منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    الحيز العام في المدينة العربية

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحيز العام في المدينة العربية 710
    عارضة الطاقة :
    الحيز العام في المدينة العربية Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحيز العام في المدينة العربية Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحيز العام في المدينة العربية Empty الحيز العام في المدينة العربية

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 07 2011, 15:55

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    الحيز العام في المدينة العربية


    1- مفهوم الحيز/ المجال(Public Sphere).

    الحيز العام هو مكان تلاق بين أبناء الوطن الواحد، قادر على احتواء تبايناتهم مهما بلغت شدة الاختلاف فيما بينهم. وهو مكان للتلاقي المعنوي، الذي يشمل مجموعة من القيم التي تحظى بتوافق عام بين مختلف الفئات والتكوينات الإجتماعية والسياسية.والمجال العام هو كل ما يخرج عن المجال الخاص وتسير تكوينات المجال الخاص في اتجاه مضاد لتكوينات المجال العام.

    2.3 أصول التكوين الإجتماعي والسياسي للمجال العام
    ترجع بدايات تكوين ما يشار إليه مفهوم المجال العام إلى ضرورة الاجتماع السياسي للإنسان، وهو أن الإنسان مدني بطبعه، وليس بوسعه ـ من منظور علم الاجتماع ـ أن يوقف فعله أو سلوكه عند حدود الفعل الفردي، بل أنه يتعدى ـ بحكم الضرورة ـ إلى الجماعات أو التجمعات البشرية الأخرى التي يجد نفسه مضطراً للتعامل معها، وللتعاون معها للدفاع عن مصالح مشتركة. وحيثما وجدت مصلحة مشتركة ينشأ المجال العام الذي يكون ساحة للقاء أصحاب هذه المصلحة. يتصل المجال العام إذاً بالوجود الطبيعي للإنسان، أو كحلقة من حلقات التطور العضوي للإجتماع السياسي، الذي تزداد فيه الحاجة إلى تنظيم المساحات المشتركة التي يستفيد منها كل أصحاب المصلحة، ويقع على عاتقهم جميعاً المحافظة عليها والدفاع عنها، وتطويرها. وتزداد درجة وضوح فضاء المجال العام كلما نمت حاجات البشر، وكلما ثبتت فكرة تقسيم العمل فيما بينهم.

    1.2 أسس المجال العام

    يقوم المجال العام في الإجتماع على أسس : الحرية،حيث ينزع المجال العام نحو الجمع بين المختلفين في إطار مشترك من القيم والمصالح والغايات.الشورى،التي تحكم العلاقات الجماعية في إطار المجال العام ، وجوهرها الحرية.الإجماع،في شؤون المجتمع والدولة، وهويسلتزم الحوار والتشاور في أمر له صفة العموم.

    2- المقاربات النظرية

    لقد كانت عملية البحث عن المقاربات النظرية التي تناولت الحيز العام صعبة لعدم وجود عدد كبير من المفكرين الذين درسوا الحيز العام .

    يحدد "يورغن هابرماس Habermas 1989" من خلال كل حوار يتجمع فيه الأفراد لتشكيل هيئة عامة دون اعتبار للفروق الإجتماعية التي تكون بينهم . ويشكل المجال العام حيز من حياتنا الإجتماعية، يمكن من خلاله تشكيل ما يقترب من الرأي العام،وهو ينشأ من ناس خصوصيين، يجتمعون معاً كجمهور ليتناولوا إحتياجات المجتمع من الدولة.ويستفيد الأشخاص في المجال العام من عقلانيتهم وتفكيرهم في مناقشة المسائل العامة.ترجع جذور المجال العام ، إلي العديد من المؤسسات الإجتماعية في المجتمع الأوربي خلال فترة القرن الثامن عشر، ففي إنجلترا ظهر في المجلات والصحف والمقاهي، وفي فرنسا ظهر في الصالونات الباريسية بعد منتصف القرن، وفي ألمانيا احتل شكلاً متواضعاً في نوادي القراءة، ولقد تطور هذا المجال العام بعد منتصف القرن الثامن عشر ليناقش الأمور والقضايا السياسية التي كانت في الماضي أمور خاصة بالدولة. وحيث ميز بين ما يدعوه (العالم الحيوي) وبين النظام (وهو تمييز يقترب ـ إلى حد ما ـ من التمييز بين المجال الخاص والمجال العام، فطبقاً لهبرماس يخضع العقل في العالم الحديث لجملة إملاءات تقوم بوظيفتها بحسب عقلية الغاية والوسيلة، ويضرب لذلك مثلاً هو السوق وهو نقيض فكرة النظام، وفيه يتجلى الجانب العام بوضوح، ولكن الأفعال البشرية تخضع لإملاء القيم والمثل التي يتم تمريرها خلال الإتصال البشري، ويتم تبنيها إجتماعياً لتشكل نسيج العالم الحيوي بدوائره المتداخلة والمتدرجة من الفردي إلى الجمعي (الخاص)، إلى الجماعي العام، وهنا تتجلى فكرة العالم الحيوي بكل تعقيداتها.

