منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي 710
    عارضة الطاقة :
     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Empty ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 23:00

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي

    حضارات ما قبل الإسلام

    الحضارة الإسلامية، مثل غيرها من الحضارات، لم تنشأ من فراغ ، ولم تظهر من العدم أو من تلقاء نفسها، بل سبقتها حضارات عريقة أخرى في هذه المنطقة من العالم، تواصلت معها وأثرت فيها.

    ففي القرن الرابع قبل الميلاد، قام الاسكندر المقدوني (356- 323 ق. م) بأول محاولة لإقامة دولة واحدة تشمل أقاليم من أوروبا وأسيا وأفريقيا، وتمتد من مقدونيا إلى الهند. ولم يكتف الاسكندر بهذا التوحيد السياسي، بل اتخذ وسائل أخرى لتوحيد العناصر البشرية في هذه المنطقة من العالم، مثل احترام جميع أديانها، والصلاة ني مختلف معابدها، وتأسيس عدد كبير من المدن الجديدة التي عرفت باسم "الإسكندريات " نسبة لاسمه، ويقدر عددها بنحو 27 مدينة، بعضها في بلخ وصغديانا ، وفي أسفل القوقاز، وفي مصر... الخ. وكان هدفه من وراء ذلك أن تختلط في هذه المدن عناصر بشرية من السكان الأصليين مع الجاليات اليونانية ، لينشأ من هذا الاختلاط ثقافة جديدة، تستمد أصولها من الحضارات السابقة.

    وهكذا صارت "الإسكندريات " بمثابة بوتقات علمية، تنصهر فيها هذه الثقافة الجديدة.
    وقد حرص الاسكندر الأكبر على تطبيق هذه المبادرة على نفسه، ليكون قدوة لغيره حين تزوج الأميرة روكسانا الفارسية ، وأمر قواده ان يفعلوا مثله.

    وعلى الرغم من أن دولة الاسكندر لم تلق نجاحاً بعد وفاته، إذ تفككت إلى ممالك متفرقة بين قواده ، إلا أن الحركة العلمية التي كان ينشدها استمرت وازدهرت من بعـده، وهي التي اشتهرت باسم "العصر الهلنستي " ، تمييزاً لها عن العصر الهليني الذي ساد اليونان قبل عصر الاسكندر. ومن أشهر المراكز الهلنستية الجديدة، مدينة الإسكندرية المصرية بمكتبتها ومدرستها العلمية التي كانت مزيجا من كل الحضارات السابقة، وخصوصا الحضارة المصرية القديمة.

    وفي شمال الهند في حوض نهر السند ، حاول الملك الهندي أشوكا Ashoka في القرن الثالث قبل الميلاد، أن يجعل من البوذية دينا عالميا، وبشر به ملوك الأرض ولا سيما في بلاد الإغريق والدول الهلنستية ، لإقامة وحدة عالمية. وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من اليونانيين اعتنقوا البوذية، إلا أن محاولته لم تلق الاستمرار والنجاح، وبقيت البوذية قاصرة على أقاليمها في الهـند والشرق الآسيوي .

    ومحاولة الملك أشوكا في الهند تذكرنا بمحاولة شبيهة رائدة ، سبقتها بوقت طويل على يد فرعون مصر الملك أخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد (الأسرة 18)، عندما بشر في نشيده المشهور بإله العالم "أتون " الذي يهتم بكل مظاهر الطبيعة ، إنسانها وحيوانها ونباتها، وكأنما أراد بذلك إقامة وحدة عالمية روحية، تربط على الأقل بين أجزاء مملكته الممتدة من الشام شمالاً إلى النوبة جنوباً .

