منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة  التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة 710
    عارضة الطاقة :
    تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة  التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة Left_bar_bleue90 / 10090 / 100تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة  التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة  التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة Empty تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء يناير 26 2011, 20:30

    تخطيط المدينة الحديثة والصحة العامة

    التخضير والمتنزهات العامة بالمدينة


    لا تفي المدن بوظائفها وواجباتها تجاه سكانها بدون تحقيق شرط أساسي وهو توفير عامل الصحة العامة وبيئة صحية للقاطنين. فالصحة للبشر تعتمد على نظام حياة ومعيشة وأيضا على مجموعة متغيرة ومتزايدة على الدوام من مناطق حضرية يتم تخطيطها وتصميمها تبعا لما يسمى "الصحة المتوقعة" (health expectancy) تكون في بال المخطط على الدوام. ومشاركة السكان تكون من الأهمية بمكان في مشاريع تتوفر فيها معايير زيادة المساحات الخضراء وتقليل مستويات التلوث الصوتي وتوفير الإسكان الجيد والمحافظة على بيئات آمنة تفرز جميعا نتائج جيدة بالمدن. هذه البيئة الخضراء الصحية داخل المدن تعني عدم الحاجة للتوسع المطرد للمدينة على الدوام خارج حدودها الجغرافية بحثا عن المتنفسات الخضراء والبيئة الصحية هربا مما تعاني منه المدن الحديثة من تلوث صوتي وبيئي واكتظاظ عمراني ومشكلات مرتبطة بالحضرية – اجتماعية واقتصادية وغيرها.




    ولا تقتصر فوائد المساحات الخضراء داخل المدن, على النواحي الجمالية, بل تتجاوزها للكثير من المنافع متعددة منها: امتصاص كميات المطر ومنع الفيضانات, وتقليص مستوى التلوث الصوتي, كما وتعمل كمنقيات للهواء, وكذلك تعمل كمصدر للغذاء من خلال الأشجار المثمرة كالفاكهة وغيرها. عدا عن كونها مناطق جذب سياحي داخلي وخارجي وكمناطق ترفيهية للعائلة وملاعب ومتنفسات بعيدا عن اكتظاظ المدينة. وفضلا عن ذلك فلهذه المساحات الخضراء, كجزء من تخطيط شامل وكلي للمدينة فوائد صحية حيث توفر مساحات مهمة لممارسة الرياضة الفردية كرياضة الجري ولعب التنس الأرضي بالملاعب المخصصة داخلها, فضلا عن ممارسة المشي والتمتع بالمناظر الخضراء التي يخططها المعماري بتنسيق الحدائق مع توفر عناصر المياه. ولهذا كله أثر كبير على الصحة النفسية, وطرح الزائد من الشحوم بالجسم. وهذا كله بالإضافة إلى التطور الطبي في الدول الغربية المتقدمة كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا ودول أوروبا يساهم في رفع معدل التوقع العمري للمواطنين. وتشير الإحصائيات الطبية في بريطانيا مؤخرا إلى أن مواطني دول أوروبا عموما يتمتعون بمعدل توقع عمري أعلى من نظرائهم في دول العالم الثالث. ففي بريطانيا مثلا تصل معدل التوقع العمري للرجال حوالي 81 عاما وللنساء حوالي 83 عاما وهو أقل بعام أو عامين من نظرائهم في فرنسا. وهذا كله يعود للأسباب التي ذكرت ومنها التقدم والرعاية الطبية من ناحية, وبسبب تنظيم وتخطيط البيئة من ناحية أخرى بشكل يوفر مساحات مهمة تشجع ممارسة الرياضة.