    لقد ذهب إيلى Eley إلي أن المجال العام كمفهوم يحتاج لأن يتم فهمه كوضع بنائي، يتضمن التنافس الثقافي والأيديولوجي، أو التفاوض الثقافي والإيديولوجي بين مجموعة متنوعة من الجماهير، وهذا يتطلب إعادة النظر في فكرة هابرماس عن المجال العام لكي تتضمن جماعات إجتماعية أكثر.و هناك من وصف المجال العام بأنه أرض الجدل والنزاع، وأنه يتكون من المجالات العامة المتنافسة.
    كما قدمت "نانسى فريزر" Nancy Fraser نموذجها حول الجماهير المتعددة Multiple Public، والتي تذهب من خلاله إلي أن التفاوت الإجتماعي الموجود في النظم الرأسمالية لا يخلق أبداً مجال عام واحد، ولكن هناك قطاعات أو مجالات جماعية مختلفة ومتنافسة، هذه القطاعات أو المجالات الجماعية تتضمن جماهير مختلفة فيما بينها. ويعتبر فيلا Villa أن المجال العام هو مكان للحوار السياسي والمداولة الحرة، يتم فيه تجاوز الفروق الإجتماعية القائمة بين الأفراد الذين يشتركون في الحوار والمداولة، وهذا من شأنه توفير فضاء إجتماعي خال من كل صور القسر والقهر.
    عرف كيمب Kemp المجال العام بأنه تلك الساحة من الحياة العامة، والتي يمكن فيها الوصول إلى موافقة عامة على قيم ومعايير تعمل لحل المشكلات الإجتماعية والسياسية، وهذا ما يؤكده كين Keane أيضاً عندما قرر بأن المجال العام يتضمن تلك الساحات التي فيها يقوم الأعضاء بتناول ما يفعلونه، ويصلون لقرار في كيف سوف يعيشون معاً ويعملون بشكل جماعي في المستقبل.
    وميز هايدغرHeidegger بين ثلاثة أنواع من المجال :1) المجال العالمي ويمثل الحيزالحالي المتاح ويشمل المساحة الأساسية للنشاط .وهو مجال لا محدود تحدد الطبيعة صفاته ،2)المجال الإقليمي وهو المجال الذي نعيش فيه ونمارس الأنشطة الحياتية اليومية .وتختلف صفات كل مجال إقليمي عن الآخر بحسب صفات مجموع الأفراد المكونة له. وهو محدود يستمد صفاته من غير الطبيعة ،3) المجال المكاني الظرفي الخاص بالفرد .وهو يحاول التمييز بين الوجود المكاني للإنسان والوجود الكينوني.

    3- الحيز العام والإتجاهات العربية الفكرية المعاصرة .

    تفتقر نظرية المجال العام للوضوح في إجتهادات الجماعة العلمية المشتغلة بالعلوم الإجتماعية والإنسانية في البلدان العربية.فنجد المفكرين العرب يتبنون نظرية Habermas ويقومون بنقدها .فبما أن مقاربته الأساسية عن المجال العام، تحسبه فضاء للتفاعل عبر التواصل اللغوي للتباحث فيما هو مشترك،ولكنها غير كافية، وخاصة عندما ننتقل بالجهد البحثي من التجريد والعموميات إلى التفصيل والخصوصيات المحددة إجتماعياً ومدنياً ـ نسبة إلى المدن ـ بحسبان أن المدن هي الإطار الأكثر احتياجاً لفكرة المجال العام،ليس فقط من الناحية النظرية بحسبانها فضاء للتفاعل الفكري والتواصل اللغوي، وإنما أيضاً من الناحية العملية التي تسهم في تهيئة البنية الأساسية لهذا التفاعل وذلك التواصل.
    فالمنظور الإجتماعي ـ السياسي لتكوين المدن في تاريخ الإجتماع الإنساني ارتبطت فكرة المجال العام بنشأة المدينة، وكان المجال العام هو الوجه الآخر لنشوء المدينة في مختلف الخبرات الحضارية. وهذا ينطبق على المدن الإغريقية واليونانية القديمة، وعلى المدن والمراكز الحضرية الأوربية الوسيطة والحديثة، والمدن الفرعونية والبابلية والهندية والصينية القديمة، والمدن والمراكز الحضرية العربية والمشرقية عموماً، والوسيطة والحديثة خصوصاً.ومن المنطقي أن يؤدي اختلاف فلسفة العمران المدني من حضارة إلى أخرى، إلى إختلاف موقع المجال العام، ومكوناته، ووظائفه، تبعاً لذلك.

    يعرف ادوارد سعيد الحيّز العام،بأنه المكان الذي يترجم علاقات البشر ببعضهم في فضاء مرجعه القانون، يتيح للمثقف التدخل وإعلان رأيه والرفض والقبول والإختيار، بأقساط مختلفة، لا تنفصل عن موقفه السياسي.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : الحيز العام في المدينة العربية 710
    عارضة الطاقة :
    الحيز العام في المدينة العربية Left_bar_bleue90 / 10090 / 100الحيز العام في المدينة العربية Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    الحيز العام في المدينة العربية Empty رد: الحيز العام في المدينة العربية

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 07 2011, 15:56



    4- الحيز العام في المدينة العربية .
    على اعتبار ما ذكر أعلاه عن ماهية الحيز العام ، إذاً فالحيّز العام يضم إذاً الطرق، الساحات، الحدائق، المقاهي، الأسواق، المستشفيات، الجامعات وغيرها من الأماكن، كما بالإمكان إضافة وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي وشبكة الإنترنت. فالحيّز العام ليس فقط مادياً ملموساً، كما هو ليس حكراً على الملك العام بل يتعداه إلى الملك الخاص أيضاً، لكنه ليس مكاناً للحرية المطلقة وهو ليس خالياً من القيود، أكانت قانونية أو إجتماعية أو إقتصادية أو غيره. و كلما زادت القيود يتحول هذا الحيّز من العام إلى الخاص، أكان ملكاً عاماً أو خاصاً على حدٍّ سواء.وتتركز هذه المجالات العامة أكثر وتغطي مساحات أكبر في الأجزاء الحضرية عن الريفية .


