[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الامن الغذائي العربي
شاهر جوهر | باحث من سوريا
محتويات البحث
المقدمه
أولاً : مفهوم الامن الغذائي العربي
ثانياً: محددات الامن الغذائي العربي
ثالثاً: الفجوه الغذائيه في العالم العربي
رابعاً: البعد السياسي للأمن الغذائي العربي
خامساً : نتائج وتوصيات
المراجع
*************
المقدمه
تأتي قضية الأمن الغذائي العربيعلى رأس قائمة التحديات الرئيسية التي تواجه الدول العربية والعمل العربي المشترك،فعلى الرغم من الموارد الطبيعية المتاحة والمتوافرة في الدول العربية متمثلة فيالأرض والمياه والموارد البشرية، إلا أن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفةفي الإنتاج اللازم لمواجهة الطلب على الأغذية، الأمر الذي أدى إتساع الفجوةالغذائية، وأصبحت الدول العربية تستورد أكثرمن نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية. وقد زاد اهتمام الدول العربية بتوفيراحتياجاتها من الأغذية في أعقاب الأزمة الغذائية العالمية خلال عامي 2007 و 2008والتي بلغت فيها الأسعار العالمية للسلع الغذائية ذروتها، وتراجعت الواردات العربيةمنها على حساب نقص الإحتياجات الأساسية للمستهلكين، الأمر الذي دعا الدول العربيةإلى إتخاذ العديد من الإجراءات الاستثنائية مثل زيادة مخصصات الدعم الموجه للسلعالغذائية والعمل على الحد من تصدير بعض السلع الغذائية التي يحتاجها السوق المحلية،وإلغاء الضرائب على الواردات وزيادة أجور العاملين .
أولاً :مفهوم الأمن الغذائي العربي
لقد قامت في احواض الوطن العربي وسهوله ووديانه أعظم الحضارات وكانت المنطقه العربيه تكفي نفسها بنفسها من المنتجات الغذائيه وتجود على الامبراطوريه الرومانيه بخبزها اليومي ، وحتى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي كانت المنتجات الغذائيه تلبي الاحتياجات الاستهلاكيه للمواطنيين العرب وما يفيض عنها يتم تصديره الى الدول الاجنبيه ، ولكن منذ مطلع ستينيات القرن الماضي أطلت " فجوه غذائيه "برأسها وبقوه ،مما إضطر العديد من الاقطار العربيه لإستيراد المواد الغذائيه نتيجة لإهمال القطاع الزراعي وتخلفه..
من هنا إن الامن الغذائي لبلد ما أو منطقه ما يعني عدم تعرض سكانها لأي أزمات غذائيه تحت أي ظرف كان وفي أي زمان كان ،ويعني أيظاً تعزيز الامن القومي للبلد المعني ..(1).
ووفق تعريف منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" فإن الأمن الغذائي يعني "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء بإحتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة"(2).
وهنا يمكن التمييز بين مستويين للأمن الغذائي: مطلق ونسبي، فالأمن الغذائي المطلق يعني إنتاج
الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي
------------------
1-ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي –دمشق –وزارة الثقافه -2004-ص4 وص7.
2-المنظمه العربيه للتنميه الزراعيه وقضية الامن الغذائي العربي-عام 1995-ص26 مأخوذه عن ناصر عبيد الناصر –مرجع سابق – ص8.
------------------------
الكامل ويعرف أيضا بالأمن الغذائي الذاتي. وينتقد هذا المستوى بأنه غير واقعي، كما أنه يفوت على الدولة أو القطر المعني إمكانية الاستفادة من التجارة الدولية القائمة على التخصص وتقسيم العمل واستغلال المزايا النسبية.
أما الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا(3).
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الأمن الغذائي ينبغي أن يؤسس على ثلاثة مرتكزات(4):
-وفرة السلع الغذائية.
-وجود السلع الغذائية في السوق بشكل دائم.
-وأن تكون أسعار السلع في متناول المواطنين.
ودون الدخول في جدلية المفهوم يمكن القول بأنه _ أي الامن الغذائي العربي - " يعني قدرة الوطن العربي على توفير الاحتياجات الاساسيه من الغذاء لمواطنيه وضمان حد أدنى بإنتظام وإستخدام عائدات الصادرات في إستيراد مايلزم لسد النقص الغذائي ".
