الاشتراكية العلمية لأن تيار الصهيونية "الاشتراكية"! انطلق من قاعدة التعاون الطبقي باعتباره الطريق الوحيد لإقامة الوطن القومي وتنفيذ برنامج الصهيونية الإقليمي.

    وتتبلور الأيديولوجية القومية البرجوازية في هذه الصهيونية "الاشتراكية"! في توجهها الجوهري لمشكلة الطوائف اليهودية "فالصهيونية الاشتراكية" كما أذاعها بير بوروخوف ترى الصراع القومي سابقاً للصراع الطبقي- الاجتماعي ولذلك لابد من تجميع الشتات وإقامة القوم أولاً، وهذا ما يتعارض مع الاشتراكية العلمية التي ترى التطور التاريخي حصيلة الصراع الاجتماعي منذ أن نشأت الطبقات بعد عهود الإنسانية الأولى.

    والأمر الجوهري الذي يميز الاشتراكية العلمية عن الأيديولوجية البرجوازية أن الاشتراكية العلمية ترى في نشوء القوميات وإقامة الدول ظاهرة اقترنت بنشوء الرأسمالية وانتصارها على التمزق الإقطاعي لا ظاهرة أزلية.

    وهنا ينشأ السؤال: هل يمكن اعتبار الصهيونية بوصفها أيديولوجية قومية، أيديولوجية حركة تحرر قومي يهودي؟
    إن نشوء القوميات والدول القومية اقترن بنشوء البرجوازية وانتصارها على الإقطاعية.
    هذا ما وقع في بريطانيا وفي فرنسا وفي غيرها.
    وفي مثل هذه الأقطار لم تكن هناك حركات قومية بل حركات اجتماعية تسلمت قيادتها البرجوازية وأيدتها الطبقات الشعبية- من العمال والفلاحين في معركتها مع الإقطاعية.

    ولكن نتيجة التطور غير المتعادل والتفاوت في ظروف القوميات الأوروبية نشأت بين القوميات المكبوتة في الإمبراطوريات العثمانية والروسية القيصرية والنمساوية- الهنغارية حركات تحرر قومي هدفت إلى إقامة الدول القومية المستقلة.

    وأيدت الإنسانية المتقدمة وفي طليعتها قوى الاشتراكية العلمية هذه الحركات القومية باعتبارها حركات تدعم مسيرة التقدم الاجتماعي. وقد أسهمت هذه الحركات فعلاً في تقويض دعائم الإمبراطوريات الإقطاعية وتدعيم الديمقراطية البرجوازية وخلق الظروف الأفضل لنمو النضال الطبقي.

    ولكن أيديولوجية القومية البرجوازية التقدمية كانت قد تحولت، في أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر، وقت ظهور الصهيونية، إلى أيديولوجية التوسع الإقليمي على حساب الشعوب وبهذه الأيديولوجية اقترنت الصهيونية لا بغيرها.

    ثم أن الأيديولوجية الصهيونية في مسيرتها لم تسهم في الظروف الموضوعية في حركات التقدم الإنساني، بل دعمت قوى الردة والإمبريالية على الصعيدين الأوروبي والعالمي. فمن الناحية الأوروبية الداخلية وقفت الصهيونية ضد حركات انعتاق اليهود العامة واندماجهم بمجتمعاتهم في كل قطر من الأقطار، كما صادمت الحركات الاشتراكية الثورية بمحاولتها جذب العمال اليهود بعيداً عن تلك الحركات. ومن الناحية العالمية دعت إلى الاندماج في مخططات الإمبريالية العالمية بشقيها الكولونيالي الاستيطاني والسياسي الاستراتيجي.

