منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    نظرية الخطاطة

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  نظرية الخطاطة 710
    عارضة الطاقة :
     نظرية الخطاطة Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 نظرية الخطاطة Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     نظرية الخطاطة Empty نظرية الخطاطة

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين مارس 07 2011, 10:57

     نظرية الخطاطة 13

    نظرية الخطاطة

    رغم أن الأبحاث التي أنجزت من منظور علم النفس التجريبي كانت متمحورة حول عمليات التذكر، فإنها كانت شديدة الفائدة بالنسبة لإضاءة جوانب تربوية كثيرة.
    لقد تم التوصل إلى أن المشير القابل للإدراك، وإن كان يمتلك بنية مجردة أساسية يشترك في إدراكها واختزانها جميع الأفراد، فإنه يحتوي أيضا على عناصر قابلة على الدوام لأن يتصرف فيها إما بالحذف أو التغيير. وهذا يعني سيكولوجيا أن رغبات وخطاطات الفرد المدرك تقوم بدور إعادة تنظيم المادة المدركة لجعلها منسجمة مع المادة الكامنة في ذهنه.
    ومع أن هذا النوع من الدراسات لا زال في طور التجريب فإن النتائج المحصل عليها في هذا الإطار، وكذا الآفاق الجديدة التي فتحتها جعلتنا نعيد النظر في الكثير من الفرضيات التي قامت عليها الدراسات التربوية الحديثة.
    لقد وضع "فريديريك بارليت" F. Barlett سنة 1932 أعمالا مؤسسة في هذا المجال، من خلال اشتغاله على موضوعات متصلة ب "الذاكرة" وعمليات الاستذكار، خاصة من خلال كتابه المعنون ""التذكر: دراسة في علم النفس التجريبي والاجتماعي"1. لقد توصل بارليت من خلال مجموعة من التجارب إلى أن "قدرتنا على تذكر الخطاب ليست مبنية على إعادة إنتاج الخطاب بطريقة قويمة و إنما على تشييده. وتستعير عملية التشييد هذه المعلومات من الخطاب الموجه سابقا، بالإضافة إلى المعرفة المستعارة من التجربة المرتبطة بالخطاب الذي بين أيدينا من أجل بناء تمثيل ذهني"2.
    إن عمل بارليت لم يكن له تأثير خلال الثلاثين سنة التالية لعمله، لكن خلال بداية السبعينات من القرن العشرين ستشكل هذه الأعمال قاعدة لباحثين كثيرين حاولوا استثمار النتائج التي وصل إليها "بارليت"، نذكر من بينهم - على سبيل المثال لا الحصر- جونسون Jonson(1970)، وكينان Keenan (1975) وفييرس Wihiers (1974)، ومييرB. Meyer (1977)، ودوليينغ Dooling (1977). 3
    1- الأطروحات الأساسية لنظرية الخطاطة:
    سنحاول تقديم صورة عن أطروحة "بارليت"، وذلك بالنظر إلى ريادته في هذا المجال. المحور العام الذي يشتغل عليه في هذه الأطروحة هو المظاهر السيكولوجية للذاكرة، وذلك من خلال تحليل عمليات الاستذكار التي يقوم بها قراء نص قصصي معين، يتمثل في "حرب الأشباح". وهي أسطورة أمريكية من وضع عالم الأنثروبولوجيا فرانس بوس4.
    من الناحية العملية يعمد بارليت إلى إجراءين، نقتصر هنا على ذكر أهمهما، وهو الذي يتمثل في ما يلي: يقوم بارليت بتقديم النص المذكور إلى قراء، وبعد قراءته مرتين، يطلب منهم استرجاعات لأحداث القصة بعد فوارق زمنية متغيرة. وبما أن القصة تحتوي على عناصر تخييلية غير منسجمة مع الوسط الثقافي والاجتماعي للأشخاص الذين خضعوا للاختبار؛ فقد تبين أن النص الأصلي قد خضع لتغيرات أساسية، سواء في مادته أو بنيته. وسنستعرض هنا أهم الخلاصات التي استخلصها "روجي فايول" R. Fayol من أعمال بار ليت، فيما يتعلق بعناصر الثبات والتغيير في المادة القصصية التي يستذكرها القارئ:
    - لا يحافظ القارئ على أسلوب سرد القصة، بل لا يتمكن من تقديمه مرة ثانية أبدا، مع أن هذا العنصر من أهم ما يثيره أثناء القراءة. كما يعمد القارئ إلى إسقاط أسماء الأعلام، ويلغي التفاصيل الجزئية الواردة في المادة القصصية الأصلية5.