ثانياً: محددات الامن الغذائي العربي:
يمكن إجمال محددات الامن الغذائي العربي في عاملين أساسيين هما :أ- العامل الجغرافي : يمتد الوطن العربي على مساحه واسعه تقدر ب14 مليون كم2 أي 1402 مليون هكتار وبما يقارب 10،2%من مساحة المعموره . وتقدر مساحة الاراضي القابله للزراعه ب197 مليون هكتار ، أما المستثمره فعلاً فتصل الى 70 مليون هكتار منها 11 مليون هكتار أراضٍ مرويه والباقي أراضٍ بعليه ، هذا يعني أن الاقطار العربيه تستثمر 22،5% من الاراضي القابله للزراعه فقط.
أما عن مساحة المراعي فتبلغ نحو 350 مليون هكتار تتركز في السعوديه والسودان والصومال وموريتانيا ،ومساحة الغابات 100 مليون هكتار تتركز 53% منها في السودان ، وإذا ما وضعت الاراضي الزراعيه العربيه موضع الاستثمار الفعلي لن تكون هناك مشكلة مايسمى بفجوه الغذاء لاسيما وانه بالامكان مضاعفة الرقعه الزراعيه ورفعها من 3،5% الى 9،7% من مساحة الوطن العربي .(5).
هذا وتعاني التربه الزراعيه في هذه المساحات من مشكلتين أساسيتين :
----------------------
3-محمد السيد عبد السلام, الأمن الغذائي للوطن العربي, سلسلة عالم المعرفة, عدد 230, 1998 – ص85 وما بعدها.
4-مرجع سابق
5-هذه الاحصائيات أُخذت من مصادر متنوعه : التقرير الاقتصادي العربي الموحد - ايلول 2001، والتقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2008 ،و ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي-مرجع سبق ذكره .
---------------------
أولاً-ارتفاع نسبة الملوحه في التربه الزراعيه المرويه بسبب سوء استخدام المياه وطرق الري المتخلفهثانياً-ومشكلة الانجراف والتعريه مما يضطر الفلاحين الى هجر اراضيهم (6).وقد سجلت مساحة الأراضي المزروعة في الدول العربية خلال العقدين الماضيين نمواً متواضعاً، حيث ارتفعت نسبتها من مساحة الدول العربية من حوالي 3.3 في المائة في أوائل التسعينات إلى 4.9 في المائة في عام 2007 . وقد استقرت نسبة الأراضي المروية إلى مجمل المساحة المزروعة، منذ مطلع التسعينات في حدود 15
في المائة. وبلغ متوسط المعدل السنوي لتزايد الرقعة المزروعة خلال الفترة المذكورة حوالي 1.5 في
المائة، بينما بلغ معدل النمو السنوي للسكان خلال الفترة نفسها حوالي 2.9 في المائة. وقد نجم عن ذلك تراجع متوسط نصيب الفرد من الأرض المزروعة من 0.3 هكتار في أوائل التسعينات إلى 0.2 هكتار في عام 2007 (7).
-وفيما يتعلق بالانتاج النباتى والذى يعد من أهم المحاصيل الاستراتيجية الاساسية فى العملية الاستهلاكية فينتج الوطن العربي من الحبوب والخضر والبقوليات كالتالي :
بالنسبه للحبوب كان الانتاج حوالى 52.6ألف طن عام 2005 وتزايد إلى 62 ألف طن عام 2006 بمستوى زيادة قدرها 10.6 ألف طن بما يكفى فقط 56.2%من احتياجات الوطن العربى .وتعتبر مصر اكبر الاقطار العربيه في انتاج الحبوب (35،8%) تليها سوريا (13،6%) ، فالسعوديه (12،4%)، العراق (8،3%) السودان (8،0%) المغرب (7،4%) الجزائر (5،1%) تونس (4،9%) اليمن (2،1%) (.وبما يتعلق بحالة الوطن العربي الانتاجي والاستهلاكي تجاه العالم والدول المتقدمه والناميه فهو يمثل اليوم مرتبه منخفضه مقارنه بما تحتله المجموعات الدوليه المذكوره ، اذ بلغ متوسط استهلاك الفرد على الصعيد العالمي نحو 332 و331 كيلو غرام وفي الدول المتقدمه نحو 549 و574كيلو غرام في حين لم يتجاوز في العالم العربي 258،6 و268،0 كيلو غرام في عامي 1980 و1990على الترتيب(9).