    الهوامش:
    1- تأسست الأممية الأولى عام 1864 وحلت عام 1876، وتألفت الأممية الثانية عام 1889.
    2- سميت أقاليم في أفريقيا باسمه: روديسيا الجنوبية وروديسيا الشمالية، وروديسيا الشمالية لا تزال تحكمها أقلية بيضاء من المستوطنين أما الجنوبية فاستقلت.
    3- نشر الحديث الصحفي ستيد واستشهد به لينين في كتابه الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.
    4- لاحظنا في البداية زيف هذا الزعم، فحين قضى الرومان على ما يسمى بالهيكل الثاني في سنة 70 ميلادية كان ثلاثة أرباع اليهود في أنحاء مختلفة من الإمبراطورية.

    المصدر:
    ايميل توما، جذور القضية الفلسطينية (الأعمال الكاملة) المجلد الرابع، حيفا 1995.

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها 710
    عارضة الطاقة :
    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Left_bar_bleue90 / 10090 / 100نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Empty نظام الانتداب والممارسة الصهيونية

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 22:47


    نظام الانتداب والممارسة الصهيونية


    في 24 تموز (يوليو) 1922 صادق مجلس عصبة الأمم على نظام الانتداب على فلسطين وفي 29 أيلول (سبتمبر) 1933 سرى مفعول هذا النظام رسميا على البلاد.

    وبذلك انتهت المماحكات بين الدول الكبرى حول تقسيمات التركة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، واكتسبت بريطانيا التي كانت تسيطر على فلسطين فعلا منذ أن احتلتها قواتها عام 1917 "حقا شرعيا دوليا"! في البلاد.

    وأصبح في وسعها أن تمارس "وعد بلفور باعتباره جزءا لا يتجزأ من نظام الانتداب.

    وفي هذا الإطار لا يمكن اعتبار نظام الانتداب مجرد وثيقة شكلية منحت بريطانيا "الوجود الشرعي الدولي" في فلسطين، فقد وضع هذا النظام الأسس لإقامة ما وصفته لجنة بيل الملكية البريطانية- التي حققت في فلسطين عام 1937-"حكومة داخل حكومة" حين استوحت نصوصه مفهوم وعد بلفور.

    وهكذا أكد البند "ج" من المقدمة مسؤولية بريطانيا الدولة المنتدبة، على وضع تصريحها في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 موضع العمل "تنفيذا لإنشاء وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي". فبذلك يتم "الاعتراف بما للشعب اليهودي من الصلة التاريخية بفلسطين وبموجبات أقامتهم من جديد لوطنهم القومي في تلك البلاد" (البند من المقدمة).

    ولم يكتف نظام الانتداب بهذه المقدمة، بل دعا في الفقرة (4) إلى الاعتراف بوكالة يهودية تنصح إدارة فلسطين وتتعاون معها فيما قد يؤثر في إنشاء الوطن القومي اليهودي ومصالح السكان اليهود. كما أكد في الفقرة 6 أن على إدارة فلسطين أن تسهل الهجرة اليهودية في أحوال مناسبة "وأن تشجع بالتعاون مع الوكالة اليهودية المشار إليها في الفقرة (4) استقرار اليهود المتراص على الأرض ومنها ما لا يحتاج إليه للمقاصد العامة من أراضي الحكومة والأراضي البور"(1).

    كذلك نصت بنود الانتداب هنا وهناك على ضرورة تجنب ما من شانه أن يجحف بالمجتمعات "غير اليهودية" القائمة في فلسطين وعلى صيانة حقوقها المدنية والدينية. ولكن مجرد الاصطلاح "غير اليهودية" عمق الوعي بتجاهل الإمبريالية البريطانية والصهيونية حقوق الشعب العربي القومية بل بمجرد وجود ذلك الشعب أصلا- من ناحية، وأكد خضوع حقوق "غير اليهود" المدنية والدينية لعملية بناء الوطن القومي اليهودي.

    فالفقرة (2) وضعت على بريطانيا مسؤولية "وضع البلاد فيما يضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي". كما وضعت عليها مسؤولية "تطوير منشآت الحكم الذاتي".

