التجوية وعمليات تكون التربة
تعتبر التربة النتاج المباشر لعمليات التجوية المختلفة، وتطلق هذه التسمية على الطبقة العليا المفككة من القشرة الأرضية والتي تكونت بتأثير عمليات التجوية المختلفة. وترتبط مع عمليات التجوية, وبشكل وثيق, عمليات تكوين التربة على الجزء العلوي من القشرة الأرضية، وقد تبلورت الأفكار العلمية الرئيسية عن التربة وطرق تكوينها على يد العالم الروسي دوكوجيف، وفي واقع الأمر لا يمكن الفصل بين الأفكار المتعلقة بالتربة وخصوبتها فالتربة وبتعريف فلسفي هي الجزء العلوي المفكك من الغطاء الصخري وتحتوي على الحياة العضوية وعلى الأخص النباتية منها, وهي تتكون نتيجة مجموعتي عمليات متلازمة هما عمليات التجوية وعمليات تكوين التربة لذلك فان التربة تتكون بشكل أساسي, من جزأين صلبين هما المادة المعدنية المفككة والمادة العضوية.
ومن الضروري أن نشير إلى أن مصطلح التربة له معاني عديدة اعتمادا على ماهية الشخص الذي يستعمل هذا المصطلح. فالمهندس, مثلا يعني بمصطلح التربة على انه مادة غير متماسكة, في حين يكون مفهوم هذا المصطلح بالنسبة لعلماء التربة الوسط الذي تنمو فيه النباتات وتزدهر, وقد ذكر جوف ( Joffe ) أن التربة هي جسم طبيعي يتكون من طبقات أو آفاق معدنية وعضوية ذات سمك متباين، وتختلف هذه الآفاق عن الصخور الأم في شكلها وفيزيائيتها وكيميائيتها وخصائصها المعدنية والبيولوجية.
تكوين التربة:
تتكون التربة من خلال عمل عدة عوامل وقد تمكن دوجيف وجيني jenny من تمييز خمسة عوامل منها هي :
(1) المادة الصخرية الأصلية (صخور الأساس) التي تتكون التربة عليها.
(2) الحياة النباتية والحيوانية.
(3) المناخ .
(4) عمر المنطقة التي تتكون التربة فيها.
(5) الطوبوغرافيا المحلية (التضاريس).
إن العامل الحياتي, وعلى الأخص النباتات, تلعب دورا مهما في هذه العملية المعقدة، وكان سبب ذلك أن تكوين التربة يكون على أشده في المنطقة التي قد تأثرت بمواد قد تطورت وتكونت بفعل الأحياء المجهرية خلال دورة حياتها وبواسطة نظم جذور النباتات. وإن اغلب المادة العضوية المتواجدة في التربة إنما هي بقايا المادة الكلوروفيلية الخضراء. وتكون بقايا الجذور مهمة جدا وعلى الأخص في منطقة تكون الحشائش ونموها.
وتسهم الحيوانات المجهرية بشكل فعال في هذه العملية المعقدة وإنتاج المادة العضوية التي يكون لونها اسود أو اسمر عند تجمعها في التربة بعد عملية تفسخ المادة العضوية الأولية وتسمى بالعادة بمادة الدبال ( Humus) وهي كلمة مشتقة من اصل لاتيني، وهذه المادة هي العامل الرئيسي في خصوبة التربة. ويلعب الماء, حينما يعمل على إذابة جزء من مواد التربة دورا مهما في تكوين المقطع العمودي للتربة ( Vertical Profile ) وقد تتحرك المواد الذائبة نحو الأسفل بفعل الماء. وحيثما تكون الظروف ملائمة فان هذه المواد يتكرر ارسابها إما من خلال التبلور أو التخثير Coagulation وتحدث مثل هذه الحركة نحو الأعلى أيضا وذلك من خلال الخاصية الشعرية. وبهذه الطريقة تتلاشى بعض المواد من آفاق التربة في جهة معينة في حين تغتني آفاق أخرى بهذه المواد ذاتها.
وحيثما تسود الحركة السفلى لهذه المواد, يصبح بالامكان تمييز ثلاثة آفاق أصلية بشكل واضح ضمن مقطع التربة هي:
1- الأفق العلوي ( A1) ويحدث في هذا الأفق عملية غسل شديد لمكونات التربة ( Leaching ) ومع ذلك فان العملية السائدة في هذا الأفق هي تجمع المادة العضوية.
2- الأفق التالي ( A2 ) وهو أفق الاستخلاص ( أو الإزالة ) Fluvial ويقع هذا الأفق تحت الأفق السابق, ويتميز هذا الأفق بشكل خاص بكثرة تسرب المواد منه للأسفل. وهذا الأفق يقتصر تواجده على المناطق المناخية الباردة والممطرة.
3- الأفق المستقبل أو أفق الترسيب: هذا الأفق يحتوي على المواد التي يتم غسلها من الآفاق العليا في التربة.
يمكن تقسيم التربة من ناحية جيومورفولوجية وجيولوجية إلى نوعين هما: