الرأسمالية التجارية
تعريف الرأسمالية :
تعرف الرأسمالية عامة على أنها نظام اجتماعي و اقتصادي و سياسي[1] يقوم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و يعتمد على الحرية في ممارسة النشاط الاقتصادي كما يكرس مبدأ التنافس لتحقيق المكسب المادي[2] ويعمل النظام السياسي على خدمة مصالح هؤلاء الملاكين1 كما يكفل القانون حق هذه الملكية2
السياق التاريخي لظهور الرأسمالية
كان المجتمع الأوربي في العصر الوسيط زراعيا و مفكك سياسيا ( إقطاعيات) و كان النظام الإقطاعي يقوم على الأرض بينما كان المال موجها للعمل العسكري2 كما تميزت هذه الإقطاعيات بانغلاقها حيث لا توجد مبادلات بينها وبين اقتصاديات الإقطاعيات الأخرى[3] باستثناء المدن الإيطالية التي حافظت على نشاطها التجاري لكونها لم تخضع بشكل كبير للنظام الإقطاعي .
بصفة عامة يمكن أن نقول بأن الاقتصاد في أروبا في هذه الفترة كان معاشي و يقوم على المقايضة بين المزارعين......, لكن سرعان ما ستظهر فئة من التجار برزت من الفئات لا تشتغل بالأرض و لا علاقة تربطهم معها وهي فئات منحها الملك حق السكن خارج الإقطاعيات و الخضوع المباشر للملك دون الأسياد, هذه الفئة ستراكم نوع من رأس المال بعيدا عن الأرض و النسق الإقطاعي 2 ,....المهم في الأمر انه من هذه الفئات ستظهر الرأسمالية الأولى أو ما يسمى بالرأسمالية التجارية( المركنتية ) فما هي العوامل التي ساهمت في ظهور الرأسمالية التجارية و ما هي مبادئها وما هي مراحل تطوره ?
العوامل التي ساهمت في ظهور الرأسمالية التجارية
ساد المذهب المركنتلي أو الرأسمالية التجارية كما ذكرنا منذ أواخر القرن 14 م إلى النصف الثاني من القرن 18 م نتيجة :
ü انهيار النظام الإقطاعي في أوروبا و ظهور الدولة المركزية الموحدة
ü ظهور رأسمال تجاري لا علاقة له بالأرض أو النظام الإقطاعي
ü حاجة الملوك في الدول الناشئة إلى إيرادات مالية خاصة تمكنهم من الإنفاق على الجيوش اللازمة لصيانة سيادة الوطن
ü الاكتشافات الجغرافية و تحول اقتصاد العصور الوسطى من اقتصاد ضيق التبادل إلى اقتصاد نقدي واسع [4]
ü .........إلـــــــــــــخ
الهدف الأساسي الذي و ضعته المركنتيلية يتلخص في اجتذاب أكبر كمية من الذهب و الفضة إلى داخل البلاد [5] حيث اعتبر التجاريون "أن الذهب هو أساس ثروة الأمم و مقياس عظمتها "4 و الثروة تقتصر على ما تحوزه الدولة من ذهب و فضة [6] و أن التجارة الخارجية هي المصدر الوحيد للوصول إلى المعدن النفيس [7]
مبادئ الرأسمالية التجارية
ارتكز المذهب المركنتلي في عدة مبادئ هي :
ü الدمج بين الثروة و النقد 7 و أن عظمة أمة تساوي ثروتها و ذهبها , و بالتالي أفضل الوسائل لتدعيم ثروة الأمة تكون بتمجيد المعادن النفيسة [8]
ü تحقيق ميزن تجاري فائض عن طريق الحصول على الذهب وهذا لا يتحقق إلا بالتجارة الخارجية 8
ü تدخل في الحياة الاقتصادية بواسطة سلطات الدولة7 لتدعيم رأس المال التجاري من خلال تدخلها في منح التمويل و الامتيازات و المراسيم و الاحتكارات للتجار المغامرين 8 , كان الفكر المركنتلي الذي عبر آنذاك عن مصالح رأس المال التجاري نصيرا قويا للتدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي [9]
يمكننا تقسيم تطور المركنتيلية إلى مرحلتين أساسيتين هما : مرحلة المركنتيلية المبكرة و المركنتيلية المتطورة
أ ـ مرحلة المركنتيلية المبكرة :
تبتدئ من نهاية الثلث الأخير من القرن 15 م و تنتهي في منتصف القرن 16 م لم تكن التجارة الخارجية في هذه الفترة متطورة بما فيه الكفاية بسبب ضعف الإنتاج المحلي المعد للتصدير لهذا كانت الدولة مهتمة بزيادة كميات الذهب في الخزينة , و يمكن تلخيص السياسة المركنتيلية في هذه المرحلة في :
ü منع إخراج النقود من البلد
ü إعلان أن التجارة بالنقود هي حكر على الدولة فقط
ü إجبار التجار الأجانب على إنفاق أرباحهم داخل البلد
أدت هذه السياسة إلى عدم تطور التبادل التجاري الدولي و أثرت على تطور الإنتاج السلعي [10]
ب ــ مرحلة المركنتيلية المتطورة :
ازدهرت التجارة في هذه المرحلة خاصة بعد الاكتشافات و اقتصرت السياسة المركنتيلية في هذه المرحلة على تحقيق فائض في الميزان تجاري , كما دعمت في هذه المرحلة الرسوم الجمركية المرتفعة على البضائع المستوردة...... [11]
تم التخلي عن هذا المذهب بعدما طبقت تعاليمه لـ 3 قرون في أوروبا , و ذلك نتيجة بروز تطورات اقتصادية و فكرية و أحداث سياسية خلقت مناخا جديدا أتاح الفرصة لظهور مذهب جديد في الاقتصاد الرأسمالي عرف بالمذهب الليبرالي (دعه يعمل دعه يمر laisser faire laisser passer)[12].
انتهــــــــــــــــــــــــى
الاقتصاد السياسي (مبادئ ـ مدارس ـ أنظمة) ذ. إبراهيم مشورب ص 109[1]
محاضرة عن الرأسمالية لـ : ذ. تيتاو بتاريخ 20/04/2011 بالكلية المتعددة التخصصات تازة[2]
الاقتصاد السياسي و جدلية الثروة و الفقر لـ ذ.محمد حركات ص 30[3]
العلاقات الاقتصادية الدولية لــ ذ. بسام الحجاز ص 20 / ص 35 و36 من كتاب العلاقات الاقتصادية الدولية لــ ذ. محمد عيسى عبد الله و ذ.موسى إبراهيم[4]
الاقتصاد السياسي (مبادئ ـ مدارس ـ أنظمة) ذ. إبراهيم مشورب ص 37[5]
نفس المرجع السابق ص 37[6]
العلاقات الاقتصادية الدولية لــ ذ. محمد عيسى عبد الله و ذ.موسى إبراهيم ص 36 [7]
الاقتصاد السياسي (مبادئ ـ مدارس ـ أنظمة) ذ. إبراهيم مشورب ص 42[8]
نفس المرجع السابق ص 43 [9]
نفس المرجع السابق ص 38 و 39[10]
نفس المرجع السابق ص 40[11]
العلاقات الاقتصادية الدولية لــ ذ. محمد عيسى عبد الله و ذ.موسى إبراهيم [12]