    ولكن الأمر المقرر لم يكن تطوير منشآت الحكم الذاتي بل إنشاء الوطن القومي، ولذلك فشلت المحاولة الأولى لإقامة المجلس التشريعي عام 1922. وفشلت بعدها المحاولات التي جرت لإقامة حكم وطني في البلاد. رسمية كما كانت في عام 1926، وغير رسمية كما في عام 1929.

    ويذكر محمد دروزة في كتابه "حول الحركة العربية الحديثة" في هذا الصدد أن مساعد السكرتير العام ملز اتصل في عام 1926 ببعض القوميين العرب وبينهم (الكاتب ورفيق التميمي وعمر الصالح البرغوثي ورشيد الحاج إبراهيم ومعين الماضي) وباحثهم بشأن تعديلات دستورية تخلق الظروف لإقامة حكم وطني، واقترح عليم إقامة هيئة تمثيلية عربية لهذا الغرض، وفعلا عقدوا المؤتمر القومي العربي السابع في حزيران (يونيو) 1928 تحقيقا لذلك ولكن تعارض الحكم الوطني مع مصالح الإمبريالية والصهيونية جمده وانتهى أمره.

    هذا على الرغم من أن القوميين العرب الذين باحثهم ملز قبلوا بمبدأ تعيين نصف أعضاء مجلس الأعيان وانتخاب مجلس النواب وأقروا تعهدات بريطانيا الدولية، واكتفوا بان ينص الدستور على تحفظ جاء فيه "أن أهالي فلسطين لم يستشاروا فيما اتخذته حكومة بريطانيا من تعهدات دولية بشأن بلادهم".

    واقترح العرب- وهذا الذي على ما يبدو دعا المندوب السامي إلى القول أن بعض المقترحات متعذر العمل بها- أن يكون أمر الهجرة اليهودية بقرار يوافق عليه البرلمان تراعي فيه مصالح الأهالي العرب والبلاد الاجتماعية والصحية والاقتصادية والأخلاقية والسياسية والدينية (الجزء الثالث ص54 و273- 275).

    أما المحاولة غير الرسمية فقد أجراها الوكيل البريطاني المعروف، الذي قام بدور كبير في العربية السعودية جون (عبد الله حين أسلم) فيلبي.

    ففي تشرين الأول (أكتوبر) 1929 وصل إلى البلاد، بعد أن اجتمع مع بعض قادة الحركة القومية العربية في سوريا، يحمل مشروعا لتسوية القضية الفلسطينية عرضه على القوميين العرب في فلسطين وباحثهم بشأنه وتوصل معهم إلى اتفاق يمكن تلخيصه على الوجه الآتي:

    · تدار فلسطين على أساس جمهوري دستوري ديمقراطي.

    · الهجرة حرة وخصوصا للعرب واليهود مع اعتبار مصالح البلاد وطاقتها.

    · تكمن السلطة التشريعية بكاملها في مجلس ينتخبه المسلمون والمسيحيون واليهود.

    ·تكون السلطة التنفيذية في مجلس وزراء فلسطيني يتألف من عرب ويهود بموجب نسبتها ويجري التوظيف في المناصب العالية على الأساس النسبي.

    · يتحمل المندوب السامي البريطاني مسؤولية الأمن حتى تغدو حكومة فلسطين قادرة على القيام بهذا العبء حسب رأي عصبة الأمم.

    · يحق للمندوب السامي نقض "فيتو" أي قانون يتعارض مع التزامات بريطانيا الدولية أو يجحف بحقوق الأقليات أو الأجانب أو يتنافى مع مصالح البلاد (!) وعندئذ يحق للحكومة أن ترفع الأمر إلى عصبة الأمم. (المصدر ذاته ص59- 61).

