[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يوسف بن تاشفين سلطان مراكش وواقعة الزلاقة
كان بر المغرب الجنوبي لقبيلة تسمى زناته فعبرت على ذلك حيناً من الدهر إلى أن ضرب الدهر من ضرباته ، وخرج عليهم من جنوبي المغرب من البلاد المتاخمة لبلاد السودان جماعات يعرفون بالملثمين يرأسهم رجل منهم يسمى أبا بكر بن عمر ،وكان رجلاً ساذجاً كريم الطبع مؤثراً لبلاده على بلاد المغرب غير ميال إلى الرفاهية والنعيم ،وكان ولاة المغرب من زناته ضعفاء لا طاقة لهم بمقاومة الملثمين ،فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط ، فلما حصلت البلاد لأبي بكر بن عمر سمع أن عجوزاً في بلاده ذهبت لها ناقة في غداة فبكت وقالت ضيعنا أبو بكر بن عمر بدخوله إلى بلاد المغرب فحمله ذلك على أن استخلف على بلاد المغرب رجلاً يسمى يوسف بن تاشفين ورجع إلى بلاده الجنوبية - وكان يوسف هذا رجلاً شجاعاً عادلاً مقداماً اختط بالمغرب مدينة مراكش، وكان موضعها مكمناً للصوص، فكان إذا انتهت القوافل إليه قالوا : مراكش ومعناه بلغة المصامدة امش مسرعاً ..
فلما تمهدت له الأمور واستوسق ملكه واستخذت له البربر مع شدة شكيمتها تاقت نفسه إلى العبور لجزيرة الأندلس ، فهم بذلك وأخذ في إنشاء المراكب والسفن ليعبر فيها ، فلما علم بذلك ملوك الأندلس كرهوا إلمامه بجزيرتهم وأعدوا له العدة والعدد وصعبت عليهم مدافعته ، وكرهوا أن يكونوا بين عدوين الفرنج عن شمالهم والمسلمين عن يمينهم ، وكانت الفرنج (الاسبان) تشتد وطأتها عليهم وتغير وتنهب ، وربما يقع بينهم صلح على شيء معلوم كل سنة يأخذونه من المسلمين ، وكانت الفرنج ترهب ملك المغرب يوسف بن تاشفين إذ كان له اسم كبير وصيت عظيم لنفاذ أمره وسرعة تملكه بلاد المغرب وانتقال الأمر إليه في أسرع وقت ، مع ما ظهر من أبطال الملثمين ومشايخ صنهاجة في المعارك من ضربات السيوف التي تقد الفارس والطعنات التي تنظم الكلى فكان له بسب ذلك ناموس ورعب في قلوب المنتدبين لقتاله.
وكان ملوك الأندلس يفيؤون إلى ظله ويحذرونه ، فلما رأوا ما دلهم على عبوره إليهم وعلموا ذلك راسل بعضهم بعضاً يستنجدون آراءهم في أمره ، وكان مفزعهم في ذلك إلى المعتمد بن عباد لأنه أشجع القوم وأكبرهم مملكة ،فوقع اتفاقهم على مكاتبته يسألونه الإعراض عنهم ، وأنهم تحت طاعته وتلك صورة ما كتبوا.
(أما بعد فإنك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم ولم تنسب إلى عجز وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقل ولم ننسب إلى وهن ، وقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتينا فاختر لنفسك أكرم نسبتيك ، فإنك بالمحل الذي لا يجب أن تسبق فيه إلى مكرمة ، وإن في استبقائك ذوي البيوت ما شئت من دوام لأمرك وثبوت والسلام).
فلما وصله الكتاب مع تحف وهدايا ، وكان يوسف لا يعرف اللسان العربي غير أنه ذكي الطبع يجيد فهم المقاصد ، وكان له كاتب يعرف العربية والمرابطية ، فقال له : أيها الملك هذا الكتاب من ملوك الأندلس يعظمونك فيه ويعرفونك أنهم أهل دعوتك وتحت طاعتك ، ويلتمسون منك أن لا تجعلهم في منزلة الأعادي فإنهم مسلمون وذوو بيوتات فلا تغير بهم وكفى بهم من وراءهم من الأعادي الكفار ، وبلدهم ضيق لا يحتمل العساكر فأعرض عنهم إعراضك عمن أطاعك من أهل المغرب ، فقال يوسف بن تاشفين لكاتبه فما ترى أنت ، فقال : أيها الملك اعلم أن تاج الملك وبهجته شاهده الذي لا يرد ، فأنه خليق بما حصل في يده من الملك والمال أن يعفو إذا استعفى ، وأن يهب إذا استوهب ، وكلما وهب جليلاً جزيلاً كان قدره أعظم فإذا عظم قدره تأصل ملكه وإذا تأصل ملكه تشرف الناس بطلعته وإذا كانت طاعته شرفاً جاءه الناس ولم يتجثم المشقة إليهم.