وبالنسبه للخضر والفواكه فهي على النقيض من السلع الزراعيه الاخرى فلا يبدو ان الوطن العربي يواجه مشكله حاده فيما يتعلق بالخضر والفواكه ، إذ كان الانتاج عام 2005 حوالى 46 ألف طن وزاد الى 47 فى عام 2006 وكمية الانتاج هذه تفى ب99%من الاحتياجات وهذا يعكس ميل المزارعين للربح السريع حيث محاصيل الخضروات قصيرة الاجل .
------------------------
6--الامن الغذائي العربي وقضايا التنميه -مكتب الثقافه والاعداد الحزبي -القياده القوميه لحزب البعث العربي الاشتراكي سلسلة الدراسات -مطابع دار البعث -ايلول 1995-ص37 و38.
7-التقرير الاقتصادي العربي الموحد-2008
8- الامن الغذائي العربي وقضايا التنميه-مرجع سبق ذكره.
9- سالم توفيق النجفي -الامن الغذائي العربي ،المتضمنات الاقتصاديه والتغيرات المحتمله ( التركيز على الحبوب ) -مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيه العدد 20-ط1 - 1988 -ص14.
------------------------
أما البقوليات فكان الانتاج عام 2005 حوالى 31 ألف طن وقل الى 1496ألف طن عام 2006 وهذه الكمية تفى ب60%من الاحتياجات وبالرغم من الزيادة الواضحة فى الانتاج النباتى إلاأنها زيادة طفيفة وذلك نتيجة لزيادة السكان بصورة ملموسة حيث يبلغ معدل النمو السكانى 2.3%سنويا .
ومن الملاحظ أن نسب الاكتفاء الذاتى فى محاصيل الحبوب والبقوليات منخفضة ،وهذا ينعكس فى
زيادة الواردات الزراعية حيث بلغت واردات الحبوب للعالم العربى حوالى 9778.3 ألف طن عام 2006 .
-أما عن الانتاج الحيواني والذي يشمل :
-لحوم البقر والجاموس فتتركز في الوطن العربي في اربع دول هي مصر والسودان والمغرب والجزائر أما لحوم الاغنام والماعز فيتركز في الجزائر والسودان وسوريا ومصر والمغرب . حيث زاد الانتاج من 2284.3 ألف طن فى عام 2005إلى 2390.3ألف طن فى عام 2006 وهذه الكمية تفى ب80%من الاحتياجات السكانية .
-أما لحم الدجاج أو اللحوم البيضاء فتأتي السعوديه في المقدمه ثم مصر والجزائر والعراق وسوريا وليبيا وتتفاوت الاقطار العربيه في متوسط ما يخص الفرد من الانتاج المحلي والذي إنخفض من 2939.6 ألف طن فى عام 2005 إلى 2642 ألف طن فى عام 2006 وهذه الكمية تفى ب 74% من الاحتياجات العربية .
-الانتاج السمكى :انخف الانتاج الناتج عن الصيد من 3054.9ألف طن عام 2005إلى 2898 ألف طن عام 2006 ،بينما زاد الانتاج السمكى الناتج عن المزارع السمكية من 524.9 ألف طن عام 2005 إلى 590.7ألف طن عام 2006(10).
- أما عن الموارد المائيه في الوطن العربي فيعتبر النيل ودجله والفرات من أهم الانهار في الوطن العربي فضلاً عن بعض الينابيع والانهار الصغيره الاخرى ، وتقدر الموارد المائيه المتاحه المتجدده 265 مليارم3 في السنه منها 230 مليار م3 مياه سطحيه ونحو 35 مليار م3 مياه جوفيه يستثمر منها 190،7مليار م3 فقط في السنه وهي تمثل 72% من المياه المتاحه تستهلك الزراعه منها حوالي 87% والاستخدامات المنزليه 8% ثم الصناعه بنسبة 5% ، ويقدر العجز المائي اللازم لإنتاج الغذاء بنحو 50 مليار م3 سنوياً ولا يتجاوز نصيب الفرد من الموارد المائيه المتاحه 1000 م3 سنوياً ويتوقع أن ---------------------
10- وفقاً للتقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
----------------------------
تنخفض الى 460 م3 في عام 2025م بالمقارنه مع نحو 7000 م3 في السنه معدل نصيب الفرد على مستوى العالم .
عموماً تقع أغلب الاقطار العربيه في المناطق الجافه وشبه الجافه وتغطي المناطق الجافه نحو 90% من مساحة الوطن العربي . وتعاني المياه في الوطن العربي من مشاكل التبخر بالاضافه الى تلوثها بمياه الصرف الصحي وسوء الاداره والاستهلاك فضلاً عن أن أغلب الانهار الهامه في الوطن العربي تنبع من خارج الوطن العربي(11) .
ب- العامل البشري :يمتلك الوطن العربي طاقات بشريه كبيره تتسم بحيويتها حيث يصنف الوطن العربي بأنه أمه فتيه أي نسبة الشباب فيه أكثر من نسبة الكهوله، هذا ويحتل الوطن العربي المرتبه الثالثه بعدد السكان بعد الصين والهند فقد بلغ تعداد السكان عام 2000 قرابة 280 مليون نسمه وبلغ معدل النمو السنوي 2، 6 %مقابل 0،4% في الدول الصناعيه وبلغ عددسكان الريف 85 مليون نسمه وسطياً ،وهي أعلى نسبه في العالم أي نحو 35 %من اجمالي عدد السكان،وتضاعف عدد السكان خلال الاونة الاخيرة ليصل الى 340 مليون نسمة عام 2008 ونسبتهم إلى العالم 4.9 في المائة ،وهو ما يؤدى بدوره الى انخفاض نصيب الفرد من الناتج الزراعى . أما حجم العمالة العربية فقد بلغ 136 مليون عامل في عام 2008 ،ووصل معدل البطالة الى 14.8 في المائة (12)،.وتشكل القوى العاملة الزراعية، التي تضم شريحة السكان الزراعيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 -64 سنة، في الدول العربية حوالي 52 في المائة من إجمالي السكان الزراعيين الذين يبلغ عددهم حوالي 88 مليون نسمة، وحوالي 25 في المائة من إجمالي القوى العاملة في كافة القطاعات البالغ عددها حوالي 99 مليون نسمة في عام 2007 . وتدل البيانات أن نسبة القوة البشرية الزراعية العاملة إلى إجمالي السكان الزراعيين في الدول العربية هي الأقل بالمقارنة مع الدول النامية والصناعية (13).
أما عن إنتاجية العامل الزراعي فتتفاوت فيما بين الدول العربية ، حيث يعود هذا التفاوت إلى العوامل المناخية، والبنى التحتية المتاحة، ومدى جودة الأراضي الزراعية، ومدى قدرة المزارع ونصيبه من مدخلات الإنتاج الزراعي، والسياسات الزراعية والسعرية والاستثمارية، ومدى توفر الرعاية الصحية والاجتماعية للمزارعين. وتنخفض إنتاجية العامل الزراعي في معظم الدول العربية ذات الموارد الزراعية، مثل المغرب ومصر وسورية والجزائر وتونس والسودان.وهنالك مجالات متعددة لزيادة
----------------------
11- ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي –دمشق –وزارة الثقافه -2004-ص19
12- التقرير الاقتصادي العربي الموحد - ايلول عام 2001،مأخوذ عن ناصر عبيد الناصر وأنظر التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
13- التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
-------------------
إنتاجية العامل الزراعي في الدول العربية بمعدل يتراوح بين 3 و 5 أضعاف الإنتاجية الحالية من خلال التوسع في استخدام المكننة الزراعية وإعطاء الأولوية في مناطق الكثافة السكانية الزراعية للتنمية
البيولوجية والمائية ( 14).