    وما يقال عن مصر والهند واليونان ، يقال أيضاً عن الحضارة الفارسية ذات التراث الآسيوي العريق ، والتقاليد الملكية القديمة ، والنظم الإدارية المتطورة، إلى جانب المراكز الهلينية المنتشرة في أنحائها مثل بلخ ، ومرو ، وجنديسابور... وغيرها. لقد بد أ الإيرانيون حياتهم الدينية مثل كثير من شعوب العالم ، بعبادة قوى الطبيعة ، ثم ظهرت "الزرادشتية" على يد مؤسسمها زرادشت zoroustre في القرن السابع قبل الميلاد ، منادية بأن الوجود قائم على مبدأين أساسيين هما: الخير (أهورا ويسمى يزدان) ، والشر (أهرمن) ، أو النور والظلام. وبما أن النور مصدره الشمس، والشمس من نار، لهذا لعبت النار دوراً هاماً في هذه العقيدة ، باعتبارها مصدر الإشراق والنور والضياء، فقدسوها وعبدوها، وصار لهم كتاب مقدس يعرف "بالأفستا" أي المعرفة. غير أن الزرادشتية لم تلبث مع مرور الزمن بسبب سيطرتها وتعصبها، أن ووجهت بحركات دينية مضادة مثل "المانوية، على يد "ماني Manes" في القرن الثالث الميلاري، وأتباعها لهم نزعة صوفية هدامة، تحض الناس على التقشف وعدم الزواج والإنتاج، ويرون ان الخير في العدم المطلق. ولهذا حوربت وبقيت دعوة سر ية.

    وإذا كانت "المانوية" 3 دعت إلى الزهد والبعد عن النساء، فإن ديناً آخر لم يلبث أن ظهر في ايران وهو "المزدكية" على يد صاحبه "مزدك " الذي دعا الناس إلى حل مشكلاتهم ونبذ خلافاتهم بجعل الحق في الأموال والنساء مشاعاً بينهم. وقد نجح سعيه بين العوام والمحرومين، ولكته مات قتيلاً في منتصف القرن السادس الميلادي ، وبقيت دعوته سرية مثل "المانوية" وكل هذا يدل على حالة الاضطراب والفوضى الدينية فى إيران قبيل الإسلام.

    وهكذا نرى مما تقدم، أنه كانت هناك في هذه المنطقة من العالم، حضارات عريقة نشأت قبل الإسلام، وسادتها روابط وصلات مختلفة، بل كانت هناك محاولات لتوحيد بعض مكوناتها لم يكتب لها النجاح، ولكنها مع ذلك صبغت هذه المنطقة بروح جديدة وهي الروح الشرقية التي أخضعت الفلسفة اليونانية لما دخلت بلادها، فأسبغت عليها ثوباً من روحانياتها وإلهامها ، وهي الروح التي جعلت علماء التاريخ والاجتماع يدركون خصائص مشتركة بين الشرق، تخالف تلك التي للغرب، روح ورثها الشرقي من أجيال ، وساعدت على تكوينها بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية، وجعلتهم يتذوقون غير ما يتذوقه الغربي، ويدركون الأشياء على غير النمط الغربي، كما جعلت لهم مدنيات تحالف من وجوه كثيرة المدنيات الغربية . جاءت الأديان المختلفة من: بوذية وزرادشتية ويهودية ونصرانية، فصبغت هذه الروح صبغة خاصة، صبغة لا مادية، تؤمن بإله فوق العالم، وترجو جنة، وتخاف ناراً، وترى أن وراء هذه السعادة الدنيوية، والشهوات الجسمية، سعادة أخرى روحية.
    جاء الإسلام كمنهج حياة ، يرسم الطريق وينير سبل الهداية. منه انبثق الحل العلمي والدائم لمشاكل الإنسانية التي كانت تشكو من الفراغ الديني والفكري والسياسي والثقافي ، فالفكر اليوناني- الإغريقي لم يؤمن إلا بالمحسوس وافتتن بلذائذ الدنيا ومغريات الحياة وغلبت عليه النزعة الإقليمية الضيقة باعتماده على المنهج الاستنباطي أو القياس القائم أساساً على النظر الفلسفي والفكري المادي دون الالتفات لمنهج التجربة فكأن الفكر اليوناني اقتصر على المادية ثقافة وعلماً وفلسفةً وشعراً ودنيا.