    ولكن يظل الخطر الداهم يتمثل في طبيعة ونمط المعيشة والمأكولات التي يتناولها الفرد – وبخاصة المأكولات الضارة من الوجبات السريعة والتي ناقشناها في مقالنا السابق, حيث استعرضنا تأثير ماكدونالدز ومطاعم الوجبات السريعة على صحة الفرد وتخطيط المدينة المعاصرة. ومن خبرة شخصية لكاتب هذه السطور, فقد وجدت الشعب الفرنسي أكثر اعتمادا في نمط المأكولات التي يتناولها على المأكولات البحرية المطبوخة بطريقة صحية بعيدا عن قليها بالزيت والدهون. وفي المقابل نجد أن نمط المأكولات في بريطانيا هو أقل "صحية" لاعتمادهم أكثر على مطاعم الوجبات السريعة والمأكولات المقلية بالزيت كالسمك والبطاطا وهي وجبة شعبية شائعة. وقد أدهشني فعلا "خلوّ" وسط مدينة باريس, أو تكاد, من مطاعم الوجبات السريعة. فبجولة ومسح ميداني لم أصادف في وسط مدينة باريس سوى مطعم (KFC) واحد فقط! وعددا محدودا لا يتجاوز عدد أصابع اليد من مطاعم ماكدونالدز. وبالمقابل وفي وسط مدينة لندن, تجد في نفس الشارع الواحد – على طرفيه أحيانا مطعمي (KFC), وأكثر من ثلاثة مطاعم ماكدونالدز ليس بينها أكثر من 500 متر أحيانا ومتكومة على مسافات متقاربة وبشكل مذهل! والمؤسف طبعا أن ترى انتشارا متزايدا لهذه المطاعم في مدننا العربية – والتي ربما يعتبرها بعض السطحيين كعنوان "للحداثة" وكوسيلة لمجاراة الدول الغربية المتقدمة في نمط حياتها – وإن كان ضارا وسلبيا على الصحة العامة! وبخاصة كوسيلة لمجاراة نمط الحياة الأمريكي وعلى علاّته. ومن المفارقة أن الدول الغربية المتقدمة باتت ترى في هذه الأكلات الضارة خطرا كبيرا على حياة الجيل القادم, ولهذا "تطفح" وسائل الإعلام الغربية حديثا بالتنبيه لهذا الخطر. فالإحصائيات الطبية تشير لتفوق أمريكا على العالم في تناول المأكولات والوجبات السريعة الضارة والمقلية بالزيت والمشبعة بالدهون الثلاثية الضارة. وفي برنامج وثائقي عرضه تليفزيون (BBC) قبل فترة, تبين أن إحدى ولايات امريكا ممن يقطنها السود في غالبيتها هي من "أسوأ" المناطق في العالم قاطبة من ناحية صحية حيث يأكل سكانها المأكولات المقلية بالزيت ثلاث مرات يوميا على الأقل, ما جعلهم "بدناء" بطريقة مدهشة وغير مسبوقة!

    وفي إطار توجه العالم الغربي لنظام المدن الصحية, والحملة غير المسبوقة لإنقاذ مواطنيها من أخطار الوجبات السريعة غير الصحية وعولمة الإقتصاد, كانت مدينة تورنتو بكندا من المدن العالمية السباقة التي أعلنت في العام 1979 بأنها ستطبق ولأول مرة عالميا نظام "المدينة الصحية". وشكلت آنذاك ما يعرف "بهيئة المدافعة عن الصحة" لإجراء المسوحات والإحصاءات حول الصحة, ولاحقا لإنشاء أول مكتب لحماية البيئة المدينية. وبعد مؤتمر في الصحة الحضرية في العام 1984 أعلنت سلطات مدينة تورنتو أنه بحلول العام 2000 ستكون المدينة أكثر مدينة صحية في شمال أفريقيا. ولم تكن النية فقط توفير العلاج المناسب واللازم للسكان وبالتالي زيادة المتوقع العمري للأفراد, ولكن بتوفير الظروف الصحية المناسبة للأفراد للتمتع بحياة صحية مع زيادة معدلات التوقع العمري أيضا. واليوم تشجع دائرة الصحة العامة بالمدينة المهارات الخاصة بالصحة وتقدم النصح والمشورة للطب الوقائي والبدائل التي يمكن اتباعها من قبل السكان لصحة أفضل. وهذه المبادرة غير المسبوقة تم تبنيها بعدها من قبل منظمة الصحة العالمية وتطبيقها في أنحاء العالم والتي تحاول نقل مفاهيم الصحة من الطب العلاجي إلى الطب الوقائي وتفعيل مبدأ "المدن الصحية"