    وهكذا، فعلى الرغم من أن الحكم الوطني كان حكما وطنيا كاريكاتوريا إلى حد كبير من حيث خضوعه لبريطانيا، فقد "مات" مسودة على الورق قبل أن يصل إلى درجة المباحثات الرسمية، لتعارضه مع المصالح الإمبراطورية، كما فرضتها ظروف ذلك العصر ومع المشروع الصهيوني كما صاغة نظام الانتداب.

    وبهذا الشكل اصطدام الانتداب البريطاني والمشروع الصهيوني اصطداما مباشرا مستمرا مع أماني الشعب العربي في فلسطين في التحرر والاستقلال، ولم يكن من الممكن حتى الخطو خطوات أولى في هذا السبيل وإقامة حكومة محلية كما كان الحال في الأقطار العربية المجاورة امتدادا من العراق حتى مصر.

    لقد كان كل مشروع تعديلات دستورية يصطدم كذلك بعالمية الصهيونية أو أيديولوجيتها حول تعريف الشعب اليهودي بوصفه "شعبا عالميا". فالصهيونيون كانوا يعتبرون فلسطين وطنا "قوميا" للشعب اليهودي بأسره ولذلك أقاموا الوكالة اليهودية على هذا الاعتبار، ولم يكن من الممكن أن يقبلوا تمثيلا يقوم على أساس القائم في فلسطين بل على أساس ما سيكون.

    وهذا ما أكده بن غوريون حين عالج مقترحات المجلس التشريعي التي جاءت في كتاب أبيض جديد صدر عام 1930 قال:

    "نصادق على تغييرات دستورية تهدف إلى إعطاء السكان قسطا من الإدارة ولكننا نرفض بلا هوادة المجلس التشريعي الذي اقترحه الكتاب الأبيض. ونعد اليهودية (العالمية- أ.ت) والعمال والأمة العربية أن لا نقبل أبدا بأن يسيطر فريق قومي واحد في فلسطين على الآخر الآن أو إلى الأبد. وإذا كنا نقبل فكرة دولة يهودية حيث يحكم اليهود العرب، كذلك لا نقبل ازدواجية القومية في سويسرا أو كندا، فالحقوق في فلسطين لا تعود كما هو الحال في ذينك القطرين أي المواطنين الحاليين يهودا كانوا أم عربا، فالجوهر حق عودة اليهود المشتتين.

    حق إعادة البناء والتطوير والحرية والسيادة بدون الإجحاف بحقوق الآخرين أو السيطرة عليهم" (ولادة إسرائيل مجددا ومصيرها دافيد بن غوريون مجموعة خطابات ومقالات 1954- 38).

    وفي الوقت ذاته منح الانتداب في فقرته الخامسة والعشرين بريطانيا سلطة استثناء "الأراضي الواقعة شرقي الأردن" من سريان وعد بلفور. وبقيامها بذلك لأغراض استراتيجيتها في المنطقة استنفرت احتجاج المنظمة الصهيونية التي اعتبرت ذلك تقليصا إقليميا لبرنامجها.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها 710
    عارضة الطاقة :
    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Left_bar_bleue90 / 10090 / 100نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    نشوء الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها Empty الصهيونية في الممارسة

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 22:48


    الصهيونية في الممارسة

    ولكن لا يمكن القول أن القادة الصهيونيين الواقعين توقفوا كثيرا عند استثناء شرقي الأردن من سريان مفعول وعد بلفور الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من الانتداب. لعلهم وافقوا الكاتب ج. س هورفيتس في كتابه "النضال من أجل فلسطين" حين كتب أن حدود الوطن القومي لم يتحدد أبدا.

    "فالحدود النهائية، بداهة كان سيقررها في الدرجة الأولى (1) الأسلوب الذي ستستخدم فيه بريطانيا صلاحياتها الواسعة (2) ومدى تجاوب الصهيونيين مع فرصهم (3) ودرجة مقاومة العرب" (ص19).