الامن الغذائي العربي
شاهر جوهر | باحث من سوريا
محتويات البحث
المقدمه
أولاً : مفهوم الامن الغذائي العربي
ثانياً: محددات الامن الغذائي العربي
ثالثاً: الفجوه الغذائيه في العالم العربي
رابعاً: البعد السياسي للأمن الغذائي العربي
خامساً : نتائج وتوصيات
المراجع
*************
المقدمه
تأتي قضية الأمن الغذائي العربيعلى رأس قائمة التحديات الرئيسية التي تواجه الدول العربية والعمل العربي المشترك،فعلى الرغم من الموارد الطبيعية المتاحة والمتوافرة في الدول العربية متمثلة فيالأرض والمياه والموارد البشرية، إلا أن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفةفي الإنتاج اللازم لمواجهة الطلب على الأغذية، الأمر الذي أدى إتساع الفجوةالغذائية، وأصبحت الدول العربية تستورد أكثرمن نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية. وقد زاد اهتمام الدول العربية بتوفيراحتياجاتها من الأغذية في أعقاب الأزمة الغذائية العالمية خلال عامي 2007 و 2008والتي بلغت فيها الأسعار العالمية للسلع الغذائية ذروتها، وتراجعت الواردات العربيةمنها على حساب نقص الإحتياجات الأساسية للمستهلكين، الأمر الذي دعا الدول العربيةإلى إتخاذ العديد من الإجراءات الاستثنائية مثل زيادة مخصصات الدعم الموجه للسلعالغذائية والعمل على الحد من تصدير بعض السلع الغذائية التي يحتاجها السوق المحلية،وإلغاء الضرائب على الواردات وزيادة أجور العاملين .
أولاً :مفهوم الأمن الغذائي العربي
لقد قامت في احواض الوطن العربي وسهوله ووديانه أعظم الحضارات وكانت المنطقه العربيه تكفي نفسها بنفسها من المنتجات الغذائيه وتجود على الامبراطوريه الرومانيه بخبزها اليومي ، وحتى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي كانت المنتجات الغذائيه تلبي الاحتياجات الاستهلاكيه للمواطنيين العرب وما يفيض عنها يتم تصديره الى الدول الاجنبيه ، ولكن منذ مطلع ستينيات القرن الماضي أطلت " فجوه غذائيه "برأسها وبقوه ،مما إضطر العديد من الاقطار العربيه لإستيراد المواد الغذائيه نتيجة لإهمال القطاع الزراعي وتخلفه..
من هنا إن الامن الغذائي لبلد ما أو منطقه ما يعني عدم تعرض سكانها لأي أزمات غذائيه تحت أي ظرف كان وفي أي زمان كان ،ويعني أيظاً تعزيز الامن القومي للبلد المعني ..(1).
ووفق تعريف منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" فإن الأمن الغذائي يعني "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء بإحتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة"(2).
وهنا يمكن التمييز بين مستويين للأمن الغذائي: مطلق ونسبي، فالأمن الغذائي المطلق يعني إنتاج
الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي
------------------
1-ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي –دمشق –وزارة الثقافه -2004-ص4 وص7.
2-المنظمه العربيه للتنميه الزراعيه وقضية الامن الغذائي العربي-عام 1995-ص26 مأخوذه عن ناصر عبيد الناصر –مرجع سابق – ص8.
------------------------
الكامل ويعرف أيضا بالأمن الغذائي الذاتي. وينتقد هذا المستوى بأنه غير واقعي، كما أنه يفوت على الدولة أو القطر المعني إمكانية الاستفادة من التجارة الدولية القائمة على التخصص وتقسيم العمل واستغلال المزايا النسبية.
أما الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا(3).
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الأمن الغذائي ينبغي أن يؤسس على ثلاثة مرتكزات(4):
-وفرة السلع الغذائية.
-وجود السلع الغذائية في السوق بشكل دائم.
-وأن تكون أسعار السلع في متناول المواطنين.
ودون الدخول في جدلية المفهوم يمكن القول بأنه _ أي الامن الغذائي العربي - " يعني قدرة الوطن العربي على توفير الاحتياجات الاساسيه من الغذاء لمواطنيه وضمان حد أدنى بإنتظام وإستخدام عائدات الصادرات في إستيراد مايلزم لسد النقص الغذائي ".