وكان وارث الملك من غير إهلاك لآخرته ، واعلم أن بعض الملوك الحكماء البصراء بطريق تحصيل الملك قال من جاد ساد ومن ساد قاد ومن قاد ملك البلاد ، فلما ألقى الكاتب هذا الكلام على السلطان يوسف بلغته فهمه وعلم صحته ، فقال للكاتب أجب القوم واكتب بما يجب في ذلك ، واقرأ علي كتابك ، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، من يوسف بن تاشفين سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحية من سالمكم وسلم عليكم ، وأنكم مما في أيديكم من الملك في أوسع إباحة ، مخصوصين منا بأكرم إيثار وسماحة ، فاستديموا وفاءنا بوفائكم واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم ، والله ولي التوفيق لنا ولكم والسلام.
فلما فرغ من كتابه قرأه على يوسف بن تاشفين بلسانه فاستحسنه وقرن به ما يصلح به من التحف والدرق اللمطية (نسبة إلى لمطة وهي بليدة عند السوس الأقصى وهي معدن الدرق اللمطية) التي لا توجد إلا في بلاده وأنفذ ذلك إليهم، فلما وصلهم ذلك وقرءوا كتابه فرحوا به وعظموه وتقوت نفوسهم على دفع الفرنج عنهم ، وأزمعوا إن رأوا من الفرنج ما يريبهم أنهم يرسلون إلى يوسف بن تاشفين يعبر إليهم أو يمدهم بإعانة منهم، وكان ملك الافرنج الأذفونش (الفونس السادس ملك الإسبان) لما وقعت الفتنة بالأندلس وثار الخلاف، وكان كل من حاز بلداً وتقوى فيه ملكه انتحل الملك لنفسه وصار ملوك الأندلس مثل ملوك الطوائف ، فطمع فيهم الأذفونش ، وأخذ كثيراً من ثغورهم فقوى شأنه وعظم سلطانه وكثرت عساكره وأخذ طليطلة من صاحبها القادر بالله بن المأمون بن يحيى بن ذي النون في منتصف محرم سنة 478 وفي ذلك يقول ابن العسال (أحد شعراء الأندلس):
حثوا رواحلكم يا أهل أندلس * * فما المقام بها الأمن الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأري * *سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه * *كيف الحياة مع الحيات في سفط
وكان المعتمد بن عباد كما أسلفنا أعظم ملوك الأندلس ومتملك أكثر بلادها مشل قرطبة وإشبيلية وكان مع ذلك يؤدي الضريبة إلى الاذفونش (الفونس) كل سنة فلما تملك الاذفونش طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة المعتادة فلم يقبلها منه وأرسل إليه يهدده ويتوعده بالمسير إلى قرطبة ليفتحها إلا أن يسلم إليه جميع الحصون المنيعة ويبقي السهل للمسلمين وتشطط وأمعن في التجني وكان السفير في ذلك يهودياً كان وزير الاذفونش فامتنع ابن عباد من ذلك فراجعه فأباه وأيأسه فراجعه اليهودي في ذلك وأغلظ له في القول وواجهه بما لم يحتمله ابن عباد فأخذ ابن عباد محبرة كانت بيديه وضرب بها رأس اليهودي فأنزل دماغه في حلقه وأمر به فصلب منكوساً في قرطبة فلما سكت عنه الغضب استفتى الفقهاء عن حكم ما فعله باليهودي فبادره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدي الرسول حدود الرسالة إلى ما استوجب به القتل إذ ليس له ذلك.
وقال للفقهاء إنما بادرت بالفتوى خوف أن يكسل الرجل عما عزم عليه من منابذة العدو وعسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجاً وبلغ الاذفونش ما صنعه ابن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه بأشبيلية وليحاصرنه في قصره فجرد جيشين جعل على أحدهما كلباً من مسامير كلابه وأمره أن يسير على كورة باجة من غرب الأندلس ويغير على تلك التخوم والجهات ثم يمر على لبلة إلى اشبيلية وجعل موعده أمام طريانة للاجتماع معه ثم زحف الازفونش بنفسه في جيش آخر عرمرم فسلك طريقاً غير الطريق التي سلكها الآخر وكلاهما عاث في البلاد وخرب ودمر حتى اجتمعا لموعدهما بضفة النهر الأعظم قبالة قصر ابن عباد.