    ولا جدال في أن الأسطورة الإمبريالية- الصهيونية القائلة بتلاشي مقاومة العرب لنظام الانتداب والمشروع الصهيوني الكولونيالي مع الأيام، هدفت في الأساس إلى تضليل الرأي العام الذي لم يكن يقبل بسهولة إقامة وطن قومي على حطام شعب آخر وحقيقة كون المشروع الصهيوني مشروعا يقيم وطنا قوميا على حطام شعب آخر ظهرت في السنوات الأولى من الانتداب، فالفقرة الأولى حسمت وجهة التطور وجسمت الممارسة الصهيونية وقررت لذلك العلاقات اليهودية العربية.

    ولمقاصد البحث من الممكن اعتبار الفترة الأولى، امتدادا بين المصادقة على نظام الانتداب والاصطدامات الدامية في عام 1929 وما أعقبها من كتاب أبيض صدر في 1930.

    فما هي أبرز أحداث هذه الفترة وملامحها.

    أولا: نمو السكان ففي حين توزع السكان بموجب إحصاء 1922 على الوجه التالي:

    660 ألف عربي و83 ألف يهودي أصبح توزيعهم في 1929. 757 ألف عربي و164 ألف يهودي.

    ثانيا: وخلال هذه السنوات تحولت الهستدروت التي قامت في عام 1920 لتكون أداة العمال اليهود في النضال الطبقي إلى أداة لتنفيذ سياسة العمل العبري أو احتلال العمل من العمال العرب الذين يعملون في المزارع والمنشآت اليهودية ومن هنا أصبحت أداة ممارسة المخطط الصهيوني الأساسية.

    وفسر ولتر بريوس في كتابه "حركة العمال في إسرائيل" هذا الأمر بقوله "أن الجماهير الواسعة من العمال غير المنظمين (وأكثرهم من العرب) ألفوا هيئة منافسة ومارسوا ضغوطا على شروط العمل التي فاز بها العمال المنظمون مما جعل "الاعتراف القانوني" بمبدأ الاحتلال محتوما وضروريا" (ص90).

    وكان س. ليفنبرغ في كتابه "اليهود وفلسطين" أكثر صراحة فكتب "أن على العمال اليهود أن يدافعوا عن أنفسهم ضد استبدالهم بعامل عربي رخيص وغير منظم. ويعتقدوا زعماء العمال اليهود أن على العمال العرب في الوقت الحاضر أن يستخدموا لا في الاقتصاد اليهودي، بل في القطاع العربي والحكومي" (ص66).

    وأكمل أ. س والدشتين الصورة في كتابه "فلسطين العصرية" فكتب يفسر احتلال العمل باعتباره عملية المحافظة على النفس:

    "فاليهود لا يزالون أقلية في فلسطين. ومستقبلنا أن نصبح أكثرية فيها... وحتى يحقق ذلك الهدف لا نستطيع أن نسمح للعامل العربي أن يهيمن في الزراعة والصناعة على حساب العالم اليهودي وبذلك نهدد مستقبلنا ذاته في فلسطين" (ص140).

    وبدون الاستشهاد بعدد آخر من الكتاب نستطيع القول أن هدف احتلال العمل كان خلق ممكنات أوسع لاستيعاب المهاجرين الجدد وتعميق الانعزالية اليهودية عن الشعب العربي في البلاد.

    ويكتب ليفنبرغ أن العمال اليهود كانوا ينفذون سياسة قومية متكاملة لم يجدوا فيها أدنى تناقض مع البرجوازية اليهودية (الصهيونية) ألا بقدر استخدامها العمال العرب الأرخص!

    والأمر المقرر في نهاية المطاف أن قادة العمال الصهيونيين وضعوا أسس الفرقة بين العمال العرب واليهود وعمقوها مع الأيام، وكانت مزاعمهم حول التعاون العمالي في المؤتمرات الدولية (النقابية والسياسية العمالية) مجرد ذر رماد في العيون.

    رابعا: كذلك كان الاستيطان الزراعي الصهيوني انعزاليا عن الفلاحين العرب وعلى حسابهم في حالات كثيرة.

    ودلت احصاءات الحكومة على أن عدد المستوطنات الصهيونية بلغ في عام 1922، 71 مستوطنة كما بلغت مساحة الملكيات اليهودية 59.000 دونم.

    ونما عدد المستوطنات فأصبح في عام 1927، 96 مستوطنة واتسعت مساحة الملكيات فأصبحت في السنة ذاتها 903.000 دونم. (تقرير حكومة فلسطين ص373).

    ومع هذا فاتساع الملكيات الصهيونية تم بشراء أراضي أسياد الأرض (وفي حالات عينية أسياد أرض غائبين) وبتشريد المزارعين العرب الذين كانوا يقتاتون من كدحهم فيها.

    ويعتبر وايزمن في كتابه "التجربة والخطأ" بان المنظمات الصهيونية اقتنت 80 ألف دونم من سهل مرج بن عامر من عائلة أسياد الأرض الغائبين في لبنان عائلة سرسق وقد كانت عليها بضعة قرى عربية، ولكن يزعم أن هذه القرى العربية كانت "نصف مهجورة"! بسبب الملاريا (ص253).

    وبتأييد جهاز الإدارة البريطانية حولت الصهيونية هذه القرى "نصف المهجورة" إلى قرى مهجورة تماما ومسحتها عن الوجود. أما أهلها فكانوا المشردين الأوائل من الشعب العربي الفلسطيني وان لم يتركوا البلاد آنذاك.

    لقد زعم الصهيونيون اليساريون أنهم كانوا يقيمون استيطانا زراعيا اشتراكيا في فلسطين ولهذا كانوا يقيمون مجتمعا أرقى!.

    فما هي حقيقة "اشتراكية الاستيطان الزراعي"؟

    في دراسته "القوى الاجتماعية في فلسطين" تعرض أبراهام ريفوسكي إلى هذه القضية وكتب:

    "مع أن المؤتمرات الصهيونية الأولى سيطرت عليها الطبقات الوسطى اليهودية و"المثقفون" فقد صادقت على مبدأ تأميم الأرض باعتبارها أهم أساس للدولة اليهودية في المستقبل... وبمصادقتها على مبدأ تأميم الأرض وبموافقتها على التجربة الاجتماعية الجريئة في التعاون الزراعي لم تتأثر المؤتمرات الصهيونية بالنظريات الاشتراكية، بل بالضرورة القومية".

    ومضى إلى القول أن هذا الشكل كان ضروريا لأن الملكية الفردية في الأرض أصبحت عقبة أمام اتساع الهجرة، ولأن استخدام الأيدي العاملة العربية الرخيصة في المزارع اليهودية كان يهدد المشروع الصهيوني بأسره (باعتباره مشروعا قوميا انعزاليا متعصبا- أ. ت) 5-7.

    ثم هناك الحاجة إلى المثالية. فالدعوة الصهيونية واجهت الدعوة الشيوعية الثورية، وخاصة في روسيا القيصرية، وأرادت التغلب عليها من أجل جذب العمال اليهود الذين انخرطوا فيها، ولهذا كان لا بد للصهيونية من أن تخضع توق العمال اليهود إلى المجتمع الاشتراكي لأغراضها ووجدت أن الدعوة إلى التعاون الزراعي تؤدي هذا الدور، فيتحقق الاستيطان اليهودي رغم المقاومة العربية ويمد المستوطنين بالمثالية، ولا يضر المشروع الصهيوني الرأسمالي في قاعدته وإيديولوجيته القومية المغالية في الانعزالية الرجعية.

    وهذا يفسر لماذا "عطف" وايزمن ممثل البرجوازية في الصهيونية وقائدها أكثر من ثلث قرن على التعاون الزراعي.