ثانياً: محددات الامن الغذائي العربي:
يمكن إجمال محددات الامن الغذائي العربي في عاملين أساسيين هما :أ- العامل الجغرافي : يمتد الوطن العربي على مساحه واسعه تقدر ب14 مليون كم2 أي 1402 مليون هكتار وبما يقارب 10،2%من مساحة المعموره . وتقدر مساحة الاراضي القابله للزراعه ب197 مليون هكتار ، أما المستثمره فعلاً فتصل الى 70 مليون هكتار منها 11 مليون هكتار أراضٍ مرويه والباقي أراضٍ بعليه ، هذا يعني أن الاقطار العربيه تستثمر 22،5% من الاراضي القابله للزراعه فقط.
أما عن مساحة المراعي فتبلغ نحو 350 مليون هكتار تتركز في السعوديه والسودان والصومال وموريتانيا ،ومساحة الغابات 100 مليون هكتار تتركز 53% منها في السودان ، وإذا ما وضعت الاراضي الزراعيه العربيه موضع الاستثمار الفعلي لن تكون هناك مشكلة مايسمى بفجوه الغذاء لاسيما وانه بالامكان مضاعفة الرقعه الزراعيه ورفعها من 3،5% الى 9،7% من مساحة الوطن العربي .(5).
هذا وتعاني التربه الزراعيه في هذه المساحات من مشكلتين أساسيتين :
----------------------
3-محمد السيد عبد السلام, الأمن الغذائي للوطن العربي, سلسلة عالم المعرفة, عدد 230, 1998 – ص85 وما بعدها.
4-مرجع سابق
5-هذه الاحصائيات أُخذت من مصادر متنوعه : التقرير الاقتصادي العربي الموحد - ايلول 2001، والتقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2008 ،و ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي-مرجع سبق ذكره .
---------------------
أولاً-ارتفاع نسبة الملوحه في التربه الزراعيه المرويه بسبب سوء استخدام المياه وطرق الري المتخلفهثانياً-ومشكلة الانجراف والتعريه مما يضطر الفلاحين الى هجر اراضيهم (6).وقد سجلت مساحة الأراضي المزروعة في الدول العربية خلال العقدين الماضيين نمواً متواضعاً، حيث ارتفعت نسبتها من مساحة الدول العربية من حوالي 3.3 في المائة في أوائل التسعينات إلى 4.9 في المائة في عام 2007 . وقد استقرت نسبة الأراضي المروية إلى مجمل المساحة المزروعة، منذ مطلع التسعينات في حدود 15
في المائة. وبلغ متوسط المعدل السنوي لتزايد الرقعة المزروعة خلال الفترة المذكورة حوالي 1.5 في
المائة، بينما بلغ معدل النمو السنوي للسكان خلال الفترة نفسها حوالي 2.9 في المائة. وقد نجم عن ذلك تراجع متوسط نصيب الفرد من الأرض المزروعة من 0.3 هكتار في أوائل التسعينات إلى 0.2 هكتار في عام 2007 (7).
-وفيما يتعلق بالانتاج النباتى والذى يعد من أهم المحاصيل الاستراتيجية الاساسية فى العملية الاستهلاكية فينتج الوطن العربي من الحبوب والخضر والبقوليات كالتالي :
بالنسبه للحبوب كان الانتاج حوالى 52.6ألف طن عام 2005 وتزايد إلى 62 ألف طن عام 2006 بمستوى زيادة قدرها 10.6 ألف طن بما يكفى فقط 56.2%من احتياجات الوطن العربى .وتعتبر مصر اكبر الاقطار العربيه في انتاج الحبوب (35،8%) تليها سوريا (13،6%) ، فالسعوديه (12،4%)، العراق (8،3%) السودان (8،0%) المغرب (7،4%) الجزائر (5،1%) تونس (4،9%) اليمن (2،1%) (.وبما يتعلق بحالة الوطن العربي الانتاجي والاستهلاكي تجاه العالم والدول المتقدمه والناميه فهو يمثل اليوم مرتبه منخفضه مقارنه بما تحتله المجموعات الدوليه المذكوره ، اذ بلغ متوسط استهلاك الفرد على الصعيد العالمي نحو 332 و331 كيلو غرام وفي الدول المتقدمه نحو 549 و574كيلو غرام في حين لم يتجاوز في العالم العربي 258،6 و268،0 كيلو غرام في عامي 1980 و1990على الترتيب(9).