    والفكر الروماني مجد القوة العسكرية إلى حد العبادة والتقديس، وتميز بالنظرة المادية المحضة إلى الحياة، فكانت محصلته ، غلوا في تقدير الحياة وشكاً في الدين وضعفاً في اليقين واضطراباً في العقيدة ، فتعددت الآلهة، وترتب على ذلك أحداث البغضاء بين الله والإنسان، وما الحياة عندهم إلا فرصة للتمتع، ترف في العيش وانتهاب للذات. والفكر الفارسي قبل الإسلام اعتمد تقوية السلطان والقوة الجسدية وقال بجريان الدم الآلهي في عروق أكاسرته وأشاع بين الناس نظرية التفاوت الطبقي.

    وعلى الجانب الآخر من العالم، في الصين والهند، كان الاختلال يبدو واضحا فيما يتصل بالجوانب النظرية أو الجوانب العملية من حياة الإنسان فيطغى أحدهما على الآخر، إذ يغرق أحياناً في الروحانيات أو يطغى في الماديات، فلا توازن ولا انسجام.

    وبنزول الإسلام اتضحت معالم الحياة الدنيوية والأخروية تمام الوضوح فبالألوهية والربوبية ، تحققت العدالة والمساواة والكرامة والحرية للإنسانية، فالله سبحانه وتعالى وحده هو المعبود، والمسلم ينقاد ويخضع لأوامر الله سبحانه وتعالى وحده، والله جل جلاله هو مالك كل شيء، ولم يكن الإسلام محدود المكان ولا وطني النزعة ولا مغلقاً على أهله ولا طبقياً، وإنما كان إنسانياً عاماً، واسع الأفق، يخاطب أي إنسان في أي مكان ويقيم أخوة إنسانية عامة .{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثـى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (الحجرات ـ آية 13 ) .

    وكانت نظرة الإسلام للإنسان والحياة شاملة، فقد أقر الإنسان كجسم وعقل وروح، في الجسم، النوازع والغرائز ، والعقل وسيلة لتحقيق الرغبات والنوازع وتذليل العقبات التي تعترض ذلك، والروح، مركز الأمل والألم والعواطف والشعور، وكان التهذيب هو عامل التوازن بين الروحانية والمادية ، فالروحانية المهذبة هي أساس المادية المهذبة " وابتع فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا " (القصص- أية 77) وفي الأثر، إن لربك عليك حقاً ، إن لجسمك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه.


    وفي الإسلام، تظل علاقة الإنسان بخالقه ، علاقة قوامها التنظيم والهيمنة ، فالإنسان المسلم يسلم نفسه لبارئه وخالقه، بلا واسطة، وإنما برقابة ذاتية تنبىء عن شخصية قوية مستقلة للإنسان المسلم عبدت الله سبحانه وتعالى حق عبادته وانكبت إلى دنياها فتمتعت بحقها في الحياة كما أمر الله جل جلاله.

    فلما جاء الإسلام وننشر نوره عن هذه الممالك الشرقية، زاد هذه الروح وقواها، وعمل على توحيدها بين أفراد الدولة الإسلامية مهما اختلفت أجناسهم وأنواعهم. وهكذا نجح الإسلام بوصفه عقيدة دينية ومنهجاً للحياة وقوة موحدة، في إقامة وحدة بشرية في رحاب الخالق، تقوم على الحرية والمساواة والتسامح، وتعمل على إزالة الحواجز السياسية بين البلاد المختلفة الممتدة في القارات الثلاث، وتعطيها شكلاً موحداً . فكان المسلم يجد نفسه في كل هذه الأماكن: نفس الدين ونفس الصلوات والقوانين، حتى أنه كان يشعر دائمإً بأنه في وطنه خلال رحلاته البعيدة أو أثناء عملياته التجارية خارج بلاده. فالإسلام، كما يقول البعض ، كان بمثابة جواز سفر فوق العادة، يضمن لصاحـبه حرية التنقل والمرور، بل وحسن الاستقبال في كل مكان يحل فيه.

