ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة
قال عز من قائل: ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أحدا 48 سورة الكهف.
يعلم من هذه الآية الكريمة، الناطقة، الواعظة، المقروءة في آخر كتاب سماوي، منزل رحمة للعالمين أن الأعمال اليومية ،صغيرة و كبيرة ،التي تصدر عن الإنسان ،ذكرا أو أنثى، خلال عمره المحدد له،طال أم قصر، قبل أن ينتقل من دار الفناء، و الغرور، المحددة الأعمار فيها للغالبية من الأمة بين الستين و السبعين عاما إلى دار الخلود، تدون، و تضبط، و تثبت في كتاب،كما تصورأيسر،و أدق، وأقوى،و أعمق،و أصدق ،وأبلغ تصوير كم يشفق المفلسون، الخاسرون آخرتهم ،و يخافون على أنفسهم، بعد فوات الأوان، مما فيه من هلاك، و كيف يعبرون عن ندمهم ،وعن حسرتهم من عواقب أفعالهم ،وسوء ما ينتظرهم .هذه بعض الإشارات والإيماءات إلى المعاني، و الأحكام التي تضمنها كلام الله تعالى ،الغفور الرحيم ، خالق الإنسان، و مستخلفه لملء الأرض خيرا ، لا فسادا ،و شرا ،الذي أخبر عنه بأمر منه، محمد صلى الله عليه وسلم ، المبعوث لإتمام مكارم الأخلاق التي أوتيها الرسل و الأنبياء قبله، عليهم أزكى و أفضل السلام، بأنه يفتح الباب لمسيء النهار بأن يتوب في الليل ،و يفتح الباب لمسيء الليل بأن يتوب في النهار، و أنه يبدل سيئات المسيئين حسنات، و أنه يغفر الذنوب جميعا لأي كان و حيث كان؛ فهل من مستيقظ من الغفلة المهلكة ؟ و هل من منج لنفسه من العذاب ؟ و هل من راجع من الباطل إلى الحق؟