    4.1 الحيز العام والنسيج العمراني الحضري
    يعود العمران الحضري في العالم العربي إلى تاريخ قديم، حيث ترجع نشأة بعض المدن إلى عدة آلاف من السنين. ففي بلاد ما بين النهرين ومنذ منتصف الألف الرابع قبل الميلاد وجدت المدن. ولم تشهد هذه المنطقة قيام أول حضارة في التاريخ فقط بل كانت هذه الحضارة ذات مجتمع أكثر حضرية (مدينية) في زمنها.وعمل العربعلى تجديد المدن الرومانية وإقامة مدنهم، وظهرت مدن أدّت دوراًمهماً في نشر الثقافة وتقدم التجارة، ومن أبرز هذه المدن:فاس، والرباط، وقرطبة، والنجف، وكربلاء.وتميزت هذه المدن بوجود أسوار تحيطها وتحميها ، وبوجود فضاءات عامة شملت مراكز العبادة ،والأسواقالمتخصصة،والحمامات العامة، والخانات لمبيت الزوار،والشوارع الرئيسة والضيقة .
    وقد شهد التاريخ ظهور عدد كبير من المدن التي أدت أدواراً مركزية في المجالات العسكرية والتجارية والدينية، وشهد نموها وتدهورها. وبعد إنتهاء الفتوحات الرئيسية بدأ عصر جديد من الإستقرار الحضري، إذ منذ أواخر العصر الأموي وكل العصر العباسي تأسست مدن كبيرة مؤسسة على أسس حضرية وعمرانية جديدة غير عسكرية بالدرجة الأساسية إنما اجتماعية وإقتصادية وفنية وحضرية وأوضح نموذج على ذلك مدينة بغداد. لذلك تميزت العصور الوسطى بتطور حضري كبير. ومنذ القرن التاسع عشر، بدأت مرحلة جديدة من التطور الحضري، حيث كان تطور وسائل النقل ونمو التجارة الدولية من العوامل الرئيسية التي أدت إلى نشأة العديد من المدن الجديدة.
    وفي القرن العشرين، ظهرت مدن جديدة، نتيجة إكتشاف وإستخراج النفط. وأبرز هذه المدن ما موجود في شبه الجزيرة العربية.وما يميز التطور الحضري في العالم العربي منذ النصف الثاني من القرن العشرين هو النمو السريع في عدد المدن وفي عدد سكانها، بطريقة لا يواكبها تحول مناسب في البنية الإجتماعية والإقتصادية.

    إن العوامل الرئيسية المسؤولة عن هذا التحضر السريع، هي إرتفاع معدلات الزيادة الطبيعة للسكان (الفرق بين الولادات والوفيات) في المدن نفسها، وعامل الهجرة الريفية نحو المدن، والهجرة الدولية الوافدة، بالأخص إلى البلدان المنتجة للنفط وإعادة تصنيف المدن والأرياف التي تكون لصالح الأولى وعلى حساب الثانية. فلم يأخذ النمو الحضري طريقه بصورة متوازنة. مما أدى إلى تركز السكان الحضر في مدن قليلة العدد وظهور ظاهرة المدن الكبيرة المهيمنة، التي هي في الغالب العواصم السياسية. وقد خلق ذلك صعوبات جمة أمام عملية التنمية الإجتماعية والإقتصادية في المدن العربية.






    بنيت هذه المدن الحديثة من خلال عمليات التنظيم والتطوير ،ويمكن حصر خصائص المدن العربية الحديثة بما يلي :

    1. النمو الرأسي والأفقي حسب الخططالعمرانية الحديثة.
    2. وجود الشوارع العريضة والمنظمة.
    3. وجود الحدائق والمتنزهات والمجمعاتالتجارية والمرافق العامة.
    4. الإزدحام السكاني والمروري وإرتفاع أسعار الأراضي.
    5. وجود الأحياءالطبقية فيها حسب مستوى السكان.
    6. وجود الأحياء الوظيفية للصناعة والتجارة والسكن.
    7. توفر الخدماتالتعليمية والصحية.
    8. التوسع المساحي والزيادة السكانية نتيجة الهجرة.
    وتعاني المدنالعربية الحديثة من مشكلات متنوعة مرتبطة إلي حد كبير بحجم المدينة السكاني والعمراني،وطبيعة أرض المدينة (جبلية أم سهلية) ،وخطة نمو المدينة ( دائرية ، شعاعيه، طولية ، عشوائية) وأهم مشكلات المدن العربية الحديثة:مشكلة قلة المياه الصالحة للشرب لاسيما أن معظم المدن العربية يقع في المناطق الجافة و ليستمر نمو المدينة طبيعياً لا بد من توفير هذه المادة الأساسية فيالحياةوتأمين الحاجاتاليومية،ومشكلة الصرف الصحي والتخلص منالنفايات،ومشكلة الإزدحام السكاني،ومشكلة الأحياء العشوائية ومدن الصفيحوالأكواخ على أطراف المدن،ومشاكل النقصفي البنية التحتية.