    ويلاحظ في هذا الصدد أن المجتمع الإسلامي في العصر الوسيط ، لم يكن- كما هو الحال اليوم- ينقسم إلى قوميات، بل كانت هناك طبقات أفقية على طول امتداد عالم الإسلام، فهناك طبقات العلماء والتجار والمتصوفة والجنود... الخ. وكان أفراد كل طبقة يتعاطفون فيما بينهم مهما بعدت المسافات واختلفت الجنسيات. فالرحالة المغربي "ابن بطوطة " يصرح بأنه استطاع بخرقة التصوف أن يجوب بلاد العالم الإسلامي، وأن يجد كل ترحيب ومساعدة في الأماكن التي مر بها. ود هذا يدل على وجود ما يصح أن يسمى أمة واحدة ، لها أدب واحد ، وثقافة واحدة ، وعلم مشترك.

    فالعالم الإسلامي إذن يمثل وحدة تاريخية فريدة من نوعها مهما باعدت بين أجزاء هذا العالم المسافات، وفرقت بين أطرافه المذاهب والسياسات، فالفرقة السياسية بين دوله وحكوماته لم تحل دون لقائها على الصعيدين الشعبي والحضاري. ذلكم بأن الإيمان بالإسلام كنظام متكامل للأخلاق والمدنية والاجتماع والاقتصاد والسياسة يظل صمام ا لأمان بين المسلمين أينما كانوا، فهو الذي يقيم قوإعد حضارة الإسلام ويميز عناصر الحضارة الصالحة عن عناصرها الرديئة، يدافع عن نظامه ويجذر أصوله، وعلي هذا الإيمان تتوقف أخلاق الأفراد ووحدة الأمة، وحفظ الوجود الحضاري للامة الإسلامية، فالمبادىء التي طرحها الإسلام قادرة على فرز عناصر قوية تتصدى لجميع الأنظمة السياسية والأفكار الفلسفية التي تحاول النيل من الإسلام. ويصمد أمام زحف النظريات المادية والرأسمالية والشيوعية في حين أن الديانات الأخرى لم تصمد أمام زحف تلك النظريات فشاعت النظريات وانتشرت بين أممها وشعوبها.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي 710
    عارضة الطاقة :
     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Empty ظهور الإسلام وانتشاره

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 23:01


    ظهور الإسلام وانتشاره

    تبدأ قصة الحضارة الإسلامية على يد أشرف المرسلين محمد بن عبد الله (r ) حينما أنزل الله على قلبه القرآن الكريم ، الدستور الخالد للإسلام والمسلمين، ليهتدي به البشر في كل زمان ومكان . { الر كناب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } (سورة ابراهيم- أية ا) وقد تكفل الله بحفظه باعتباره المصدر الأول للتشريع في قوله تعالى :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حافظون " (سورة الحجر- أية 9).

    وبعد القرآن الكريم تأتي سنة الرسول (r) التي منها نستكمل أحكام الدين ونستوضح بعض أركان تعاليمه. فعلى أساس هاتين الدعامتين: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، تقوم تعاليم الإسلام في الأمور الدينية والدنيوية.