وبالنسبه للخضر والفواكه فهي على النقيض من السلع الزراعيه الاخرى فلا يبدو ان الوطن العربي يواجه مشكله حاده فيما يتعلق بالخضر والفواكه ، إذ كان الانتاج عام 2005 حوالى 46 ألف طن وزاد الى 47 فى عام 2006 وكمية الانتاج هذه تفى ب99%من الاحتياجات وهذا يعكس ميل المزارعين للربح السريع حيث محاصيل الخضروات قصيرة الاجل .
------------------------
6--الامن الغذائي العربي وقضايا التنميه -مكتب الثقافه والاعداد الحزبي -القياده القوميه لحزب البعث العربي الاشتراكي سلسلة الدراسات -مطابع دار البعث -ايلول 1995-ص37 و38.
7-التقرير الاقتصادي العربي الموحد-2008
8- الامن الغذائي العربي وقضايا التنميه-مرجع سبق ذكره.
9- سالم توفيق النجفي -الامن الغذائي العربي ،المتضمنات الاقتصاديه والتغيرات المحتمله ( التركيز على الحبوب ) -مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيه العدد 20-ط1 - 1988 -ص14.
------------------------
أما البقوليات فكان الانتاج عام 2005 حوالى 31 ألف طن وقل الى 1496ألف طن عام 2006 وهذه الكمية تفى ب60%من الاحتياجات وبالرغم من الزيادة الواضحة فى الانتاج النباتى إلاأنها زيادة طفيفة وذلك نتيجة لزيادة السكان بصورة ملموسة حيث يبلغ معدل النمو السكانى 2.3%سنويا .
ومن الملاحظ أن نسب الاكتفاء الذاتى فى محاصيل الحبوب والبقوليات منخفضة ،وهذا ينعكس فى
زيادة الواردات الزراعية حيث بلغت واردات الحبوب للعالم العربى حوالى 9778.3 ألف طن عام 2006 .
-أما عن الانتاج الحيواني والذي يشمل :
-لحوم البقر والجاموس فتتركز في الوطن العربي في اربع دول هي مصر والسودان والمغرب والجزائر أما لحوم الاغنام والماعز فيتركز في الجزائر والسودان وسوريا ومصر والمغرب . حيث زاد الانتاج من 2284.3 ألف طن فى عام 2005إلى 2390.3ألف طن فى عام 2006 وهذه الكمية تفى ب80%من الاحتياجات السكانية .
-أما لحم الدجاج أو اللحوم البيضاء فتأتي السعوديه في المقدمه ثم مصر والجزائر والعراق وسوريا وليبيا وتتفاوت الاقطار العربيه في متوسط ما يخص الفرد من الانتاج المحلي والذي إنخفض من 2939.6 ألف طن فى عام 2005 إلى 2642 ألف طن فى عام 2006 وهذه الكمية تفى ب 74% من الاحتياجات العربية .
-الانتاج السمكى :انخف الانتاج الناتج عن الصيد من 3054.9ألف طن عام 2005إلى 2898 ألف طن عام 2006 ،بينما زاد الانتاج السمكى الناتج عن المزارع السمكية من 524.9 ألف طن عام 2005 إلى 590.7ألف طن عام 2006(10).
- أما عن الموارد المائيه في الوطن العربي فيعتبر النيل ودجله والفرات من أهم الانهار في الوطن العربي فضلاً عن بعض الينابيع والانهار الصغيره الاخرى ، وتقدر الموارد المائيه المتاحه المتجدده 265 مليارم3 في السنه منها 230 مليار م3 مياه سطحيه ونحو 35 مليار م3 مياه جوفيه يستثمر منها 190،7مليار م3 فقط في السنه وهي تمثل 72% من المياه المتاحه تستهلك الزراعه منها حوالي 87% والاستخدامات المنزليه 8% ثم الصناعه بنسبة 5% ، ويقدر العجز المائي اللازم لإنتاج الغذاء بنحو 50 مليار م3 سنوياً ولا يتجاوز نصيب الفرد من الموارد المائيه المتاحه 1000 م3 سنوياً ويتوقع أن ---------------------
10- وفقاً للتقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
----------------------------
تنخفض الى 460 م3 في عام 2025م بالمقارنه مع نحو 7000 م3 في السنه معدل نصيب الفرد على مستوى العالم .