    - في المقابل، تبقى الحبكة العامة للقصة ثابتة، بل أقرب إلى النمطية في جميع الاستذكارات6.
    - يدمج القارئ في النص الكثير من المعطيات التي يستمدها من ثقافته الخاصة، وهي معطيات لا وجود لها في النص، ولكن القارئ يحاول "إقامة علاقة بين عناصر المنبه، ورغباته الخاصة"7.
    - يخضع القارئ هذه المادة لعقلنة la rationalisation، تجعل منها قصة مقبولة ومفهومة ومبينة8.
    2- امتدادات نظرية الخطاطة:
    كما ذكرت سابقا شكلت أعمال "بارليت" قاعدة لأعمال تجريبية لاحقة من بين هذه التجارب ما قام به "سولان"Sulin و"دولين"Dooling اللذين اشتغلا أيضا على الجوانب السيكولوجية للذاكرة؛ من خلال التركيز على ما يسمى "التعرفات الخاطئة"9Les fausses reconnaissances، الناتجة عن الامتزاج الذي يتم بين الأخبار المقدمة في النص، والمعارف السابقة التي يمتلكها القارئ. لقد قام الباحثان باختبارات "الاستذكار" على مجموعة من القراء؛ و تبين أنهم يدمجون في النص الأصلي الكثير من معطياتهم الخاصة، كما إن هذه التداخلات تكثر مع تزايد الفترة الزمنية الفاصلة بين الاستماع إلى النص واستذكاره.
    كما بينت تجارب أخرى قام بها "جار فيلا"Jarvella أن هذه "التعرفات الخاطئة" قد تظهر أثناء القراءة؛ فحينما يتم مقاطعة القارئ وهو يقرأ، فإنه لا يقدم استرجاعا حرفيا إلا بالنسبة للجملة الأخيرة المقروءة أو المسموعة. أما الجمل الأخرى فتكون معرضة لإعادة الصياغة، يتضاعف هذا النوع من التدخل مع مرور الوقت10.
    إن المعرفة السابقة تؤثر بصورة كبيرة حتى على الأحكام التي يقدمها الأطفال؛ هذا ما تبينه التجربة التي قام بها "لاندي"Landis مع أطفال تتراوح سنهم بين سبع وعشر سنوات، من خلال استخدام شخصية مناسبة لمعرفتهم، في مقابل شخصية أخرى متخيلة. يتبين هنا أيضا أن ما تعرفه الذوات سابقا يؤثر بشكل كبير على تواتر التعرفات الخاطئة11.
    يتبين مما سبق أن الأخبار المقدمة في قصة ما تخضع أثناء عملية الاستذكار لعملية انتقاءSélection وتصفية Filtrage تبعا للمعرفة السابقة للذات. وبعد عمليتي الانتقاء والتصفية تختزل الأخبار بواسطة سيرورة للتجريد Processus d'abstraction وذلك من خلال المحافظة على البنية العامة للقصة، والإلغاء التدريجي لبنيتها الشكلية. تقوم الذات بعد ذلك بإعادة تنظيم المادة Réorganisation بطريقتين: ملء الثغرات عن طريق إضافة الروابط والاستدلالات المختلفة، ثم إدماج عناصر إضافية جديدة مستمدة من معرفتها القبلية.
    في ضوء هذه النتائج التي انتهى إليها "بارليت" والذين جاءوا بعده ستظهر أبحاث انشغلت على"المعرفة الخلفية" التي تمثل المعرفة الجاهزة في الذاكرة؛ وهي عبارة عن بنيات منظمة تقود إلى توقعات تبنى عليها عمليات التأويل للخطاب والوقائع. وفي ما يتعلق بالقراء تحديدا؛ فإن القارئ يعمد- أثناء قراءة النص وتأويله- إلى عملية انتقاء للمعلومات المناسبة من خزان الذاكرة، و ملاءمتها مع المقتضيات الداخلية والخارجية للنص، وتحقيق قدر من الانسجام الذي يسعفه في ملء فراغات النص، وتأويله12. ومعنى ذلك أن القارئ لا يتعامل مع النص بذهن خال، وإنما يستحضر معارفه التي راكمها من خلال تعامله مع نصوص سابقة.