    فالإسلام على هذا الأساس: دين أولاً ، ودولة ثانياً ، إلى جانب كونه حضـارة وثقافة ورسالة إصلاحية تتمثل فيها ذرى العلوم والمعارف. ومحمد صلوات الله عليه، ما هو إلا رسول كريم، ومصلح كنير له رسالة سامية يراد له تنفيذها. وبطبيعة الحال لقيت هذه الرسالة معارضة كبيرة لأنها تريد من الإنسان ترك عاداته ومعتقداته التي يعتز بها والتي ورثها عن آبائه وأجداده. وحررت رسالة الإسلام الإنسان من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، لأن في عبادة الإنسان غيره إلغاء لعقله وكيانه وتعطيلاً لطاقاته المادية والمعنوية، ورفعته على جميع المعتقدات بربطه بجسر روحي ومادى مع خالق الإنسان دون وسيط أو دخيل، في الوقت الذى كانت جميع الأديان السابقة تفصل بين الفرد وخالقه بوساطات وهياكل وطقوس كهنوتية قال تعالى: { اتخـذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } ( التوبة ـ آية 31 ) ، وقال تعالى : { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً} (الفرقان- آية 43، 44)، ومن هنا كانت معارضة أصحاب الهوى والمصالح لرسالة الإسلام. والإنسان محافظ بطبعه، ولا يندفع إلى التجديد إلا إذا دفع إلى ذلك دفعاً . فالحضارات لم تأت عفواً، وإنما جاءت بعد تضحيات كثيرة. ومن هنا كانت المعارضة لرسالة النبي من جميع نواحيها الدينية والأخلاقية والاجتماعية أمراً طبيعياً.

    وقد لجأ أصحاب هذه المعارضة إلى تحدي الرسول(r) والاستهزاء به، واتهامه بشتى الاتهامات، كالجنون، أو السحر والشعوذة، أو حب الرياسة والسلطان، ثم تطورت المسألة إلى الرغبة في التخلص منه.

    وهنا يضطر الرسول (r) أن يغادر موطنه العزيز على قلبه، مكة المكرمة، وهو كاره حزين، متجهاً إلى "يثرب ". وفي خلال الطريق في مكان يسمى "الجحفة"، واساه الحق سبحانه وتعالى مبشراً إياه بعود حميد في قوهـ، تعالى : {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } (سورة القصص- أية 85).

    وبعد مسيرة ثمانية أيام، استقر الرسول في، يثرب " في 16 ربيع الأول (20 سبتمبر سنة 622 م) وهذا ما نسميه بالهجرة، وهو حدث عظيم في تاريخ الإسلام لأنه يعتبر بدء رسوخ الإسلام وتدعيمه، ولهذا جعله عمر بن الخطاب بداية التاريخ عند المسلمين.
    وجد الرسول (r) مدينة "يثرب " منقسمة على نفسها انقساماً شديداً، فهناك اليهود من جهة، وعرب الأوس والخزرج من جهة أخرى. واستطاع اليهود أن يوقعوا بين قبيلتي الأوس والخزرج، فقامت بينهما حروب طاحنة أهمها الموقعة المعروفة "بيوم بعاث " قبيل الهجرة بنحو خمس سنوات. وفيها هلك من الفريقين عدد كبير من أكابرهم وأشرافهم، مما أدى إلى ظهور اليهود وسيطرتهم على أراضي ا، يثرب "واقتصادياتها، ورأى المنتصر والمهزوم من عرب، يثرب)، سوء ما صنعوا، وتطلعوا إلى فترة يسودها السلام والهدوء، والدليل على ذلك تلك الأعمال الأولى التي قام بها الرسول هناك في سبيل توحيد الصفوف وتأليف القلوب.

    وهنا يبدأ طور جديد من أطوار حياة الرسول لم يسبقه إليه أحد من الأنبياء والرسل، وهو طور سياسي أبدى فيه الرسول من الحنكة والمهارة ما مكنه من أن يصل "بيثرب " وبمجتمع أهل المدينة إلى وحدة سياسية منظمة لم تكن معروفة من قبل في سائر أنحاء الحجاز.

    وفيما يلي بيان الأسس التي قامت عليها هذه الجماعة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة:
    (1) بناء المسجد الجامع ليكون مركزا للعبادة، وقاعدة للدراسة والتشاور في الشئون العامة.
    (2) المؤاخاة بين "المهاجرين " من أهل مكة و "الأنصار" من أهل يثرب، أخوة روحية تنص على وجوب التناصر والتعاون والتكافل.
    (3) وضع دستور عرف باسم "الكتاب أو الصحيفة"، لتنظيم هذه الجماعة الإسلامية الأولى كأمة واحدة، تسودها الوحدة والترابط، وكذلك تنظيم العلاقة بين المسلمين ويهود يثرب الذين أقرتهم الصحيفة على دينهم وأموالهم ما داموا مع المسلمين .