    واليوم هناك أكثر من 500 مدينة حول العالم تطبق هذا المفهوم للمدينة الصحية. ومفهوم المدينة الصحية يتلخص في مجموعة نقاط – وبحيث تكون المدينة صحية – أهمها: توفير بيئة نظيفة وصحية, خلو المدينة من التلوث الهوائي والمواد الكيماوية السامة من مخلفات الصناعة ومنتجاتها, توفير حرية الحركة, توفير "محفزات" للحواس, تقليص الضغوطات النفسية التي تفرزها المدينة الحديثة التي تؤثر في صحة الأفراد النفسية, سهولة الوصول للمتنزهات والمناطق الخضراء العامة, توفير ظروف ملائمة لمتجاورات سكنية متكافة وداعمة, تقليل الظروف التي تؤدي للشعور بعدم الأمان وانعدام الثقة بالنفس إلى الحد الإدنى الممكن. فضلا عن التوعية بمخاطر التغذية غير المناسبة والمأكولات السريعة.

    وبالمقابل تعاني معظم مدن العالم النامي اليوم من الكثير من المشاكل الصحية التي سادت في مدن العالم المتقدم في مرحلة القرن التاسع عشر مثل: انعدام شبكات الصرف الصحي المنظمة والآمنة صحيا, انعدام وجود المياه النقية, تلوث الهواء, سوء التغذية, الإكتظاظ, شيوع الإسكانات السيئة, التعرض للملوثات البيئية ومشكلات الجهاز التنفسي. كل ذلك مع عدم توفر الدواء المناسب فضلا عن عدم قدرة شرائح واسعة من طبقات الشعب الفقيرة على شرائه. ومؤخرا ومع انتشار عولمة الإقتصاد وغزو مطاعم الأكلات السريعة بات الوضع وبائيا بشكل غير مسبوق في تاريخ هذه المدن التي تعاني أصلا من مشاكل صحية. ولمكافحة مشاكل المدن المتعلقة بالصحة في العالم النامي, هناك نظام الطفل-للطفل في مدينة بومباي, وهو نظام صحي جيد يساهم في تقليل مشاكل المدن. فبالرغم من وجود أنظمة طبية في جميع دول العالم النامي إلا أن الفقراء من السكان لا يمكنهم الإستفادة منها, ولذا نشأت العديد من الجمعيات الطبية لمجابهة هذا النقص على حساب الفقراء. ففي منطقة أحياء عشوائية بمدينة بومباي حيث يقطن أكثر من 100 ألف نسمة في ذلك الحي المكتظ قام طبيب اسمه (Vijayar Bhalerao) بتطوير نظام طبي بتدريب أطفال مراهقين للعمل كمساعدين للفرق الصحية العاملة لخدمة المجتمع المحلي الفقير. وهذا النظام الذي يسميه (الطفل – للطفل) أو (child-to-child) يوظف أطفالا باعمار حوالي 10 سنوات لرعاية أطفال آخرين بنفس أعمارهم, ويقومون بتشخيص الأمراض وتعاطي مجموعة من الأدوية للأمراض الشائعة والمتوفرة بمساعدة من المهنيين المحيطين بهذا البرنامج, ويقومون بالرجوع للأطباء فقط في حالة عدم التأكد. وبهذا النظام الناجح تم إنقاذ العديد من الأنفس وحماية أرواح الكثيرين في هذه الأحياء الفقيرة مع شح الرعاية الطبية المحترفة والدواء باهظ الثمن.