يوسف بن تاشفين سلطان مراكش وواقعة الزلاقة
كان بر المغرب الجنوبي لقبيلة تسمى زناته فعبرت على ذلك حيناً من الدهر إلى أن ضرب الدهر من ضرباته ، وخرج عليهم من جنوبي المغرب من البلاد المتاخمة لبلاد السودان جماعات يعرفون بالملثمين يرأسهم رجل منهم يسمى أبا بكر بن عمر ،وكان رجلاً ساذجاً كريم الطبع مؤثراً لبلاده على بلاد المغرب غير ميال إلى الرفاهية والنعيم ،وكان ولاة المغرب من زناته ضعفاء لا طاقة لهم بمقاومة الملثمين ،فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط ، فلما حصلت البلاد لأبي بكر بن عمر سمع أن عجوزاً في بلاده ذهبت لها ناقة في غداة فبكت وقالت ضيعنا أبو بكر بن عمر بدخوله إلى بلاد المغرب فحمله ذلك على أن استخلف على بلاد المغرب رجلاً يسمى يوسف بن تاشفين ورجع إلى بلاده الجنوبية - وكان يوسف هذا رجلاً شجاعاً عادلاً مقداماً اختط بالمغرب مدينة مراكش، وكان موضعها مكمناً للصوص، فكان إذا انتهت القوافل إليه قالوا : مراكش ومعناه بلغة المصامدة امش مسرعاً ..
فلما تمهدت له الأمور واستوسق ملكه واستخذت له البربر مع شدة شكيمتها تاقت نفسه إلى العبور لجزيرة الأندلس ، فهم بذلك وأخذ في إنشاء المراكب والسفن ليعبر فيها ، فلما علم بذلك ملوك الأندلس كرهوا إلمامه بجزيرتهم وأعدوا له العدة والعدد وصعبت عليهم مدافعته ، وكرهوا أن يكونوا بين عدوين الفرنج عن شمالهم والمسلمين عن يمينهم ، وكانت الفرنج (الاسبان) تشتد وطأتها عليهم وتغير وتنهب ، وربما يقع بينهم صلح على شيء معلوم كل سنة يأخذونه من المسلمين ، وكانت الفرنج ترهب ملك المغرب يوسف بن تاشفين إذ كان له اسم كبير وصيت عظيم لنفاذ أمره وسرعة تملكه بلاد المغرب وانتقال الأمر إليه في أسرع وقت ، مع ما ظهر من أبطال الملثمين ومشايخ صنهاجة في المعارك من ضربات السيوف التي تقد الفارس والطعنات التي تنظم الكلى فكان له بسب ذلك ناموس ورعب في قلوب المنتدبين لقتاله.
وكان ملوك الأندلس يفيؤون إلى ظله ويحذرونه ، فلما رأوا ما دلهم على عبوره إليهم وعلموا ذلك راسل بعضهم بعضاً يستنجدون آراءهم في أمره ، وكان مفزعهم في ذلك إلى المعتمد بن عباد لأنه أشجع القوم وأكبرهم مملكة ،فوقع اتفاقهم على مكاتبته يسألونه الإعراض عنهم ، وأنهم تحت طاعته وتلك صورة ما كتبوا.
(أما بعد فإنك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم ولم تنسب إلى عجز وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقل ولم ننسب إلى وهن ، وقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتينا فاختر لنفسك أكرم نسبتيك ، فإنك بالمحل الذي لا يجب أن تسبق فيه إلى مكرمة ، وإن في استبقائك ذوي البيوت ما شئت من دوام لأمرك وثبوت والسلام).
فلما وصله الكتاب مع تحف وهدايا ، وكان يوسف لا يعرف اللسان العربي غير أنه ذكي الطبع يجيد فهم المقاصد ، وكان له كاتب يعرف العربية والمرابطية ، فقال له : أيها الملك هذا الكتاب من ملوك الأندلس يعظمونك فيه ويعرفونك أنهم أهل دعوتك وتحت طاعتك ، ويلتمسون منك أن لا تجعلهم في منزلة الأعادي فإنهم مسلمون وذوو بيوتات فلا تغير بهم وكفى بهم من وراءهم من الأعادي الكفار ، وبلدهم ضيق لا يحتمل العساكر فأعرض عنهم إعراضك عمن أطاعك من أهل المغرب ، فقال يوسف بن تاشفين لكاتبه فما ترى أنت ، فقال : أيها الملك اعلم أن تاج الملك وبهجته شاهده الذي لا يرد ، فأنه خليق بما حصل في يده من الملك والمال أن يعفو إذا استعفى ، وأن يهب إذا استوهب ، وكلما وهب جليلاً جزيلاً كان قدره أعظم فإذا عظم قدره تأصل ملكه وإذا تأصل ملكه تشرف الناس بطلعته وإذا كانت طاعته شرفاً جاءه الناس ولم يتجثم المشقة إليهم.