    وهكذا استطاع الرسول (r) بقدرته السياسية الفائقة، أن يوحد صفوف هذه الأمة المعقدة بأحزابها وفرقها المختلفة، وأن يحدد شكل الدولة الإسلامية أو المدينة الإسلامية، كدولة ومدينة في أن واحدCity- State . تسكنها جماعة متجانسة من الناس، وتنظم أمورها بنفسها وفق دستور مكتوب.

    ثم اتسع نطاق هذه الجماعة الإسلامية أو دولة الرسول بالمدينة على صورة دولة عربية إسلامية، شمل نفوذها الحجاز وتهامة ثم الجزيرة العربية كلها، وتلك كانت حدودها عند وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام في (12 ربيع الأول سنة 11 هـ) (يونيو 633 م).

    ولم تلبث هذه الدولة العربية الإسلامية الفتية أن قامت بإنجازات عسكرية وحضارية والسعة النطاق في عهد الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية ( 11- 132 هـ/633- 749 م) ومن أهمها حركة الفتوحات الكبرى التي زادت في مساحتها.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي 710
    عارضة الطاقة :
     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     ملامح الوحدة في حضارة العالم الإسلامي Empty الفتوحات الكبرى وانتشار ا لإسلام

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 05 2011, 23:03


    الفتوحات الكبرى وانتشار ا لإسلام



    انتشر الإسلام وازدادت الدولة اتساعاً في طورين أساسيين:
    العهد الراشدي: (11 هـ/632 م- 0 4 هـ/1 66 م):

    في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر وصدر خلافة عثمان، وشمل فتح الشام والعراق ومصر وفارس، وقد حمل العرب إلى تلك الأقطار مبادىء دينهم الحنيف، الذي انتشر فيها، وأقبل أهلها على اعتناقه لسمو مبادئه وذلك طواعية واختيارا ودون إكراه من جانب العرب الفاتحين عملاً بقول القرآن :{ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } . ( سورة البقرة: 256) وقوله تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } (سورة النحل: 135).

    فلما أقبل كثير من أهل البلاد المفتوحة على الإسلام، نشأت الطبقة المعروفة "بطبقة الموالي " في تلك البلاد. ولا شك أن نجاح العرب في فتوحاتهم في هذا الطور الأول يرجع إلى قوة إيمانهم واتحادهم، وإلى نظرتهم العادلة إلى أهل البلاد المفتوحة، فكانوا يكتفون بالجزية من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وحتى عندما فتحوا فارس ، أنزلوا المجوس (الزرادشتية) منزلة أهل الكتاب واكتفوا منهم بالجزية.


    العهد الأموي: (41 هـ/661 م-132 هـ/751 م):