    الناس بفطرتهم يميلون للعيش بين أحضان الطبيعة, لكن المدينة توفر بيئات صناعية مكونة من اسمنت وحديد وزجاج, رغم ان جميع المدن بلا استثناء نشأت من بين بيئات طبيعية لأنهار وسهول وبحيرات وعلى ضفاف أنهر ومحيطات وحقول وغابات والتي تضم ما لا يحصى من البيئات الطبيعية. ففكرة "الحضارة" بفلسفتها تعني تطويع الطبيعة بمواردها لخدمة الإنسان وغاياتها ومتطلباته, ولكن على مدى التاريخ البشري كله للمدن كانت الطبيعة, بأحسن الأحوال, مجرد ناتج هامشي قلما يلتفت إليه صانعوا المدينة. فمدن العصور الوسطى احتوت على حدائق لكنها كانت لزراعة الغذاء لا لتشجيع الطبيعة بمفهومها "المتوحش", ولذلك كان على من يود معاينة "الطبيعة" بشكلها الطبيعي أن يخرج ويرتحل بعيدا خارج أسوار المدينة. وقد شهدت بداية القرن التاسع عشر أول نشأة للمتنزهات العامة. وفي بريطانيا أقرت لجنة السلامة في المدن في مجلس العموم البريطاني في العام 1840 إنشاء المتنزهات كوسائل للصحة المجتمعية, حيث يمكن للعامة من الناس الإسترخاء. بالإضافة إلى أن الناس الذين يذهبون للمتنزهات العامة يكونون أقل عرضة للأمراض, أو الجريمة, أو عدم الراحة المجتمعية. لكن المنظر في هذا الموضوع (William Morris) طالب بأكثر من ذلك وطرح فكرة "تخضير" المدينة (Greening of cities) وقد تصور ميدان وسط لندن الشهير (Trafalgar Square) كحديقة غناء بأشجار "الدراق" والمنطقة المحيطة (Shaftesbury Avenue) تملؤها حدائق الأزهار الملونة, وتخيل معظم لندن على شكل "غابات". وتلاه (Ebenezer Howard) في مفهوم المدينة الحدائقية الشهير في علم تخطيط المدن (Garden Cities) كمثال على اندماج المدينة والقرية في مكان واحد.

    في العشرين عاما الماضية تطور مفهوم تخضير المدينة وأخذ بعدا أوسع على مستوى العالم, وذلك بدمج الطبيعة ضمن المدن المعاصرة وعدم اقتصارها على مساحة خضراء صغيرة هنا أو هناك. فتم تحويل مناطق حضرية كبيرة مهجورة إلى مناطق خضراء طبيعية؛ فخطوط السكك الحديدية تمت إحاطتها بغابات محيطة على امتدادها مما شجع تنامي الثروة الحيوانية الطبيعية وتحول معظمها إلى محميات لأنواع نادرة من الطيور والحيوانات التي كانت مهددة بالإنقراض. وشكل ذلك ظاهرة جديدة غير مسبوقة حيث تعيش أنماط كبيرة من الحيوانات المتوحشة والطيور الجارحة في مناطق حضرية. وهذه المدن الخضراء تحافظ على توازن بيئي مهم حيث تقل نسبة التلوث الهوائي وتحسين جمع مياه المطر وتوفير مناطق ترفيه للسكان وتقليل المشاكل النفسية. كذلك تضيف المناطق الخضراء الكثير للغذاء الحضري وتعمل الخضراء على تحسين وتجدد التربة. وتعمل الأشجار كملطفات للجو فالشجرة الواحدة تمتص حوالي 380 لترا يوميا مما يعمل على تلطيف المحيط, كما تمتص الهواء الملوث بالمدينة. فالشجرة ذات قطر 40 سنتيمترا يمكنها امتصاص حوالي 20 كغم من السلفور الملوث من الجو سنويا. ويدعي علماء البيئة بأن 50 مليون شجرة والتي تشكل حوالي 5 بالمئة من مساحة المناطق الحضرية في المسيسيبي تكون كافية لتنظيف أكثر من 455 ألف طن من ملوثات الجو من مادة (sulphur dioxide) والتي تنتشر بالمدن. والأشجار ذات الأوراق العريضة مفيدة أيضا والتي تفرش على مساحة تبلغ 10 أضعاف مساحة التربة التي تعيش عليها. فالشجرة التي عمرها مائة سنة من نوع الأوراق العريضة يكون بها أكثر من 800 ألف ورقة. كما تطرح الأشجار على جوانب الطرقات الأكسجين وتقلل من كميات ثاني أكسيد الكربون في الجو, كما تعمل الأشجار على تخفيف حدة العواصف والرياح العاتية في المدن, فضلا عن توفير الظل في المناطق الحارة وتلطيف درجات الحرارة العالية. وقد عمدت بعض الحكومات في إطار تفعيل غرس الأشجار في المدن إلى تخصيص يوم سنوي يدعى "يوم الشجرة" تتم فيه زراعة الأشجار المثمرة وأشجار الزينة في مناطق ومتنزهات عامة وعلى جوانب الطرق يشارك فيها الطلبة والصغار لتعميق انتماءهم للطبيعة وحبهم لها. في الهند مثلا وفي منطقة بنغالور تشكل الأشجار المثمرة حوالي 25 % من نسبة الأشجار المزروعة, فيما زرعت مناطق الأمازون بالبرازيل بمساحات هائلة من أشجار المانجا. أما استوكهولم بالسويد وبراغ بجمهورية التشيك فتملتئ مساحات شاسعة منها بأشجار التفاح والخوخ والأجاص.