عموماً تقع أغلب الاقطار العربيه في المناطق الجافه وشبه الجافه وتغطي المناطق الجافه نحو 90% من مساحة الوطن العربي . وتعاني المياه في الوطن العربي من مشاكل التبخر بالاضافه الى تلوثها بمياه الصرف الصحي وسوء الاداره والاستهلاك فضلاً عن أن أغلب الانهار الهامه في الوطن العربي تنبع من خارج الوطن العربي(11) .
ب- العامل البشري :يمتلك الوطن العربي طاقات بشريه كبيره تتسم بحيويتها حيث يصنف الوطن العربي بأنه أمه فتيه أي نسبة الشباب فيه أكثر من نسبة الكهوله، هذا ويحتل الوطن العربي المرتبه الثالثه بعدد السكان بعد الصين والهند فقد بلغ تعداد السكان عام 2000 قرابة 280 مليون نسمه وبلغ معدل النمو السنوي 2، 6 %مقابل 0،4% في الدول الصناعيه وبلغ عددسكان الريف 85 مليون نسمه وسطياً ،وهي أعلى نسبه في العالم أي نحو 35 %من اجمالي عدد السكان،وتضاعف عدد السكان خلال الاونة الاخيرة ليصل الى 340 مليون نسمة عام 2008 ونسبتهم إلى العالم 4.9 في المائة ،وهو ما يؤدى بدوره الى انخفاض نصيب الفرد من الناتج الزراعى . أما حجم العمالة العربية فقد بلغ 136 مليون عامل في عام 2008 ،ووصل معدل البطالة الى 14.8 في المائة (12)،.وتشكل القوى العاملة الزراعية، التي تضم شريحة السكان الزراعيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 -64 سنة، في الدول العربية حوالي 52 في المائة من إجمالي السكان الزراعيين الذين يبلغ عددهم حوالي 88 مليون نسمة، وحوالي 25 في المائة من إجمالي القوى العاملة في كافة القطاعات البالغ عددها حوالي 99 مليون نسمة في عام 2007 . وتدل البيانات أن نسبة القوة البشرية الزراعية العاملة إلى إجمالي السكان الزراعيين في الدول العربية هي الأقل بالمقارنة مع الدول النامية والصناعية (13).
أما عن إنتاجية العامل الزراعي فتتفاوت فيما بين الدول العربية ، حيث يعود هذا التفاوت إلى العوامل المناخية، والبنى التحتية المتاحة، ومدى جودة الأراضي الزراعية، ومدى قدرة المزارع ونصيبه من مدخلات الإنتاج الزراعي، والسياسات الزراعية والسعرية والاستثمارية، ومدى توفر الرعاية الصحية والاجتماعية للمزارعين. وتنخفض إنتاجية العامل الزراعي في معظم الدول العربية ذات الموارد الزراعية، مثل المغرب ومصر وسورية والجزائر وتونس والسودان.وهنالك مجالات متعددة لزيادة
----------------------
11- ناصر عبيد الناصر _إشكالية الامن الغذائي العربي:النموذج السوري للإكتفاء الذاتي –دمشق –وزارة الثقافه -2004-ص19
12- التقرير الاقتصادي العربي الموحد - ايلول عام 2001،مأخوذ عن ناصر عبيد الناصر وأنظر التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
13- التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2009 الصادر عن صندوق النقد العربي.
-------------------
إنتاجية العامل الزراعي في الدول العربية بمعدل يتراوح بين 3 و 5 أضعاف الإنتاجية الحالية من خلال التوسع في استخدام المكننة الزراعية وإعطاء الأولوية في مناطق الكثافة السكانية الزراعية للتنمية
البيولوجية والمائية ( 14).