    في عصر الدولة الأموية في أواخر القرن الأول الهجري. ويمتاز هذا الطور عن سابقه، بأن العناصر المحلية أو الموالي الذين دخلوا في الإسلام، وقفوا جنباً إلى جنب مع العرب في فتوحاتهم الجديدة التي شملت أقاليم "خراسان"، "وما وراء النهر (نهرجيحون) "، و"حوض السند"، وبلاد "المغرب والأندلس ". ومن المعروف كذلك أن موالي القبط اشتركوا مع العرب في قتال الروم في البحر في موقعة ذات الصواري سنة 34 هـ/ه 65 م- كما أصبح البربر بعد اعتناقهم الإسلام يشكلون الكثرة الغالبة في الجيوش الإسلامية التي فتحت الأندلس وجنوب فرنسا.
    وكان هذا التعاون الوثيق بين العرب وبين العناصر المسلمة الجديدة في ظل الدولة الإسلامية، من أقوى الأسباب في مد نطاق الفتوح الإسلامية في هذا الطور الثاني الذي تضاعفت فيه رقعة الدولة الإسلامية التي امتدت من أواسط آسيا شرقاً، إلى المحيط الأطلسي غرباً، فالوحدة التي شملت جميع العناصر الإسلامية من عرب وفرس ومصريين وبربر وهنود هي السر في امتداد الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً ويعزى لبني أمية الفضل في توحيد الثقافة في العالم الإسلامي، إذ كانوا قد نجحوا في نشر الإسلام في رقعة واسعة من الأرض تضم شعوباً مختلفة وثقافات متنوعة. تعرضت لتأثيرات يونانية ورومانية، وسريانية وآشورية، كان من الممكن أن تسيطر على الثقافة العربية الإسلامية لولا ما اتصف به خلفاء بني أمية من إحساس عميق بالقيم الفكرية والخلقية للتراث العربي القديم والمعرفة الواسعة بالدين الإسلامي الجديد، والرغبة العارمة في أداء الواجبات الرئيسية لأمير المؤمنين والتي تتمثل في حماية الدين الإسلامي والعمل على نشره، إضافة لصفة التفتح العقلي التي اتصفوا بها، واستعدادهم الطبيعي للإفادة من خبرات الآخرين، ولذا فقد عمل الأمويون على طرح أساليب العمل، وأنشأوا المؤسسات لتتولى عملية تثبيت الإسلام ونشر اللغة العربية بين المجتمعات الإسلامية الجديدة، فأكثر الأمويون من فتح الكتاتيب العربية لتعلم الكتابة، واستدعي أعلام الفكر والأدب لعقد ندواتهم ومناظراتهم بحضور الخلفاء ومن ثم الاهتمام بالمكتبات وتنميتها، والإبقاء على المدارس الأجنبية في نصيبين وحران وعدم التعرض لنشاطها، مما ساعد تلك المد ارس على الاستمرار في أعمال الترجمة، والاستعانة بأهل البلاد المفتوحة من عرب وغيرهم للمساهمة في المجالات الحياتية الجديدة، وأعطى بنو أمية للعلوم النظرية والتطبيقية عناية متميزة، فظهرت علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والسير والمغازي ، وكانت العناية بتلك العلوم ملحة لتسهم في استقرار البلاد الإسلامية وذلك بغرض تعميق تمسكها بالدين الإسلامي، وإتقانها العربية، لغة القرآن الكريم.

    ومن الجدير بالذكر أنه توفرت في الدولة الأموية كل العوامل التي تساعد على قيام مراكز ثقافية تعنى بالنشاط العلمي ، فكانت البصرة والكوفة علاوة على دمشق ، العاصمة، نقاط التقاء الثقافات وتقاطر أهل العلم والمعرفة من مختلف البلدان والأمصار عليها للدراسة.

    لقد كانت جهود بني أمية واضحة في انكفائهم لتشجيع العلوم ورعايتهم لحركة الترجمة،- وتمثل ذلك- بجهود خالد بن يزيد، حكيم بني أمية/ الذي اشتغل والراهب ماريانوس في ترجمة العديد من الكتب اليونانية، ومثله فعل ماسرجويه في عهد مروان بن الحكم، 64 هـ/683 م الذي ترجم كتاب أهرن بن أعين الطبي، وسرجون بن منصور، وطبيب الحجاج ثاوذون.

    لقد كان للأمويين فضل الريادة في الاتجاه نحو ثقافات الشعوب التي انتشر بينها الإسلام، وعملوا على استيعاب تلك الثقافات، وتعاملوا بمهارة مع المشكلات والعقبات التي اعترضت عملية النقل والتفسير من تلك الثقافات ووضعوا الحلول المناسبة لها ، فما كان على بني العباس، إلا الاستمرار على المنهج والنسق الذي ابتداه الأمويون.