    4.2 خصائص الحيز العام في النسيج العمراني الحضري العربي
    يمتاز النسيج العمراني الحضري في المدن التقليدية بجملة من الخصائص البصرية الواضحةلدى مطالعة أي من المدن العربية مثل القاهرة أو الرياض أو فاس أو مكناس، أو الكويت القديمة، أو صنعاء،وهذه الخصائص هي:

    أولاً: يمتاز النسيج العمراني الحضريبالتدرج الهرمي المتناقص فيما يخص الحيز العام، وذلك أن الفراغات العامة فيالمدينة العربية التقليدية تبدأ من الساحة العامة إلى القصبة الرئيسية ثم إلىالطريق شبه العام، ثم إلى الطريق الخاص بالمتجاورة السكنية، ثم الطريق الخاصلمجموعة البيوت، إنتهاء بالطريق غير النافذ، وعلى الرغم من اشتراك معظم المدن بما فيها مدن العصور الوسطى ببعض هذا الهرم التدرجيالمتناقص، إلا أن طبيعة الإنفتاح ما بين الفراغات الخاصة ضمن المباني وبين الفراغاتالعامة وإتصالها هي ذي طبيعة عضوية وذات خصوصية في آن واحد للنسيج العمراني الحضريللمدينة العربية بما تتفرد به بوضوح عن غيرها من مدن الحضارات الأخرى.

    ثانياً: إن طبيعة الأحيزة العامة المتدرجة تتحدد بمجموعة منالعناصر الحسية الواضحة في معظم الاحيان، وبطريقة ضمنية ذات دلالات رمزية أحياناًأخرى والتي تعلن عن بداية ونهاية الحيز ، فمثلاً تتحدد الساحة العامة بمحدداتكتلية محيطة من جهاتها، وأحياناً تعلن ضمنياً بتبعيتها لمبنى واضح مسيطر (كالمسجدالجامع)، ومثال آخر ما نراه في القصبة الرئيسية بالمدينة حيثتبدأ بعنصر معماري واضح مهيمن وتنتهي بعنصر ذي أهمية مماثلة (كما نراه في قصبةالمعز لدين الله الفاطمي حيث تبدأ بمجموعة عناصر معمارية تشكل بوابة ضمنية كمجموعةقلاوون والتي تتشكل من مفردات معمارية كالمقعد والسبيل بما يحاكي البوابة، وتنتهيبباب زويلة جنوباً)، ومن الأمثلة الأخرى ما نجده في الطريق غير النافذ الذي يعلنللمتجاورة عن بداية الحرم الخاص ببوابة قوسية رمزية تنبىء الزائر غير المحلي عننهاية الطريق العام وتبعية الحيز لملكية خاصة، هذه الأمثلة وغيرها هي منأبرز المحددات الفيزيائية الحسية للعلاقات الوظيفية ضمن النسيج الحضري بإطاريهالعام والخاص مما يفرز طبيعياً حدود ومجالات للتفاعل بين القاطنين والزوار والمارةأو عابري السبيل و الدخلاء، وينجم عن ذلك التدرج الفيزيائي الهرمي للحيز العام تدرجاً وظيفياً آخر يتحدد بثلاث أنواع من التفاعل الوظيفي هي: إما سيطرة أو إستخدام أو ملكية(د. جميلاكبر).إحداهما أو إثنتاهما أو كل منهم في آن واحد تختلف بحسب موقع وطبيعة الأنشطة ضمنالحيز بإطاره الخاص وموقع الحيز ذاته ضمن النسيج العمراني للمدينةككل.