    ويكتب ريتشارد كروسمان في "أمة بعثت" أن وايزمن لم يكن يأبه بتنديد المتمولين اليهود بالكيبوتستات اعتقادا منه أنها حل مؤقت. (ص35).

    وهذا ما لاحظه موريس ايدلمان في كتابه "بن غوريون سيرة حياة سياسية" حيث كتب: أن بن غوريون بعد قيام الدولة أراد أن يجذب إلى البلاد رؤوس أموال غربية، وهذا خلق تعقيدات للحركة العمالية التي قاومت الرأسمالية المالي وأرادت إقامة نظام مساواة تعاوني... وأضاف: ولكن حاجات التطوير "اضطرت" بن غوريون إلى أن يمنح المستثمرين فرصا لتوظيف أموالهم وهذا "انتهى الحلم الريفي". (علم المساواة التعاونية) (ص 165).

    خامسا: وينتسب إلى هذه كتابة الحديث "العسكرية والسياسة في إسرائيل" فيعود إلى الطوائف اليهودية المشتتة ليرسم تطور القوة العسكرية الصهيونية التي أقيمت في فلسطين (ص 4).

    كذلك يعتقد يغئال ألون أحد القادة العسكريين في القوة العسكرية الصهيونية في كتابه "بناء الجيش الإسرائيلي" أن البداية كانت في عام 1890.

    ولكن بن غوريون الذي يمكن الاعتماد عليه يضع البداية في تعاونية (شجرة) في العقد الأول من القرن العشرين، و يصف بإسهاب كيف نجح في إقناع المسؤولين في التخلص من الحارس الشركسي واختيار حارس يهودي.

    ومع هذا فالاتفاق كامل على أن قوى "الدفاع" الهجاناه تأسست (أو نمت من حركة الحراس) في 1920. وكانت في البداية تحت إشراف الهستدروت.

    ويقول بن غوريون في محادثاته مع موشي بيرلمان في كتاب "بن غوريون ينظر إلى وراء" أن اسم المنظمة في البداية كان "فرق الدفاع والعمل" (جدود هجاناه فهعبودا). وكانت الإشارة إليها في البداية فرق العمل- بحذف الدفاع... ولكن باتساع فرق الدفاع وزدياد قوتها أصبحت تعرف بالهجاناه ولصق بها الاسم. ويضيف أن هذه القوى الدفاعية الضاربة انتقلت من أشراف الهستدروت إلى أشراف المجلس القومي اليهودي في عام 1930 (ص55- 56).

    وفسر بن غوريون في هذا الكتاب الأسباب التي دعت إلى إقامة الهاجاناه فقال: للدفاع عن المستوطنات... وأضاف ولم يكن من المكن الاعتماد على الانتداب للدفاع عن هذه المستوطنات التي انتشرت في البلاد.... إذ أن ذلك كان يعني أن تصبح المقرر في عددها ومواقعها. (ص 57- 58).

    وهكذا فقوة "الدفاع" الضاربة لم تكن قوة دفاع بالمعنى الحقيقي بل قوة هجوم ترافق الاستيطان الصهيوني الذي كان يجري حسب خطة مرسومة تأخذ بعين الاعتبار طاقة الصهيونية المالية والبشرية.

    ويتضح من هذه الملامح أن الاصطدام مع الشعب العربي لم يكن محتوما فحسب، بل أن الصهيونية خططت له منذ البداية، امتدادا من جلب المهاجرين إلى إقامة قوة ضاربة تزرع قلاعا زراعية لا مجرد مستوطنات يعيش أفرادها على الزراعية.

    سادسا: ومما جعل الهجوم يشمل جميع الجبهات قيام الصهيونيين بالتصنيع. لقد كان في بدايته في هذه الفترة، إلا أنه كان يوحي بالمستقبل خصوصا بعد ما منحت سلطة الانتداب امتياز الكهرباء لشركة تأسست في لندن برأسمال مشترك وعرفت بشركة روتنبرج

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10 2024, 01:55