    العهد العباسي: 32 1 هـ/0 75 م-656 هـ/258 أم:

    وقامت بعد ذلك الدولة العباسية على 2 نقاض الدولة الأموية سنة 132 هـ (750 م)، وامتد حكمها خمسة قرون إلى أن سقطت على أيدي المغول أو التتار بزعامة!هولاكو) حفيد جنكيزخان " سنة 656 هـ (1258 م) . وعلى الرغم من أن الأسرة العباسية الحاكمة كانت أسرة عربية هاشمية، تنحدر من سلالة العباس بن عبد المطلب عم النبي (r) إلا أنها اعتمدت على "الموالي)" أي على الشعوب التي دخلت في الإسلام. ولذلك لهـم ينظر العباسيون إلى جنس معين من رعاياهم يتعصبون له على نحو تعصب الأمويين للعرب، بل نظروا إلى الشعوب التي تتألف منها الأمة الإسلامية نظرة واحدة مع اختلاف أجناسهم وألوانهم ، عملاً بمبدأ المساواة الذي ينص عليه ا لإسلام في قوله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (سورة الحجرات 13). وبهذه السياسة وهذه النظرة إلى الشعوب الإسلامية، تقاربت الأعراق الإسلامية، وتداخلت بالزواج المختلط أو التوليد، ونشأ عن هذا الاختلاط جيل جديد من المولدين، وأصبحت الدولة الإسلامية وكأنها وطن لأمة واحدة لا لشعوب مختلفة، تدين بدين واحد، وتتكلم لغة واحدة .

    وقد اتجهت سياسة الدولة العباسية- منذ البداية- إلى المشرق، وكان هذا سر نجاحها، فاتخذت من بغداد عاصمة لها بدلا من دمشق، رغم أن هذا التوجه قد أسفر عن ضعف نفوذها في الأطراف الغربية التي أخذت تنسلخ تباعاً، فاستقلت الأندلس على يد "صقر قريش،" عبد الرحمن الداخل الأموي سنة 137 هـ/ 755 م، كما استقل المغرب الأقصى على يد الأدارسة العلويين " سنة 72 1 هـ 788 م، والمغرب الأوسط على يد "بني رستم الخوارج الأباضية" سنة 38 1 هـ/ه 75 م، و اكتفى العباسيون- إزاء هذا- بإقامة دولة حاجزة موالية لهـهم في المغرب الأدنى هي "دولة الأغالبة". والتي امتد حكمها من سنة 84 اهـ/0 80 م- 296 هـ/09 9 م وقد استطاعت هذه الدولة الأغلبية المجاهدة أن تحقق إنجازاً حربياً كبيراً ، بفتح جزيرة صقلية على يد القائد المسلم الفارسي "أسد بن الفرات "في عهد زيادة الله الأول الأغلبي سنة 3 31 هـ (838 م)، ثم فتح جزيرة مالطة التي تقع بين صقلية وأفريقيا فى عهد!محمد الأغلبي " المدعو بأبي الغرانيق وذلك سنة 356 هـ (870 م).

    غير أن نفوذ العباسيين وإن كان قد ضعف وزال في المغرب والأندلس، إلا أنه قوي في المشرق- فابن الأثير فى كتابه الكامل في التاريخ يشير في حوادث سنة 133 هـ إلى أن جيوش أبي مسلم الخراساني ، استطاعت أن تهزم في موقعة نهر طراز الجيوش الصينية التي أخذت تتدخل في بلاد تركستان بأواسط أسيا. ويبدو أن هذا هو أول ذكر للاحتكاك الحربي بين المسلمين والصين في المراجع ا لإسلامية.

    ومنذ ذلك الوقت نلاحظ أن الحضارة الإسلامية أخذت تسود بلاد أواسط أسيا بعد أن أزاحت عنها الوجود الصيني. كذلك قامت في الأطراف الشرقية للدولة العباسية، دول إسلامية عريقة عملت على نشر الإسلام هناك باسم الخلافة العباسية.


    المرجع:

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28 2024, 18:34