    ثالثاً: تعلن الأنشطة التي تحتويها الأحيزة المختلفة عن طبيعةوأهمية ذلك الحيز ،وبالنسبة لعلاقته مع الأحيزة المجاورة السابقة واللاحقة. إذ كما أن الحيز تتكامل معالمه فيزيائياً بالمحددات الحسية الواضحة أوالضمنية ، كذلك تتحدد أهميته من ناحية وظيفية سواء من حيث الإستخدام أوالسيطرة بمدى أهمية الأنشطة التي تفتح مباشرة على ذلك الحيز والتي غالباً ماتحدد حجم التدفق من وإلى ذلك الحيز مما يحدد بالتالي وفي معظم الأحيان سعةأو حجم ذلك الحيز ، ولذلك غالباً ما يتناغم التباين في إنسيابية الحيزالعام الحضري مع الأنشطة المتوزعة على جوانبه وتتفاعل معه طردياً. لذا فانالمتجول على سبيل المثال ضمن أزقة أو قصبة أي من المدن العربية التقليدية لا بد وأنيلحظ هذه التغيرات المتدرجة أحياناً أو المتباينة أحياناً أخرى والتي تنبئه ضمنياً عنمدى أهمية الحدث العمراني المحيط بذلك الحيز.


    رابعاً: يمتاز الحيز العامللمدينة العربية التقليدية بإحتوائه على عنصر المفاجأة في الإنتقال للمتجولبه من حيز لآخر، وذلك أن طبيعة الإنتقال والتفرع ضمن الحيز الملتوي لا تسمحللمتجول بمد النظر بشكل متكامل مع امتداده ، إذ كثيرا ما تحفل المدينة العربية التقليدية بالطرقات الملتوية التيتفتح فجأة على ساحة عامة أو سبيل الماء الذي أحياناً ما يتوسطالطريق العام لطبيعة وظيفيته في ري عابري السبيل .

    4.3 الحيز العام في المدينة العربية والديمقراطية

    تغذي الأنظمة الديمقراطية الحيز العام وتعززه .لأن الحيز العام يقوم على أسس الحرية و الشورى و الإجماع في شؤون المجتمع والدولة.فإستخدام أساليب قمع الحريات والإنفراد بالمجالات العامة معنوياً ومادياً يفقد هذا الحيز أسسه وخصائصه.وبالتالي لا يقوم هذا الحيز بوظيفته في تحقيق التواصل والإتصال بين الأفرد. ولعل هذا ما يفسر إستخدام أفراد حيز عام ما لهذا الحيز لتحقيق مصالحها.ففي مصر مثلاً بعد تطبيق قانون الطوارئ وأشكال القمع الأخرى التي نقلت الحيّز العام كمكان لإبداء الرأي والنقاش السياسي، من المجال المادي الملموس إلى العالم الافتراضي ومواقع التواصل الإجتماعي ،فاستخدم المصريون في 25 يناير 2011هذا الحيز (ميدان التحرير) لأهمية هذا الحيز على كافة الأصعدة فهو أكبر ميادين القاهرة و يتمتع برمزية تكمن في إسقاطات لقيم النظام السياسي على هذا الحيّز العام، ويجاوره المتحف الوطني ومجمّع الإدارات الرسمية، والمقر الرئيسي للحزب الحاكم، و مبنى الإذاعة والتلفزيون وفنادق وفروع لشركات ومطاعم عالمية . وبالتالي فهو ليس مكان للتنقل وحسب بل مكاناً للإستهلاك والسياسات الليبيرالية، كما كان يحدد علاقة المصري بدولته، عبر الإدارات الرسمية في المجمّع.
    تحاول الحكومات في العديد من مدن العالم وفي إطار السياسات الليبيرالية، إبعاد الناس عن الحيّز العام وتحويله فقط إلى مكان للتنقل والإستهلاك. ففي بيروت مثلاً ، معظم السياسات المدينية تتجه نحو بناء الجسور وتوسيع الطرق لتسهيل حركة السيارات، في الوقت الذي تم إجهاض أي مشروع للنقل المشترك أو لحدائق أو لساحات عامة، و تكاد تخلو شوارع المدينة من أية مقاعد عامة (عدا منطقة وسط بيروت حيث الحراسة الأمنية مشددة). و من هنا تنبع أهمية التظاهرات في لبنان، لأنها تهدف إلى إعادة الناس إلى الحيّز العام، المادي والملموس، المكان الحقيقي للإلتقاء وإبداء الرأي والمطالبة بالحقوق والنقاش السياسي، لأنها تهدف الى إعادة استملاك المواطنين حيّزهم العام.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08 2024, 00:41