وكان وارث الملك من غير إهلاك لآخرته ، واعلم أن بعض الملوك الحكماء البصراء بطريق تحصيل الملك قال من جاد ساد ومن ساد قاد ومن قاد ملك البلاد ، فلما ألقى الكاتب هذا الكلام على السلطان يوسف بلغته فهمه وعلم صحته ، فقال للكاتب أجب القوم واكتب بما يجب في ذلك ، واقرأ علي كتابك ، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، من يوسف بن تاشفين سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحية من سالمكم وسلم عليكم ، وأنكم مما في أيديكم من الملك في أوسع إباحة ، مخصوصين منا بأكرم إيثار وسماحة ، فاستديموا وفاءنا بوفائكم واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم ، والله ولي التوفيق لنا ولكم والسلام.
فلما فرغ من كتابه قرأه على يوسف بن تاشفين بلسانه فاستحسنه وقرن به ما يصلح به من التحف والدرق اللمطية (نسبة إلى لمطة وهي بليدة عند السوس الأقصى وهي معدن الدرق اللمطية) التي لا توجد إلا في بلاده وأنفذ ذلك إليهم، فلما وصلهم ذلك وقرءوا كتابه فرحوا به وعظموه وتقوت نفوسهم على دفع الفرنج عنهم ، وأزمعوا إن رأوا من الفرنج ما يريبهم أنهم يرسلون إلى يوسف بن تاشفين يعبر إليهم أو يمدهم بإعانة منهم، وكان ملك الافرنج الأذفونش (الفونس السادس ملك الإسبان) لما وقعت الفتنة بالأندلس وثار الخلاف، وكان كل من حاز بلداً وتقوى فيه ملكه انتحل الملك لنفسه وصار ملوك الأندلس مثل ملوك الطوائف ، فطمع فيهم الأذفونش ، وأخذ كثيراً من ثغورهم فقوى شأنه وعظم سلطانه وكثرت عساكره وأخذ طليطلة من صاحبها القادر بالله بن المأمون بن يحيى بن ذي النون في منتصف محرم سنة 478 وفي ذلك يقول ابن العسال (أحد شعراء الأندلس):
حثوا رواحلكم يا أهل أندلس * * فما المقام بها الأمن الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأري * *سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه * *كيف الحياة مع الحيات في سفط
وكان المعتمد بن عباد كما أسلفنا أعظم ملوك الأندلس ومتملك أكثر بلادها مشل قرطبة وإشبيلية وكان مع ذلك يؤدي الضريبة إلى الاذفونش (الفونس) كل سنة فلما تملك الاذفونش طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة المعتادة فلم يقبلها منه وأرسل إليه يهدده ويتوعده بالمسير إلى قرطبة ليفتحها إلا أن يسلم إليه جميع الحصون المنيعة ويبقي السهل للمسلمين وتشطط وأمعن في التجني وكان السفير في ذلك يهودياً كان وزير الاذفونش فامتنع ابن عباد من ذلك فراجعه فأباه وأيأسه فراجعه اليهودي في ذلك وأغلظ له في القول وواجهه بما لم يحتمله ابن عباد فأخذ ابن عباد محبرة كانت بيديه وضرب بها رأس اليهودي فأنزل دماغه في حلقه وأمر به فصلب منكوساً في قرطبة فلما سكت عنه الغضب استفتى الفقهاء عن حكم ما فعله باليهودي فبادره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدي الرسول حدود الرسالة إلى ما استوجب به القتل إذ ليس له ذلك.
وقال للفقهاء إنما بادرت بالفتوى خوف أن يكسل الرجل عما عزم عليه من منابذة العدو وعسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجاً وبلغ الاذفونش ما صنعه ابن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه بأشبيلية وليحاصرنه في قصره فجرد جيشين جعل على أحدهما كلباً من مسامير كلابه وأمره أن يسير على كورة باجة من غرب الأندلس ويغير على تلك التخوم والجهات ثم يمر على لبلة إلى اشبيلية وجعل موعده أمام طريانة للاجتماع معه ثم زحف الازفونش بنفسه في جيش آخر عرمرم فسلك طريقاً غير الطريق التي سلكها الآخر وكلاهما عاث في البلاد وخرب ودمر حتى اجتمعا لموعدهما بضفة النهر الأعظم قبالة قصر ابن عباد.