    في أوقات الشدائد لجأ سكان المدن لزراعة مساحات كبيرة من المدن بالأشجار المثمرة كما حصل في الحرب العالمية الثانية في أوروبا حين أصبح الوصول للقرى متعذرا مما عمل على توفير احتياجات المدينة من الغذاء اللازم. وفي مدينة بيرمنغهام ببريطانيا هناك مشروع شهير لإعادة استخدام الأراضي الحضرية يطلق عليه اسم (Ashram Acres) ويهدف لاستغلال المهارات المحلية لزراعة الأشجار وتوسيع الحدائق في المناطق الحضرية المهملة. ولتوفير مكان اجتماع عام لفئات وشرائح مجتمعية مختلفة. وفي مناطق أخرى بآسيا والهند عملت نسب البطالة العالية على تشجيع زراعة بعض المحاصيل المطلوبة في المدينة وداخل مناطق خضراء بها, ومن هذه المحاصيل البامية والخيار والبقدونس وغيرها بالإضافة إلى تربية الحيوانات من أجل لحومها, ويسمح للاعضاء المشاركين وهم عاطلون عن العمل مقابل عملهم في هذه المشاريع بالإستفادة من هذه المحاصيل وأخذ احتياجاتهم الغذائية منها. ومشروع بيرمنغهام أدى إلى تشكيل مشروع متكامل أكبر خارج المدينة ينظمه بلدية المدينة وذلك على ضوء نجاح المشروع الباهر.

    كل هذه الحالات والأمثلة تشير لمدى أهمية الزراعة الحضرية والتخضير في البيئية الحضرية على صحة سكان المدينة وعلى نمط حياتهم, فأين هي برامج التخطيط الواعية في مدننا العربية لمثل هذه التجارب العالمية, بدلا من تغني المنظرين والأكاديميين الدائم "ونعيهم" لأمجاد المدينة العربية التي يسمونها "بالإسلامية" بشوارعها وحاراتها الضيقة التي لا تلائم الزيادة الديموغرافية اليوم ولا تواكب تطور الحياة؟ وفي الوقت الذي يعمل المخطط الغربي عقله الذي وهبه الله للناس في زيادة المساحات الخضراء بالمدينة وخلق توازن استراتيجي مهم للصحة النفسية لقاطني المدينة وتطوير وتحفيز نمط حياة صحي لهم يعتمد المشي والرياضة, ترى معظم باحثينا العرب النظريين في المعاهد الأكاديمية عاكفين على دراسة "عرض الطريق" المتعرج في المدينة العربية – وهل هو سبعة أذرع بنص الحديث أم أكثر أم أقل(!), وليّ أعناق النصوص الدينية وإقحام الأحاديث النبوية الشريفة وتأويلها أو مقاصدها على أنها كانت تقصد تخطيط المدينة بشوارعها وحاراتها ودروبها وبيوتها التي لا تكاد تدخلها الشمس؟؟ أليس في هذه الأمثلة والدروس من نماذج التخطيط الحضري العالمية مندوحة عن "النواح" المتواصل أو الإستعارات البتراء لجزئيات سطحية من الماضي؟ أليس حريا بنا توظيف التكنولوجيا ومبتكرات العقل الإنساني في بيئاتنا العربية, في عصر يتوجه العالم من الإستفادة من مصادر الطاقة, ومنها طاقة الشمس والرياح في المدينة؟ – وهو موضوعنا في المقال القادم فللحديث بقية.

    وليد احمد السيد
    لندن في 14 نوفمبر 2009

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08 2024, 01:52