    وفي هذا الإطار تمت صياغة عدة نظريات ومفاهيم مثل: الإطار ـ المدونة ـ السيناريو ـ الخطاطة...الخ. وكل هذه النظريات عبارة عن فرضيات لوصف كيفية تنظيم المعرفة داخل خزان الذاكرة، وكيفية تنشيطها في تلقي الخطابات المختلفة. وسنلقي من خلال ما يلي إضاءات سريعة على هذه المفاهيم، بعد أن وقفنا سابقا عند نظرية الخطاطة:
    الأطر: وهي عبارة عن معطيات جاهزة يستحضرها الإنسان حين يواجه وضعية جديدة، فيختار من الذاكرة بنية معطيات للتكيف مع الواقع عن طريق تغيير التفاصيل حسب الصورة.
    المدونات: متتالية حدثية معيارية تختار من الذاكرة لوصف وضعا معينا، لذلك فإن مفهومي الأطر والمدونات يتشابهان من حيث ارتباطهما بتنظيم المعرفة في الذهن، لكن المدونة تختلف عن الإطار من حيث طابعها المعياري والترابطي.
    السيناريوهات: مفهوم يتصل بمجال المرجع المعتمد في التأويل الذي يستند إلى اصل ثابت، وعناصر فرعية متشعبة عن الأصل السابق؛ تتفرع عن هذه العناصر تفريعات جانبية أخرى... وهكذا؛ مما يتيح للمؤول أو القارئ إمكانيات أوسع للفهم والتأويل13.
    3- نظرية الخطاطة والاستيعاب القرائي
    لقد كان لنظرية القراءة تأثير كبير، ليس فقط في المشتغلين على مسألة القراءة، بل أيضا في الدارسين الذين كانوا منشغلين بتحديد الكيفية التي يعمل من خلالها العقل البشري بشكل عام. يمكن في هذا الإطار التمييز بين ثلاث نماذج لتفسير الاستيعاب القرائي:
    - النموذج التصاعدي: ينظر هذا النموذج إلى القراءة باعتبارها عملية متجهة من الأدنى إلى الأعلى؛ أي من النص إلى ذهن القارئ. يوجد المعنى- من هذا المنظور- داخل النص و ليس على القارئ إلا أن يستخرجه. إن النص مستودع للدلالات و للمضامين، و على القارئ أن يغرف منه ما كان الكاتب قد وضعه فيه. و القارئ ملزم في إطار هذه العملية بالتزام الموضوعية؛ إذ عليه "أن يقلل من رغباته في تأكيد فرضياته، وعليه أن يعرف أيضا أنه حتى في الحالة التي يكون مسلحا بمنهج صارم، فإنه - مع ذلك - قد تتدخل بعض ميولاته و رغباته على الرغم منه"14.
    يعتبر هذا النموذج من أقدم النماذج التي تناولت تحليل المحتوى من جانب التركيز على الرسالة التي يحملها النص15. وقد ظهرت- فيما بعد- نماذج قائمة على أسس مخالفة. من بين هذه النماذج، النموذج التنازلي الذي يشكل ردا قويا على النموذج التصاعدي.
    - النموذج التنازلي: نظر هذا النموذج إلى القراءة باعتبارها عملية تسير من الأعلى إلى الأدنى. و يتميز هذا النموذج بتفسير مسلسل الاستيعاب القرائي من خلال التركيز على المعرفة الخلفية للقارئ. يستفيد الباحثون في إطار هذا النموذج من الأبحاث التي تبلورت ضمن الاتجاهات التي ركزت على دور المعرفة القبلية للقارئ في تفسير مسلسل الاستيعاب القرائي. من هذا المنظور أصبح القارئ يشكل محور عملية القراءة. لعل أهم من يمثل هذا النموذج الباحث النفسي- اللساني "فرنك سميث"Frank Smith الذي يعتبر القراءة عملية صب المعاني في النص، و ليس العكس. كما يصف عملية القراءة بأنها ليست بصرية إلا عن طريق الصدفة، و أنها تتم وراء العينين و أن الفهم القرائي تحدده و تقوده النظرية التي توجد في ذهن القارئ.
    ستتخذ بعض اتجاهات النقد الأدبي من هذا المنظور المعرفي منطلقا لتبرير الذاتية في التعامل مع النصوص؛ على أساس نفي إمكانية تحقق الموضوعية في فهم النصوص "هكذا تبتلع موضوعية النص من طرف ذاتية القارئ و تنمحي أمامها"16.
    - النموذج التفاعلي: ظهر هذا النموذج لتجاوز مظاهر القصور التي رأيناها على مستوى النموذجين السابقين. يتميز هذا النموذج بكونه يأخذ- في الوقت نفسه- من مزايا النموذجين السابقين. فهو يعتبر كلا من النص و القارئ طرفين متفاعلين و متكافئين في توليد دلالات النص. بحيث يكون النص بمثابة العامل المنشط للتصاميم والمعارف الموجودة في ذهن القارئ.
    لقد وضعت في هذا الإطار مفاهيم منها مفهوم"من القاعدة إلى القمة" و مفهوم "من القمة القاعدة". يعني المفهوم الأول أن القارئ حين يجد مؤشرا لغويا معينا - مثل كلمة، أو تركيب، أو عنوان- ولم يدرك معناه، فإن عليه أن يفهم المؤشر أولا، ثم البنية، ثم الجملة. بمثل هذه الخطوات ينطلق المتلقي من القمة إلى القاعدة في عملية تنبئية معتمدة على البنيات المعرفية المختزنة في الذاكرة. و هكذا،"فإن ما يعطى يتخذ مؤشرا لبناء نماذج ذهنية مألوفة"17. و يعني هذا أن ما يعطيه النص لا يطفو كله على سواد الصفحة، و إنما يعتمد القارئ في الغالب على عمليات تنبئية في شكل عمليات استدلالية مختلفة،قد تأخذ شكل "تجسير" أو "ربط" أو "ملء فراغ"18.
    يمكن القول إن نظرية الخطاطة قد مكنت الباحثين من تسليط الضوء على علاقة النص بالقارئ وسياق القراءة. يمكن - في هذا الإطار - الاستعانة بالخلاصات التي انتهى أحد الدارسين بالطريقة التالية19:
    - ترتبط عملية الاستيعاب القرائي ببنية القصة، أو ما يسمى عادة "نحو القصة "؛ ذلك أن تغيير هذه البنية يؤدي إلى خلل في فهم القارئ.
    - تحظى المعلومات المهمة باهتمام كبير لدى القارئ، إذ يحافظ عليها بفعالية أكبر ولمدة أطول.
    - تتغير خصائص الخطاب القصصي بحسب خصائص القارئ، من حيث سنه - مثلا- ومستواه الدراسي...إلخ.
    - تتغير سرعة الاستيعاب و الفهم حسب البنية الدلالية للنص؛ أي حسب كثافة المعاني، وليس حسب عدد المفردات المكونة للنص.
    - تتأثر عملية الفهم بالتركيبة الهرمية للنص، أي أن الأفكار التي لها مستوى أعلى من الشمولية تحفظ في الذاكرة بكيفية أحسن و لمدة أطول، و تدمج داخل التصاميم العليا، كما أنها تستخرج من هذه الذاكرة بكيفية أسرع.
    - تتغير مستويات استيعاب وتمثل النص حسب خصائص القارئ، خاصة في علاقتها بالجوانب التالية:
    - المعلومات المتوفرة لديه، إذ إن المعرفة المسبقة بموضوع القراءة تسهل الاهتمام بالأفكار الأساسية والانتباه إليها.
    - القدرة القرائية للقارئ؛ ذلك أن القراء الذين يتوفرون على مستوى عال في القراءة يتوفرون على قدرة أكبر للانتقاء، كما ينظمون المعلومات المحصل عليها بكيفية أنجع.
    تتأثر عملية الفهم بمجموعة من التقنيات الخطابية التي تسهل عملية الاستيعاب، نذكر منها:
    - تحديد الفكرة الأساسية في بداية النص.
    - تقديم النص بفقرة منظمة.
    - اعتماد وحدة الموضوع وتناسق النص.
    تسهل هذه التقنيات عملية إدماج المعلومات الجديدة ضمن تراكيب ذهنية واسعة، وبالتالي تنظيمها بكيفية أحسن داخل الذاكرة وتسهيل استخراجها منها عند الحاجة. كما أن هذه التقنيات تساهم في بناء البنية العامة، التي تكون الهدف الأساسي في القراءة.
    لقد كانت الفكرة الأساسية التي تبلورت ضمن نظرية الخطاطة تركز على دور المعرفة القبلية في عملية الاستيعاب القرائي. وقد تشعبت هذه الفكرة في اتجاهات مختلفة كان لها أثر عميق في تعميق الوعي بمسألة القراءة والإواليات التي تقوم عليها. يبقى أن نشير إلى أن الأبحاث التي قدمت ضمن نظرية الخطاطة ما كان لها أن تتبلور في الشكل الذي عرضناه سابقا لولا انفتاحها على نظريات سيكولوجية، حاولت هي الأخرى سبر أغوار الذهن البشري، في سياق عملية الاستيعاب القرائي. وتوسلت في ذلك بمختلف الوسائل القياسية التي تبلورت ضمن علم النفس التجريبي.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19 2024, 21:30